عندما أخرجت الشرطة في باريس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من "ستاد دي فرانس" أصيبت هيبة الدولة الفرنسية بنكسة. وعندما كان عدّاد الضحايا يرتفع، والهجمات تتوالى، وتُشل الحياة على مساحة فرنسا في اقل من ساعة بشكل غير مسبوق، ويُطل هولاند متوجساً ليعلن عن قرارات استثنائية بفرض حالة الطوارئ وإقفال الحدود، ثم يأتي اغلاق محطات المترو والمدارس والجامعات والمؤسسات، عندما يحلُ كل ذلك، ويدبّ الرعب في صفوف الفرنسيين بعد حادثة مسرح "باتكلان"، فهذا يعني ان الارهاب لم يكن يهدف لاستعراض عضلاته، بل الاعلان عن المرحلة الجديدة القائمة على اساس الحرب. لكنها ستكون عنوانا بكل الاتجاهات: حرب الارهاب ضد العواصم، وحرب العالم ضد الإرهابيين.

 فهل هي "11 أيلول" فرنسية تشكل محطة تحول لانطلاق باريس في تنفيذ استراتيجية المواجهة بالهجوم والدفاع؟

التهديدات "القاعدية" أو "الداعشية" لعواصم العالم لم تكن عابرة. على الاقل أتت الترجمة حديثاً في استهداف الطائرة الروسية فوق سيناء، مروراً بالتفجيرات المتواصلة في العراق وسوريا ولبنان كما حصل منذ يومين في جريمة برج البراجنة، وصولا الى باريس، والهجمات التي لا تتوقف عند حدود جغرافية ترجمة لتهديدات إجرامية، وقد سُجلت إجراءات أميركية تحسباً لاي اعمال إرهابية على ارض الولايات المتحدة وتحديداً في نيويورك.

لكن العواصم الأوروبية هي المهددة بشكل أساسي لا الولايات المتحدة الاميركية، بسبب وجود مهاجرين من دول عربية في تلك العواصم يشكل بعضهم بيئة حاضنة للتطرف، عدا عن الفقر والأزمات الاجتماعية المتراكمة التي تدفع المهاجرين او اللاجئين الى الانخراط في صفوف مجموعات إرهابية.

لن يشمت الروس بالطبع، لكنهم سيذكّرون العواصم الدولية انهم حذروا من الارهاب ودعوا مرارا الى وضع أولوية مكافحته قبل اي اعتبار. سيقول الروس في فيينا هذا الكلام، ويطلبون الإسراع في خطوات التنسيق وتشكيل جبهة موحدة ضد الارهاب. سيثبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في "قمة العشرين" المرتقبة في تركيا أن المخاطر الإرهابية لن تحيّد عاصمة ولا فريقا او حلفاً. سيقول بوتين: نبدأ من الاعتراف ان احد منابع الارهاب هو في سوريا. هذا ما سيتحدث عنه بالتفصيل وزير خارجيته سيرغي لافروف في فيينا للانطلاق بالفرز بين الإرهابيين والمعتدلين، قبل الدخول في أية عملية سياسية.

 حوادث باريس تغيّر المعادلات إزاء سياسات فرنسا الخارجية. سيقف الرأي العام الى جانب نواب فرنسيين يمينيين ويساريين يدعون لضرب الارهاب في سوريا وبعضهم كان زار دمشق. سيضطر هولاند مرغماً على الاعتراف بأن سوريا ولاّدة تلك المجموعات التي انضم اليها متطرفون حاقدون من فرنسا وكل اوروبا. قد تكون عودة بعضهم الى بلادهم ساهمت بتأسيس المشاريع الإرهابية بعد اكتساب خبرات القتال والتخطيط في الساحة السورية.

سيقدم الرؤساء العزاء الى باريس. سيتذكر الفرنسيون ما حذّر منه يوما الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبدالعزيز من اجتياحات منتظرة للمجموعات المتطرفة نحو الغرب. سيتذكّر الأوروبيون تحذيرات موسكو، وسيضغطون نحو توحيد الجهود.

فهل تتكون الجبهة الموحدّة لقتال الارهاب؟ لم لا؟

كل المؤشرات توحي ان عواصم اوروبا والشرق الاوسط دخلوا بالحرب المفتوحة ضد المتطرفين.

القضية تبدأ من سوريا. لا وجود لثورة فيها كما كان يُشاع في الاعلام.

دمشق بالتعاون مع موسكو، تتبوأ مركز القيادة الفعلية بالحرب على الارهاب.

ما بين فيينا وانطاليا مؤشرات ستدور حول سوريا لحماية العواصم من مجموعات تتوعد بالتفجيرات.

انها الحرب المفتوحة بكل اتجاه. باريس احدى محطاتها. فاي مدى ميداني؟ واين سيردّ الفرنسيون؟ لا أجوبة بعد، سوى الانتظار والتسليم ان المرحلة خطيرة.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-14
  • 8201
  • من الأرشيف

حوادث باريس تفرض أجندة الحرب ....بقلم عباس ضاهر

عندما أخرجت الشرطة في باريس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من "ستاد دي فرانس" أصيبت هيبة الدولة الفرنسية بنكسة. وعندما كان عدّاد الضحايا يرتفع، والهجمات تتوالى، وتُشل الحياة على مساحة فرنسا في اقل من ساعة بشكل غير مسبوق، ويُطل هولاند متوجساً ليعلن عن قرارات استثنائية بفرض حالة الطوارئ وإقفال الحدود، ثم يأتي اغلاق محطات المترو والمدارس والجامعات والمؤسسات، عندما يحلُ كل ذلك، ويدبّ الرعب في صفوف الفرنسيين بعد حادثة مسرح "باتكلان"، فهذا يعني ان الارهاب لم يكن يهدف لاستعراض عضلاته، بل الاعلان عن المرحلة الجديدة القائمة على اساس الحرب. لكنها ستكون عنوانا بكل الاتجاهات: حرب الارهاب ضد العواصم، وحرب العالم ضد الإرهابيين.  فهل هي "11 أيلول" فرنسية تشكل محطة تحول لانطلاق باريس في تنفيذ استراتيجية المواجهة بالهجوم والدفاع؟ التهديدات "القاعدية" أو "الداعشية" لعواصم العالم لم تكن عابرة. على الاقل أتت الترجمة حديثاً في استهداف الطائرة الروسية فوق سيناء، مروراً بالتفجيرات المتواصلة في العراق وسوريا ولبنان كما حصل منذ يومين في جريمة برج البراجنة، وصولا الى باريس، والهجمات التي لا تتوقف عند حدود جغرافية ترجمة لتهديدات إجرامية، وقد سُجلت إجراءات أميركية تحسباً لاي اعمال إرهابية على ارض الولايات المتحدة وتحديداً في نيويورك. لكن العواصم الأوروبية هي المهددة بشكل أساسي لا الولايات المتحدة الاميركية، بسبب وجود مهاجرين من دول عربية في تلك العواصم يشكل بعضهم بيئة حاضنة للتطرف، عدا عن الفقر والأزمات الاجتماعية المتراكمة التي تدفع المهاجرين او اللاجئين الى الانخراط في صفوف مجموعات إرهابية. لن يشمت الروس بالطبع، لكنهم سيذكّرون العواصم الدولية انهم حذروا من الارهاب ودعوا مرارا الى وضع أولوية مكافحته قبل اي اعتبار. سيقول الروس في فيينا هذا الكلام، ويطلبون الإسراع في خطوات التنسيق وتشكيل جبهة موحدة ضد الارهاب. سيثبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في "قمة العشرين" المرتقبة في تركيا أن المخاطر الإرهابية لن تحيّد عاصمة ولا فريقا او حلفاً. سيقول بوتين: نبدأ من الاعتراف ان احد منابع الارهاب هو في سوريا. هذا ما سيتحدث عنه بالتفصيل وزير خارجيته سيرغي لافروف في فيينا للانطلاق بالفرز بين الإرهابيين والمعتدلين، قبل الدخول في أية عملية سياسية.  حوادث باريس تغيّر المعادلات إزاء سياسات فرنسا الخارجية. سيقف الرأي العام الى جانب نواب فرنسيين يمينيين ويساريين يدعون لضرب الارهاب في سوريا وبعضهم كان زار دمشق. سيضطر هولاند مرغماً على الاعتراف بأن سوريا ولاّدة تلك المجموعات التي انضم اليها متطرفون حاقدون من فرنسا وكل اوروبا. قد تكون عودة بعضهم الى بلادهم ساهمت بتأسيس المشاريع الإرهابية بعد اكتساب خبرات القتال والتخطيط في الساحة السورية. سيقدم الرؤساء العزاء الى باريس. سيتذكر الفرنسيون ما حذّر منه يوما الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبدالعزيز من اجتياحات منتظرة للمجموعات المتطرفة نحو الغرب. سيتذكّر الأوروبيون تحذيرات موسكو، وسيضغطون نحو توحيد الجهود. فهل تتكون الجبهة الموحدّة لقتال الارهاب؟ لم لا؟ كل المؤشرات توحي ان عواصم اوروبا والشرق الاوسط دخلوا بالحرب المفتوحة ضد المتطرفين. القضية تبدأ من سوريا. لا وجود لثورة فيها كما كان يُشاع في الاعلام. دمشق بالتعاون مع موسكو، تتبوأ مركز القيادة الفعلية بالحرب على الارهاب. ما بين فيينا وانطاليا مؤشرات ستدور حول سوريا لحماية العواصم من مجموعات تتوعد بالتفجيرات. انها الحرب المفتوحة بكل اتجاه. باريس احدى محطاتها. فاي مدى ميداني؟ واين سيردّ الفرنسيون؟ لا أجوبة بعد، سوى الانتظار والتسليم ان المرحلة خطيرة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة