في يوم واحد أفردت صحيفتا «الحياة» و«الشرق الأوسط» أهمّ وأوسع صحيفتين سعوديتين في الانتشار داخل السعودية وفي الوطن العربي، افتتاحيتين لأبرز كاتبين في المملكة العربية السعودية، هما عبد الرحمن الراشد الذي شغل في فترة سابقة رئاسة تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» وإدارة «قناة العربية»، وداوود الشريان مقدّم أبرز البرامج النقدية في محطة MBC، افتتاحيتين ركزتا على مواقف «مجلس الشورى» السعودي في بعض القضايا الراهنة في المملكة.

 داوود الشريان دافع عن «مجلس الشورى» في وجه الانتقادات الموجهة له، لا سيما في قضايا لها صلة بالأوضاع الاقتصادية في المملكة، وشدّد على أنّ المشكلة ليست في «مجلس الشورى» بل في حدود الصلاحيات الممنوحة لهذا المجلس، ويقول حرفياً «إننا جميعاً صدّقنا مع الوقت، أنّ مجلس الشورى يقوم بدور رقابي وكأننا نخاطب مجلس العموم البريطاني، وهذا فيه ظلم للشورى والشوريين» ويؤكد الشريان «أنّ مجلس الشورى أصبح يشكل عبئاً إضافياً على الدورة البيروقراطية في الجهاز الحكومي» ويخلص إلى نتيجة معبّرة وذات دلالات: «الجميع يدرك أن لا دور له» أيّ لمجلس الشورى.

 بدوره عبد الرحمن الراشد شنّ هجوماً عنيفاً على مجلس الشورى لأنه صوّت ضدّ «مشروع نظام حماية الوحدة الوطنية» واتهم مجلس الشورى بأنه غير مكترث لما يحيق بالمملكة العربية السعودية من أخطار، وقال حرفياً: كيف وببساطة، وسرعة، يرفض المجلس دراسة مشروع النظام رغم الخطر الصريح والداهم جراء انتشار دعوات الطائفية والعنصرية المختلفة التي دمّرت دولاً مجاورة مثل العراق وسورية واليمن، وتنشر في فضاء المنطقة الإعلامي والديني والاجتماعي عموماً؟ والسعودية لا تعيش في فلك وحدها، بل مهدّدة بنفس الفيروسات الخطيرة، والهجمات التحريضية عليها عبر الحدود من قوى مختلفة، وبعضها ارتكب جرائم ذات أهداف طائفية في مسجدين شرق السعودية» ويخلص إلى أنّ «الذين لا يشعرون بالمشكلة، ولا يرون الخطر، لا يستحقون المكانة الكبيرة التي منحوا إياها».

 لكن هل «مجلس الشورى» السعودي هو أمّ المؤسسات في الدولة السعودية، وكيف يمكن التوفيق بين ما خلص إليه داوود الشريان من أنّ هذه المؤسسة لا دور لها، ورأيها مجرّد رأي استشاري، وبين ما خلص إليه عبد الرحمن الراشد من تحميل «مجلس الشورى» مسؤولية صدّ المخاطر التي تتهدّد السعودية وأشار إليها بنفسه؟

 لا شك أنّ هذا السجال حول «مجلس الشورى» ودوره ومسؤولياته، والاعتراف بحجم الأخطار الناجمة عن التعبئة الطائفية والمذهبية يعكس حراكاًَ سياسياً وفكرياً غير مسبوق داخل المملكة العربية السعودية، حراكاً ليس هذا السجال مظهره الوحيد، بل الهجمات الإرهابية مظهر آخر له، وردّ الفعل عبر خروج الآلاف في تشييع شهداء الدمام والقديح مظهر ثالث، ولعلّ الحرب على اليمن والمأزق الذي دخلت فيه مظهراً رابعاً، وفي كلّ الأحوال فإنّ سياسة الفوضى والاضطراب تقترب من السعودية، وبالتالي لم تعد أيّ دولة عربية قادرة على النجاة من هذا الخطر الرهيب.

  • فريق ماسة
  • 2015-06-26
  • 10229
  • من الأرشيف

ماذا يجري في المملكة السعودية؟ ....بقلم حميدي العبد الله

في يوم واحد أفردت صحيفتا «الحياة» و«الشرق الأوسط» أهمّ وأوسع صحيفتين سعوديتين في الانتشار داخل السعودية وفي الوطن العربي، افتتاحيتين لأبرز كاتبين في المملكة العربية السعودية، هما عبد الرحمن الراشد الذي شغل في فترة سابقة رئاسة تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» وإدارة «قناة العربية»، وداوود الشريان مقدّم أبرز البرامج النقدية في محطة MBC، افتتاحيتين ركزتا على مواقف «مجلس الشورى» السعودي في بعض القضايا الراهنة في المملكة.  داوود الشريان دافع عن «مجلس الشورى» في وجه الانتقادات الموجهة له، لا سيما في قضايا لها صلة بالأوضاع الاقتصادية في المملكة، وشدّد على أنّ المشكلة ليست في «مجلس الشورى» بل في حدود الصلاحيات الممنوحة لهذا المجلس، ويقول حرفياً «إننا جميعاً صدّقنا مع الوقت، أنّ مجلس الشورى يقوم بدور رقابي وكأننا نخاطب مجلس العموم البريطاني، وهذا فيه ظلم للشورى والشوريين» ويؤكد الشريان «أنّ مجلس الشورى أصبح يشكل عبئاً إضافياً على الدورة البيروقراطية في الجهاز الحكومي» ويخلص إلى نتيجة معبّرة وذات دلالات: «الجميع يدرك أن لا دور له» أيّ لمجلس الشورى.  بدوره عبد الرحمن الراشد شنّ هجوماً عنيفاً على مجلس الشورى لأنه صوّت ضدّ «مشروع نظام حماية الوحدة الوطنية» واتهم مجلس الشورى بأنه غير مكترث لما يحيق بالمملكة العربية السعودية من أخطار، وقال حرفياً: كيف وببساطة، وسرعة، يرفض المجلس دراسة مشروع النظام رغم الخطر الصريح والداهم جراء انتشار دعوات الطائفية والعنصرية المختلفة التي دمّرت دولاً مجاورة مثل العراق وسورية واليمن، وتنشر في فضاء المنطقة الإعلامي والديني والاجتماعي عموماً؟ والسعودية لا تعيش في فلك وحدها، بل مهدّدة بنفس الفيروسات الخطيرة، والهجمات التحريضية عليها عبر الحدود من قوى مختلفة، وبعضها ارتكب جرائم ذات أهداف طائفية في مسجدين شرق السعودية» ويخلص إلى أنّ «الذين لا يشعرون بالمشكلة، ولا يرون الخطر، لا يستحقون المكانة الكبيرة التي منحوا إياها».  لكن هل «مجلس الشورى» السعودي هو أمّ المؤسسات في الدولة السعودية، وكيف يمكن التوفيق بين ما خلص إليه داوود الشريان من أنّ هذه المؤسسة لا دور لها، ورأيها مجرّد رأي استشاري، وبين ما خلص إليه عبد الرحمن الراشد من تحميل «مجلس الشورى» مسؤولية صدّ المخاطر التي تتهدّد السعودية وأشار إليها بنفسه؟  لا شك أنّ هذا السجال حول «مجلس الشورى» ودوره ومسؤولياته، والاعتراف بحجم الأخطار الناجمة عن التعبئة الطائفية والمذهبية يعكس حراكاًَ سياسياً وفكرياً غير مسبوق داخل المملكة العربية السعودية، حراكاً ليس هذا السجال مظهره الوحيد، بل الهجمات الإرهابية مظهر آخر له، وردّ الفعل عبر خروج الآلاف في تشييع شهداء الدمام والقديح مظهر ثالث، ولعلّ الحرب على اليمن والمأزق الذي دخلت فيه مظهراً رابعاً، وفي كلّ الأحوال فإنّ سياسة الفوضى والاضطراب تقترب من السعودية، وبالتالي لم تعد أيّ دولة عربية قادرة على النجاة من هذا الخطر الرهيب.

المصدر : البناء / حميدي العبد الله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة