خسر التيار «القاعدي» في «حركة أحرار الشام الإسلامية» الجولة الأولى من صراعه مع «التيار الإصلاحي» حول توجهات الحركة السياسية والعسكرية وطبيعة ارتباطاتها الإقليمية.

 

ولم تمضِ أيام على ما نشرته «السفير» حول محاولة هذا التيار ممارسة ضغوط على الدوحة للحصول على صواريخ مضادة للطائرات، حتى اجتمع أعضاء مجلس شورى الحركة واتخذوا قراراً بعزل أحد أبرز رموزه، وهو أبو صالح الطحان، القائد العسكري العام في «أحرار الشام».

 

وأكّد لـ «السفير» مصدر مقرب من أحد أعضاء مجلس شورى الحركة أن «قرار عزل الطحان قد اتخذ بغالبية الأصوات ضمن مجلس الشورى»، من دون أن يتطرق إلى الأسباب التي دفعت المجلس إلى اتخاذ القرار، لا سيما أن الطحان أثبت كفاءة عسكرية كبيرة في المعارك التي خاضها، غير أنه اكتفى بالقول إن القرار «يأتي في سياق ضخ دماء شابة في عروق الحركة»، وهي الصيغة نفسها التي اعتُمدت لتبرير تغيير «الأمير العام» للحركة قبل أسابيع عدة حيث جرى تعيين «أبو يحيى المصري» (والذي غيّر لقبه إلى الحموي تأكيداً على النزعة المناطقية الحموية في قيادة الحركة) مكان أبو جابر هاشم الشيخ من بلدة مسكنة في ريف حلب، وذلك بعد سنة واحدة من بقائه في منصبه.

وكانت «السفير» قد كشفت في تقرير سابق أن «التيار القاعدي» في «أحرار الشام» حاول استغلال فرصة المفاوضات حول تشكيل «هيئة التحرير الوطنية» برعاية قطرية، من أجل ليّ ذراع الدوحة والضغط عليها لتزويد الحركة أو «الهيئة» بعد تشكيلها، بصواريخ مضادة للطائرات، مقابل تسهيلها لتشكيل الهيئة والتراجع عن موقفها الرافض لها. وأشارت إلى أن مشكلة قطر، التي باتت تهيمن على الجناح السياسي في «أحرار الشام»، هي أن «الجناح العسكري» ليس خارج نطاق هيمنتها وحسب، بل لا يزال يسيطر عليه التيار «القاعدي» الذي يقوده أحد رموز هذا التيار، وهو أبو صالح الطحان.

ويبدو أن الاستخبارات القطرية لم تستطع تحمّل هذا الأسلوب في التعامل معها، خاصةً أنه ترافق مع توجيه صفعة إلى وزير خارجيتها خالد العطية تمثّل بالإعلان عن تشكيل «غرفة عمليات جند الملاحم في الغوطة الشرقية» بالاشتراك مع «جبهة النصرة»، وذلك بعد ساعات من تصريح الأخير بأن «أحرار الشام لا تتحالف مع «القاعدة»، الأمر الذي فُهم على أنه بمثابة تحدٍّ واضح من قبل «التيار القاعدي» للتوجيهات القطرية أو لـ «أوامرها». وبما أن الطحان هو أحد رموز «التيار القاعدي»، ومن القادة الذين لعبوا دوراً في تشكيل «جند الملاحم»، فقد كان طبيعياً أن يقع الخيار عليه من قبل الاستخبارات القطرية ليدفع ثمن ذلك. وعليه جرى الإيعاز إلى أعضاء مجلس الشورى للاجتماع واتخاذ قرار العزل، كما قال المصدر السابق لـ «السفير».

ولكن رغم اتخاذ القرار، ورغم إبلاغه رسمياً إلى الطحان بشكل شخصي، إلا أن المداولات ضمن قيادة الحركة ارتأت أن يتم تأجيل الإعلان عن القرار ريثما تستعد الحركة للهزات الارتدادية التي يمكن أن تحدث داخل صفوفها جراءه، خاصة وأنه لا يمكن لأحد التكهن بردة فعل «التيار القاعدي» ضمن الحركة الذي ما زال يتمتع بقوة لا يستهان بها.

كما أن قيادة «أحرار الشام» تتخوف أيضاً من ردة فعل «جبهة النصرة»، التي ستنظر إلى القرار على أنه تكريس لسياسة النأي عنها، وبالتالي وضع العلاقة بينهما في مهب الريح.

وفي هذا السياق، قلّل مصدر «جهادي» من أهمية ما يجري في الغوطة الشرقية على صعيد الحملة الإعلامية ضد قائد «جيش الإسلام» زهران علوش التي يقودها بشكل غير مباشر قادة «أحرار الشام»، وعلى رأسهم أبو سليمان الزبداني وأبو موسى الكناكري. وقال المصدر إن «تصعيد هذه الحملة قد يكون أحد تداعيات عزل أبو صالح الطحان نتيجة علاقته القوية مع قيادات الحركة في الغوطة المعروفة بميولها القاعديّة»، مشدداً على أن قيادة «جيش الإسلام» تعمل على استيعاب هذه الحملة وعدم الرد عليها، لأنها تدرك أسبابها وغاياتها، من دون أن يعني ذلك أن الأمور لا يمكن أن تخرج عن السيطرة في أي وقت. وأعرب المصدر عن ثقته بأن «العين على العلاقة بين الأحرار والجيش، بينما الانفجار سيحصل بين الأحرار والنصرة».

وقد لا يكون الطحان هو الضحية الوحيدة التي تسقط في الجولة الأولى من جولات الصراع على النفوذ داخل الحركة، إذ تشير معطيات يجري تداولها داخل كواليس «أحرار الشام» أن «المفتي العام» للحركة أبو محمد الصادق قد يكون الضحية الثانية لهذا الصراع، خاصة أن بعض الأصوات بدأت تعلو لانتقاد سياسته الشرعية ومحاولته الاستفراد بالقرار.

ولا شكّ ان هذه التطورات من شأنها أن تضع الحركة أمام منعطف جديد في مسيرتها منذ بداية الأزمة السورية، ولكن يبدو أن الخيارات بدأت تضيق أمامها لسببين: الأول تدخّل السياسة في بنية الحركة وتحديد توجهاتها بعد أن كانت الايديولوجيا هي مرشدها الوحيد، والثاني زيادة الضغوط الخارجية على الحركة بالتزامن مع دخول الأزمة السورية مرحلة جديدة مفتوحة على خيارات متعددة، إما السير نحو حل سلمي وإما تصعيد العمل العسكري فيها، وكلتا الحالتين تستلزمان استعداداً خاصاً وامتلاكاً تامّاً من الخارج لأدواته في الداخل بحيث يأمن ألا يُجابه في بعض اللحظات الحساسة باعتراضات غير متوقعة. وهو ما يجعل الحركة عُرضة لمزيد من حالات الانشقاق كما حدث مع التيار الذي انشق عنها وأسّسس «جيش الشام».

يشار إلى أن آخر ظهور لأبي صالح الطحان كان في 21 من الشهر الحالي، حيث ظهر وهو يتفقد عناصره على جبهة باشكوي في ريف حلب. كما أن الطحان ما زال يعرّف نفسه على حسابه الشخصي على «تويتر» بأنه مسؤول الجناح العسكري في «أحرار الشام».

 

  • فريق ماسة
  • 2015-10-26
  • 4291
  • من الأرشيف

قطر تعزل القائد العسكري العام في «أحرار الشام»!

خسر التيار «القاعدي» في «حركة أحرار الشام الإسلامية» الجولة الأولى من صراعه مع «التيار الإصلاحي» حول توجهات الحركة السياسية والعسكرية وطبيعة ارتباطاتها الإقليمية.   ولم تمضِ أيام على ما نشرته «السفير» حول محاولة هذا التيار ممارسة ضغوط على الدوحة للحصول على صواريخ مضادة للطائرات، حتى اجتمع أعضاء مجلس شورى الحركة واتخذوا قراراً بعزل أحد أبرز رموزه، وهو أبو صالح الطحان، القائد العسكري العام في «أحرار الشام».   وأكّد لـ «السفير» مصدر مقرب من أحد أعضاء مجلس شورى الحركة أن «قرار عزل الطحان قد اتخذ بغالبية الأصوات ضمن مجلس الشورى»، من دون أن يتطرق إلى الأسباب التي دفعت المجلس إلى اتخاذ القرار، لا سيما أن الطحان أثبت كفاءة عسكرية كبيرة في المعارك التي خاضها، غير أنه اكتفى بالقول إن القرار «يأتي في سياق ضخ دماء شابة في عروق الحركة»، وهي الصيغة نفسها التي اعتُمدت لتبرير تغيير «الأمير العام» للحركة قبل أسابيع عدة حيث جرى تعيين «أبو يحيى المصري» (والذي غيّر لقبه إلى الحموي تأكيداً على النزعة المناطقية الحموية في قيادة الحركة) مكان أبو جابر هاشم الشيخ من بلدة مسكنة في ريف حلب، وذلك بعد سنة واحدة من بقائه في منصبه. وكانت «السفير» قد كشفت في تقرير سابق أن «التيار القاعدي» في «أحرار الشام» حاول استغلال فرصة المفاوضات حول تشكيل «هيئة التحرير الوطنية» برعاية قطرية، من أجل ليّ ذراع الدوحة والضغط عليها لتزويد الحركة أو «الهيئة» بعد تشكيلها، بصواريخ مضادة للطائرات، مقابل تسهيلها لتشكيل الهيئة والتراجع عن موقفها الرافض لها. وأشارت إلى أن مشكلة قطر، التي باتت تهيمن على الجناح السياسي في «أحرار الشام»، هي أن «الجناح العسكري» ليس خارج نطاق هيمنتها وحسب، بل لا يزال يسيطر عليه التيار «القاعدي» الذي يقوده أحد رموز هذا التيار، وهو أبو صالح الطحان. ويبدو أن الاستخبارات القطرية لم تستطع تحمّل هذا الأسلوب في التعامل معها، خاصةً أنه ترافق مع توجيه صفعة إلى وزير خارجيتها خالد العطية تمثّل بالإعلان عن تشكيل «غرفة عمليات جند الملاحم في الغوطة الشرقية» بالاشتراك مع «جبهة النصرة»، وذلك بعد ساعات من تصريح الأخير بأن «أحرار الشام لا تتحالف مع «القاعدة»، الأمر الذي فُهم على أنه بمثابة تحدٍّ واضح من قبل «التيار القاعدي» للتوجيهات القطرية أو لـ «أوامرها». وبما أن الطحان هو أحد رموز «التيار القاعدي»، ومن القادة الذين لعبوا دوراً في تشكيل «جند الملاحم»، فقد كان طبيعياً أن يقع الخيار عليه من قبل الاستخبارات القطرية ليدفع ثمن ذلك. وعليه جرى الإيعاز إلى أعضاء مجلس الشورى للاجتماع واتخاذ قرار العزل، كما قال المصدر السابق لـ «السفير». ولكن رغم اتخاذ القرار، ورغم إبلاغه رسمياً إلى الطحان بشكل شخصي، إلا أن المداولات ضمن قيادة الحركة ارتأت أن يتم تأجيل الإعلان عن القرار ريثما تستعد الحركة للهزات الارتدادية التي يمكن أن تحدث داخل صفوفها جراءه، خاصة وأنه لا يمكن لأحد التكهن بردة فعل «التيار القاعدي» ضمن الحركة الذي ما زال يتمتع بقوة لا يستهان بها. كما أن قيادة «أحرار الشام» تتخوف أيضاً من ردة فعل «جبهة النصرة»، التي ستنظر إلى القرار على أنه تكريس لسياسة النأي عنها، وبالتالي وضع العلاقة بينهما في مهب الريح. وفي هذا السياق، قلّل مصدر «جهادي» من أهمية ما يجري في الغوطة الشرقية على صعيد الحملة الإعلامية ضد قائد «جيش الإسلام» زهران علوش التي يقودها بشكل غير مباشر قادة «أحرار الشام»، وعلى رأسهم أبو سليمان الزبداني وأبو موسى الكناكري. وقال المصدر إن «تصعيد هذه الحملة قد يكون أحد تداعيات عزل أبو صالح الطحان نتيجة علاقته القوية مع قيادات الحركة في الغوطة المعروفة بميولها القاعديّة»، مشدداً على أن قيادة «جيش الإسلام» تعمل على استيعاب هذه الحملة وعدم الرد عليها، لأنها تدرك أسبابها وغاياتها، من دون أن يعني ذلك أن الأمور لا يمكن أن تخرج عن السيطرة في أي وقت. وأعرب المصدر عن ثقته بأن «العين على العلاقة بين الأحرار والجيش، بينما الانفجار سيحصل بين الأحرار والنصرة». وقد لا يكون الطحان هو الضحية الوحيدة التي تسقط في الجولة الأولى من جولات الصراع على النفوذ داخل الحركة، إذ تشير معطيات يجري تداولها داخل كواليس «أحرار الشام» أن «المفتي العام» للحركة أبو محمد الصادق قد يكون الضحية الثانية لهذا الصراع، خاصة أن بعض الأصوات بدأت تعلو لانتقاد سياسته الشرعية ومحاولته الاستفراد بالقرار. ولا شكّ ان هذه التطورات من شأنها أن تضع الحركة أمام منعطف جديد في مسيرتها منذ بداية الأزمة السورية، ولكن يبدو أن الخيارات بدأت تضيق أمامها لسببين: الأول تدخّل السياسة في بنية الحركة وتحديد توجهاتها بعد أن كانت الايديولوجيا هي مرشدها الوحيد، والثاني زيادة الضغوط الخارجية على الحركة بالتزامن مع دخول الأزمة السورية مرحلة جديدة مفتوحة على خيارات متعددة، إما السير نحو حل سلمي وإما تصعيد العمل العسكري فيها، وكلتا الحالتين تستلزمان استعداداً خاصاً وامتلاكاً تامّاً من الخارج لأدواته في الداخل بحيث يأمن ألا يُجابه في بعض اللحظات الحساسة باعتراضات غير متوقعة. وهو ما يجعل الحركة عُرضة لمزيد من حالات الانشقاق كما حدث مع التيار الذي انشق عنها وأسّسس «جيش الشام». يشار إلى أن آخر ظهور لأبي صالح الطحان كان في 21 من الشهر الحالي، حيث ظهر وهو يتفقد عناصره على جبهة باشكوي في ريف حلب. كما أن الطحان ما زال يعرّف نفسه على حسابه الشخصي على «تويتر» بأنه مسؤول الجناح العسكري في «أحرار الشام».  

المصدر : السفير /عبد الله سليمان علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة