دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من المقرر أن يصدر «داوننغ ستريت» أوامره بشن حملة إجراءات صارمة ضد الإخوان المسلمين وشبكة من الجماعات الإسلامية المتهمة بتأجيج التطرف داخل بريطانيا وعبر أرجاء العالم العربي. وكان ديفيد كاميرون قد أطلق تحقيقا حول جماعة الإخوان المسلمين في وقت سابق من العام، بدافع من المخاوف إزاء تحريضها على آيديولوجية أصولية تحث المتطرفين البريطانيين على القتال في سوريا والعراق.
وأفادت تقارير أن سير ريتشارد ديرلوف، الرئيس السابق لـ«إم آي6»، والذي يشارك في عملية مراجعة نشاطات الإخوان المسلمين كمستشار، وصف الجماعة بأنها «في جوهرها تنظيم إرهابي». في المقابل، تصر الجماعة على أنها لا تنتهج العنف وتسعى لفرض الحكم الإسلامي فقط عبر التغيير الديمقراطي، فيما أدان الإخوان المسلمون «داعش» و«القاعدة».
وذكر مصدر مطلع رفيع المستوى أن التحقيق الذي يقترب من الصدور في نسخته النهائية خلص في تقريره - الذي تم جمعه لكن لم ينشر بعد - إلى وجود «شبكة بالغة التعقيد» تضم ما يصل إلى 60 منظمة داخل بريطانيا، بينها منظمات خيرية ومؤسسات فكرية، بل وقنوات تلفزيونية، على صلة بالإخوان المسلمين، والتي من المفترض أن تخضع جميعها الآن للرقابة الوثيقة.
كما تناول التحقيق، الذي أسهمت فيه خدمات أمنية، شبكة الإخوان المسلمين بالخارج. وقال أحد الخبراء إن «قيادات الإخوان المسلمين يعملون حاليا من داخل 3 قواعد كبرى - لندن وإسطنبول والدوحة، عاصمة قطر».
يذكر أن قطر، أغنى دول العالم بالنسبة للفرد، أوت لمدة تتجاوز 30 عاما يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، غالبا ما يوصف بالزعيم الروحي للإخوان المسلمين. ويواجه القرضاوي، الذي منع من دخول بريطانيا عام 2008، اتهامات بالعداء للسامية ودعم الانتحاريين الفلسطينيين وتأييد ضرب الزوجات. وقد وجدت قطر نفسها معزولة عن جيرانها الخليجيين - السعودية والإمارات - بسبب دعمها للإخوان المسلمين أثناء «الربيع العربي». وأيضا، تمول قطر «حماس» التي تأسست في الأصل باعتبارها الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المصرية، والتي تصنف بريطانيا ودول أخرى جناحها العسكري كمنظمة إرهابية.
من جهته، قال دكتور لورنزو فيدينو، الذي يعتقد أنه شارك في وضع التقرير، الذي ترأسه سير جون جنكينز، سفير بريطانيا لدى السعودية: «من الواضح أن الإخوان المسلمين لديهم الكثير من النقاط السوداء، التي تتنوع ما بين علاقتهم الغامضة بالعنف وتأثيرهم المشبوه على التناغم الاجتماعي في بريطانيا». وكشفت مصادر بريطانية لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة الحكومية المتوقعة لن تصل لمستوى حظر الإخوان المسلمين، لكنها قد تتضمن:
إجراء تحقيقات بخصوص منظمات خيرية تشكل فعليا «واجهة» للإخوان، وإجراء تحقيقات بخصوص تمويل الجماعة وصلاتها بالجماعات الأصولية المتطرفة في الخارج، حظر دخول رجال الدين المرتبطين بالجماعة وأعضائها الذين يعيشون بدول مثل قطر وتركيا لبريطانيا للمشاركة بمسيرات أو مؤتمرات، وكان آخرهم بحسب المصادر الدكتور عمرو دراج، القيادي الإخواني البارز. فيما أوضح مصدر بريطاني مطلع: «لا يمكننا حظر الجماعة، لكن هذا بأي حال لم يكن هدف المراجعة. إلا أنه بإمكاننا متابعة أفراد بأعينهم، ليس لتورطهم في نشاطات متعلقة بالإرهاب، وإنما من خلال سبل فرض القانون. لا يمكننا القبض عليهم بسبب الإرهاب، لكنني أراهن أنهم لا يسددون الضرائب المستحقة عليهم». وأضاف: «من بين الأمور المهمة حشد الضغوط على المؤسسات الخيرية. حتى الآن، كان من الصعب للغاية مراقبة جميع الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين».
ومن المعتقد أن الحكومة ستستغل أيضا السلطات الممنوحة بالفعل لتيريزا ماري، وزيرة الداخلية، لمنع العناصر الراديكالية المرتبطة بالإخوان المسلمين من دخول البلاد. وفي هذا الصدد، يحمل رجال الدين القادمين من تركيا وقطر أهمية خاصة.
وذكر مصدر برئاسة الوزراء أن «وزيرة الداخلية تملك سلطة منع مواطن غير بريطاني من دخول البلاد إذا رأت أن وجوده داخل المملكة المتحدة لن يخدم الصالح العام. وسوف تستخدم وزيرة الداخلية هذه السلطات عندما يكون لها ما يبررها وبناء على الأدلة المتاحة».
وأضاف: «بالنظر للمخاوف التي يجري التعبير عنها حاليا بخصوص الجماعة وصلاتها المزعومة بالتطرف والإرهاب، من الصائب والحكيم تماما أن نملك تفهما أكبر للجماعة وتأثيرها على أمننا الوطني ومصالحنا المرتبطة في استقرار ورخاء الشرق الأوسط».
من ناحيته، حدد الدكتور فيدينو، وهو أكاديمي سبق له وضع كتاب عن «الإخوان المسلمين بالغرب»، عددا من الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين، بينها الرابطة الإسلامية في بريطانيا، ومؤسسة قرطبة، وتم إغلاق حسابيهما المصرفيين من جانب مصرف «إتش إس بي سي» في الصيف. وأثناء وجوده في المعارضة، اتهم كاميرون مؤسسة قرطبة، التي يديرها أنس التكريتي، بكونها واجهة للإخوان المسلمين، بحسب «الديلي تلغراف» أمس.
يذكر أن عددا من الأفراد - بينهم التكريتي وأنصار آخرون للإخوان المسلمين داخل المملكة المتحدة وعائلاتهم - تم إغلاق حساباتهم في «إتش إس بي سي». من جهته، أعلن المصرف أن ذلك جاء في إطار «تطبيقه برنامجا للتقييمات الاستراتيجية لجميع نشاطاته التجارية» بعد تعرضه لغرامة بقيمة 1.2 مليار جنيه إسترليني عام 2012 بسبب تدني مستوى القيود التي يفرضها على عمليات غسل الأموال، لكن لم يقدم مزيدا من التفسير لهذه الإجراءات.
يركز تقرير رئاسة الوزراء أيضا على جذور تمويل الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين بالمملكة المتحدة. يذكر أن قطر شكلت الممول الأكبر للإخوان المسلمين، خصوصا حزبه السياسي في مصر، حيث حاز السلطة عبر انتخابات ديمقراطية قبل وقوع انقلاب عسكري دموي.
أيضا، تمول قطر «حماس» والإخوان المسلمين في ليبيا، حيث تواجه اتهامات بالتعاون مع ميليشيات جهادية عازمة على إسقاط الحكومة العلمانية المنتخبة في طرابلس. كما مولت قطر كذلك فعليات بارزة داخل بريطانيا على صلة بالإخوان المسلمين.
وقال متحدث رسمي باسم الرابطة الإسلامية في بريطانيا، التي تضم قرابة ألف عضو، إنها تعاونت مع المراجعة الحكومية، مضيفا أنها «كيان منفصل». بيد أنه استطرد قائلا: «الرابطة الإسلامية في بريطانيا تود التأكيد على أننا نشارك المبادئ الرئيسة للإخوان المسلمين، بما فيها الالتزام بدعم الديمقراطية وحرية الفرد والعدالة الاجتماعية وبناء مجتمع متحضر».
وقال: «الرابطة الإسلامية في بريطانيا تؤكد أننا نؤمن بأن آيديولوجية الإخوان المسلمين ليست متطرفة ولا تقر استخدام العنف. وترفض الرابطة دعوات حظر الجماعة». من جهته كشف الدكتور كمال الهلباوي مؤسس الرابطة الإسلامية في بريطانيا القيادي الإخواني المنشق، أن هناك عشرات الجمعيات الإسلامية التي تعمل في بريطانيا تتعاطف مع الإخوان وتعمل ضمن منظومة الجماعة. وقال الهلباوي الأمين العام السابق للتنظيم العالمي للغرب إن «السياسة لا يمكن أن تدخل في عمل المنظمات الخيرية بموجب القانون البريطاني، قد يحدث ذلك في تركيا أو قطر، ولكن لا يمكن أن يحدث في بريطانيا أي تتورط منظمات خيرية في العمل السياسي». إلا أن الهلباوي أشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن كل المنظمات الإسلامية في بريطانيا، بلا حرج تميل للإخوان. وأوضح القيادي الإخواني المنشق أنه من خلال وجوده في بريطاينا لسنوات طويلة، يشعر أن قادة المنظمات الإسلامية من أصول آسيوية يتعاطفون مع الإخوان، بزعم أنهم مظلومون. وأوضح الهلباوي أن هؤلاء في حاجة إلى تبصرة وتوضيح أيضا من الخارجية وكذلك من العلماء مع كتابات وشروحات باللغة الإنجليزية. وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928، وأطاحت بها الحكومة المصرية العام الماضي. وكانت الجمعيات الخيرية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين واحدة من بين مجالات القلق الرئيسة التي أثارها السير جون جنكينز، وهي تخضع الآن مجددا للتدقيق من جانب لجنة التدقيق البريطانية. ومن المعروف أنه جرى فتح تحقيقات بشأن الشكوك المزعومة حول تمويل منظمات إرهابية في الخارج بواسطة ما لا يقل عن 3 جمعيات خيرية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين ومقرها في لندن.
وقال دبلوماسي بوزارة الخارجية البريطانية إننا «لن نحظر جماعة الإخوان المسلمين، وهناك أشياء أخرى يمكن القيام بها ليس الحظر من بينها». فيما قال مسؤول بريطاني كبير شارك في العمليات، إن «أجزاء من التقرير حساسة للغاية لا يمكن نشرها. وأضاف أنه (يعطي) نظرة شاملة للغاية في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في كثير من البلدان، وثمة تقارير أعطيت لنا حساسة للغاية، ولا يمكننا أن نعود مجددا إلى تلك الأماكن (المصادر) إذا أعلن بعض من هذه المعلومات على الملأ، في إشارة إلى خسارة تلك المصادر حال نشر هذه المعلومات». من ناحية أخرى، اتهم التكريتي رئيس الوزراء البريطاني كاميرون بالترويج لادعاءات كاذبة حول مؤسسة قرطبة في ظل حصانته البرلمانية. وأكد أن المؤسسة تمثل مؤسسة فكرية مستقلة، وأن «إتش إس بي سي» لم يقدم تفسيرا لإغلاقه حسابها المصرفي. وأكد توبي كادمان، محامي التكريتي، أن المراجعة معيبة من بدايتها، مشيرا إلى أنه كان هناك مؤشر على التحيز لأن سير جون جنكينز السفير لدى السعودية التي حظرت الإخوان المسلمين وعلى خلاف مع قطر بسبب الجماعة، لم يكن اختيارا صائبا للإشراف على المراجعة.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة