دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا يمكن لمتابع موضوعي لأحداث المنطقة أن يعيش جانباً واحداً من التطورات، هي تلك المتصلة بفشل البيشمركة الكردية بدخول الموصل،وسهولة تهديد داعش لأربيل بعدما تمكنت قوات داعش من إسقاط ثلث الجغرافيا العراقية بلا قتال تقريباً، وأن يتجاهل بالمقابل ما جرى في ذات التوقيت على جبهة القملون، عندما اضطرت قوات داعش التي كانت تسمى بجبهة النصرة قبل أيام، للهروب نحو عرسال وتصوير الأمر كبطولة، بينما هو انهزام جبان أمام وحدات الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله، وبعد كل التشابكات المحيطة بما جرى في عرسال وهروب مئات مقاتلي داعش من المواجهة مع الجيش اللبناني، واتخاذهم العسكريين المخطوفين رهائن حماية لتغطية الانسحاب، حدث أمس أبرز تطور عسكري في لبنان وسورية والعراق منذ بروز داعش إلى واجهة الأحداث، عندما انهارت دفاعات داعش والنصرة والجبهة الإسلامية في غوطة دمشق الشرقية، التي تمثلها مدينة المليحة بريف دمشق، ونجاح الجيش السوري بالدخول إلى المدينة وتقطيع أوصال مقاتلي داعش والنصرة في الجيوب المتبقية في غوطة دمشق.
- المقارنة بين وجهي التطورات وحده يعطي فكرة حقيقية عن ماهية توازنات المنطقة، خصوصاً عندما نعلم أن منع تمدد داعش نحو بغداد ما كان ليتحقق لولا وحدات عصائب أهل الحق العاملة تحت راية قيادة حزب الله والمدعومة بالطيران الحربي السوري، فالواضح أن القتال صار بين أهل العقائد ولم يعد فيه مكان للجيوش المحترفة على الطريقة الغربية، والمقصود عندما يقولون جيوشاً محترفة تسمية مهذبة لجيوش مرتزقة لا يربطها بالقتال سوى الوظيفة والراتب، وقد بان ما تستطيعه هذه الجيوش من تجربة العراق، عندما تواجه مجموعات الذبح الحلال في معارك المواجهة، وبان بالمقابل كيف للجيش العقائدي أن يقاتل ثلاث سنوات بلا كلل ولا ملل، وكيف يتمكن من امتصاص الهجمات وتحقيق الانتصارات.
- حروب المنطقة كما تقول حرب غزة وحرب الموصل وحرب أربيل وحرب المليحة وحرب القلمون، هي حروب يفوز فيها الأشد تمسكاً بتراب الأرض واستعداداً لبذل الدماء لأجلها، من دون التهوين من أهمية التمكين أي وسائل القتال وعلوم الحرب وامتلاك السلاح والتقنيات، لكن هذا الجمع المبدع الذي أظهرته المقاومة في حرب تموز، بين التمكين والعزم والالتحام بالشعب، والتمكن من الإمساك بالتاريخ كمصدر للإلهام والقيم وكمسرح لكتابة النصر، وحده ينتصر على داعش لتفوقه عليها بثلاث، الانتماء لأرض أغلب مقاتلي داعش غرباء عنها، والتمسك بتاريخ وحضارة لا يشبهها مقاتلو داعش، في التلقف المدهش لهذه البلاد وشعوبها لكل الديانات وامتصاصها الهادئ والعضوي لتعايش الديانات وتفاعل الحضارات، وامتلاك قضية نصرة مظلوم واسترداد حقوق عنوانها لا يعلوه عنوان محورها وبوصلتها فلسطين ومهرها أخلاق وقيم وترفع وزهد، وليست سلطة حكم ومغانم سبي وسلب ووحشية الشهوات.
- في المقارنة لن يطول التسليم، ولو جرت ألف محاولة للاستدارة والالتفاف، ليظهر أن لا أفق للنصر على داعش، إلا بحرب يقودها محور دولي إقليمي قلبه سورية والمقاومة، وما عداهما سراب بسراب.
المصدر :
البناء /ناصر قنديل
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة