نجح المخططون الأميركيون في السنوات الأخيرة في تنفيذ عمليات تدخل واسعة النطاق خلفت ازمات متفجرة وساحات مشتعلة عبر العالم دون كلفة تذكر ماليا او بشريا بعد انتكاس استراتيجية بوش للحروب الوقائية التي شنتها الولايات المتحدة بجيوشها وأساطيلها وانتهت إلى خيبة وفشل كبيرين وما زالت تكاليفها وآثارها في الاقتصاد الأميركي مستمرة تراكم تريليونات الدولارات من الخسائر والأرباح الفائتة وفقا لجداول الخبراء الاقتصاديين المتداولة.

في حروب أوباما يسند عبء التمويل على الحلفاء المستفيدين من التدخل الأميركي عبر استراتيجية الحروب غير المباشرة التي اطلقها الجنرال ديفيد بيترايوس وجندت لها حكومات وقدرات هائلة وجيوش من الإرهابيين والمرتزقة وفقا لعقيدة القيادة من الخلف بحيث تتحكم واشنطن بخيوط اللعبة وتحتوي فشلها المتراكم لتحمي نفوذها وتحقق غايتها الذهبية للقرن الواحد والعشرين أي منع قيام ونهوض قوى عالمية منافسة للإمبراطورية الأميركية وقطع الطريق على أي محاولة او طموح لإعادة رسم العلاقات الدولية ومنظمة الأمم المتحدة على أسس جديدة تمحو آثار ونتائج مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي التي سميت بحق مرحلة الهيمنة الأحادية الأميركية.

الحرب بالواسطة تختبر على نطاق واسع في المنطقة العربية منذ انطلاق العدوان الاستعماري على سوريا بقيادة اميركية وجماعات الإرهاب التكفيري التي تشكل أداتها المركزية ليست ظاهرة عابرة أومجرد قوة عمياء فقد تم إطلاقها وتحريكها لتدمير النسيج الاجتماعي العربي ولإشعال حروب دموية وعمليات اقتلاع جماعي للملايين الذين تحولوا إلى عبيد في سوق العمالة السوداء في دول العالم والمنطقة وحولت معهم عشرات آلاف النساء إلى احتياط في جيش الرقيق الأبيض الذي تستكمله أسواق السبايا الداعشية بينما يتواصل النهب اللصوصي لكميات غير بسيطة من النفط والكنوز الأثرية في سوريا والعراق خصوصا بالشراكة بين داعش وتركيا وإسرائيل والولايات المتحدة.

الحروب الممتدة من سوريا والعراق واليمن إلى مصر وليبيا مخططة لتدوم اطول فترة ممكنة من الزمن ووحش التكفير الدموي الذي اختبر في سوريا وأفغانستان قبل ثلاثين عاما تم العمل على تطوير بنيانه المعقد وتركيبته العقائدية والسياسية والتنظيمية قبل إعادة إطلاقه بدءا من ليبيا تحت رعاية حلف الناتو ومن الواضح ان الإدارة الأميركية تراهن على الانتقال به إلى وسط آسيا لاستنزاف ولتطويع روسيا والصين بالتزامن مع إدامة نزف الجرح الأوكراني المفتوح وتصعيد الشحن العدائي ضد موسكو وقيادتها في الفناء الأوروبي المنصاع والتابع بكل طواعية في حين يستمر الحشد لتصعيد المواجهة ضد الصين بالشراكة مع اليابان والفيلبين في بحر الصين الجنوبي العائم على ثروة قياسية من النفط والغاز ولنتذكر الغاية المركزية للولايات المتحدة دائما ومع كل بادرة او موقف او تصريح يصدر من واشنطن : منع نهوض قوة عالمية منافسة أي قوة منافسة ولذلك فالسعي لاستنزاف إيران بوسائل القوة الناعمة سوف يكون اخطر وادهى بعد توقيع التفاهم النووي وثمة خطط توضع من الآن بدافع الاختراق والتطويع الباردين.

في سوريا والعراق واليمن رهانات على الاستنزاف لعرقلة مشروع التكتل الإقليمي الذي قد يجمع إيران وهذه الدول وحيث التدخل الأميركي يصعد الاستنزاف الاقتصادي والسياسي والبشري لاعتراض حركة نهوض تشمل ثلاث دول عربية تتميز بحيوية تاريخية وبمواقع استراتيجية مهمة وتحوز قدرات وإمكانات هائلة لو توحدت وتحررت من حلقة الاستنزاف لتحولت إلى قوة استقطاب وتغيير جذرية في الواقع العربي برمته.

على هذا النحو تقيم حروب التدمير والتوحش حزام أمان لإسرائيل يتيح لها خلال السنوات القادمة مزيدا من العلاقات العلنية مع المملكة السعودية وحكومات عربية اخرى تحت ستار العداء لإيران التي يذهب الأميركيون إلى جبرية الاعتراف بقوتها ويشدون حزام التحريم على الحكومات التابعة التي أسندوا إليها وظائف العداء لإيران منذ انتصار الثورة بينما تدفع حكومتا تركيا وقطر بمشروع هدنة بين إسرائيل وقيادة حماس في قطاع غزة تدوم لسنوات غايتها إراحة الكيان الصهيوني ليصب جهوده في الاستيطان وللمضي قدما في تكوين الدولة اليهودية المنشودة باعتراف عربي قد ينسحب بقوة المال والتدبير السعودي التركي على المقلب الفلسطيني.

غايات حروب التوحش أميركية وصهيونية مباشرة وهي حقيقة لم تكن بحاجة إلى قرينة الدعم الإسرائيلي الصريح لعصابات جبهة النصرة القاعدية او لوقائع التورط الأخواني العثماني السعودي في استهداف سوريا لضرب محور المقاومة.

  • فريق ماسة
  • 2015-06-28
  • 13657
  • من الأرشيف

حروب التوحّش الأميركيّة

نجح المخططون الأميركيون في السنوات الأخيرة في تنفيذ عمليات تدخل واسعة النطاق خلفت ازمات متفجرة وساحات مشتعلة عبر العالم دون كلفة تذكر ماليا او بشريا بعد انتكاس استراتيجية بوش للحروب الوقائية التي شنتها الولايات المتحدة بجيوشها وأساطيلها وانتهت إلى خيبة وفشل كبيرين وما زالت تكاليفها وآثارها في الاقتصاد الأميركي مستمرة تراكم تريليونات الدولارات من الخسائر والأرباح الفائتة وفقا لجداول الخبراء الاقتصاديين المتداولة. في حروب أوباما يسند عبء التمويل على الحلفاء المستفيدين من التدخل الأميركي عبر استراتيجية الحروب غير المباشرة التي اطلقها الجنرال ديفيد بيترايوس وجندت لها حكومات وقدرات هائلة وجيوش من الإرهابيين والمرتزقة وفقا لعقيدة القيادة من الخلف بحيث تتحكم واشنطن بخيوط اللعبة وتحتوي فشلها المتراكم لتحمي نفوذها وتحقق غايتها الذهبية للقرن الواحد والعشرين أي منع قيام ونهوض قوى عالمية منافسة للإمبراطورية الأميركية وقطع الطريق على أي محاولة او طموح لإعادة رسم العلاقات الدولية ومنظمة الأمم المتحدة على أسس جديدة تمحو آثار ونتائج مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي التي سميت بحق مرحلة الهيمنة الأحادية الأميركية. الحرب بالواسطة تختبر على نطاق واسع في المنطقة العربية منذ انطلاق العدوان الاستعماري على سوريا بقيادة اميركية وجماعات الإرهاب التكفيري التي تشكل أداتها المركزية ليست ظاهرة عابرة أومجرد قوة عمياء فقد تم إطلاقها وتحريكها لتدمير النسيج الاجتماعي العربي ولإشعال حروب دموية وعمليات اقتلاع جماعي للملايين الذين تحولوا إلى عبيد في سوق العمالة السوداء في دول العالم والمنطقة وحولت معهم عشرات آلاف النساء إلى احتياط في جيش الرقيق الأبيض الذي تستكمله أسواق السبايا الداعشية بينما يتواصل النهب اللصوصي لكميات غير بسيطة من النفط والكنوز الأثرية في سوريا والعراق خصوصا بالشراكة بين داعش وتركيا وإسرائيل والولايات المتحدة. الحروب الممتدة من سوريا والعراق واليمن إلى مصر وليبيا مخططة لتدوم اطول فترة ممكنة من الزمن ووحش التكفير الدموي الذي اختبر في سوريا وأفغانستان قبل ثلاثين عاما تم العمل على تطوير بنيانه المعقد وتركيبته العقائدية والسياسية والتنظيمية قبل إعادة إطلاقه بدءا من ليبيا تحت رعاية حلف الناتو ومن الواضح ان الإدارة الأميركية تراهن على الانتقال به إلى وسط آسيا لاستنزاف ولتطويع روسيا والصين بالتزامن مع إدامة نزف الجرح الأوكراني المفتوح وتصعيد الشحن العدائي ضد موسكو وقيادتها في الفناء الأوروبي المنصاع والتابع بكل طواعية في حين يستمر الحشد لتصعيد المواجهة ضد الصين بالشراكة مع اليابان والفيلبين في بحر الصين الجنوبي العائم على ثروة قياسية من النفط والغاز ولنتذكر الغاية المركزية للولايات المتحدة دائما ومع كل بادرة او موقف او تصريح يصدر من واشنطن : منع نهوض قوة عالمية منافسة أي قوة منافسة ولذلك فالسعي لاستنزاف إيران بوسائل القوة الناعمة سوف يكون اخطر وادهى بعد توقيع التفاهم النووي وثمة خطط توضع من الآن بدافع الاختراق والتطويع الباردين. في سوريا والعراق واليمن رهانات على الاستنزاف لعرقلة مشروع التكتل الإقليمي الذي قد يجمع إيران وهذه الدول وحيث التدخل الأميركي يصعد الاستنزاف الاقتصادي والسياسي والبشري لاعتراض حركة نهوض تشمل ثلاث دول عربية تتميز بحيوية تاريخية وبمواقع استراتيجية مهمة وتحوز قدرات وإمكانات هائلة لو توحدت وتحررت من حلقة الاستنزاف لتحولت إلى قوة استقطاب وتغيير جذرية في الواقع العربي برمته. على هذا النحو تقيم حروب التدمير والتوحش حزام أمان لإسرائيل يتيح لها خلال السنوات القادمة مزيدا من العلاقات العلنية مع المملكة السعودية وحكومات عربية اخرى تحت ستار العداء لإيران التي يذهب الأميركيون إلى جبرية الاعتراف بقوتها ويشدون حزام التحريم على الحكومات التابعة التي أسندوا إليها وظائف العداء لإيران منذ انتصار الثورة بينما تدفع حكومتا تركيا وقطر بمشروع هدنة بين إسرائيل وقيادة حماس في قطاع غزة تدوم لسنوات غايتها إراحة الكيان الصهيوني ليصب جهوده في الاستيطان وللمضي قدما في تكوين الدولة اليهودية المنشودة باعتراف عربي قد ينسحب بقوة المال والتدبير السعودي التركي على المقلب الفلسطيني. غايات حروب التوحش أميركية وصهيونية مباشرة وهي حقيقة لم تكن بحاجة إلى قرينة الدعم الإسرائيلي الصريح لعصابات جبهة النصرة القاعدية او لوقائع التورط الأخواني العثماني السعودي في استهداف سوريا لضرب محور المقاومة.

المصدر : الديار/ غالب قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة