لم يعد موضوع نقاش ما إذا كان التفاوض حول الملف النووي الإيراني سينتهي في الثلاثين من الشهر الجاري، كان مفترضاً وفقاً لتفاهم التمديد للمفاوضات في نهاية تشرين الثاني من العام الماضي، لكن بات محسوماً أنّ التفاوض مستمرّ لما بعد الثلاثين من الشهر الجاري بقرار من المتفاوضين على إنهائه باتفاق يجري توقيعه في النصف الأول من شهر تموز المقبل، على قاعدة أنّ قدر الجميع هو الاتفاق وأن ما تبقى من قضايا ومواضيع لا يستحق الخلاف حوله إطاحة حجم ونوع وأهمية ما تمّ التوصل للاتفاق حوله، وأنّ بالمستطاع خلال أيام إنجاز اتفاق شامل يرضي الجميع.

روسيا والصين تحثان الفريقين الإيراني من جهة، والدول الغربية الأربعة من جهة أخرى، على تخطي نقاط الخلاف والسعي للبحث عن حلول وسطية، خصوصاً بالنسبة للقضايا التي لم ترد في الاتفاق الإطار، وتحادث وزير الخارجية الروسي ونائب وزير الخارجية الصيني مع وزراء خارجية أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بمبرّرات تأييدهما للتململ الإيراني من كون القضايا العالقة تتصل بأمرين، واحد هو كلّ موجبات الغرب بموجب أيّ اتفاق وموضوعه رفع الحظر وإلغاء العقوبات، والأمر الثاني هو قضايا طرحها المفاوضون الغربيون بعد اكتمال صياغة المحاور التي نص الاتفاق الإطار الموقع بين الأطراف نهاية شهر آذار الماضي باعتبارها محاور الاتفاق النهائي، ولم يرد ذكر أيّ منها في اتفاق الإطار، وعندما صار واجب الفريق الغربي إنهاء التفاهم على رفع العقوبات ليفاجئ المفاوض الإيراني ببنود جديدة، ما يستدعي من أصحابها التنبّه إلى كونهم يتحمّلون مسؤولية العرقلة والتأخير بطرحها، لأنّ التسليم باعتبارها أولويات يستدعي إما اعتبار المفاوض الغربي غبياً تجاهل الأولويات طوال سنوات واستفاق عليها متأخراً قبيل الانتهاء من صياغة التفاهم النهائي، أو اعتبار نية العرقلة تقف وراء اختراعها، بالتالي وضع فرضية ظهور سواها عند إنجازها وهذا ما يفسّر التصلب الإيراني بالتعامل معها، بالتالي دعوة الفريق الغربي إلى أخذ هذا الموقف في الاعتبار، لجهة السعي لقبول المشاريع التي عرضتها روسيا والصين والتي تبقي حق التفتيش لأيّ من المنشآت العسكرية الإيرانية وكذلك استجواب أيّ من العلماء الإيرانيين، رهناً بقرار يتخذ في مجلس الأمن بصدد حالة بعينها تتصل بمنشأة بعينها أو عالم بعينه بموجب شكوى للمجلس تقدّمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو أيّ من الأعضاء الدائمي العضوية في مجلس الأمن، مرفقة بطلب محدّد بما يكفي من الوقائع والوثائق التي تستدعي دراسة الطلب في مجلس الأمن واتخاذ القرار المناسب.

 

في المقابل، بدت الوفود الغربية مندفعة لبلوغ نقطة النهاية، الإيجابية، خصوصاً بعد الطريق المسدود الذي بلغته الرهانات على تغييرات ميدانية يحرزها الحلفاء بصورة خاصة في سورية، وفي ضوء الانشغال التركي بما بعد الانتخابات من جهة، وبمخاطر التوسع الكردي الاستقلالي على الحدود التركية السورية من جهة ثانية، بينما السعودية غارقة في مستنقع الفشل في حربها على اليمن ومستمرّة في عجزها عن التأقلم مع هذا الفشل والسعي للخروج بأقلّ الخسائر عبر خيار الحلّ السياسي الواقعي الذي ترسم خطوطه مبادرات المبعوث الأممي.

 

على ضفة مقابلة كانت عمليات «داعش» المنتشرة بين تونس والكويت وفرنسا، تفتح العين على أنّ الإرهاب الذي كثر الكلام عن الحرب عليه كأولوية، ويتشارك قادة الغرب في تحالف دولي لقيادة هذه الحرب، هو خطر يتعاظم، والمواجهة معه في منطقة الشرق الأوسط هي ما سيقرّر مصيره، ومصير الحرب معاً، ومصير أمن العالم، خصوصاً الدول الغربية فيه، وإيران التي يفاوضونها تستطيع وحدها مع حلفائها إذا تمّت تسوية النزاعات معها أن تفتح الباب لتحوّل نوعي في مسار هذه الحرب المتعثرة.

 

حدثان كانا على طاولة المفاوضين، وعلى هوامش فترات الاستراحة التفاوضية، ما جرى في جنوب سورية، والنتائج المفاجئة لإنجازات الجيش السوري من جهة، وأنباء عمليات «داعش» المتفرّقة وما تواتر عن كشف عمليات مشابهة كان يفترض أن تستهدف بيروت من جهة موازية.

 

في جنوب سورية أعلن ثلاثة من قادة غرفة عمليات ما سُمّي بعاصفة الجنوب استقالاتهم، بعد الفشل الذريع للهجوم الذي رصدت له إمكانات هائلة صعبة التكرار بشرياً ونارياً وسياسياً وإعلامياً واستخبارياً، وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي بيانات متبادلة بين الفصائل والقيادات المعنية مليئة بالاتهامات بالخيانة والتخاطب بلغة الشتيمة، خصوصاً بعدما توّج انتصار الجيش السوري بمنع أيّ اختراق لخطوطه الدفاعية في درعا، ونجاحه بقتل المئات من المهاجمين، بتدمير غرفة عمليات الحرب وقتل العديد من قادة «جبهة النصرة» وسواهم من المسؤولين المشاركين من مجموعات مسلحة أخرى، إضافة إلى عدد من الضباط الأردنيين والسعوديين وجنسيات أخرى لم تتحدد بدقة. وليل أمس بدأ الجيش السوري هجوماً منسّقاً للإمساك بالمناطق التي تربط محافظتي السويداء ودرعا، التي يشكل إنجازها والنجاح فيها تغييراً للخريطة العسكرية جنوب سورية، ويتيح توقعات عكسية في مسار الحرب كلها.

 

لبنانياً على رغم كثرة الهموم والاهتمامات، كان الحدث الخطير الطاغي أمس تعطيل التفجير الذي دبّره عناصر «داعش» في بيروت، ونجح الأمن العام اللبناني بإفشاله وإلقاء القبض على المتورّطين فيه، والقلق من أن يشهد لبنان محاولات جديدة مماثلة بعد الفشل في حرب القلمون في تحقيق أيّ إنجاز وتتالي انتصارات المقاومة ومقاتليها هناك، بينما كانت الاشتباكات المتجددة في مخيم عين الحلوة جنوباً تشير إلى القلق من وجود خطة للتفجير تتخذ من المخيم نقطة انطلاق، بعدما تجدّدت الاشتباكات للمرة الثالثة خلال أسبوع.

  • فريق ماسة
  • 2015-06-28
  • 12277
  • من الأرشيف

«النصرة» تفقد قادتها...الوفود المشاركة في مفاوضات النووي تبقى في فيينا حتى الاتفاق..

لم يعد موضوع نقاش ما إذا كان التفاوض حول الملف النووي الإيراني سينتهي في الثلاثين من الشهر الجاري، كان مفترضاً وفقاً لتفاهم التمديد للمفاوضات في نهاية تشرين الثاني من العام الماضي، لكن بات محسوماً أنّ التفاوض مستمرّ لما بعد الثلاثين من الشهر الجاري بقرار من المتفاوضين على إنهائه باتفاق يجري توقيعه في النصف الأول من شهر تموز المقبل، على قاعدة أنّ قدر الجميع هو الاتفاق وأن ما تبقى من قضايا ومواضيع لا يستحق الخلاف حوله إطاحة حجم ونوع وأهمية ما تمّ التوصل للاتفاق حوله، وأنّ بالمستطاع خلال أيام إنجاز اتفاق شامل يرضي الجميع. روسيا والصين تحثان الفريقين الإيراني من جهة، والدول الغربية الأربعة من جهة أخرى، على تخطي نقاط الخلاف والسعي للبحث عن حلول وسطية، خصوصاً بالنسبة للقضايا التي لم ترد في الاتفاق الإطار، وتحادث وزير الخارجية الروسي ونائب وزير الخارجية الصيني مع وزراء خارجية أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بمبرّرات تأييدهما للتململ الإيراني من كون القضايا العالقة تتصل بأمرين، واحد هو كلّ موجبات الغرب بموجب أيّ اتفاق وموضوعه رفع الحظر وإلغاء العقوبات، والأمر الثاني هو قضايا طرحها المفاوضون الغربيون بعد اكتمال صياغة المحاور التي نص الاتفاق الإطار الموقع بين الأطراف نهاية شهر آذار الماضي باعتبارها محاور الاتفاق النهائي، ولم يرد ذكر أيّ منها في اتفاق الإطار، وعندما صار واجب الفريق الغربي إنهاء التفاهم على رفع العقوبات ليفاجئ المفاوض الإيراني ببنود جديدة، ما يستدعي من أصحابها التنبّه إلى كونهم يتحمّلون مسؤولية العرقلة والتأخير بطرحها، لأنّ التسليم باعتبارها أولويات يستدعي إما اعتبار المفاوض الغربي غبياً تجاهل الأولويات طوال سنوات واستفاق عليها متأخراً قبيل الانتهاء من صياغة التفاهم النهائي، أو اعتبار نية العرقلة تقف وراء اختراعها، بالتالي وضع فرضية ظهور سواها عند إنجازها وهذا ما يفسّر التصلب الإيراني بالتعامل معها، بالتالي دعوة الفريق الغربي إلى أخذ هذا الموقف في الاعتبار، لجهة السعي لقبول المشاريع التي عرضتها روسيا والصين والتي تبقي حق التفتيش لأيّ من المنشآت العسكرية الإيرانية وكذلك استجواب أيّ من العلماء الإيرانيين، رهناً بقرار يتخذ في مجلس الأمن بصدد حالة بعينها تتصل بمنشأة بعينها أو عالم بعينه بموجب شكوى للمجلس تقدّمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو أيّ من الأعضاء الدائمي العضوية في مجلس الأمن، مرفقة بطلب محدّد بما يكفي من الوقائع والوثائق التي تستدعي دراسة الطلب في مجلس الأمن واتخاذ القرار المناسب.   في المقابل، بدت الوفود الغربية مندفعة لبلوغ نقطة النهاية، الإيجابية، خصوصاً بعد الطريق المسدود الذي بلغته الرهانات على تغييرات ميدانية يحرزها الحلفاء بصورة خاصة في سورية، وفي ضوء الانشغال التركي بما بعد الانتخابات من جهة، وبمخاطر التوسع الكردي الاستقلالي على الحدود التركية السورية من جهة ثانية، بينما السعودية غارقة في مستنقع الفشل في حربها على اليمن ومستمرّة في عجزها عن التأقلم مع هذا الفشل والسعي للخروج بأقلّ الخسائر عبر خيار الحلّ السياسي الواقعي الذي ترسم خطوطه مبادرات المبعوث الأممي.   على ضفة مقابلة كانت عمليات «داعش» المنتشرة بين تونس والكويت وفرنسا، تفتح العين على أنّ الإرهاب الذي كثر الكلام عن الحرب عليه كأولوية، ويتشارك قادة الغرب في تحالف دولي لقيادة هذه الحرب، هو خطر يتعاظم، والمواجهة معه في منطقة الشرق الأوسط هي ما سيقرّر مصيره، ومصير الحرب معاً، ومصير أمن العالم، خصوصاً الدول الغربية فيه، وإيران التي يفاوضونها تستطيع وحدها مع حلفائها إذا تمّت تسوية النزاعات معها أن تفتح الباب لتحوّل نوعي في مسار هذه الحرب المتعثرة.   حدثان كانا على طاولة المفاوضين، وعلى هوامش فترات الاستراحة التفاوضية، ما جرى في جنوب سورية، والنتائج المفاجئة لإنجازات الجيش السوري من جهة، وأنباء عمليات «داعش» المتفرّقة وما تواتر عن كشف عمليات مشابهة كان يفترض أن تستهدف بيروت من جهة موازية.   في جنوب سورية أعلن ثلاثة من قادة غرفة عمليات ما سُمّي بعاصفة الجنوب استقالاتهم، بعد الفشل الذريع للهجوم الذي رصدت له إمكانات هائلة صعبة التكرار بشرياً ونارياً وسياسياً وإعلامياً واستخبارياً، وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي بيانات متبادلة بين الفصائل والقيادات المعنية مليئة بالاتهامات بالخيانة والتخاطب بلغة الشتيمة، خصوصاً بعدما توّج انتصار الجيش السوري بمنع أيّ اختراق لخطوطه الدفاعية في درعا، ونجاحه بقتل المئات من المهاجمين، بتدمير غرفة عمليات الحرب وقتل العديد من قادة «جبهة النصرة» وسواهم من المسؤولين المشاركين من مجموعات مسلحة أخرى، إضافة إلى عدد من الضباط الأردنيين والسعوديين وجنسيات أخرى لم تتحدد بدقة. وليل أمس بدأ الجيش السوري هجوماً منسّقاً للإمساك بالمناطق التي تربط محافظتي السويداء ودرعا، التي يشكل إنجازها والنجاح فيها تغييراً للخريطة العسكرية جنوب سورية، ويتيح توقعات عكسية في مسار الحرب كلها.   لبنانياً على رغم كثرة الهموم والاهتمامات، كان الحدث الخطير الطاغي أمس تعطيل التفجير الذي دبّره عناصر «داعش» في بيروت، ونجح الأمن العام اللبناني بإفشاله وإلقاء القبض على المتورّطين فيه، والقلق من أن يشهد لبنان محاولات جديدة مماثلة بعد الفشل في حرب القلمون في تحقيق أيّ إنجاز وتتالي انتصارات المقاومة ومقاتليها هناك، بينما كانت الاشتباكات المتجددة في مخيم عين الحلوة جنوباً تشير إلى القلق من وجود خطة للتفجير تتخذ من المخيم نقطة انطلاق، بعدما تجدّدت الاشتباكات للمرة الثالثة خلال أسبوع.

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة