الأفكار التي يجري تبادلها بشأن حل سياسي في سوريا تشير إلى ظروف سانحة لوقف التدمير والقتل لكن الأطراف الفاعلة في الأزمة ربما لا ترغب في إنهاء الحرب.

الظروف المتشابكة تتيح لموسكو ولبعض أطراف المعارضة السياسية التداول في أفكار حل سياسي

قبل استفحال القتل، كان من المتعارف عليه أن لا حسم عسكريا في سوريا، وأن لا حل غير الحل السياسي. وما كان متعارفا عليه قبل سنوات، بات اليوم يقينا.

لكن المحاولة التي سعت إليها موسكو في جنيف، بشراكة أميركية ــ أوروبية، ظنتها المعارضة فرصة للتسلم والتسليم، لشدة ما تداولته في اجتماعاتها من شروحات انتقال السلطة.

المعارضات السياسية عادت كما كانت أفرادا وجماعات، عبئا على الدول الداعمة، بحسب تحقيقات صحيفة "لوموند" الفرنسية، والغارديان البريطانية، وباتت المعارضات المسلحة تتناحر بين النصرة و"داعش".

غير أن اضمحلال المعارضة السياسية، لم يغير المراهنة التركية على تغيير الجغرافيا السياسية السورية, وإنشاء حديقة خلفية لتركيا بين سوريا والعراق، بل على العكس من ذلك، زادها اقتحاما خشية من ارتدادات الأزمة السورية على تركيا.

دول الخليج أيضا، لم تغير مراهناتها، على الرغم من اندثار ما كانت تسميه "معارضة معتدلة". فقد ذهبت بعيدا في الاستثمار بالأزمة، وأضحت كلفة الاستمرار أقل من خسائر العودة إلى الصفر، ولا سيما أن غريمها التركي لم يستنفد طاقته بعد، ولا يسعها تركه في الملعب وحيدا.

والبيت الأبيض لا يعرف أين يبدأ وأين ينتهي في مواجهة "داعش"، لكنه يراهن على الوقت في المدى الطويل، بحسب وعوده، للقضاء على الارهاب وعلى النظام في الوقت نفسه.

هذه الظروف المتشابكة تتيح لموسكو ولبعض أطراف المعارضة السياسية التداول في أفكار حل سياسي، كما تتيح لمبعوث الأمم المتحدة البحث في عدة مجالات للتهدئة الجهوية.

بيد أن الحل السياسي الناجع للأزمة، يستند إلى موازين القوى على الأرض. وربما إذا لم تتغير الأرض التي يقف عليها "داعش" والنصرة، ووقف مراهنات الدول الداعمة لها، يبدو البحث الجدي في حل سياسي ليس قريب المنال.

تداول الأفكار أول الغيث، لكن الأفكار العقلانية ليست نهاية المطاف.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-12
  • 12634
  • من الأرشيف

افكار سياسية حول الأزمة السورية.. قراءة في المعطيات

الأفكار التي يجري تبادلها بشأن حل سياسي في سوريا تشير إلى ظروف سانحة لوقف التدمير والقتل لكن الأطراف الفاعلة في الأزمة ربما لا ترغب في إنهاء الحرب. الظروف المتشابكة تتيح لموسكو ولبعض أطراف المعارضة السياسية التداول في أفكار حل سياسي قبل استفحال القتل، كان من المتعارف عليه أن لا حسم عسكريا في سوريا، وأن لا حل غير الحل السياسي. وما كان متعارفا عليه قبل سنوات، بات اليوم يقينا. لكن المحاولة التي سعت إليها موسكو في جنيف، بشراكة أميركية ــ أوروبية، ظنتها المعارضة فرصة للتسلم والتسليم، لشدة ما تداولته في اجتماعاتها من شروحات انتقال السلطة. المعارضات السياسية عادت كما كانت أفرادا وجماعات، عبئا على الدول الداعمة، بحسب تحقيقات صحيفة "لوموند" الفرنسية، والغارديان البريطانية، وباتت المعارضات المسلحة تتناحر بين النصرة و"داعش". غير أن اضمحلال المعارضة السياسية، لم يغير المراهنة التركية على تغيير الجغرافيا السياسية السورية, وإنشاء حديقة خلفية لتركيا بين سوريا والعراق، بل على العكس من ذلك، زادها اقتحاما خشية من ارتدادات الأزمة السورية على تركيا. دول الخليج أيضا، لم تغير مراهناتها، على الرغم من اندثار ما كانت تسميه "معارضة معتدلة". فقد ذهبت بعيدا في الاستثمار بالأزمة، وأضحت كلفة الاستمرار أقل من خسائر العودة إلى الصفر، ولا سيما أن غريمها التركي لم يستنفد طاقته بعد، ولا يسعها تركه في الملعب وحيدا. والبيت الأبيض لا يعرف أين يبدأ وأين ينتهي في مواجهة "داعش"، لكنه يراهن على الوقت في المدى الطويل، بحسب وعوده، للقضاء على الارهاب وعلى النظام في الوقت نفسه. هذه الظروف المتشابكة تتيح لموسكو ولبعض أطراف المعارضة السياسية التداول في أفكار حل سياسي، كما تتيح لمبعوث الأمم المتحدة البحث في عدة مجالات للتهدئة الجهوية. بيد أن الحل السياسي الناجع للأزمة، يستند إلى موازين القوى على الأرض. وربما إذا لم تتغير الأرض التي يقف عليها "داعش" والنصرة، ووقف مراهنات الدول الداعمة لها، يبدو البحث الجدي في حل سياسي ليس قريب المنال. تداول الأفكار أول الغيث، لكن الأفكار العقلانية ليست نهاية المطاف.

المصدر : قاسم عزالدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة