حفل افتتاح «قناة» السويس الجديدة، في محافظة الإسماعيلية شمال شرق القاهرة، خرج «أسطورياً» كما أراد له الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

فالاحتفال الذي انطلق قبل الثانية ظهراً بقليل، أي في اللحظة نفسها التي انطلقت فيها الطائرات الحربية لتحرير سيناء (حرب 6 أكتوبر 1973) من الاحتلال الإسرائيلي، شهد مراعاة السيسي لعدة اعتبارات اجتماعية وإنسانية لإظهاره قائدا وزعيما شعبيا.

ارتدى الرئيس الزي العسكري برتبة المشير التي تقاعد بها، وهي أعلى رتبة عسكرية، كما حرص على إظهار رشاقة الاحتفاظ بلياقته البدنية عبر القفز من سلم مركب المحروسة بعد استقرارها على شاطئ القناة، لتكون أول سفينة تبحر رسمياً في القناة الجديدة، مع أنها لم تكن المرة الأولى التي يحرص فيها على إظهار رشاقته، فهو سبق أن شارك خلال توليه وزارة الدفاع في تدريبات القفز العسكرية.

واصطحب السيسي الطفل أحمد ياسر وهو أحد المرضى بالسرطان الذين التقاهم في رئاسة الجمهورية العام الماضي ليرافقه على يخت المحروسة حاملاً العلم المصري، فيما ظهر لافتاً حرصه على الاهتمام بوجود ممثلي الشعب في الحفل والتواصل معهم.

وفي ظهور نادر لعائلة السيسي، جرى تخصيص يمين المنصة في الصف الأول من الاحتفال وفيها زوجته وأولاده وزوجاتهم، بينما جلست زوجته انتصار بجوار قرينة الرئيس الراحل أنور السادات، فيما خصصت مقاعد لأبناء الرئيسين عبد الناصر والسادات، علما بأنه لم توجه الدعوة إلى أي من أبناء مبارك لحضور الحفل.

وبرغم حالة الغضب التي سيطرت على بعض الفنانين والشخصيات السياسية بسبب تجاهل دعوتهم إلى حضور حفل الافتتاح، شارك المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في الحفل، بل أثنى على تحقيق المشروع في الموعد المحدد.

وكان يفترض أن يعقد السيسي جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، لمناقشة عدد من القضايا المشتركة بالإضافة إلى جلسة مماثلة مع رئيس وزراء اليونان، ألكسيس تسيبراس، ولكنه على الأقل حرص على الاحتفاء بالزيارة الأولى للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، فيما رافقت قوات تأمين مشددة موكبه.

ولم يحضر ممثلون عن إسرائيل وإيران، اللتين لم توجه إليهما دعوة رسمية لحضور حفل الافتتاح، وكذلك تركيا، التي تواصل مواقفها العدائية اتجاه مصر، فيما شارك ممثلون على مستوى رفيع من عدة دول، منها صربيا التي ترأس وفدها النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية، وكذلك وزيرا خارجية مالطا وكرواتيا، والمبعوث الشخصي للرئيس الأندونيسي.

وبخلاف المتوقع، لم يعلن السيسي أي مشروعات قومية جديدة محددة بجدول زمني على غرار مشروع القناة الجديدة الذي نفذ خلال عام، وفي المقابل أكد البدء اعتباراً من اليوم الجمعة في تنفيذ مخطط محور تنمية قناة السويس الذي جرى اعتماده بالفعل.

في هذا السياق، أعلن وزير الاستثمار، أشرف سالمان، أن من المقرر طرح 45 مشروعا اقتصادياً خلال الأيام المقبلة من بينها مشروعات في مجالات تكرير ومصافي البترول وتحلية المياه، مشيراً إلى أن الحكومة بصدد الإعلان عن تخصيص منطقة صناعية لرجال الأعمال السعوديين.

وأكد سالمان البدء في إنشاء ثلاثة أنفاق للربط بين ضفتي القناة الشرقية والغربية بالإضافة إلى طرح إنشاء منطقتي تجارة في محافظتي الإسماعيلية والسويس للتنمية السياحية والعمرانية، فضلاً عن مشروعات للصناعات الغذائية والسمكية ومصنع للبتروكيماويات، كما لفت إلى أن «إجمالي الاستثمارات المتوقعة في محور إقليم قناة السويس سيصل إلى 100 مليار دولار خلال سبع سنوات».

في الجانب الأمني، فقد انتهى الحفل بسلام، ودون وقوع أي منغصات، بل يمكن القول باطمئنان، إن قوات الجيش والشرطة نجحت في ضبط الأمن ومنع أي جماعات مسلحة من تحقيق مرادها في تخريب الاحتفال، أو تكرار مشهد أنور السادات. وهي كانت سابقاً قد وضعت محافظات مصر جميعها تحت القبضة الأمنية لمدة تزيد على 72 ساعة حتى نهاية الاحتفال. ووفق الأرقام، فإنه شارك في الاحتفالية قرابة خمسة آلاف شخص من أبناء المحافظات المختلفة الذين حضروا بأزيائهم الوطنية، وخاصة أبناء القبائل في بادية سيناء ومطروح والبحر الأحمر والصعيد والنوبة، ولوحظ أنه استبعدت قبيل الاحتفال بساعات القيادات التنفيذية في جميع المحافظات من الحضور، كما اقتصر الحضور الإعلامي على رؤساء تحرير الصحف والمواقع، إضافة إلى الإعلاميين من مقدمي برامج «التوك شو» ومندوبي الصحف في رئاسة الجمهورية، وأعضاء المركز الصحافي للمراسلين الأجانب.

أما باقي المحافظات، فإنها شهدت كلها تكثيفاً أمنياً بعد عسكرة مداخلها ومخارجها، وتكثيف القوات والآليات ومضاعفة الحواجز الأمنية الثابتة والمتحركة، ونقاط الارتكاز بالقرب من المؤسسات الأمنية والحكومية، وذلك تحت مظلة جوية من طائرات الاستطلاع التي واصلت التحليق طوال ساعات الليل والنهار.

وفق مصادر أمنية، فإن وزارة الداخلية وضعت خطة محكمة بالتعاون مع قيادات مديريات الأمن في المحافظات، وعملت على تكثيف الدوريات الراجلة والمتحركة وتوسيع دائرة الاشتباه، بالإضافة إلى حصر مداخل ومخارج المحافظات في مخرج ومدخل واحد فقط. حتى إن خطة تأمين قناة السويس خضعت لمتابعة حثيثة وشخصية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد انعقاد مجلس الدفاع الوطني الذى ترأسه بنفسه، قبيل موعد الاحتفال بنحو 48 ساعة، وراجع فيه كل الترتيبات. أما على صعيد مكان الاحتفال نفسه، فلم يسجل أي خرق أو إشكال في وصول الوفود الدولية والشخصيات المهمة، في وقت كانت فيه القوات المسلحة قد عززت إجراءاتها شرق القناة، وهي المنطقة التي شهدت انتشاراً مكثفاً للمجموعات القتالية التابعة للجيش الثاني الميداني الجاهزة للتعامل مع التهديدات المحتملة. في الوقت نفسه، عمل الجيش الثالث الميداني على تأمين المجرى الملاحي للقناة نفسها، فضلا عن تمشيط الدروب الجبلية والمناطق الصحراوية بدءا من وسط وجنوب سيناء حتى مكان الحفل. كما لم يخلُ المكان من فرق التأمين الطبي ووحدات الإسعاف الطائرة.

  • فريق ماسة
  • 2015-08-06
  • 13415
  • من الأرشيف

«حفل السويس»... كما أراده السيسي

حفل افتتاح «قناة» السويس الجديدة، في محافظة الإسماعيلية شمال شرق القاهرة، خرج «أسطورياً» كما أراد له الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. فالاحتفال الذي انطلق قبل الثانية ظهراً بقليل، أي في اللحظة نفسها التي انطلقت فيها الطائرات الحربية لتحرير سيناء (حرب 6 أكتوبر 1973) من الاحتلال الإسرائيلي، شهد مراعاة السيسي لعدة اعتبارات اجتماعية وإنسانية لإظهاره قائدا وزعيما شعبيا. ارتدى الرئيس الزي العسكري برتبة المشير التي تقاعد بها، وهي أعلى رتبة عسكرية، كما حرص على إظهار رشاقة الاحتفاظ بلياقته البدنية عبر القفز من سلم مركب المحروسة بعد استقرارها على شاطئ القناة، لتكون أول سفينة تبحر رسمياً في القناة الجديدة، مع أنها لم تكن المرة الأولى التي يحرص فيها على إظهار رشاقته، فهو سبق أن شارك خلال توليه وزارة الدفاع في تدريبات القفز العسكرية. واصطحب السيسي الطفل أحمد ياسر وهو أحد المرضى بالسرطان الذين التقاهم في رئاسة الجمهورية العام الماضي ليرافقه على يخت المحروسة حاملاً العلم المصري، فيما ظهر لافتاً حرصه على الاهتمام بوجود ممثلي الشعب في الحفل والتواصل معهم. وفي ظهور نادر لعائلة السيسي، جرى تخصيص يمين المنصة في الصف الأول من الاحتفال وفيها زوجته وأولاده وزوجاتهم، بينما جلست زوجته انتصار بجوار قرينة الرئيس الراحل أنور السادات، فيما خصصت مقاعد لأبناء الرئيسين عبد الناصر والسادات، علما بأنه لم توجه الدعوة إلى أي من أبناء مبارك لحضور الحفل. وبرغم حالة الغضب التي سيطرت على بعض الفنانين والشخصيات السياسية بسبب تجاهل دعوتهم إلى حضور حفل الافتتاح، شارك المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي في الحفل، بل أثنى على تحقيق المشروع في الموعد المحدد. وكان يفترض أن يعقد السيسي جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، لمناقشة عدد من القضايا المشتركة بالإضافة إلى جلسة مماثلة مع رئيس وزراء اليونان، ألكسيس تسيبراس، ولكنه على الأقل حرص على الاحتفاء بالزيارة الأولى للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، فيما رافقت قوات تأمين مشددة موكبه. ولم يحضر ممثلون عن إسرائيل وإيران، اللتين لم توجه إليهما دعوة رسمية لحضور حفل الافتتاح، وكذلك تركيا، التي تواصل مواقفها العدائية اتجاه مصر، فيما شارك ممثلون على مستوى رفيع من عدة دول، منها صربيا التي ترأس وفدها النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية، وكذلك وزيرا خارجية مالطا وكرواتيا، والمبعوث الشخصي للرئيس الأندونيسي. وبخلاف المتوقع، لم يعلن السيسي أي مشروعات قومية جديدة محددة بجدول زمني على غرار مشروع القناة الجديدة الذي نفذ خلال عام، وفي المقابل أكد البدء اعتباراً من اليوم الجمعة في تنفيذ مخطط محور تنمية قناة السويس الذي جرى اعتماده بالفعل. في هذا السياق، أعلن وزير الاستثمار، أشرف سالمان، أن من المقرر طرح 45 مشروعا اقتصادياً خلال الأيام المقبلة من بينها مشروعات في مجالات تكرير ومصافي البترول وتحلية المياه، مشيراً إلى أن الحكومة بصدد الإعلان عن تخصيص منطقة صناعية لرجال الأعمال السعوديين. وأكد سالمان البدء في إنشاء ثلاثة أنفاق للربط بين ضفتي القناة الشرقية والغربية بالإضافة إلى طرح إنشاء منطقتي تجارة في محافظتي الإسماعيلية والسويس للتنمية السياحية والعمرانية، فضلاً عن مشروعات للصناعات الغذائية والسمكية ومصنع للبتروكيماويات، كما لفت إلى أن «إجمالي الاستثمارات المتوقعة في محور إقليم قناة السويس سيصل إلى 100 مليار دولار خلال سبع سنوات». في الجانب الأمني، فقد انتهى الحفل بسلام، ودون وقوع أي منغصات، بل يمكن القول باطمئنان، إن قوات الجيش والشرطة نجحت في ضبط الأمن ومنع أي جماعات مسلحة من تحقيق مرادها في تخريب الاحتفال، أو تكرار مشهد أنور السادات. وهي كانت سابقاً قد وضعت محافظات مصر جميعها تحت القبضة الأمنية لمدة تزيد على 72 ساعة حتى نهاية الاحتفال. ووفق الأرقام، فإنه شارك في الاحتفالية قرابة خمسة آلاف شخص من أبناء المحافظات المختلفة الذين حضروا بأزيائهم الوطنية، وخاصة أبناء القبائل في بادية سيناء ومطروح والبحر الأحمر والصعيد والنوبة، ولوحظ أنه استبعدت قبيل الاحتفال بساعات القيادات التنفيذية في جميع المحافظات من الحضور، كما اقتصر الحضور الإعلامي على رؤساء تحرير الصحف والمواقع، إضافة إلى الإعلاميين من مقدمي برامج «التوك شو» ومندوبي الصحف في رئاسة الجمهورية، وأعضاء المركز الصحافي للمراسلين الأجانب. أما باقي المحافظات، فإنها شهدت كلها تكثيفاً أمنياً بعد عسكرة مداخلها ومخارجها، وتكثيف القوات والآليات ومضاعفة الحواجز الأمنية الثابتة والمتحركة، ونقاط الارتكاز بالقرب من المؤسسات الأمنية والحكومية، وذلك تحت مظلة جوية من طائرات الاستطلاع التي واصلت التحليق طوال ساعات الليل والنهار. وفق مصادر أمنية، فإن وزارة الداخلية وضعت خطة محكمة بالتعاون مع قيادات مديريات الأمن في المحافظات، وعملت على تكثيف الدوريات الراجلة والمتحركة وتوسيع دائرة الاشتباه، بالإضافة إلى حصر مداخل ومخارج المحافظات في مخرج ومدخل واحد فقط. حتى إن خطة تأمين قناة السويس خضعت لمتابعة حثيثة وشخصية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد انعقاد مجلس الدفاع الوطني الذى ترأسه بنفسه، قبيل موعد الاحتفال بنحو 48 ساعة، وراجع فيه كل الترتيبات. أما على صعيد مكان الاحتفال نفسه، فلم يسجل أي خرق أو إشكال في وصول الوفود الدولية والشخصيات المهمة، في وقت كانت فيه القوات المسلحة قد عززت إجراءاتها شرق القناة، وهي المنطقة التي شهدت انتشاراً مكثفاً للمجموعات القتالية التابعة للجيش الثاني الميداني الجاهزة للتعامل مع التهديدات المحتملة. في الوقت نفسه، عمل الجيش الثالث الميداني على تأمين المجرى الملاحي للقناة نفسها، فضلا عن تمشيط الدروب الجبلية والمناطق الصحراوية بدءا من وسط وجنوب سيناء حتى مكان الحفل. كما لم يخلُ المكان من فرق التأمين الطبي ووحدات الإسعاف الطائرة.

المصدر : الأخبار/ أحمد جمال الدين، محمد سالم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة