لطالما تداول السوريون عبارة «زينة وخزينة» في وصفهم للذهب عند الحديث عنه،غير أنّ الأمر لم يعد كسابق عهده بعد اقتراب الحرب السورية من دخول عامها الخامس، التي بدلّت أولويات السوريين، حتى صار تحصيل لقمة عيشهم هو شغلهم الشاغل في ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الأسعار على نحو جنوني، إضافة إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية.

كلّ تلك العوامل حوّلت الذهب، الذي كان السوريون، سابقاً، يبتاعونه بغية الزينة، أو كوسيلة ادخار آمنة، إلى حلم صعب المنال اليوم، وخاصّة أنّ غالبية السوريين اضطروا خلال السنوات الأربع الماضية إلى بيع ما كان بحوزتهم من الذهب لتأمين قوت يومهم، ما تسبب في كسادٍ أصاب أسواق الصّاغة السوريّة، المعروفة بعراقتها وأهميتها الاقتصادية. كلّ ذلك لم يمنع وزارة الماليّة السورية، قبل أيام، من فرض رسم إنفاق استهلاكي على الذهب بقيمة 5% لكلّ دمغة، باعتباره إحدى السلع الكماليّة، الأمر الذي أصاب حركة أسواق الذهب بالشلل، إذ يؤكّد بعض الصّائغين في طرطوس أنّ متاجرهم لم تشهد، خلال أسبوع تقريباً، بيع قطعة واحدة من الذهب.

رئيس الجمعية الحرفية للصياغة والمجوهرات بدمشق، غسان جزماتي، يقول في حديثه للـ»الأخبار»: «إنّ الحرفيين توقفوا عن دمغ أي قطعه ذهبية، ما يعني توقف الواردات التي تتحقق للخزينة لقاء الدمغ»، وبذلك سيكون الباب مفتوحاً أمام التجار للتلاعب، وبيع الذهب دون «دمغ»، ما يمكن أن يتسبب بحالة من الفوضى. «الجمعية تحاول الاتفاق مع وزارة المالية على تمرير رسوم شهرية للوزارة، بنسبة (5 بالألف) لكلّ غرام من الذهب» يقول جزماتي، ويضيف نافياً إشاعة إقفال محالّ الصاغة: «إشاعة إقفال محالّ الصاغة لا صحة لها، لكن البيع في الأيام الماضية كان معدوماً تماماً»، إلّا أنّ جمعية الصاغة، في طرطوس، أكّدت خبر إقفال محالّ الصاغة موضحةً أنّ «الأمر ليس إضراباً. إنه مرتبط فقط بانعدام البيع، وهو لا يرمي إلى الضغط منعاً لتنفيذ القرار». هذا وقد جاء تصريح الجمعية بعدما أقفل تجار الذهب في طرطوس محالهم، خوفاً من دوريات وزارة المالية التي تعمل على تخمين بضائعهم. ويؤكّد أحد أعضاء الجمعية أنّ الضريبة المفروضة ستكون عبئاً ثقيلاً على التاجر والمشتري معاً «فحين تفرض الوزارة 400 ليرة سورية على كلّ غرام من الذهب، فهذا يعني 400 ألف ليرة سورية على كل كيلوغرام، والتاجر سيحاول أن يعوّض هذه الخسارة على حساب المشتري»، مضيفاً: «سوق الذهب بالأصل مهزوز، ولم يكن ينقصه إلا هذا القرار. بحجة التلاعب بالدولار جرى اعتقال بعض التجار، وأفرج عنهم لاحقاً. وفي بداية الأزمة، شجعت الدولة مواطنيها على شراء الذهب (لدعم الاقتصاد) وها هي اليوم تبتكر عراقيل في وجه التجار والحرفيين». الأمر الذي يرى بعض التجار أنّه قد يتسبب بتوقّف القلة الصامدة منهم في سوريا عن العمل، وربما اللحاق بزملاء لهم اختاروا مغادرة البلاد في وقت مبكر.

  • فريق ماسة
  • 2015-03-03
  • 15515
  • من الأرشيف

ضريبة جديدة تهدّد سوق الذهب في سورية

لطالما تداول السوريون عبارة «زينة وخزينة» في وصفهم للذهب عند الحديث عنه،غير أنّ الأمر لم يعد كسابق عهده بعد اقتراب الحرب السورية من دخول عامها الخامس، التي بدلّت أولويات السوريين، حتى صار تحصيل لقمة عيشهم هو شغلهم الشاغل في ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الأسعار على نحو جنوني، إضافة إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية. كلّ تلك العوامل حوّلت الذهب، الذي كان السوريون، سابقاً، يبتاعونه بغية الزينة، أو كوسيلة ادخار آمنة، إلى حلم صعب المنال اليوم، وخاصّة أنّ غالبية السوريين اضطروا خلال السنوات الأربع الماضية إلى بيع ما كان بحوزتهم من الذهب لتأمين قوت يومهم، ما تسبب في كسادٍ أصاب أسواق الصّاغة السوريّة، المعروفة بعراقتها وأهميتها الاقتصادية. كلّ ذلك لم يمنع وزارة الماليّة السورية، قبل أيام، من فرض رسم إنفاق استهلاكي على الذهب بقيمة 5% لكلّ دمغة، باعتباره إحدى السلع الكماليّة، الأمر الذي أصاب حركة أسواق الذهب بالشلل، إذ يؤكّد بعض الصّائغين في طرطوس أنّ متاجرهم لم تشهد، خلال أسبوع تقريباً، بيع قطعة واحدة من الذهب. رئيس الجمعية الحرفية للصياغة والمجوهرات بدمشق، غسان جزماتي، يقول في حديثه للـ»الأخبار»: «إنّ الحرفيين توقفوا عن دمغ أي قطعه ذهبية، ما يعني توقف الواردات التي تتحقق للخزينة لقاء الدمغ»، وبذلك سيكون الباب مفتوحاً أمام التجار للتلاعب، وبيع الذهب دون «دمغ»، ما يمكن أن يتسبب بحالة من الفوضى. «الجمعية تحاول الاتفاق مع وزارة المالية على تمرير رسوم شهرية للوزارة، بنسبة (5 بالألف) لكلّ غرام من الذهب» يقول جزماتي، ويضيف نافياً إشاعة إقفال محالّ الصاغة: «إشاعة إقفال محالّ الصاغة لا صحة لها، لكن البيع في الأيام الماضية كان معدوماً تماماً»، إلّا أنّ جمعية الصاغة، في طرطوس، أكّدت خبر إقفال محالّ الصاغة موضحةً أنّ «الأمر ليس إضراباً. إنه مرتبط فقط بانعدام البيع، وهو لا يرمي إلى الضغط منعاً لتنفيذ القرار». هذا وقد جاء تصريح الجمعية بعدما أقفل تجار الذهب في طرطوس محالهم، خوفاً من دوريات وزارة المالية التي تعمل على تخمين بضائعهم. ويؤكّد أحد أعضاء الجمعية أنّ الضريبة المفروضة ستكون عبئاً ثقيلاً على التاجر والمشتري معاً «فحين تفرض الوزارة 400 ليرة سورية على كلّ غرام من الذهب، فهذا يعني 400 ألف ليرة سورية على كل كيلوغرام، والتاجر سيحاول أن يعوّض هذه الخسارة على حساب المشتري»، مضيفاً: «سوق الذهب بالأصل مهزوز، ولم يكن ينقصه إلا هذا القرار. بحجة التلاعب بالدولار جرى اعتقال بعض التجار، وأفرج عنهم لاحقاً. وفي بداية الأزمة، شجعت الدولة مواطنيها على شراء الذهب (لدعم الاقتصاد) وها هي اليوم تبتكر عراقيل في وجه التجار والحرفيين». الأمر الذي يرى بعض التجار أنّه قد يتسبب بتوقّف القلة الصامدة منهم في سوريا عن العمل، وربما اللحاق بزملاء لهم اختاروا مغادرة البلاد في وقت مبكر.

المصدر : سوسن سلمان - طرطوس |


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة