"نهدي تحرير إدلب لإخوتنا في دولة الإسلام" بهذه الكلمات أعلن أحد قادة جبهة النصرة سيطرة الفصائل المتشددة على مدينة إدلب في شمال سوريا، بعد 4 أيام من المعارك التي وصفت بالأعنف، فيما سماها المتشددون بـ "غزوة إدلب".

بينما كان على الضفة الأخرى يظهر واحدا من أشهر قادة المتشددين، المعروف باسم عبد الله الميحسني، سعودي الجنسية، يبارك على أحد القنوات التلفزيونية دخول "الثوار" إلى مدينة إدلب.

بينما عنونت وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب خبر السيطرة بـ "النصرة وحلفاؤها يسيطرون على مدينة إدلب"

وغابت كلمات "الثورة" و"الحرية" و"العلم الأخضر" و"الديمقراطية" و"المطالب المشروعة" عن حديث المقاتلين ووسائل إعلام المعارضة، فيما حضرت "التكبيرات" وعبارات "الدولة الإسلامية" و "شرع الله" و "الرايات السوداء".

عبد الله علي، أحد الكتاب المتخصصين بالجماعات الأصولية قال في حديث لإذاعة محلية: "إن الهجوم الذي حصل اليوم على مدينة إدلب هو أكبر هجوم يحصل على مدار الحرب السورية"، حيث قدّر أعداد المقاتلين المهاجمين بـ 4000 مقاتل، انضووا تحت مسمى "جيش الفتح" بقيادة النصرة، وضمّ كلا من أحرار الشام، والجبهة الإسلامية، وجند الأقصى وعدة فصائل متشددة أخرى.

إذن، سيطرة جبهة النصرة وحلفاؤها يوم السبت بالكامل على مدينة إدلب، الواقعة في شمال سوريا، على الحدود مع تركيا، والمجاورة لريفي اللاذقية شرقا، وسهل الغاب المطل على حماه جنوبا، والمفتوحة على مناطق سيطرة المتشددين شرقا.

لتكون بذلك ثاني مدينة سورية تخرج عن سيطرة الحكومة، بعد مدينة الرقة الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق.

الهجوم بدأ بشكل تمهيدي يومي 24 و 25 آذار، وذلك عن طريق قصف المدينة بعشرات القذائف الصاورخية والهاون، ومن ثم بدء عمليات "الانغماسيين" عن طريق هجومات مزدوجة على الحواجز الشرقية والشمالية الشرقية للمدينة.

في 26 آذار، نفذ انتحاريو النصرة عدة تفجيرات بسيارات مفخخة، تلاها اشتباكات، أسفرت في نهايتها عن سيطرة المتشددين على أكثر من 11 حاجز ونقطة للجيش في أطراف إدلب الشرقية.

حتى ظهر الخميس، أصبحت المعارك تُحسب الساعات، وبقيت الاشتباكات في محيط المدينة، إلى أن أعلنت مصادر المعارضة ظهر الجمعة وصول مقاتلي النصرة إلى دوار المحراب، الذي يعد نقطة وصل طرق دولية.

قبل ظهر الجمعة 27-3-2015 أعلن المتشددون قطع طريق إدلب بنش، وطريق إدلب كفريا.

بعد ظهر الجمعة 27-3-2015 السيطرة على دوار المحراب والدخول إلى كليتي الزراعة والتربية.

مساء الجمعة 27-3-2015 انقطعت الاتصالات الخليوية والأرضية والانترنت بشكل كامل عن مدينة إدلب

صبيحة يوم السبت 28-3-2015 أشار مدير المرصد المعارض رامي عبد الرحمن إلى وجود "مجموعة من عناصر النظام التي ما تزال تقاتل في المربع الأمني للمدينة لكنهم لن يتمكنوا من تغيير الوضع الميداني".

المرصد المعارض اعترف بقدوم 2000 مقاتل من الحدود التركية لتدعيم جبهات محيط إدلب والتي كان يتواجد فيها حوالي 1500 مقاتل، ليكون المجموع تقريبا حوالي 3500 مقاتل إضافة لوجود بضع العشرات من المقاتلين الذين ساندوا "المتشددين" من داخل المدينة.

الهجمات توزعت على معظم محاور المحيطة بمدينة إدلب، لكنها تركزت شرقا، كون المسلحين لديهم طرق إمداد مع بلدات مثل بنش ومعرة مصرين الواقعتين تحت سيطرتهم منذ فترة طويلة، إضافة للجبهة الشمالية لمدينة إدلب، والمفتوحة مباشرة مع الحدود التركية التي كان يتدفق منها المقاتلون وسياراتهم.

مصادر أهلية قالت إن الجيش كان قد استعدّ لهجوم المسلحين، لكن الأعداد المتدفقة من المقاتلين المتشددين إضافة للمقاتلين الانغماسيين لم تكن متوقعة.

النتائج:

تمكن الجيش السوري من الانسحاب بأقل خسائر ممكنة، حيث أن أعداد الضحايا من جانب قوات الحكومة يكاد لا يذكر مقارنة مع بحر المقاتلين الذي تدفق من تركيا.

تمكنت قوات الحكومة من إنقاذ حياة آلاف المدنيين وذلك عن طريق تأمين طريق نجاة لهم من إدلب المسطومة.

كما جنّبت المدنيين الذين تبقوا داخل المدنية من عمل عسكري طاحن قد يودي بحياتهم، لا سيما أن مليون مدني يقطنون داخل المدينة الصغيرة نسبيا، معظمهم من النازحين.

انسحاب الجيش وصف بالناجح، حيث سبق ذلك نقل المكاتب الإدارية بما فيها إلى مدينة جسر الشغور، ولم يترك للمسلحين وثائق أو أموال يمكن الاستفادة منها.

إدلب عسكريا، ليس لها معنى استراتيجي، لكن سياسيا قد تعني الكثير، لذلك يمكن استعادة المبادرة بهجوم آخر، لكن لا يمكن إعادة أرواح جنود ومقاتلي الجيش السوري في حال دخلوا بمعركة محسومة من حيث العدد.

بدأت فعليات صواريخ السكود تطلق من محيط العاصمة، وتنفجر بمواقع المتشددين، فيما تقاطعت المصادر عن تحشيد كبير لبدء عمل عسكري يستعيد فيه المدينة.

المصادر الرسمية قالت إن عدد ضحايا الجيش حوالي 30، ومصادر المعارضة قالت إن الرقم مضاعف، وفي كلا الروايتين يعد أرقام الضحايا "مقبولا" وفق المفهوم العسكري، مقارنة مع حجم المعارك التي كانت تدور.

نقلت جريدة السفير عن خبراء "إن جبهة النصرة، وهي ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا، تسعى إلى إقامة كيان خاص بها مواز لـ"الخلافة" التي أعلنها تنظيم "داعش" في مناطق أخرى في شمال وشرق سوريا وشمال وغرب العراق"

وهذا يعني أن "تحرير إدلب" وفق تعبير "الثوار" لا يعني سوى احتلالها من قبل أصحاب الرايات السود

بالمقابل:

قطع المسلحون طريق الإمداد الوحيد الواصل بين مدينة إدلب وبين بلدتي كفريا والفوعة (ذات الأغلبية الشيعية) وبذلك تكون البلدتين في حصار خانق بين بحر من المجموعات المتشددة

حتى الآن لم يهاجم المتشددون بلدتي كفريا والفوعة، لكن ذلك لا يعني أن معرك مرتقبة في الأفق في حال لم يحسم الأمر عسكريا لصالح الجيش السوري.

يستثمر إعلام المعارضة السيطرة على إدلب بخروج مدينة ثانية عن سيطرة الحكومة، وسيطرة المتشددين على مناطق واسعة نسبيا شمالا وشمال شرق البلاد

لا يزال مصير عشرات العوائل المؤيدة للحكومة داخل مدينة إدلب "مجهولا" فيما بثت أنباء عن إعدامات نفذتها النصرة على خلفية طائفية وسياسية داخل المدينة.

هناك العديد أيضا من المدنيين الراغبين في الخروج من المدينة حين تتوفر الطرق الآمنة.

يمكن اعتبار أن "غزوة إدلب" بدأت منذ سيطرة النصرة على وادي الضيف والقضاء على جمال معروف ومن بعده حزم

أحد قادة المعارضة قال: "اكاد اجزم ان تمويل هذه العمليات والدعم لها جاء من قبل غرفة العلميات اي الامريكان الذين غضوا النظر عن "ارهابية" النصرة"

فيما لم يعد سرا أن هناك ارتباط بين ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية في سوريا عموما، وبين ما يحصل في اليمن من نزاع سعودي إيراني على الأراضي اليمنية.

أحد الناشطين المعارضين كتب على صفحته على الفيسبوك: "قد يفرح البعض لزوال رموز النظام من ادلب ولكني اعتقد ان ادلب كالرقة لن تعود قبل وقت طويل جدا للدولة السورية وقد لا تعود ابدا"

هذا كل ما جمعته عن معارك إدلب

وضعتها في سياق المعلومات الخام للاستفادة منها بالشكل الذي ترونه مناسبا

  • فريق ماسة
  • 2015-03-28
  • 10741
  • من الأرشيف

إدلب... نصرٌ لمن؟؟

"نهدي تحرير إدلب لإخوتنا في دولة الإسلام" بهذه الكلمات أعلن أحد قادة جبهة النصرة سيطرة الفصائل المتشددة على مدينة إدلب في شمال سوريا، بعد 4 أيام من المعارك التي وصفت بالأعنف، فيما سماها المتشددون بـ "غزوة إدلب". بينما كان على الضفة الأخرى يظهر واحدا من أشهر قادة المتشددين، المعروف باسم عبد الله الميحسني، سعودي الجنسية، يبارك على أحد القنوات التلفزيونية دخول "الثوار" إلى مدينة إدلب. بينما عنونت وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب خبر السيطرة بـ "النصرة وحلفاؤها يسيطرون على مدينة إدلب" وغابت كلمات "الثورة" و"الحرية" و"العلم الأخضر" و"الديمقراطية" و"المطالب المشروعة" عن حديث المقاتلين ووسائل إعلام المعارضة، فيما حضرت "التكبيرات" وعبارات "الدولة الإسلامية" و "شرع الله" و "الرايات السوداء". عبد الله علي، أحد الكتاب المتخصصين بالجماعات الأصولية قال في حديث لإذاعة محلية: "إن الهجوم الذي حصل اليوم على مدينة إدلب هو أكبر هجوم يحصل على مدار الحرب السورية"، حيث قدّر أعداد المقاتلين المهاجمين بـ 4000 مقاتل، انضووا تحت مسمى "جيش الفتح" بقيادة النصرة، وضمّ كلا من أحرار الشام، والجبهة الإسلامية، وجند الأقصى وعدة فصائل متشددة أخرى. إذن، سيطرة جبهة النصرة وحلفاؤها يوم السبت بالكامل على مدينة إدلب، الواقعة في شمال سوريا، على الحدود مع تركيا، والمجاورة لريفي اللاذقية شرقا، وسهل الغاب المطل على حماه جنوبا، والمفتوحة على مناطق سيطرة المتشددين شرقا. لتكون بذلك ثاني مدينة سورية تخرج عن سيطرة الحكومة، بعد مدينة الرقة الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق. الهجوم بدأ بشكل تمهيدي يومي 24 و 25 آذار، وذلك عن طريق قصف المدينة بعشرات القذائف الصاورخية والهاون، ومن ثم بدء عمليات "الانغماسيين" عن طريق هجومات مزدوجة على الحواجز الشرقية والشمالية الشرقية للمدينة. في 26 آذار، نفذ انتحاريو النصرة عدة تفجيرات بسيارات مفخخة، تلاها اشتباكات، أسفرت في نهايتها عن سيطرة المتشددين على أكثر من 11 حاجز ونقطة للجيش في أطراف إدلب الشرقية. حتى ظهر الخميس، أصبحت المعارك تُحسب الساعات، وبقيت الاشتباكات في محيط المدينة، إلى أن أعلنت مصادر المعارضة ظهر الجمعة وصول مقاتلي النصرة إلى دوار المحراب، الذي يعد نقطة وصل طرق دولية. قبل ظهر الجمعة 27-3-2015 أعلن المتشددون قطع طريق إدلب بنش، وطريق إدلب كفريا. بعد ظهر الجمعة 27-3-2015 السيطرة على دوار المحراب والدخول إلى كليتي الزراعة والتربية. مساء الجمعة 27-3-2015 انقطعت الاتصالات الخليوية والأرضية والانترنت بشكل كامل عن مدينة إدلب صبيحة يوم السبت 28-3-2015 أشار مدير المرصد المعارض رامي عبد الرحمن إلى وجود "مجموعة من عناصر النظام التي ما تزال تقاتل في المربع الأمني للمدينة لكنهم لن يتمكنوا من تغيير الوضع الميداني". المرصد المعارض اعترف بقدوم 2000 مقاتل من الحدود التركية لتدعيم جبهات محيط إدلب والتي كان يتواجد فيها حوالي 1500 مقاتل، ليكون المجموع تقريبا حوالي 3500 مقاتل إضافة لوجود بضع العشرات من المقاتلين الذين ساندوا "المتشددين" من داخل المدينة. الهجمات توزعت على معظم محاور المحيطة بمدينة إدلب، لكنها تركزت شرقا، كون المسلحين لديهم طرق إمداد مع بلدات مثل بنش ومعرة مصرين الواقعتين تحت سيطرتهم منذ فترة طويلة، إضافة للجبهة الشمالية لمدينة إدلب، والمفتوحة مباشرة مع الحدود التركية التي كان يتدفق منها المقاتلون وسياراتهم. مصادر أهلية قالت إن الجيش كان قد استعدّ لهجوم المسلحين، لكن الأعداد المتدفقة من المقاتلين المتشددين إضافة للمقاتلين الانغماسيين لم تكن متوقعة. النتائج: تمكن الجيش السوري من الانسحاب بأقل خسائر ممكنة، حيث أن أعداد الضحايا من جانب قوات الحكومة يكاد لا يذكر مقارنة مع بحر المقاتلين الذي تدفق من تركيا. تمكنت قوات الحكومة من إنقاذ حياة آلاف المدنيين وذلك عن طريق تأمين طريق نجاة لهم من إدلب المسطومة. كما جنّبت المدنيين الذين تبقوا داخل المدنية من عمل عسكري طاحن قد يودي بحياتهم، لا سيما أن مليون مدني يقطنون داخل المدينة الصغيرة نسبيا، معظمهم من النازحين. انسحاب الجيش وصف بالناجح، حيث سبق ذلك نقل المكاتب الإدارية بما فيها إلى مدينة جسر الشغور، ولم يترك للمسلحين وثائق أو أموال يمكن الاستفادة منها. إدلب عسكريا، ليس لها معنى استراتيجي، لكن سياسيا قد تعني الكثير، لذلك يمكن استعادة المبادرة بهجوم آخر، لكن لا يمكن إعادة أرواح جنود ومقاتلي الجيش السوري في حال دخلوا بمعركة محسومة من حيث العدد. بدأت فعليات صواريخ السكود تطلق من محيط العاصمة، وتنفجر بمواقع المتشددين، فيما تقاطعت المصادر عن تحشيد كبير لبدء عمل عسكري يستعيد فيه المدينة. المصادر الرسمية قالت إن عدد ضحايا الجيش حوالي 30، ومصادر المعارضة قالت إن الرقم مضاعف، وفي كلا الروايتين يعد أرقام الضحايا "مقبولا" وفق المفهوم العسكري، مقارنة مع حجم المعارك التي كانت تدور. نقلت جريدة السفير عن خبراء "إن جبهة النصرة، وهي ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا، تسعى إلى إقامة كيان خاص بها مواز لـ"الخلافة" التي أعلنها تنظيم "داعش" في مناطق أخرى في شمال وشرق سوريا وشمال وغرب العراق" وهذا يعني أن "تحرير إدلب" وفق تعبير "الثوار" لا يعني سوى احتلالها من قبل أصحاب الرايات السود بالمقابل: قطع المسلحون طريق الإمداد الوحيد الواصل بين مدينة إدلب وبين بلدتي كفريا والفوعة (ذات الأغلبية الشيعية) وبذلك تكون البلدتين في حصار خانق بين بحر من المجموعات المتشددة حتى الآن لم يهاجم المتشددون بلدتي كفريا والفوعة، لكن ذلك لا يعني أن معرك مرتقبة في الأفق في حال لم يحسم الأمر عسكريا لصالح الجيش السوري. يستثمر إعلام المعارضة السيطرة على إدلب بخروج مدينة ثانية عن سيطرة الحكومة، وسيطرة المتشددين على مناطق واسعة نسبيا شمالا وشمال شرق البلاد لا يزال مصير عشرات العوائل المؤيدة للحكومة داخل مدينة إدلب "مجهولا" فيما بثت أنباء عن إعدامات نفذتها النصرة على خلفية طائفية وسياسية داخل المدينة. هناك العديد أيضا من المدنيين الراغبين في الخروج من المدينة حين تتوفر الطرق الآمنة. يمكن اعتبار أن "غزوة إدلب" بدأت منذ سيطرة النصرة على وادي الضيف والقضاء على جمال معروف ومن بعده حزم أحد قادة المعارضة قال: "اكاد اجزم ان تمويل هذه العمليات والدعم لها جاء من قبل غرفة العلميات اي الامريكان الذين غضوا النظر عن "ارهابية" النصرة" فيما لم يعد سرا أن هناك ارتباط بين ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية في سوريا عموما، وبين ما يحصل في اليمن من نزاع سعودي إيراني على الأراضي اليمنية. أحد الناشطين المعارضين كتب على صفحته على الفيسبوك: "قد يفرح البعض لزوال رموز النظام من ادلب ولكني اعتقد ان ادلب كالرقة لن تعود قبل وقت طويل جدا للدولة السورية وقد لا تعود ابدا" هذا كل ما جمعته عن معارك إدلب وضعتها في سياق المعلومات الخام للاستفادة منها بالشكل الذي ترونه مناسبا

المصدر : الماسة السورية/ ماهر المونس


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة