دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قيلَ الكثير عن ان منطقة كوباني القابعة عند الحدود السورية التركية على وشك السقوط في ظل صعوبة في القراءة الميدانية لمجريات المعركة وتحديد الاثر الفعلي لضربات التحالف الدولي على تنظيم "الدولة الاسلامية". تصل كوباني او "عين عرب" ريفي حلب والرقة، وتستقر في الشمال السوري يحيطها التنظيم المتشدد من جوانبها الجنوبية والغربية والشرقية، وعند حدودها الشمالية تقع تركيا.
حالات كرّ وفرّ بين المقاتلين الأكراد ومقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية"، في ظل غارات دولية للتحالف الدولي برئاسة واشنطن وتنسيق عسكري مع القيادات الداخلية في كوباني.
ومع الأحداث الميدانية التي تتطور بشكل دراماتيكي، تتجه الأنظار الى موقف أنقرة المعادية للأكراد ولـ"داعش" في آن، لاسيّما بعد إجازة البرلمان التدخل العسكري ضد التنظيم.
بالطبع، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان استراتيجيته في ما يتعلق بالتطورات وشروطه لوقف المذبحة، ويظهر الأمر جلياً في تصريحاته الأخيرة التي يشير فيها الى ان نتائج ضربات التحالف الدولي "ليست مجدية"، داعياً الى حل عسكري ضد التنظيم الارهابي. فماذا تريد تركيا في مسألة كوباني التي باتت تتحكم بنطاق واسع من الجغرافيا السياسية في المنطقة؟
كوباني ورقة رابحة في يد الأكراد
يقول الصحافي والباحث في الشأن التركي ميشال نوفل أن كوباني تشكل استراتيجياً أهمية كبرى لتركيا، اذ ان هذه المنطقة هي امتداد جغرافي لكوردستان التركية، والكثير من سكانها هم عائلات تهجرت خلال أولى فترات تأسيس الجمهورية التركية، فقد شهدت تلك الفترة انتفاضات كوردية عدة، كانت تقمع بالحديد والنار، من هنا قرر الناس وقتذاك هجرة الاراضي التركية والنزوح الى الداخل السوري.
بحكم الأمر الواقع، تتمتع كوباني الممتدة على الحدود التركية – السورية على 911 كيلومتراً، بادارة ذاتية ناجحة، وذلك يعتبر مكسباً مهماً للأكراد. هذا المكسب لا ينعكس ايجاباً على تركيا التي من المفترض أن تنتقل الى مرحلة التفاوض مع الحركة القومية الكوردية في داخل تركيا، والمتمثلة بحزب العمال الكوردستاني في شأن تسوية المشكلة الكوردية، ويقول نوفل أن "الحكومة التركية تعرف تماماً ان هذه المكاسب ستعزز وضع حزب العمال الكوردستاني أو الأحزاب الكوردية الثانية في تركيا خلال هذه المفاوضات ". يذكر أن حزب العمال الكوردستاني والذي يترأسه عبدالله أوجلان الموجود حالياً في السجن لأكثر من 15 سنة، يمثل "الرافعة في الحركة القومية الكوردية من عقود عدة حتى اليوم". في حين يؤكد غول ان مسار المفاوضات بين تركيا والأكراد، مسار مختلف تماماً "فهناك 40 سنة من الدماء والارهاب، والحكومة التركية تعاملت بمنطق أمني مع الأكراد منذ بداية المفاوضات".
اضافة الى النقطة السياسية، هناك نقطة أمنية تظهر أهمية كوباني استراتيجياً بالنسبة لتركيا، يشرح نوفل انه "اذا تم وصل المنطقة وازيلت الحدود تنشأ فوضى عارمة عند الحدود التركية السورية أو أنه في حال استولى "داعش" على الحدود مثلما حصل على الحدود السورية العراقية، تخاف الحكومة التركية من التهديدات الأمنية التي قد تحصل في هذه المنطقة".
و يرى نوفل أن التعويل على تدخل الجيش التركي لمنع سقوط كوباني، قد يحصل ضمن شروط يحددها الأكراد، "أردوغان لديه شروط قبل ان يتدخل ويمنع المجازر". فقد طرح الرئيس التركي شروطه مرات عدة منذ اعلان انشاء التحالف الدولي برئاسة واشنطن ضد "الدولة الاسلامية"، ومن هذه الشروط المنطقة العازلة التي يمكن ان يضبط من خلالها مشكلة النازحين الذين يشكلون عبءاً كبيراً على تركيا. كما انه باستطاعته ضبط موضوع الأكراد السوريين من خلال هذه المنطقة من هنا يستطيع عزل المنطقة الكردية السورية عن اكراد تركيا، وفق ما أوضح الباحث في الشأن التركي في حديثه مع "النهار".
ويؤكد نوفل انه "من هنا أهمية "الكباش" الذي يجري بين الاتراك وواشنطن، ففي السابق، حاول الاتراك دفع اميركا وحلف شمال الأطلسي للتدخل في الازمة السورية منذ العام 2011 غير انهم لم يلقوا اي تجاوب".
القول ان "الغارات ليست فعالة في محاربة"، يعد بمثابة "حجة" تستخدمها انقرة اليوم، لتدفع الغرب لبدء معركة برية، طارحة بذلك "احتمال مشاركة قوات تركية في هذه الوحدات"، ويشرح نوفل انه "بهذا الكباش هناك محاولة لتفادي ان يكونوا قاعدة امامية تستخدمها واشنطن مثلما استخدمت باكستان في حرب افغانستان، وفي الوقت عينه يحاول الاتراك دفع اميركا وحلف الاطلسي للمشاركة في المواجهة ضد النظام السوري وحلفائه لأن الاولوية بالنسبة للاتراك ليست داعش انما اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد".
"تركيا لا تتحرك الا في اطار دولي"
بخلاف رؤية نوفل، يقول الباحث التركي المقرب من حزب "العدالة والتنمية" زاهد غول لـ"النهار" ان "كوباني لا تشكل بالنسبة لتركيا عمقاً استراتيجياً"، مشدداً على فكرة ان "تركيا لا تتحرك الا في إطار دولي".
بالنسبة لغول، فان "داعش والأكراد في كوباني وجهان لعملة الارهاب"، لكنه ينفي ان تكون بلاده قد أظهرت العداء للشعب الكردي فقد "استقبلتهم بعد ان نزح اكثر من 180 الف وعبروا الحدود"، غير ان ناشطين أكراد يؤكدون ان تركيا لم تدخل النازحين الأراضي التركية وتعاملهم بازدراء شديد.
يستغرب غول اتهامات الاكراد للسلطات التركية ومن بينها تمويل "داعش" وتقديمها للتنظيم العتاد العسكرية والمساعدات، "أكراد تركيا وسوريا يطالبون بتدخل تركي لمحاربة داعش في المقابل يعلنون ان تركيا تدعم داعش.. هذا التناقض عجيب وغريب في خطابهم السياسي". يتابع قائلاً أن "تركيا لا تريد أن تكون طرفاً في الحرب، لذلك هي تعمل على حماية حدودها من كلا الطرفين"، ويستدرك انها ستدخل المعركة اذا كانت جزءاً من التحالف الدولي، أما غير ذلك فلن تغامر في أي عملية عسكرية، خصوصاً انها على قاب قوسين من الانتخابات النيابية والعامة.
لعنة
في موازاة حرب "داعش" عليهم، يواجه أكراد سوريا حرب شد الحبال بين القوى الاقليمية والكبرى، ذنبهم أنهم ولدوا في هذه الأرض أو هجروا اليها. لعنة الهوية ترافقهم...
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة