لا أحد يمكن أن يقلل من شأن الضغوط التي تستخدمها السعودية وواشنطن على الباكستان لزجها في الحرب السعودية غير المسبوقة على اليمن ففي السنة الماضية كانت السعودية قد منحت حكومة نواز شريف 1.5 مليار دولار وكان نواز شريف نفسه قد استقبلته السعودية عام 1999 حين أطاح به انقلاب عسكري وبقي في السعودية حتى عام 2008. ولهذه الأسباب وغيرها فوجئت العائلة المالكة السعودية من عدم التجاوب السريع والفوري مع طلب السعودية بانضمام باكستان إلى التحالف وتاريخ العلاقات العسكرية والسياسية بين الدولتين يشير إلى متانة التعاون في هذه المجالات منذ الستينيات حين استأجرت السعودية طيارين عسكريين من باكستان لقيادة أول طائرة حربية سعودية بإشراف أميركي، وفي السبعينيات والثمانينيات بقي 15 ألفاً من الجنود الباكستانيين يحرسون حدود السعودية، وكانت باكستان قد أرسلت 2500 من قوات الشرطة إلى البحرين عام 2011 لقمع النشاط الديمقراطي في البحرين، لكن الظروف اختلفت في السنوات الماضية وأصبحت باكستان تواجه مشاكل وصعوبات متفاقمة عسكرياً في الداخل وعبر حدودها مع أفغانستان والهند منذ الغزو الأميركي لأفغانستان والتورط الباكستاني الذي سبقه في دعم الأفغان ضد الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات.

 

لكن الضغوط السعودية على باكستان تقابلها أيضاً ضغوط مضادة للتدخل العسكري ومساندة السعودية في حربها فباكستان وقعت قبل سنوات قليلة على اتفاقات سياسية وعسكرية واقتصادية كثيرة مع إيران على المستوى الإقليمي ومع موسكو وبكين ودول شانغهاي على المستوى الدولي ونواز شريف يدرك أن التحاقه بركب السعودية سيعرض باكستان لأخطار إقليمية ودولية وسيتورط بحرب قد تطول على غرار حرب الأفغان على الاتحاد السوفييتي ثم حرب طالبان الإرهابية في العالم وداخل باكستان نفسها بسبب انتشار (طالبان باكستانية) داخل بلاده.

ويبدو أن السعودية وحلفاءها قدموا إغراءات كبيرة لنواز شريف فلجأ إلى البرلمان الباكستاني كوسيلة لرفض هذه الإغراءات وهو يدرك أنه لن يحصل على أغلبية برلمانية توافق على المشاركة في حرب طائفية على اليمن ولأن نواز شريف لا يريد أن يخسر علاقات باكستان مع السعودية فقد أضاف إلى قرار البرلمان الرافض للمشاركة موقفاً سياسياً معلناً بأن باكستان لن تسمح بانتهاك سيادة وحدود السعودية وهذا الموقف يرسم حدود دعمه للسعودية بطريقة لا يشارك فيها بالعمل العسكري داخل اليمن وهذا ما لا تكتفي به العائلة المالكة السعودية ولن يعجبها لأن واشنطن هي القوة الكبرى التي تدافع عن حدود اليمن ومنع انتهاك سيادة الأراضي السعودية.. ولذلك ستجد السعودية نفسها وحدها مع عدد من الدول المشاركة معها في قصف اليمن من الجو وربما البحر وستجد أنها لن تستطيع تحقيق أهدافها في اليمن من ناحية أو مع إيران من الناحية الأخرى على المستوى الإقليمي.

ويرى أحد المسؤولين في (البنتاغون) أن السعودية ستفشل في تجنيد باكستان وتركيا للعمل العسكري المباشر فوق أراضي اليمن وأن الدول العربية المشاركة معها لن تبقى في هذا التحالف ضد اليمن إذا طالت الحرب واستحقاقاتها السياسية ومضاعفاتها السلبية داخل هذه الدول مثل السودان، ومصر والأردن ولذلك يستنتج المحللون في العاصمة الأميركية أن واشنطن تجد مسوغات مفيدة في قيادة التحالف لضرب داعش ولا تجد مسوغات مفيدة أو كافية لقيادة التحالف السعودي ولهذا السبب تركت السعودية تقود لوحدها هذا التحالف الخليجي- العربي في حربها على اليمن.

لكن مركز أبحاث (بيغين- السادات) الإسرائيلي يرى على لسان مديره (عينبار) أن إسرائيل لن تغيب عن هذا التحالف ما دام يضم دولاً من البحر الأحمر وهي دولة من دول البحر الأحمر ويهمها الأمن الإستراتيجي الإسرائيلي فيه.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-14
  • 10584
  • من الأرشيف

هل يفرط عقد التحالف السعودي ضد اليمن؟

لا أحد يمكن أن يقلل من شأن الضغوط التي تستخدمها السعودية وواشنطن على الباكستان لزجها في الحرب السعودية غير المسبوقة على اليمن ففي السنة الماضية كانت السعودية قد منحت حكومة نواز شريف 1.5 مليار دولار وكان نواز شريف نفسه قد استقبلته السعودية عام 1999 حين أطاح به انقلاب عسكري وبقي في السعودية حتى عام 2008. ولهذه الأسباب وغيرها فوجئت العائلة المالكة السعودية من عدم التجاوب السريع والفوري مع طلب السعودية بانضمام باكستان إلى التحالف وتاريخ العلاقات العسكرية والسياسية بين الدولتين يشير إلى متانة التعاون في هذه المجالات منذ الستينيات حين استأجرت السعودية طيارين عسكريين من باكستان لقيادة أول طائرة حربية سعودية بإشراف أميركي، وفي السبعينيات والثمانينيات بقي 15 ألفاً من الجنود الباكستانيين يحرسون حدود السعودية، وكانت باكستان قد أرسلت 2500 من قوات الشرطة إلى البحرين عام 2011 لقمع النشاط الديمقراطي في البحرين، لكن الظروف اختلفت في السنوات الماضية وأصبحت باكستان تواجه مشاكل وصعوبات متفاقمة عسكرياً في الداخل وعبر حدودها مع أفغانستان والهند منذ الغزو الأميركي لأفغانستان والتورط الباكستاني الذي سبقه في دعم الأفغان ضد الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات.   لكن الضغوط السعودية على باكستان تقابلها أيضاً ضغوط مضادة للتدخل العسكري ومساندة السعودية في حربها فباكستان وقعت قبل سنوات قليلة على اتفاقات سياسية وعسكرية واقتصادية كثيرة مع إيران على المستوى الإقليمي ومع موسكو وبكين ودول شانغهاي على المستوى الدولي ونواز شريف يدرك أن التحاقه بركب السعودية سيعرض باكستان لأخطار إقليمية ودولية وسيتورط بحرب قد تطول على غرار حرب الأفغان على الاتحاد السوفييتي ثم حرب طالبان الإرهابية في العالم وداخل باكستان نفسها بسبب انتشار (طالبان باكستانية) داخل بلاده. ويبدو أن السعودية وحلفاءها قدموا إغراءات كبيرة لنواز شريف فلجأ إلى البرلمان الباكستاني كوسيلة لرفض هذه الإغراءات وهو يدرك أنه لن يحصل على أغلبية برلمانية توافق على المشاركة في حرب طائفية على اليمن ولأن نواز شريف لا يريد أن يخسر علاقات باكستان مع السعودية فقد أضاف إلى قرار البرلمان الرافض للمشاركة موقفاً سياسياً معلناً بأن باكستان لن تسمح بانتهاك سيادة وحدود السعودية وهذا الموقف يرسم حدود دعمه للسعودية بطريقة لا يشارك فيها بالعمل العسكري داخل اليمن وهذا ما لا تكتفي به العائلة المالكة السعودية ولن يعجبها لأن واشنطن هي القوة الكبرى التي تدافع عن حدود اليمن ومنع انتهاك سيادة الأراضي السعودية.. ولذلك ستجد السعودية نفسها وحدها مع عدد من الدول المشاركة معها في قصف اليمن من الجو وربما البحر وستجد أنها لن تستطيع تحقيق أهدافها في اليمن من ناحية أو مع إيران من الناحية الأخرى على المستوى الإقليمي. ويرى أحد المسؤولين في (البنتاغون) أن السعودية ستفشل في تجنيد باكستان وتركيا للعمل العسكري المباشر فوق أراضي اليمن وأن الدول العربية المشاركة معها لن تبقى في هذا التحالف ضد اليمن إذا طالت الحرب واستحقاقاتها السياسية ومضاعفاتها السلبية داخل هذه الدول مثل السودان، ومصر والأردن ولذلك يستنتج المحللون في العاصمة الأميركية أن واشنطن تجد مسوغات مفيدة في قيادة التحالف لضرب داعش ولا تجد مسوغات مفيدة أو كافية لقيادة التحالف السعودي ولهذا السبب تركت السعودية تقود لوحدها هذا التحالف الخليجي- العربي في حربها على اليمن. لكن مركز أبحاث (بيغين- السادات) الإسرائيلي يرى على لسان مديره (عينبار) أن إسرائيل لن تغيب عن هذا التحالف ما دام يضم دولاً من البحر الأحمر وهي دولة من دول البحر الأحمر ويهمها الأمن الإستراتيجي الإسرائيلي فيه.

المصدر : الوطن / تحسين الحلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة