قتل مسؤول "كتيبة الدبابات" ونائب مسؤول "اللواء السادس" في "جيش النصر" الملازم أول المنشق المدعو علي عباس، اثر غارة للطيران الحربي على أحد تجمعات المسلحين في ريف حماه الشمالي

شكلت سورية بوابة عودة روسيا وإيران إلى واجهة الأحداث في الشرق الأوسط عام 2015. فموسكو تريد استعادة موقع الاتحاد السوفييتي سابقاً في هذه المنطقة في حين تسعى طهران إلى توسيع دائرة نفوذها التي عرقلتها العقوبات الغربية.

أعادت موسكو وطهران خلط الأوراق في هذه المنطقة التي لم تعرف طوال السنوات الماضية إلا النفوذ الأميركي. لكن السؤال يبقى هل ستحققان غاياتهما في المنطقة أو أنهما ستغرقان كما من سبقهما في وحول هذه المنطقة المعقدة.

ويؤكد مدير الأبحاث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية كريم بيطار، أن «عودة روسيا وإيران كقوتين واضحة وتدخلهم يبدو فاضحاً على نحو متزايد»، مضيفاً إنهما «يسعيان إلى ملء موقع شاغر منذ تراجع الدور الأميركي».

وتتمحور سياسة التدخل الخارجي هذه حول سورية، حيث تنفذ موسكو منذ 30 أيلول حملة جوية تستهدف التنظيمات الإرهابية بناء على طلب من الحكومة السورية. في المقابل أرسلت إيران مستشارين عسكريين إلى سورية من أجل إسداء النصح لقوات الجيش السوري في مواجهتها للتنظيمات الإرهابية.

وفقدت موسكو نفوذها الكبير في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991. وشهدت في عام 1994، من دون أن تتمكن من التدخل، نهاية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الجنوبية، حليفة الاتحاد السوفييتي سابقاً في حرب قادها الشمال بدعم من السعودية.

ولم تتمكن موسكو من التصدي للغزو الأميركي للعراق وسقوط حليفها صدام حسين في عام 2003، أو منع سقوط حليفها الليبي ومقتل العقيد معمر القذافي في 2011 بعد التدخل الغربي والعربي في ليبيا بناء على قرار دولي امتنعت روسيا عن التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي.

وفي هذا الصدد، يقول دبلوماسي روسي رفيع المستوى في دمشق: «غررت الدول الغربية بنا، ولن نسامحها أبداً على لجوئها الأحادي الجانب إلى قرار مجلس الأمن الدولي من أجل الاستيلاء على ليبيا». ويضيف «لن نسمح لهم أبداً بالاستيلاء على سورية».

وتعد سورية، آخر نقاط النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، ومن شأن خسارتها أن تحد كثيراً من تأثير موسكو. ويقول بيطار: «من الممكن شرح تصلب الموقف الروسي في سورية انطلاقاً من عوامل عدة: حماية واحدة من آخر الدول الحليفة لها في الشرق الأوسط، سخطها تجاه السياسة الغربية في ليبيا، إرادتها بفرض نفسها حامية لمسيحيي الشرق، وخوفها من تمدد الإسلاميين إلى القوقاز، وأخيراً ذهنية الانتقام الموجودة لديها على ضوء الإذلال الذي لحق بها مراراً منذ 1989».

وبفضل التدخل في سورية، بات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قلب الأحداث. نسج علاقات مع مصر وأصبح محاوراً رئيسياً للأردن ودول الخليج، ووضع نفسه في موقع مساو مع الولايات المتحدة في التوصل إلى حل للنزاع السوري.

ويوضح إدغار كورتوف رئيس تحرير المجلة الروسية «مشاكل الإستراتيجية الوطنية» المقربة من الكرملين، أن «المصلحة الوطنية تدفع الروس إلى التحرك في الشرق الأوسط لئلا نضطر إلى مكافحة هذه النيران (الإسلاميين) قرب حدودنا». ويضيف قائلاً: «يأمل القادة الروس أيضاً باستعادة روسيا موقعها في السياسة العالمية، على غرار ما كان عليه موقع الاتحاد السوفييتي».

ولإيران أهداف ومصالح أيضاً. فهي تريد الحفاظ على نفوذها وتوسيعه إذا أمكن لتأكيد دورها كقوة إقليمية في مواجهة منافستها في المنطقة، السعودية.

وقدم الأميركيون إلى إيران العراق بعد غزوه على طبق من فضة وخصوصاً بعد وصول حلفائها إلى السلطة. وتسعى إيران للحفاظ على دورها المؤثر في سورية ولبنان عبر حزب الله، وهو ما اكتسبته فعلاً، وإذا أمكن في اليمن أيضاً عبر دعم حركة «أنصار الله» (الحوثيين) في مواجهة السعودية.

ويقول عميد جامعة طهران محمد مرندي: «تتحرك روسيا وإيران لمنع انهيار المنطقة… وسنشهد في الأسابيع المقبلة دولاً أخرى تقترب من المواقف الروسية الإيرانية في ما يتعلق بالنظرة إلى الدور الذي يلعبه التطرف». ولا يعني ذلك كله أن روسيا وإيران ستحصلان على مبتغاهما بسرعة. ويقول بيطار: «قد يرتد الأمر عليهما، فلم تنته أي سياسة تدخل في العالم العربي إلا بنتائج غير متوقعة وغالباً ما تكون قاسية على هؤلاء الذين يغوصون كثيراً في هذا المستنقع».

  • فريق ماسة
  • 2015-12-21
  • 9523
  • من الأرشيف

مقتل مسؤول "كتيبة الدبابات" ونائب مسؤول مايسمى "اللواء السادس" في "جيش النصر"

قتل مسؤول "كتيبة الدبابات" ونائب مسؤول "اللواء السادس" في "جيش النصر" الملازم أول المنشق المدعو علي عباس، اثر غارة للطيران الحربي على أحد تجمعات المسلحين في ريف حماه الشمالي شكلت سورية بوابة عودة روسيا وإيران إلى واجهة الأحداث في الشرق الأوسط عام 2015. فموسكو تريد استعادة موقع الاتحاد السوفييتي سابقاً في هذه المنطقة في حين تسعى طهران إلى توسيع دائرة نفوذها التي عرقلتها العقوبات الغربية. أعادت موسكو وطهران خلط الأوراق في هذه المنطقة التي لم تعرف طوال السنوات الماضية إلا النفوذ الأميركي. لكن السؤال يبقى هل ستحققان غاياتهما في المنطقة أو أنهما ستغرقان كما من سبقهما في وحول هذه المنطقة المعقدة. ويؤكد مدير الأبحاث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية كريم بيطار، أن «عودة روسيا وإيران كقوتين واضحة وتدخلهم يبدو فاضحاً على نحو متزايد»، مضيفاً إنهما «يسعيان إلى ملء موقع شاغر منذ تراجع الدور الأميركي». وتتمحور سياسة التدخل الخارجي هذه حول سورية، حيث تنفذ موسكو منذ 30 أيلول حملة جوية تستهدف التنظيمات الإرهابية بناء على طلب من الحكومة السورية. في المقابل أرسلت إيران مستشارين عسكريين إلى سورية من أجل إسداء النصح لقوات الجيش السوري في مواجهتها للتنظيمات الإرهابية. وفقدت موسكو نفوذها الكبير في الشرق الأوسط بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991. وشهدت في عام 1994، من دون أن تتمكن من التدخل، نهاية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الجنوبية، حليفة الاتحاد السوفييتي سابقاً في حرب قادها الشمال بدعم من السعودية. ولم تتمكن موسكو من التصدي للغزو الأميركي للعراق وسقوط حليفها صدام حسين في عام 2003، أو منع سقوط حليفها الليبي ومقتل العقيد معمر القذافي في 2011 بعد التدخل الغربي والعربي في ليبيا بناء على قرار دولي امتنعت روسيا عن التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي. وفي هذا الصدد، يقول دبلوماسي روسي رفيع المستوى في دمشق: «غررت الدول الغربية بنا، ولن نسامحها أبداً على لجوئها الأحادي الجانب إلى قرار مجلس الأمن الدولي من أجل الاستيلاء على ليبيا». ويضيف «لن نسمح لهم أبداً بالاستيلاء على سورية». وتعد سورية، آخر نقاط النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، ومن شأن خسارتها أن تحد كثيراً من تأثير موسكو. ويقول بيطار: «من الممكن شرح تصلب الموقف الروسي في سورية انطلاقاً من عوامل عدة: حماية واحدة من آخر الدول الحليفة لها في الشرق الأوسط، سخطها تجاه السياسة الغربية في ليبيا، إرادتها بفرض نفسها حامية لمسيحيي الشرق، وخوفها من تمدد الإسلاميين إلى القوقاز، وأخيراً ذهنية الانتقام الموجودة لديها على ضوء الإذلال الذي لحق بها مراراً منذ 1989». وبفضل التدخل في سورية، بات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قلب الأحداث. نسج علاقات مع مصر وأصبح محاوراً رئيسياً للأردن ودول الخليج، ووضع نفسه في موقع مساو مع الولايات المتحدة في التوصل إلى حل للنزاع السوري. ويوضح إدغار كورتوف رئيس تحرير المجلة الروسية «مشاكل الإستراتيجية الوطنية» المقربة من الكرملين، أن «المصلحة الوطنية تدفع الروس إلى التحرك في الشرق الأوسط لئلا نضطر إلى مكافحة هذه النيران (الإسلاميين) قرب حدودنا». ويضيف قائلاً: «يأمل القادة الروس أيضاً باستعادة روسيا موقعها في السياسة العالمية، على غرار ما كان عليه موقع الاتحاد السوفييتي». ولإيران أهداف ومصالح أيضاً. فهي تريد الحفاظ على نفوذها وتوسيعه إذا أمكن لتأكيد دورها كقوة إقليمية في مواجهة منافستها في المنطقة، السعودية. وقدم الأميركيون إلى إيران العراق بعد غزوه على طبق من فضة وخصوصاً بعد وصول حلفائها إلى السلطة. وتسعى إيران للحفاظ على دورها المؤثر في سورية ولبنان عبر حزب الله، وهو ما اكتسبته فعلاً، وإذا أمكن في اليمن أيضاً عبر دعم حركة «أنصار الله» (الحوثيين) في مواجهة السعودية. ويقول عميد جامعة طهران محمد مرندي: «تتحرك روسيا وإيران لمنع انهيار المنطقة… وسنشهد في الأسابيع المقبلة دولاً أخرى تقترب من المواقف الروسية الإيرانية في ما يتعلق بالنظرة إلى الدور الذي يلعبه التطرف». ولا يعني ذلك كله أن روسيا وإيران ستحصلان على مبتغاهما بسرعة. ويقول بيطار: «قد يرتد الأمر عليهما، فلم تنته أي سياسة تدخل في العالم العربي إلا بنتائج غير متوقعة وغالباً ما تكون قاسية على هؤلاء الذين يغوصون كثيراً في هذا المستنقع».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة