الميدان يتقدم في السباق على الديبلوماسية. هذا ما أظهرته تطوّرات اليومين الماضيين على مختلف الجبهات، من سنجار شرقاً، الى حلب غرباً، حيث تحولت المعارك ضد التنظيمات المتشددة، وبالأخص تنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش»، رسائل عابرة للقارات من موسكو الى واشنطن.

 وعشية لقاء «فيينا ـ 2»، بدا المسار الديبلوماسي معطلاً بالالغام السياسية، التي زرعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الاقليميون والدوليون لتفجير المبادرة الروسية للحل السياسي، عبر التمسك بمطلب رحيل الرئيس بشار الأسد بداية، والالتفاف على المطلب الروسي بفرز الجماعات المسلحة بين متطرفة ومعتدلة، وتفصيل الوفد السوري المعارض على مقاس معايير المصالح الغربية.

ولذلك، كان من الطبيعي أن تشتد حدّة التنافس الاميركي ـ الروسي في الميدان، حيث برزت تطورات عسكرية لافتة للانتباه في العراق، حيث نجحت قوات البشمركة الكردية، مدعومة بغطاء جوي أميركي، من استعادة السيطرة على مدينة سنجار، والتحكم بالطريق السريع الذي يشكل خط الإمداد لتنظيم «داعش» بين الموصل والرقة، وذلك بعد أيام من سلسلة انتصارات حققها الجيش السوري، مدعوماً بـ «عاصفة السوخوي» الروسية، كان أبرزها يوم امس السيطرة النارية على طريق حلب ـ دمشق، بعد يومين من فك الحصار «الداعشي» على مطار كويرس في ريف حلب.

وبين التقدم الكردي ـ الاميركي في سنجار، والتقدّم السوري ـ الروسي في حلب، كان أكراد سوريا، يوم امس، على موعد مع انتصار جديد، تمثل في سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» عمودها الفقري، على بلدة الهول الاستراتيجية في محافظة الحسكة، بعدما كانت تحت سيطرة «داعش».

وقبل يوم من لقاء فيينا، بدت المواقف الأميركية والروسية متباعدة الى حد يصل الى التناقض.

وفي ما يبدو مؤشراً على هذا التباعد، أعلن الكرملين ان الرئيس فلاديمير بوتين لن يلتقي الرئيس باراك اوباما رسميا على هامش قمة مجموعة العشرين في انطاليا، والتي يفترض ان تخيّم عليها الأزمة السورية، بالرغم من ان جدول اعمال بوتين سيكون حافلاً بلقاءات مع قادة دول اخرى، مثل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وكان لافتاً للانتباه، امس، حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التطورات في سوريا، اذ اكد انه «لا يملك الحق» في مطالبة الرئيس بشار الاسد بالرحيل.

وقال بوتين في مقابلة نشرت على موقع الكرملين الالكتروني ان «سوريا دولة ذات سيادة وبشار الاسد هو الرئيس المنتخب من الشعب. فهل يحق لنا ان نناقش معه مسائل كهذه؟ بالطبع لا».

وأضاف «فقط أولئك الذين يشعرون بأنهم استثنائيون يسمحون لأنفسهم بالتصرف بطريقة وقحة جدا، وفرض إرادتهم على الآخرين» في إشارة واضحة الى الاميركيين وحلفائهم الذي يطالبون برحيل بشار الاسد.

وتناقض تصريحات بوتين المطلب الغربي برحيل الرئيس بشار الاسد، كجزء أساسي من التسوية السورية، وهو ما كرره امس وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند الذي قال ان «على بشار الاسد ان يتنحى في اطار المرحلة الانتقالية في سوريا»، قبل ان يستدرك قائلاً «لكننا نقر بأنه اذا كان ثمة مرحلة انتقالية فمن الممكن ان يشارك فيها الى حد معين».

وفي هذا السياق ايضاً قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان جميع المشاركين في المحادثات المقرر إجراؤها في فيينا مطلع الأسبوع المقبل عدم التشبث بالمواقف، مؤكداً ان الولايات المتحدة لم تحل بعد خلافاتها مع روسيا وايران بشأن الرئيس الرئيس الاسد.

وأضاف كيري: «لا يمكنني القول اننا قريبون من اتفاق شامل.. رسالة أميركا الى لكل المشاركين، هي أن علينا جميعا مسؤولية تتمثل في عدم التشبث بالمواقف، بل القيام بالخطوة التالية للأمام حتى يوقف نزيف الدماء».

ولا تقتصر الخلافات بين موسكو وواشنطن على مصير الرئيس الاسد فحسب، بل تشمل قضايا جوهرية اخرى، من بينها تحديد ممثلي المعارضة السورية، والاهم من ذلك اعتماد لائحة موحدة للجماعات المسلحة الارهابية.

وفي هذا الاطار، برزت يوم امس محاولة اوروبية للالتفاف على هذا المطلب، اذ قال مسؤول اوروبي رفيع المستوى لـ«السفير» ان المعارضة التي يمكن إشراكها في المرحلة الانتقالية هي المعارضة الـ «لا داعشية».

بهذا التأويل، يمكن للدول الغربية التملّص من وجود عناصر «إرهابية»، على أقل تقدير، ضمن تكوين مجموعات تدعمها واشنطن وحلفاؤها الاقليميون.

وحول أبعاد هذا التصنيف قال المسؤول الاوروبي: «هناك قائمتان، واحدة لمجموعات المعارضة التي يجب أن تكون جزءا من الانتقال (السياسي)، وهذه بوضوح (لا داعشية)، وقائمة ثانية لمجموعات إرهابية»، قبل أن يستدرك قائلاً انه «في الوقت الحالي، ما لدينا هو القائمة التي صممتها الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية».

وفي مؤشر آخر على التباعد الروسي ـ الاميركي، أشار بوتين، في حديثه الى وكالتي «انترفاكس» الروسية و «الاناضول»، الى ان الغرب تحفظ كثيرا على العملية العسكرية الروسية في سوريا، وان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم يقدم أي بيانات لروسيا مما لديه حول العصابات الناشطة في سوريا، بالرغم من كونها تشكل خطراً مشتركاً يتهدد روسيا ودول التحالف على حد سواء.

وأضاف أنه «لم يتم على مسار التعاون بين التحالف الدولي وروسيا إحراز أي تقدم يذكر، باستثناء التوقيع على مذكرة تتبادل بموجبها وزارتا الدفاع الروسية والأميركية البيانات اللازمة لتفادي وقوع صدامات عرضية في الأجواء السورية بين مقاتلاتنا وطائرات التحالف».

ولفت بوتين الى ان «هذا التعاون المثقل بالتحفظات الأميركية لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن تطبيع التعاون العسكري بين موسكو وواشنطن، والذي بادر الجانب الأميركي أصلا الى تجميده».

ومع ذلك، عبّر بوتين عن استعداد روسيا للتعاون مع الولايات المتحدة بغض النظر عن أن نشاطها في سوريا يتعارض مع القانون الدولي، ويأتي بمعزل عن أي قرار من مجلس الأمن الدولي، وبلا طلب من القيادة السورية بذلك.

وفي معرض التعليق على الأهداف التي تضربها الطائرات الحربية الروسية، أشار بوتين إلى بدء التعاون بين موسكو و «الجيش السوري الحر» الذي يزود العسكريين الروس ببيانات حول مواقع الجماعات الإرهابية في سوريا ومواقعه لتفادي استهدافها، حسبما أشار الرئيس الروسي، الذي كشف عن ان الطائرات الروسية قصفت مواقع متعددة للمسلحين بعد الحصول على إحداثياتها من «الجيش الحر».

ولفت الرئيس بوتين النظر إلى أن التعاون القائم مع «الجيش الحر» يجدد التأكيد الروسي أن موسكو لا تستهدف مواقع ما تسمى «بالمعارضة المسلحة» أو المدنيين.

ميدانياً، سيطرت وحدات الجيش السوري على عدد من البلدات والتلال الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي، أهمها تلة إيكاردا، التي تبعد نحو 500 متر عن طريق حلب ـ دمشق الدولي.

ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري قوله ان «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية، أحكمت سيطرتها على تل هدية ورسم صهريج في ريف حلب الجنوبي الغربي».

وكانت قوات الجيش قد سيطرت على تلة العيس الاستراتيجية، التي تعدّ نقطة ربط بين ريفي حلب الغربي والجنوبي من جهة، وريف إدلب من جهة ثانية.

وبذلك، يصبح الجيش السوري مسيطراً بالنار على هذا الطريق الاستراتيجي.

ويأتي هذا التطور بعد يومين على نجاح الجيش السوري في فك الحصار عن مطار كويرس في ريف حلب الجنوبي، واستعادته السيطرة على مناطق اخرى على هذه الجبهة المشتعلة، ابرزها مدينة الحاضر الاستراتيجية.

وأشاد الكرملين بالنجاحات الاستراتيجية التي أحرزها الجيش السوري في الآونة الأخيرة في معركته ضد الإرهاب بدعم الطيران الروسي.

وقال المتحدث الصحافي باسم الكرملين ديميتري بيسكوف «يواصل الجيش السوري تقدمه بديناميكية إيجابية جدا، ونحن نعرف عن تحقيق العسكريين السوريين نجاحات استراتيجية عديدة خلال الأسابيع الماضية».

وأضاف: «التقدم مستمر بصورة فعالة، بدعم الطيران الروسي».

وفي الحسكة، سيطرت «قوات سوريا الديموقراطية» التي تضم فصائل كردية وعربية وتتلقى دعماً أميركياً، على بلدة الهول الاستراتيجية، والتي تعد معبراً رئيسياً لتنظيم «الدولة الاسلامية».

وقال العقيد طلال علي سلو متحدثا باسم هذه القوات «سيطرنا على بلدة الهول بالكامل وجثث العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية مرمية في الشوارع»، موضحا ان البلدة الواقعة في محافظة الحسكة «كانت خط الدفاع الاول لتنظيم داعش الارهابي ويتلقى عبرها الدعم الكامل من العراق».

ويعد هذا التقدم الميداني الابرز لـ «قوات سوريا الديموقراطية» التي باشرت تحركها على الارض في 12 تشرين الاول الماضي، بعد إعلان «وحدات حماية الشعب الكردية» ومجموعة من الفصائل المسلحة توحيد جهودها العسكرية في إطار قوة مشتركة.

وتضم هذه القوة «التحالف العربي السوري» و «جيش الثوار» و «غرفة عمليات بركان الفرات» و «قوات الصناديد» و «تجمع ألوية الجزيرة»، بالاضافة الى «المجلس العسكري السرياني» أو «وحدات حماية الشعب» و «وحدات حماية المرأة».

أما في العراق، فنجحت قوات «البشمركة» الكردية في السيطرة على مدينة سنجار، في عملية عسكرية حظيت بتخطيط وغطاء جوي أميركي.

ومن شأن هذا التطور أن يشكل زخماً لاستراتيجية باراك اوباما في الحرب على «داعش»، لكن الرئيس الاميركي نفسه بات حذراً في الحديث عن انتصار كامل على التنظيم المتشدد.

وقال أوباما إنه يركز على تقييد وتقليص حجم تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق لكنه أقر بأن المشكلات مع التنظيم المتشدد ستظل قائمة حتى يستقر الشرق الأوسط.

وأوضح اوباما، في مقابلة مع قناة «اي بي سي نيوز» ان «هدفنا هو تقييد قدرات داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) العسكرية وقطع خطوط إمداداته وقطع التمويل عنه».

وقال أوباما إن قوة التنظيم توقفت عن النمو ولم يكسب أرضا في العراق رغم أن مقاتليه لا يزالون يشكلون خطرا، مشيراً الى انه «ما لم نتمكن من القيام به بعد هو قطع رأس مراكز القيادة والسيطرة الخاصة بهم تماما».

وأضاف وقال أوباما «سنظل نواجه مشكلات حتى نحل الوضع السياسي في سوريا... وإلى أن ينتهي وضع الأسد كعنصر جذب يجذب (المتشددين)  إلى سوريا» حسب قوله.

  • فريق ماسة
  • 2015-11-13
  • 7983
  • من الأرشيف

ألغام أمام التسوية السورية: اشتعال الجبهات من حلب إلى الموصل

الميدان يتقدم في السباق على الديبلوماسية. هذا ما أظهرته تطوّرات اليومين الماضيين على مختلف الجبهات، من سنجار شرقاً، الى حلب غرباً، حيث تحولت المعارك ضد التنظيمات المتشددة، وبالأخص تنظيم «الدولة الإسلامية ـ داعش»، رسائل عابرة للقارات من موسكو الى واشنطن.  وعشية لقاء «فيينا ـ 2»، بدا المسار الديبلوماسي معطلاً بالالغام السياسية، التي زرعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الاقليميون والدوليون لتفجير المبادرة الروسية للحل السياسي، عبر التمسك بمطلب رحيل الرئيس بشار الأسد بداية، والالتفاف على المطلب الروسي بفرز الجماعات المسلحة بين متطرفة ومعتدلة، وتفصيل الوفد السوري المعارض على مقاس معايير المصالح الغربية. ولذلك، كان من الطبيعي أن تشتد حدّة التنافس الاميركي ـ الروسي في الميدان، حيث برزت تطورات عسكرية لافتة للانتباه في العراق، حيث نجحت قوات البشمركة الكردية، مدعومة بغطاء جوي أميركي، من استعادة السيطرة على مدينة سنجار، والتحكم بالطريق السريع الذي يشكل خط الإمداد لتنظيم «داعش» بين الموصل والرقة، وذلك بعد أيام من سلسلة انتصارات حققها الجيش السوري، مدعوماً بـ «عاصفة السوخوي» الروسية، كان أبرزها يوم امس السيطرة النارية على طريق حلب ـ دمشق، بعد يومين من فك الحصار «الداعشي» على مطار كويرس في ريف حلب. وبين التقدم الكردي ـ الاميركي في سنجار، والتقدّم السوري ـ الروسي في حلب، كان أكراد سوريا، يوم امس، على موعد مع انتصار جديد، تمثل في سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» عمودها الفقري، على بلدة الهول الاستراتيجية في محافظة الحسكة، بعدما كانت تحت سيطرة «داعش». وقبل يوم من لقاء فيينا، بدت المواقف الأميركية والروسية متباعدة الى حد يصل الى التناقض. وفي ما يبدو مؤشراً على هذا التباعد، أعلن الكرملين ان الرئيس فلاديمير بوتين لن يلتقي الرئيس باراك اوباما رسميا على هامش قمة مجموعة العشرين في انطاليا، والتي يفترض ان تخيّم عليها الأزمة السورية، بالرغم من ان جدول اعمال بوتين سيكون حافلاً بلقاءات مع قادة دول اخرى، مثل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وكان لافتاً للانتباه، امس، حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التطورات في سوريا، اذ اكد انه «لا يملك الحق» في مطالبة الرئيس بشار الاسد بالرحيل. وقال بوتين في مقابلة نشرت على موقع الكرملين الالكتروني ان «سوريا دولة ذات سيادة وبشار الاسد هو الرئيس المنتخب من الشعب. فهل يحق لنا ان نناقش معه مسائل كهذه؟ بالطبع لا». وأضاف «فقط أولئك الذين يشعرون بأنهم استثنائيون يسمحون لأنفسهم بالتصرف بطريقة وقحة جدا، وفرض إرادتهم على الآخرين» في إشارة واضحة الى الاميركيين وحلفائهم الذي يطالبون برحيل بشار الاسد. وتناقض تصريحات بوتين المطلب الغربي برحيل الرئيس بشار الاسد، كجزء أساسي من التسوية السورية، وهو ما كرره امس وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند الذي قال ان «على بشار الاسد ان يتنحى في اطار المرحلة الانتقالية في سوريا»، قبل ان يستدرك قائلاً «لكننا نقر بأنه اذا كان ثمة مرحلة انتقالية فمن الممكن ان يشارك فيها الى حد معين». وفي هذا السياق ايضاً قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان جميع المشاركين في المحادثات المقرر إجراؤها في فيينا مطلع الأسبوع المقبل عدم التشبث بالمواقف، مؤكداً ان الولايات المتحدة لم تحل بعد خلافاتها مع روسيا وايران بشأن الرئيس الرئيس الاسد. وأضاف كيري: «لا يمكنني القول اننا قريبون من اتفاق شامل.. رسالة أميركا الى لكل المشاركين، هي أن علينا جميعا مسؤولية تتمثل في عدم التشبث بالمواقف، بل القيام بالخطوة التالية للأمام حتى يوقف نزيف الدماء». ولا تقتصر الخلافات بين موسكو وواشنطن على مصير الرئيس الاسد فحسب، بل تشمل قضايا جوهرية اخرى، من بينها تحديد ممثلي المعارضة السورية، والاهم من ذلك اعتماد لائحة موحدة للجماعات المسلحة الارهابية. وفي هذا الاطار، برزت يوم امس محاولة اوروبية للالتفاف على هذا المطلب، اذ قال مسؤول اوروبي رفيع المستوى لـ«السفير» ان المعارضة التي يمكن إشراكها في المرحلة الانتقالية هي المعارضة الـ «لا داعشية». بهذا التأويل، يمكن للدول الغربية التملّص من وجود عناصر «إرهابية»، على أقل تقدير، ضمن تكوين مجموعات تدعمها واشنطن وحلفاؤها الاقليميون. وحول أبعاد هذا التصنيف قال المسؤول الاوروبي: «هناك قائمتان، واحدة لمجموعات المعارضة التي يجب أن تكون جزءا من الانتقال (السياسي)، وهذه بوضوح (لا داعشية)، وقائمة ثانية لمجموعات إرهابية»، قبل أن يستدرك قائلاً انه «في الوقت الحالي، ما لدينا هو القائمة التي صممتها الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية». وفي مؤشر آخر على التباعد الروسي ـ الاميركي، أشار بوتين، في حديثه الى وكالتي «انترفاكس» الروسية و «الاناضول»، الى ان الغرب تحفظ كثيرا على العملية العسكرية الروسية في سوريا، وان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم يقدم أي بيانات لروسيا مما لديه حول العصابات الناشطة في سوريا، بالرغم من كونها تشكل خطراً مشتركاً يتهدد روسيا ودول التحالف على حد سواء. وأضاف أنه «لم يتم على مسار التعاون بين التحالف الدولي وروسيا إحراز أي تقدم يذكر، باستثناء التوقيع على مذكرة تتبادل بموجبها وزارتا الدفاع الروسية والأميركية البيانات اللازمة لتفادي وقوع صدامات عرضية في الأجواء السورية بين مقاتلاتنا وطائرات التحالف». ولفت بوتين الى ان «هذا التعاون المثقل بالتحفظات الأميركية لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن تطبيع التعاون العسكري بين موسكو وواشنطن، والذي بادر الجانب الأميركي أصلا الى تجميده». ومع ذلك، عبّر بوتين عن استعداد روسيا للتعاون مع الولايات المتحدة بغض النظر عن أن نشاطها في سوريا يتعارض مع القانون الدولي، ويأتي بمعزل عن أي قرار من مجلس الأمن الدولي، وبلا طلب من القيادة السورية بذلك. وفي معرض التعليق على الأهداف التي تضربها الطائرات الحربية الروسية، أشار بوتين إلى بدء التعاون بين موسكو و «الجيش السوري الحر» الذي يزود العسكريين الروس ببيانات حول مواقع الجماعات الإرهابية في سوريا ومواقعه لتفادي استهدافها، حسبما أشار الرئيس الروسي، الذي كشف عن ان الطائرات الروسية قصفت مواقع متعددة للمسلحين بعد الحصول على إحداثياتها من «الجيش الحر». ولفت الرئيس بوتين النظر إلى أن التعاون القائم مع «الجيش الحر» يجدد التأكيد الروسي أن موسكو لا تستهدف مواقع ما تسمى «بالمعارضة المسلحة» أو المدنيين. ميدانياً، سيطرت وحدات الجيش السوري على عدد من البلدات والتلال الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي، أهمها تلة إيكاردا، التي تبعد نحو 500 متر عن طريق حلب ـ دمشق الدولي. ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري قوله ان «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية، أحكمت سيطرتها على تل هدية ورسم صهريج في ريف حلب الجنوبي الغربي». وكانت قوات الجيش قد سيطرت على تلة العيس الاستراتيجية، التي تعدّ نقطة ربط بين ريفي حلب الغربي والجنوبي من جهة، وريف إدلب من جهة ثانية. وبذلك، يصبح الجيش السوري مسيطراً بالنار على هذا الطريق الاستراتيجي. ويأتي هذا التطور بعد يومين على نجاح الجيش السوري في فك الحصار عن مطار كويرس في ريف حلب الجنوبي، واستعادته السيطرة على مناطق اخرى على هذه الجبهة المشتعلة، ابرزها مدينة الحاضر الاستراتيجية. وأشاد الكرملين بالنجاحات الاستراتيجية التي أحرزها الجيش السوري في الآونة الأخيرة في معركته ضد الإرهاب بدعم الطيران الروسي. وقال المتحدث الصحافي باسم الكرملين ديميتري بيسكوف «يواصل الجيش السوري تقدمه بديناميكية إيجابية جدا، ونحن نعرف عن تحقيق العسكريين السوريين نجاحات استراتيجية عديدة خلال الأسابيع الماضية». وأضاف: «التقدم مستمر بصورة فعالة، بدعم الطيران الروسي». وفي الحسكة، سيطرت «قوات سوريا الديموقراطية» التي تضم فصائل كردية وعربية وتتلقى دعماً أميركياً، على بلدة الهول الاستراتيجية، والتي تعد معبراً رئيسياً لتنظيم «الدولة الاسلامية». وقال العقيد طلال علي سلو متحدثا باسم هذه القوات «سيطرنا على بلدة الهول بالكامل وجثث العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية مرمية في الشوارع»، موضحا ان البلدة الواقعة في محافظة الحسكة «كانت خط الدفاع الاول لتنظيم داعش الارهابي ويتلقى عبرها الدعم الكامل من العراق». ويعد هذا التقدم الميداني الابرز لـ «قوات سوريا الديموقراطية» التي باشرت تحركها على الارض في 12 تشرين الاول الماضي، بعد إعلان «وحدات حماية الشعب الكردية» ومجموعة من الفصائل المسلحة توحيد جهودها العسكرية في إطار قوة مشتركة. وتضم هذه القوة «التحالف العربي السوري» و «جيش الثوار» و «غرفة عمليات بركان الفرات» و «قوات الصناديد» و «تجمع ألوية الجزيرة»، بالاضافة الى «المجلس العسكري السرياني» أو «وحدات حماية الشعب» و «وحدات حماية المرأة». أما في العراق، فنجحت قوات «البشمركة» الكردية في السيطرة على مدينة سنجار، في عملية عسكرية حظيت بتخطيط وغطاء جوي أميركي. ومن شأن هذا التطور أن يشكل زخماً لاستراتيجية باراك اوباما في الحرب على «داعش»، لكن الرئيس الاميركي نفسه بات حذراً في الحديث عن انتصار كامل على التنظيم المتشدد. وقال أوباما إنه يركز على تقييد وتقليص حجم تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق لكنه أقر بأن المشكلات مع التنظيم المتشدد ستظل قائمة حتى يستقر الشرق الأوسط. وأوضح اوباما، في مقابلة مع قناة «اي بي سي نيوز» ان «هدفنا هو تقييد قدرات داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) العسكرية وقطع خطوط إمداداته وقطع التمويل عنه». وقال أوباما إن قوة التنظيم توقفت عن النمو ولم يكسب أرضا في العراق رغم أن مقاتليه لا يزالون يشكلون خطرا، مشيراً الى انه «ما لم نتمكن من القيام به بعد هو قطع رأس مراكز القيادة والسيطرة الخاصة بهم تماما». وأضاف وقال أوباما «سنظل نواجه مشكلات حتى نحل الوضع السياسي في سوريا... وإلى أن ينتهي وضع الأسد كعنصر جذب يجذب (المتشددين)  إلى سوريا» حسب قوله.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة