ما يطفو على سطح الخلاف الأميركي ـ الاسرائيلي هو النزر القليل جدا من حقيقة وخفايا الصراع الدائر بينهما.

ما حصل بعد عدوان القنيطرة كشف حجم التجاذب بين الإدارة الأميركية وحكومة العدو الإسرائيلي، والذي تكرر بعد عملية المقاومة في مزارع شبعا رداً على عدوان القنيطرة. حيث ظهرت حكومة العدو الإسرائيلي مكبّلة في التعامل مع ردّ «حزب الله» الموجع على عدوان القنيطرة. بذلك تحوّل لبنان إلى ورقة قوة، وذلك بفعل التوازن الاستراتيجي التاريخي الذي فرضته المقاومة وحددت فيه قواعد الاشتباك التي تجعل من العدو يتحسّب لأي فعل قد يقدم عليه مستقبلاً.. وهو ما دفع بمسؤولين أميركيين إلى إعادة قراءة الواقع اللبناني بعناية شديدة، للبناء عليه في الاستراتيجيات الأميركية في المنطقة، خصوصاً أن إسرائيل خسرت في لبنان إمكانية ابتزاز الإدارة الأميركية به، ما يدفع إدارة البيت الأبيض إلى الاستثمار في قواعد الاشتباك التي فرضتها المقاومة.

وبما أن لبنان يعتبر «وعاء الأسرار الدولية» نتيجة التقاليد والأعراف المتبعة في التعاطي مع البعثات الديبلوماسية وكأنها «من أهل الدار»، فإن ما يكشفه سفير دولة كبرى في لبنان يؤشر للمرحلة التي وصل لها المخطط الاسرائيلي في عملية تهويد فلسطين، وتحويل ما تبقى من مقيمين عرب الى أشبه بجاليات منزوعة الحقوق، مع اللعب على المشاعر من خلال الحفاظ على مجموعات دينية ضمن نطاق منعزل محدود الدور والتأثير.

يؤكد السفير أن «حقيقة الصراع بين القيادة الاسرائيلية مجتمعة والإدارة الاميركية الحالية برئاسة باراك أوباما هي مسألة يهودية الدولة الاسرائيلية، وقد يتفاجأ البعض بأن الحزب الديموقراطي الاميركي يرفض بالمطلق هذا التوجه لدى القيادة الاسرائيلية لأنه يعني إسقاط كل أمل بإمكانية إنجاز تسوية للصراع العربي – الاسرائيلي في المستقبل، كما سيوسّع دائرة الاستهداف للكيان الاسرائيلي، لذلك فإن الادارة الحالية تمنع قيام الدولة اليهودية».

يوضح السفير نفسه أن «الحكومة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو وليبرمان استغلت عدم التوازن على المستوى السياسي في الولايات المتحدة بعد هزيمة الديموقراطيين في الانتخابات الاخيرة بما جعل الرئيس الاميركي الديموقراطي مقيداً. كما استغلت الفوضى غير الخلاّقة في المحيط العربي، فاندفعت الى عرض بضاعتها عبر إغراء الجمهوريين بورقة اللوبي اليهودي في أميركا للوقوف معها في توجهها لإعلان يهودية الدولة، مع ان المعطيات تشير إلى انه بغض النظر عن الموقف الانتخابي الذي سيسلكه اللوبي اليهودي في الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، فهو مؤيد للإدارة الحالية في منع القيادة الاسرائيلية من إعلان الدولة اليهودية».

ما هو المقترح الاسرائيلي الذي قُدم الى الحزبين الديموقراطي والجمهوري في أميركا؟

يكشف السفير عن العناوين التالية:

ـ يهودية الدولة لا تعني تهجير الفلسطينيين داخل الخط الاخضر، أو ما يُطلق عليهم عرب الـ48، بل سحب الجنسية الاسرائيلية منهم واستبدالها ببطاقات إقامة تجدد كل فترة تماما كما العامل أو المقيم الاجنبي، وبالتالي بإمكان السلطات الاسرائيلية ان تتذرع بأي حجة لسحب الاقامة وطرد من كان يحملها، بما يعني عمليا تهجيرا ممنهجا وبلا ضجيج لكل العرب من الدولة اليهودية المزعومة بدلا من الإقدام على تهجيرهم دفعة واحدة.

ـ مخطط يهودية الدولة هو الإبقاء على الجنسية فقط للدروز لوضعهم في موقع العداء مع إخوانهم العرب، مع إمكانية البحث في تعديل هذا التوجه بحيث يبقي على الجنسية للبدو والمسيحيين من أجل إرضاء الفاتيكان.

يلفت السفير الى انه «خلال زيارة البابا فرنسيس الى الاراضي المقدسة، حاولت القيادة الاسرائيلية طمأنته بأنها لن تمس بالمقدسات المسيحية ولن تمنع أبناء الطائفة من ممارسة شعائرهم، والآن هناك محاولة لطمأنة الكنيسة الارثوذكسية، ولكن يبدو ان كل هذا السعي الخبيث لإيجاد شرخ ديني عميق لن يُكتب له النجاح».

يتحدث السفير نفسه عن أن «القيادة الاسرائيلية تعمل على إتمام صفقة مع الحزب الجمهوري عشية الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، قوامها حشد اسرائيل الأصوات لمصلحة المرشح الرئاسي الجمهوري مقابل وعد بإعطاء الضوء الأخضر ليهودية الدولة في اسرائيل، ولكن حسب الثوابت الاميركية التي غالبا ما تلتزم بها أي إدارة جديدة ولأي من الحزبين انتمت، لن تسمح بقيام الدولة اليهودية»، على ذمة سفير الدولة الكبرى.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2015-02-17
  • 6865
  • من الأرشيف

نتنياهو يريد مقايضة دعم الجمهوريين بـ «يهودية الدولة» واشنطن «تستثمر» في قواعد الاشتباك اللبنانية

ما يطفو على سطح الخلاف الأميركي ـ الاسرائيلي هو النزر القليل جدا من حقيقة وخفايا الصراع الدائر بينهما. ما حصل بعد عدوان القنيطرة كشف حجم التجاذب بين الإدارة الأميركية وحكومة العدو الإسرائيلي، والذي تكرر بعد عملية المقاومة في مزارع شبعا رداً على عدوان القنيطرة. حيث ظهرت حكومة العدو الإسرائيلي مكبّلة في التعامل مع ردّ «حزب الله» الموجع على عدوان القنيطرة. بذلك تحوّل لبنان إلى ورقة قوة، وذلك بفعل التوازن الاستراتيجي التاريخي الذي فرضته المقاومة وحددت فيه قواعد الاشتباك التي تجعل من العدو يتحسّب لأي فعل قد يقدم عليه مستقبلاً.. وهو ما دفع بمسؤولين أميركيين إلى إعادة قراءة الواقع اللبناني بعناية شديدة، للبناء عليه في الاستراتيجيات الأميركية في المنطقة، خصوصاً أن إسرائيل خسرت في لبنان إمكانية ابتزاز الإدارة الأميركية به، ما يدفع إدارة البيت الأبيض إلى الاستثمار في قواعد الاشتباك التي فرضتها المقاومة. وبما أن لبنان يعتبر «وعاء الأسرار الدولية» نتيجة التقاليد والأعراف المتبعة في التعاطي مع البعثات الديبلوماسية وكأنها «من أهل الدار»، فإن ما يكشفه سفير دولة كبرى في لبنان يؤشر للمرحلة التي وصل لها المخطط الاسرائيلي في عملية تهويد فلسطين، وتحويل ما تبقى من مقيمين عرب الى أشبه بجاليات منزوعة الحقوق، مع اللعب على المشاعر من خلال الحفاظ على مجموعات دينية ضمن نطاق منعزل محدود الدور والتأثير. يؤكد السفير أن «حقيقة الصراع بين القيادة الاسرائيلية مجتمعة والإدارة الاميركية الحالية برئاسة باراك أوباما هي مسألة يهودية الدولة الاسرائيلية، وقد يتفاجأ البعض بأن الحزب الديموقراطي الاميركي يرفض بالمطلق هذا التوجه لدى القيادة الاسرائيلية لأنه يعني إسقاط كل أمل بإمكانية إنجاز تسوية للصراع العربي – الاسرائيلي في المستقبل، كما سيوسّع دائرة الاستهداف للكيان الاسرائيلي، لذلك فإن الادارة الحالية تمنع قيام الدولة اليهودية». يوضح السفير نفسه أن «الحكومة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو وليبرمان استغلت عدم التوازن على المستوى السياسي في الولايات المتحدة بعد هزيمة الديموقراطيين في الانتخابات الاخيرة بما جعل الرئيس الاميركي الديموقراطي مقيداً. كما استغلت الفوضى غير الخلاّقة في المحيط العربي، فاندفعت الى عرض بضاعتها عبر إغراء الجمهوريين بورقة اللوبي اليهودي في أميركا للوقوف معها في توجهها لإعلان يهودية الدولة، مع ان المعطيات تشير إلى انه بغض النظر عن الموقف الانتخابي الذي سيسلكه اللوبي اليهودي في الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، فهو مؤيد للإدارة الحالية في منع القيادة الاسرائيلية من إعلان الدولة اليهودية». ما هو المقترح الاسرائيلي الذي قُدم الى الحزبين الديموقراطي والجمهوري في أميركا؟ يكشف السفير عن العناوين التالية: ـ يهودية الدولة لا تعني تهجير الفلسطينيين داخل الخط الاخضر، أو ما يُطلق عليهم عرب الـ48، بل سحب الجنسية الاسرائيلية منهم واستبدالها ببطاقات إقامة تجدد كل فترة تماما كما العامل أو المقيم الاجنبي، وبالتالي بإمكان السلطات الاسرائيلية ان تتذرع بأي حجة لسحب الاقامة وطرد من كان يحملها، بما يعني عمليا تهجيرا ممنهجا وبلا ضجيج لكل العرب من الدولة اليهودية المزعومة بدلا من الإقدام على تهجيرهم دفعة واحدة. ـ مخطط يهودية الدولة هو الإبقاء على الجنسية فقط للدروز لوضعهم في موقع العداء مع إخوانهم العرب، مع إمكانية البحث في تعديل هذا التوجه بحيث يبقي على الجنسية للبدو والمسيحيين من أجل إرضاء الفاتيكان. يلفت السفير الى انه «خلال زيارة البابا فرنسيس الى الاراضي المقدسة، حاولت القيادة الاسرائيلية طمأنته بأنها لن تمس بالمقدسات المسيحية ولن تمنع أبناء الطائفة من ممارسة شعائرهم، والآن هناك محاولة لطمأنة الكنيسة الارثوذكسية، ولكن يبدو ان كل هذا السعي الخبيث لإيجاد شرخ ديني عميق لن يُكتب له النجاح». يتحدث السفير نفسه عن أن «القيادة الاسرائيلية تعمل على إتمام صفقة مع الحزب الجمهوري عشية الانتخابات الرئاسية الاميركية المقبلة، قوامها حشد اسرائيل الأصوات لمصلحة المرشح الرئاسي الجمهوري مقابل وعد بإعطاء الضوء الأخضر ليهودية الدولة في اسرائيل، ولكن حسب الثوابت الاميركية التي غالبا ما تلتزم بها أي إدارة جديدة ولأي من الحزبين انتمت، لن تسمح بقيام الدولة اليهودية»، على ذمة سفير الدولة الكبرى.    

المصدر : داود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة