التقيتها أول مرة بداية عام 2009 يوم انضممت إلى فريق مكتبها، آنذاك لم أكن أعلم عنها الكثير، أراها كما عرفها أغلبنا سيدة جميلة مثقفة تزوجت الرئيس الأسد وأصبحت السيدة الأولى. اعتقدت أننا سنعمل على نشاطاتها الاجتماعية ومواعيدها وحسب، وأنها كما الكثير من السيدات الأول التي نتابعهن بالمجلات، تعيش حياة النجوم.. كنت مخطئة!

معها ذهبنا إلى كل بقعة في سورية، زرنا الكثير من القرى، علّمتنا أن الوطن هو أبعد بكثير من حيّنا ومجتمعنا فقط، وأن الناس ليسوا فقط من هم في محيطنا وشارعنا، علّمتنا أننا لا شيء مقابل من في تلك القرى وأنهم هم الأولوية، فكان مشروع الصناديق الدوارة، والتنمية الريفية، وتمكين المرأة، التي غيّرت بحياة الكثير، أمثلة كثيرة تراودني فمنهن من اشترى آلات للحياكة، ومنهن من فتح دكان، أذكر سيدة تدعى صباح انتقلت من العوز إلى أفضل من يصنع جبنة الموتزريلا ويصدّرها. هذه السيدة ذهبت إلى إيطاليا مرات عدة وشاركت بفعاليات كثيرة.

نعمل في الأعياد، فحتى لو كانت مع أسرتها في حلب، أو اللاذقية، أو أي محافظة أخرى، فإنها ستجد الوقت لتلتقي الجمعيات والمبادرات والأفراد، دعمت الحرف اليدوية، وشجعت على تطويرها، أناس كثر أسسوا مشاريعهم بدعم مباشر منها، سوق الحرف اليدوية التي كانت قيد الترميم في حلب كان من اهتماماتها. وحتى اليوم يمكنكم زيارة السورية للحرف اليدوية في التكية السليمانية في دمشق، التي وعلى سبيل الذكر ستجدون محل لصناعة النول اليدوي، في هذا المحل هناك شاب يدعى أحمد، أصبح حرفياً متمكناً على هذه الآلة بعد أن طلب عملاً من سيادتها قال لها: أنا أحب العمل اليدوي. وبما أنه من أبناء مجمّع لحن الحياة، المجمّع الذي تُعنى به بشكل مقرب جداً شاورت إدارته، وتم تدريبه وتوظيفه. المجمّع هو للأطفال مجهولي النسب، نعم هؤلاء الذي يعايرهم الناس، الذين لم يرحمهم المجتمع، يعيشون، يتعلمون يتفوقون ويعملون، وتعرفهم طفلاً طفلاً، ابتسامتها منذ أيام لا توصف عندما علمت أن كل طلاب الثانوية العامة في المجمّع نجحوا.

زرت بيوتاً كثيرة خلال عملي لديها، فكنت أوصل المعونات والمساعدات والهدايا، أدخل بيوت من يطرقُ بابها، أو من نسمع عنه، فأمهات التوائم الثلاث كان لهن علاقة وثيقة معها، ترسل لهم ما يساعدهم وتعايدهم في أعيادهم، نزورهم لأنها لا تقبل إلا أن نكون لائقين وعلى قدر كبير من الاحترام للجميع، فمن غير المقبول لديها أن نرسل الهدية مع سائق والسلام. أمهات كتهاني وغيرها اليوم سيقرأن ما كتبت وسيعلمن بأنني أقصدهن.

زيارات ميدانية مُفاجئة لمشافي، لدور مسنين، ولسجون الأحداث ….، وبعد كل زيارة هناك انقلاب في وضع المكان، ملاحظات للتطوير تُعطى ورقابة على العمل، لا أقصد أن كل الأماكن التي زارتها تحسّن واقعها، فبعض الأماكن لا ترضى التغيير، وبعضهم تحسن لفترة وعاد لسابق حاله، وبعضهم فاق التوقعات بمدى التطور الذي حققه، تمد يد العون نعم، تتابع نعم، ولكنها تؤمن أن على الجميع العمل، وليس بالإمكان أن نقوم بواجبات الجميع.

دلال من الحسكة فتاة كفيفة، تفوقت في الثانوية العامة، والتقت بالسيدة الأولى في تموز 2010 ومنذ ذلك الوقت اعتنت السيدة الأولى بكل تفاصيل حياة دلال لضمان تعليمها، أذكر أننا طلبنا من أساتذة جامعتها الجلوس معها بعد المحاضرة لتمكين ما لم تفهمه.

أبناء عائلة الحموي الحاصلين على جوائز براءة اختراع، أبناء عائلة الدقاق المخترعين وغيرهم الكثير واكبتهم ودعمتهم ليستمروا بتحصيل المراتب العالية في مسابقات دولية ومحلية.

خولة الطفلة الصغيرة التي اغتُصبت في حلب والتي زارها السيد الرئيس والسيدة الأولى لم تتوقف قصتها عند الزيارة، بل استمرت لسنوات عملياتها وعلاجها ومواعيد سفرها وأهلها إلى الخارج للعلاج، كان على أجندة المواعيد الخاصة.

رمضان كان بالنسبة لنا معسكرا، كل يوم فيه زيارة أو اثنتان على أقل تقدير، عين عرب، أبو قلقل، قرية شباط، … والكثير من المناطق التي كنا نزورها، نخرج من بيوتنا عند الخامسة صباحاً متجهين إلى تلك الأماكن، تستمع إلى الناس، المطالب الجماعية التحسينية من الناحية الخدمية أو التنموية كانت من أولوياتها، رغم صيامها ورغم الحر لم تهدأ، وأنا التي لم أكن أغلب الوقت أقدر على الصيام في تلك الرحلات، كنت استغرب قدرتها وصبرها، فبعد العودة علينا أن نقوم بتفريغ كل الطلبات ليتم متابعتها فوراً، فلا نوم ولا راحة.

بالحديث عن الخامسة صباحاً، إن كان البعض ممن التقت بهم عند الساعة السابعة صباحاً يقرأ ما كتبته الآن فسيبتسم بالتأكيد، عندما كنا نتصل بأحد الضيوف لنحدد الموعد كان يسود صمت بعد أن نتفوه بجملة: موعدكم عند الساعة السابعة صباحاً، فنكرر له الجملة لمعرفتنا بأن صمته ما هو إلا شك بسمعه، فنؤكد له بأن ما سمعه صحيح!

كفريق لها نسعد عند بدء المدارس، لأن هذا يعني أنها ستنشغل صباحاً بتجهيز أولادها وإيصالهم إلى مدرستهم، نعم فهي توصلهم بنفسها كل يوم، بالتالي عملنا يبدأ عند الثامنة والربع صباحاً. ولطالما فرحنا بأوقات امتحاناتهم لأن هذا سيعني أنها ستكون معهم تقوم بتدريسهم أغلب الوقت. أما في الصيف وعند إغلاق المدارس فمواعيدها تبدأ عند السابعة صباحاً، رحمة منها لنا، كونها تستيقظ أبكر من ذلك بكثير!

سيدات ووفود يحضرن للقائها مصرةً ألا يخرجن من اللقاء دون منتج يُبنى عليه في الوقت اللاحق، ستذكرني سيدات وفد حماه جيداً عندما امتد لقائهن لأكثر من سبع ساعات متواصلة، وسيدات ريف دمشق وغيرهن الكثيرات.

سيحكي لكم الكثير ممن نزحوا عن مساعدات وصلت دون أن يعرفوا ممن هي، سيحكي لكم الكثير من المصابين جراء القذائف عن فريقها ووجوده في المشفى وتواصله الدائم للاطمئنان، سيحكي لكم أهالي الكثير من الطلاب عن اطمئنانها على امتحانات وأحوال أبنائهم، سيحكي لكم أهالي الطلاب زملاء أولادها في المدرسة عن علاقتها بهم كأم زميل ابنهم وليس كسيدة أولى، فزوجة الناطور التي يجلس ابنها مع أولاد السيدة الأولى في الصف يمكنها أن تحدثكم عن لقاءاتها بها وعن سكبة رمضان التي يتبادلنها، فالجيران و الأصدقاء يتبادلون سكبة رمضان مع جارهم منزل الرئيس!

منذ بداية الحرب بدأت تلتقي بذوي الشهداء، وكنت آنذاك أعمل على هذا الملف، تجلس لساعة وأكثر مع كل عائلة تستمع وتلبي، وتتابع، ساعة لا تنتهي إلا عندما ينهي اللقاء أهل الشهيد أنفسهم، فهم أهل البيت ولن نبارح أماكننا طالما هم جالسون معنا. عندما سلمت الملف لزميل لي بعد سنة ونصف، كنت قد شاركتها لقاء 1700عائلة شهيد، “هم ليسوا أرقاماً” قالت لي في مرة من المرات التي قصّرت فيها بمتابعة طلب من طلباتهم، واستمرت باللقاءات وهي تأمل كل يوم أن تنتهي الحرب وألا تزداد قوائم الشهداء، شاهدتها تطعم أولاد شهيد، شاهدتها تهامسهم عندما أرادوا البوح بسر لها، شاهدتها تعطي القوة لمن ضعف منهم، وشاهدت دموعها ودموعهم، في مرة من المرات كانت متوترة قبل لقاء أم فقدت ثلاثة أبناء، كيف سنستقبلها وماذا سنقول لأم بهذا العطاء وهذا الفقدان؟، وصلت الأم تلبس على اكتافها شارات رتب أبنائها الشهداء، الأم كانت مبتسمة تنبض بالحياة قالت: لو كان لي ابن رابع لما بخلت به على وطني.  بعد اللقاء قالت لها السيدة أسماء: أعطيتني قوة كنت ابحث عن طريقة لأعطيك إياها.

لم يغب الجريح عن تفكيرها، فبدأت بتأسيس مشاريع لهم على حسب رغبتهم، وأعلنت عن العمل هذا باستقبالها لأمهات الجرحى في عيد الأم الماضي.

نحن كفريق لها لم تنسى أبدا أعياد ميلاد أولادنا، فهي من يتذكر ويعايد، مرضت أمي منذ شهرين فلم استغرب اتصالها للاطمئنان، ولم استغرب المساعدة التي قدمتها لي في التكاليف، وهكذا الحال لكل العاملين معها.

هي ليست بمجرد سيدة أولى جميلة، هي مقاتلة .. قاتلت قبل الحرب لتحسين أوضاع الكثير، لمحو الأمية ونجحت في الكثير من المحافظات، قاتلت البيروقراطية في العمل، قاتلت الاهمال .. قاتلت للحفاظ على تراث سورية وعلى هويتها، واليوم هي مع الرئيس تقاتل ..وتحمي معنا وطناً نحبه جميعاً ..

ملخص القول أن وجودها ليس فقط بحضورها في المكان، ابحثوا جيداً وانظروا جيداً فهي كما السيد الرئيس حاضرين في كل مكان بكادرهم الذي أغلب الوقت يُؤمر بأن يُعين ويُساعد دون البوح بمن أرسلهم!!

  • فريق ماسة
  • 2015-07-10
  • 8528
  • من الأرشيف

تستيقظ قبل الخامسة صباحا ومواعيدها تبدأ بالسابعة..شهادة من أحد كوادر فريق عمل السيدة أسماء الأسد

التقيتها أول مرة بداية عام 2009 يوم انضممت إلى فريق مكتبها، آنذاك لم أكن أعلم عنها الكثير، أراها كما عرفها أغلبنا سيدة جميلة مثقفة تزوجت الرئيس الأسد وأصبحت السيدة الأولى. اعتقدت أننا سنعمل على نشاطاتها الاجتماعية ومواعيدها وحسب، وأنها كما الكثير من السيدات الأول التي نتابعهن بالمجلات، تعيش حياة النجوم.. كنت مخطئة! معها ذهبنا إلى كل بقعة في سورية، زرنا الكثير من القرى، علّمتنا أن الوطن هو أبعد بكثير من حيّنا ومجتمعنا فقط، وأن الناس ليسوا فقط من هم في محيطنا وشارعنا، علّمتنا أننا لا شيء مقابل من في تلك القرى وأنهم هم الأولوية، فكان مشروع الصناديق الدوارة، والتنمية الريفية، وتمكين المرأة، التي غيّرت بحياة الكثير، أمثلة كثيرة تراودني فمنهن من اشترى آلات للحياكة، ومنهن من فتح دكان، أذكر سيدة تدعى صباح انتقلت من العوز إلى أفضل من يصنع جبنة الموتزريلا ويصدّرها. هذه السيدة ذهبت إلى إيطاليا مرات عدة وشاركت بفعاليات كثيرة. نعمل في الأعياد، فحتى لو كانت مع أسرتها في حلب، أو اللاذقية، أو أي محافظة أخرى، فإنها ستجد الوقت لتلتقي الجمعيات والمبادرات والأفراد، دعمت الحرف اليدوية، وشجعت على تطويرها، أناس كثر أسسوا مشاريعهم بدعم مباشر منها، سوق الحرف اليدوية التي كانت قيد الترميم في حلب كان من اهتماماتها. وحتى اليوم يمكنكم زيارة السورية للحرف اليدوية في التكية السليمانية في دمشق، التي وعلى سبيل الذكر ستجدون محل لصناعة النول اليدوي، في هذا المحل هناك شاب يدعى أحمد، أصبح حرفياً متمكناً على هذه الآلة بعد أن طلب عملاً من سيادتها قال لها: أنا أحب العمل اليدوي. وبما أنه من أبناء مجمّع لحن الحياة، المجمّع الذي تُعنى به بشكل مقرب جداً شاورت إدارته، وتم تدريبه وتوظيفه. المجمّع هو للأطفال مجهولي النسب، نعم هؤلاء الذي يعايرهم الناس، الذين لم يرحمهم المجتمع، يعيشون، يتعلمون يتفوقون ويعملون، وتعرفهم طفلاً طفلاً، ابتسامتها منذ أيام لا توصف عندما علمت أن كل طلاب الثانوية العامة في المجمّع نجحوا. زرت بيوتاً كثيرة خلال عملي لديها، فكنت أوصل المعونات والمساعدات والهدايا، أدخل بيوت من يطرقُ بابها، أو من نسمع عنه، فأمهات التوائم الثلاث كان لهن علاقة وثيقة معها، ترسل لهم ما يساعدهم وتعايدهم في أعيادهم، نزورهم لأنها لا تقبل إلا أن نكون لائقين وعلى قدر كبير من الاحترام للجميع، فمن غير المقبول لديها أن نرسل الهدية مع سائق والسلام. أمهات كتهاني وغيرها اليوم سيقرأن ما كتبت وسيعلمن بأنني أقصدهن. زيارات ميدانية مُفاجئة لمشافي، لدور مسنين، ولسجون الأحداث ….، وبعد كل زيارة هناك انقلاب في وضع المكان، ملاحظات للتطوير تُعطى ورقابة على العمل، لا أقصد أن كل الأماكن التي زارتها تحسّن واقعها، فبعض الأماكن لا ترضى التغيير، وبعضهم تحسن لفترة وعاد لسابق حاله، وبعضهم فاق التوقعات بمدى التطور الذي حققه، تمد يد العون نعم، تتابع نعم، ولكنها تؤمن أن على الجميع العمل، وليس بالإمكان أن نقوم بواجبات الجميع. دلال من الحسكة فتاة كفيفة، تفوقت في الثانوية العامة، والتقت بالسيدة الأولى في تموز 2010 ومنذ ذلك الوقت اعتنت السيدة الأولى بكل تفاصيل حياة دلال لضمان تعليمها، أذكر أننا طلبنا من أساتذة جامعتها الجلوس معها بعد المحاضرة لتمكين ما لم تفهمه. أبناء عائلة الحموي الحاصلين على جوائز براءة اختراع، أبناء عائلة الدقاق المخترعين وغيرهم الكثير واكبتهم ودعمتهم ليستمروا بتحصيل المراتب العالية في مسابقات دولية ومحلية. خولة الطفلة الصغيرة التي اغتُصبت في حلب والتي زارها السيد الرئيس والسيدة الأولى لم تتوقف قصتها عند الزيارة، بل استمرت لسنوات عملياتها وعلاجها ومواعيد سفرها وأهلها إلى الخارج للعلاج، كان على أجندة المواعيد الخاصة. رمضان كان بالنسبة لنا معسكرا، كل يوم فيه زيارة أو اثنتان على أقل تقدير، عين عرب، أبو قلقل، قرية شباط، … والكثير من المناطق التي كنا نزورها، نخرج من بيوتنا عند الخامسة صباحاً متجهين إلى تلك الأماكن، تستمع إلى الناس، المطالب الجماعية التحسينية من الناحية الخدمية أو التنموية كانت من أولوياتها، رغم صيامها ورغم الحر لم تهدأ، وأنا التي لم أكن أغلب الوقت أقدر على الصيام في تلك الرحلات، كنت استغرب قدرتها وصبرها، فبعد العودة علينا أن نقوم بتفريغ كل الطلبات ليتم متابعتها فوراً، فلا نوم ولا راحة. بالحديث عن الخامسة صباحاً، إن كان البعض ممن التقت بهم عند الساعة السابعة صباحاً يقرأ ما كتبته الآن فسيبتسم بالتأكيد، عندما كنا نتصل بأحد الضيوف لنحدد الموعد كان يسود صمت بعد أن نتفوه بجملة: موعدكم عند الساعة السابعة صباحاً، فنكرر له الجملة لمعرفتنا بأن صمته ما هو إلا شك بسمعه، فنؤكد له بأن ما سمعه صحيح! كفريق لها نسعد عند بدء المدارس، لأن هذا يعني أنها ستنشغل صباحاً بتجهيز أولادها وإيصالهم إلى مدرستهم، نعم فهي توصلهم بنفسها كل يوم، بالتالي عملنا يبدأ عند الثامنة والربع صباحاً. ولطالما فرحنا بأوقات امتحاناتهم لأن هذا سيعني أنها ستكون معهم تقوم بتدريسهم أغلب الوقت. أما في الصيف وعند إغلاق المدارس فمواعيدها تبدأ عند السابعة صباحاً، رحمة منها لنا، كونها تستيقظ أبكر من ذلك بكثير! سيدات ووفود يحضرن للقائها مصرةً ألا يخرجن من اللقاء دون منتج يُبنى عليه في الوقت اللاحق، ستذكرني سيدات وفد حماه جيداً عندما امتد لقائهن لأكثر من سبع ساعات متواصلة، وسيدات ريف دمشق وغيرهن الكثيرات. سيحكي لكم الكثير ممن نزحوا عن مساعدات وصلت دون أن يعرفوا ممن هي، سيحكي لكم الكثير من المصابين جراء القذائف عن فريقها ووجوده في المشفى وتواصله الدائم للاطمئنان، سيحكي لكم أهالي الكثير من الطلاب عن اطمئنانها على امتحانات وأحوال أبنائهم، سيحكي لكم أهالي الطلاب زملاء أولادها في المدرسة عن علاقتها بهم كأم زميل ابنهم وليس كسيدة أولى، فزوجة الناطور التي يجلس ابنها مع أولاد السيدة الأولى في الصف يمكنها أن تحدثكم عن لقاءاتها بها وعن سكبة رمضان التي يتبادلنها، فالجيران و الأصدقاء يتبادلون سكبة رمضان مع جارهم منزل الرئيس! منذ بداية الحرب بدأت تلتقي بذوي الشهداء، وكنت آنذاك أعمل على هذا الملف، تجلس لساعة وأكثر مع كل عائلة تستمع وتلبي، وتتابع، ساعة لا تنتهي إلا عندما ينهي اللقاء أهل الشهيد أنفسهم، فهم أهل البيت ولن نبارح أماكننا طالما هم جالسون معنا. عندما سلمت الملف لزميل لي بعد سنة ونصف، كنت قد شاركتها لقاء 1700عائلة شهيد، “هم ليسوا أرقاماً” قالت لي في مرة من المرات التي قصّرت فيها بمتابعة طلب من طلباتهم، واستمرت باللقاءات وهي تأمل كل يوم أن تنتهي الحرب وألا تزداد قوائم الشهداء، شاهدتها تطعم أولاد شهيد، شاهدتها تهامسهم عندما أرادوا البوح بسر لها، شاهدتها تعطي القوة لمن ضعف منهم، وشاهدت دموعها ودموعهم، في مرة من المرات كانت متوترة قبل لقاء أم فقدت ثلاثة أبناء، كيف سنستقبلها وماذا سنقول لأم بهذا العطاء وهذا الفقدان؟، وصلت الأم تلبس على اكتافها شارات رتب أبنائها الشهداء، الأم كانت مبتسمة تنبض بالحياة قالت: لو كان لي ابن رابع لما بخلت به على وطني.  بعد اللقاء قالت لها السيدة أسماء: أعطيتني قوة كنت ابحث عن طريقة لأعطيك إياها. لم يغب الجريح عن تفكيرها، فبدأت بتأسيس مشاريع لهم على حسب رغبتهم، وأعلنت عن العمل هذا باستقبالها لأمهات الجرحى في عيد الأم الماضي. نحن كفريق لها لم تنسى أبدا أعياد ميلاد أولادنا، فهي من يتذكر ويعايد، مرضت أمي منذ شهرين فلم استغرب اتصالها للاطمئنان، ولم استغرب المساعدة التي قدمتها لي في التكاليف، وهكذا الحال لكل العاملين معها. هي ليست بمجرد سيدة أولى جميلة، هي مقاتلة .. قاتلت قبل الحرب لتحسين أوضاع الكثير، لمحو الأمية ونجحت في الكثير من المحافظات، قاتلت البيروقراطية في العمل، قاتلت الاهمال .. قاتلت للحفاظ على تراث سورية وعلى هويتها، واليوم هي مع الرئيس تقاتل ..وتحمي معنا وطناً نحبه جميعاً .. ملخص القول أن وجودها ليس فقط بحضورها في المكان، ابحثوا جيداً وانظروا جيداً فهي كما السيد الرئيس حاضرين في كل مكان بكادرهم الذي أغلب الوقت يُؤمر بأن يُعين ويُساعد دون البوح بمن أرسلهم!!

المصدر : دمشق الآن / همسة القصير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة