يقول محللون اقتصاديون إن السعودية تدفع يومياً نحو 250 مليون دولار لحربها في اليمن أي أن تكاليفها منذ بداية الحرب حتى اليوم تخطّت 26 مليار دولار.

 ويعيش الاقتصاد السعودي واحدة من أخطر أزماته وقد يسجل عجزاً قياسياً في الموازنة سيتجاوز 120 مليار دولار هذا العام، خصوصاً مع تراجع أسعار النفط. اضطرت الحكومة السعودية لسحب أكثر من 80 مليار دولار من الاحتياطات الخارجية منذ آب الماضي، وتم الطلب من بنوك محلية إصدار سندات بقيمة 5 مليارات 330 مليون دولار لتمويل عجز الموازنة.

 

 

ومع دخول «عاصفة الحزم» شهرها السابع، فهي وكما الولادات السابقة لأوانها في الشهر السابع، جاءت بعد استحالة الحسم العسكري ضد الحوثيين والجيش الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح. ذلك أن هؤلاء يستمرون بالقتال وبقدرة نارية عالية ويهاجمون الأراضي السعودية بالرغم مما تعرضوا له من ضربات كثيفة وخسائر جسيمة.

 

للإشارة هنا فإن الحرس الجمهوري الذي أسسه صالح حين كان في أوج قوته يضم 52 لواءً ما يعني أنه كان الجيش الفعلي في البلاد ولعل ألوية كثيرة لا تزال تقاتل ضد عاصفة الحزم.

 

لعل الأسباب المالية المرهقة، واستحالة الحسم العسكري والتحولات الدولية الكبيرة الجارية في المنطقة، دفعت السعودية للاضطرار الى التخلي عن الحسم العسكري المستحيل والعودة الى منطق التفاوض. فالحرب صارت عبثية ولا تزيد سوى الدمار والأحقاد. من المهم الانتباه إلى أن ذلك يحصل فيما إيران تعزز دورها الدولي على نحو لافت، ذلك أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يطلب من إدارته الأعداد لرفع العقوبات، والروس يكثفون التحالف مع القيادة الإيرانية في سياق المعركة العسكرية في سورية والعراق، والمساعي جارية جدياً لتعزيز التحالف الرباعي الروسي الإيراني العراقي ـ السوري، وبوتين ماض من دون أن يرف له جفن في تغيير المعادلة على الأرض السورية وقريباً في العراق.

 

السؤال المهم في هذا السياق: هل ثمة علاقة بين تسويات اليمن التي لا شك ستتعثر كثيراً قبل استقرارها، وبين ما يجري في سورية والعراق؟

 

نعم ولا شك في ذلك، ويقيني ان المنطقة من أوكرانيا مروراً باليمن وإيران والعراق وتركيا والسعودية وسورية وصولاً إلى الانتفاضة الفلسطينية ولبنان، باتت سلة واحدة في الصراع الدولي القائم بين احتمالين حالياً، أما حرب عالمية ثالثة وهذه لا يريدها أحد، أو تفاهمات عالمية وإقليمية، أعتقد أن الكبار يسعون إليها بالرغم من تنافر التصريحات.

 

يبدو أن ما يجري بين إيران وروسيا وأميركا ليس أمراً عابراً… ومن يعتقد غير ذلك سيستمر في الوقوع بالفخاخ.

 

لا بد من بداية تسوية في اليمن، تمهيداً لتسويات أخرى… وكما أن الجيش السوري بات ضرورياً لضرب الإرهاب في المعادلات الدولية، فإن الحوثيين وقوات صالح هم في نهاية المطاف أقرب الى العقل الأميركي لجهة ضرب القاعدة في اليمن التي تعتبر أخطر المتطرفين والإرهابيين في المنطقة.

 

هل كانت حرب اليمن فخاً للسعودية، لتمرير الاتفاق الإيراني الغربي، وتحجيم تأثيرها في سورية؟ وهل كانت أميركا قد غضت الطرف عن هذا الفخ بعد أن ذهبت السعودية بعيداً في انتقادها للسياسة الأميركية الذاهبة للاتفاق مع إيران، وبعد أن منحت الرياض معظم العقود العسكرية والصفقات لفرنسا؟

 

ربما هذا يستحق التفكير… أما فقراء اليمن وتلك الوجوه التي عفرها التراب وشظايا وغبار القصف والمدافع والاقتتال، فلهم الله، ذلك أن في لعبة الأمم، يصبح الناس مجرد أرقام ترتفع أو تتراجع وفق لعبة الأمم.

  • فريق ماسة
  • 2015-10-20
  • 6705
  • من الأرشيف

حرب اليمن والتوازنات الدولية ترهق السعودية

يقول محللون اقتصاديون إن السعودية تدفع يومياً نحو 250 مليون دولار لحربها في اليمن أي أن تكاليفها منذ بداية الحرب حتى اليوم تخطّت 26 مليار دولار.  ويعيش الاقتصاد السعودي واحدة من أخطر أزماته وقد يسجل عجزاً قياسياً في الموازنة سيتجاوز 120 مليار دولار هذا العام، خصوصاً مع تراجع أسعار النفط. اضطرت الحكومة السعودية لسحب أكثر من 80 مليار دولار من الاحتياطات الخارجية منذ آب الماضي، وتم الطلب من بنوك محلية إصدار سندات بقيمة 5 مليارات 330 مليون دولار لتمويل عجز الموازنة.     ومع دخول «عاصفة الحزم» شهرها السابع، فهي وكما الولادات السابقة لأوانها في الشهر السابع، جاءت بعد استحالة الحسم العسكري ضد الحوثيين والجيش الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح. ذلك أن هؤلاء يستمرون بالقتال وبقدرة نارية عالية ويهاجمون الأراضي السعودية بالرغم مما تعرضوا له من ضربات كثيفة وخسائر جسيمة.   للإشارة هنا فإن الحرس الجمهوري الذي أسسه صالح حين كان في أوج قوته يضم 52 لواءً ما يعني أنه كان الجيش الفعلي في البلاد ولعل ألوية كثيرة لا تزال تقاتل ضد عاصفة الحزم.   لعل الأسباب المالية المرهقة، واستحالة الحسم العسكري والتحولات الدولية الكبيرة الجارية في المنطقة، دفعت السعودية للاضطرار الى التخلي عن الحسم العسكري المستحيل والعودة الى منطق التفاوض. فالحرب صارت عبثية ولا تزيد سوى الدمار والأحقاد. من المهم الانتباه إلى أن ذلك يحصل فيما إيران تعزز دورها الدولي على نحو لافت، ذلك أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يطلب من إدارته الأعداد لرفع العقوبات، والروس يكثفون التحالف مع القيادة الإيرانية في سياق المعركة العسكرية في سورية والعراق، والمساعي جارية جدياً لتعزيز التحالف الرباعي الروسي الإيراني العراقي ـ السوري، وبوتين ماض من دون أن يرف له جفن في تغيير المعادلة على الأرض السورية وقريباً في العراق.   السؤال المهم في هذا السياق: هل ثمة علاقة بين تسويات اليمن التي لا شك ستتعثر كثيراً قبل استقرارها، وبين ما يجري في سورية والعراق؟   نعم ولا شك في ذلك، ويقيني ان المنطقة من أوكرانيا مروراً باليمن وإيران والعراق وتركيا والسعودية وسورية وصولاً إلى الانتفاضة الفلسطينية ولبنان، باتت سلة واحدة في الصراع الدولي القائم بين احتمالين حالياً، أما حرب عالمية ثالثة وهذه لا يريدها أحد، أو تفاهمات عالمية وإقليمية، أعتقد أن الكبار يسعون إليها بالرغم من تنافر التصريحات.   يبدو أن ما يجري بين إيران وروسيا وأميركا ليس أمراً عابراً… ومن يعتقد غير ذلك سيستمر في الوقوع بالفخاخ.   لا بد من بداية تسوية في اليمن، تمهيداً لتسويات أخرى… وكما أن الجيش السوري بات ضرورياً لضرب الإرهاب في المعادلات الدولية، فإن الحوثيين وقوات صالح هم في نهاية المطاف أقرب الى العقل الأميركي لجهة ضرب القاعدة في اليمن التي تعتبر أخطر المتطرفين والإرهابيين في المنطقة.   هل كانت حرب اليمن فخاً للسعودية، لتمرير الاتفاق الإيراني الغربي، وتحجيم تأثيرها في سورية؟ وهل كانت أميركا قد غضت الطرف عن هذا الفخ بعد أن ذهبت السعودية بعيداً في انتقادها للسياسة الأميركية الذاهبة للاتفاق مع إيران، وبعد أن منحت الرياض معظم العقود العسكرية والصفقات لفرنسا؟   ربما هذا يستحق التفكير… أما فقراء اليمن وتلك الوجوه التي عفرها التراب وشظايا وغبار القصف والمدافع والاقتتال، فلهم الله، ذلك أن في لعبة الأمم، يصبح الناس مجرد أرقام ترتفع أو تتراجع وفق لعبة الأمم.

المصدر : سامي كليب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة