لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثمانين على التوالي.

اليوم جولة عاشرة في ساحة النجمة، ولا نصاب سياسيا ولا دستوريا لانتخاب الرئيس العتيد، برغم اكتمال النصاب السياسي بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان.

في انتظار «اللحظة الرئاسية» المؤجلة، يتقدم ملف مواجهة الإرهاب على ما عداه من ملفات، فضلا عن مباشرة الحكومة اتصالاتها مع بعض العواصم الإقليمية القادرة على ممارسة الضغط على المجموعات المسلحة التي اختطفت العسكريين اللبنانيين في عرسال وجرودها.

وبينما قدمت معظم المؤسسات العسكرية والأمنية لوائح أولية باحتياجاتها العاجلة إلى الحريري من ضمن الهبة السعودية بقيمة مليار دولار لمواجهة الإرهاب والتطرف، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية لـ«السفير» انه إذا لم يتدخل الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز لتصحيح مسار الهبة السعودية الأولى للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار من خلال معبرها الفرنسي الإلزامي، «فان هذه الصفقة ـ الأولى من نوعها ـ مهددة بأن تلغى»، وقالت إن ثمة مؤشرات في هذا الاتجاه بينها قرار الرياض منح الحريري هبة بقيمة مليار دولار، «وقد وقعت هذه الرسالة السعودية وقع الصاعقة على الفرنسيين الذين بدوا مذهولين بالخطوة الملكية المفاجئة».

تشدد سعودي... وبندان جزائيان

وكشفت المصادر أن ثمة قطبة مخفية في باريس وبيروت، حيث بدأت تتصاعد روائح السمسرات، «وهذه المسألة جعلت السعوديين يتشددون ويضعون بنودا جزائية». وقالت المصادر انه عندما أبلغ العاهل السعودي الرئيس اللبناني السابق بهبة تسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار في نهاية العام 2013، «أوكل إلى الديوان الملكي تنفيذ هذه الهبة استنادا إلى لوائح يقدمها الجيش اللبناني، ووقتذاك، طلب الرئيس اللبناني من قيادة الجيش إعداد اللوائح المطلوبة، وزار قائد الجيش العماد جان قهوجي السعودية والتقى رئيس الديوان الملكي خالد التويجري، وجرت هناك مباحثات بين الجانب السعودي ممثلا بالتويجري والجانب الفرنسي ممثلا بوزارة الدفاع أفضت إلى وضع سلسلة شروط سعودية مقيدة حماية للهبة السعودية وأبرزها شرطان:

الأول، بند جزائي في حال ثبت أن هناك عمولة تقاضاها أي طرف معني جراء أي صفقة شراء أسلحة ومعدات وذخائر فرنسية.

الثاني، بند جزائي حول السعر الأدنى، فإذا تبين أن الأسلحة أو المعدات أو الذخائر نفسها بيعت إلى دولة أخرى بسعر اقل من السعر الذي بيعت به إلى لبنان، يتم تغريم الفرنسيين».

وأوضحت المصادر أن وفدا عسكريا فرنسيا «زار لبنان قبل حوالي الأسبوعين وتسلم من قيادة الجيش اللبناني لائحة نهائية استنادا إلى دراسة شاملة باحتياجات المؤسسة العسكرية تمحورت حول سبل تجهيز الجيش بأسلحة من الجيل الجديد تعزز قدراته وتساعده على القيام بالمهام المطلوبة منه لا سيما الحرب على الإرهاب، وأبلغ الفرنسيون الحكومة اللبنانية أنهم سيزورون الرياض للتوقيع نهائيا على البروتوكول، لكنهم ذهبوا ولم يرد منهم أي جواب حتى الآن».

وأشارت إلى انه خلال سلسلة اجتماعات عسكرية لبنانية فرنسية بين باريس وبيروت، تمكن الجانب اللبناني من حذف الكثير من الاقتراحات الفرنسية حول أسلحة معينة من الجيل القديم، وبينها ما هو موجود لدى الجيش حاليا ولا يفي بالحاجة، وقالت إنه بمعزل عن «الفيتو» الاسرائيلي بمنع حصول لبنان على أسلحة كاسرة للتوازن «تمكن الجيش اللبناني (نظريا) من تحقيق خرق بحصوله على أسلحة صاروخية ومدفعية ورادارات متطورة»، غير أن اللافت للانتباه أن معظم هبة الـ3 مليارات ستصرف على قضايا التدريب والذخائر والصيانة والمنشآت وبينها بناء مستشفى عسكري كبير وبناء مرفأ قادر على استقبال الزوارق الحربية السريعة («أدروا»)، فضلا عن إنشاء أحواض بمواصفات معينة لصيانتها مستقبلا!

عمولة فرنسية!

وقالت المصادر إن مراجعات عاجلة جرت بين العواصم المعنية في الأيام الأخيرة أفضت إلى تسريب الفرنسيين أن أحد أسباب التأخير غير المعلن في بدء تنفيذ الهبة «هو انتقال الملف من الديوان الملكي إلى وزارة المال السعودية لأسباب إدارية كون الوزارة هي المعنية مباشرة بالصرف».

ونقلت المصادر عن مسؤول في قصر الاليزيه قوله إن الروتين الإداري السعودي هو المسؤول عن تأخير إبرام الصفقة!

في المقابل، قالت مصادر لبنانية متابعة في بيروت لـ«السفير» ان لا صحة لما يقال فرنسيا عن مسؤولية الإدارة السعودية، وأوضحت أن السعوديين دققوا في الصيغة التي اقترحها الفرنسيون بأن تكون لهم عمولة بقيمة 150 مليون دولار لحساب شركة «أوداس» من خلال موقعها الوسيط في إدارة العملية برمتها (5 في المئة من الصفقة)، فتبين لهم أن هذا النموذج «غير معتمد في حالات وصفقات مماثلة».

وردا على سؤال لـ«السفير» عمّا إذا كانت بلاده قد وقعت على الاتفاق النّهائي مع الفرنسيين أم لا، قال السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان معلوماته تفيد بأنّ المبالغ (3 مليارات دولار) «اعتمدت فور الإعلان عن الهبة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين ولم يتبقّ إلا الآلية التي تصرف بها وهي تعتمد على إتمام الاتفاق النّهائي بين اللبنانيين والفرنسيين، أي عمليا بين البائع والمشتري وبعد ذلك يأتي دور المموّل للدّفع من خلال الحكومة الفرنسيّة وفقا لروزنامة الاتفاق اللبناني ـ الفرنسي»، نافيا مسؤولية بلاده عن التأخير الحاصل حتى الآن.

وردا على سؤال حول عودة الحريري الى بيروت وهبة المليار دولار الجديدة، قال عسيري ان عودة الحريري «تبشر بالخير وهي رسالة إيجابية لجميع القوى السياسية»، داعيا الجميع الى الالتفاف حول الجيش اللبناني في معركة مكافحة الإرهاب والغلوّ والتطرّف»، لافتا الانتباه الى أنّ لبنان «سينجح في محاربة هذه الآفّة التي لا تليق به ولا بعيشه المشترك إذا وحّد اللبنانيون صفوفهم».

نصف المليار.. للجيش

وقالت مصادر لبنانية مطلعة لـ«السفير» إن توزيع هبة المليار دولار التي خصصها الملك عبدالله للجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، سيتم في القريب العاجل، بعد اكتمال بعض الخطوات البسيطة ومنها قبول الهبة في مجلس الوزراء.

واشارت المصادر الى انه بموجب هذه الهبة، سيحصل الجيش اللبناني على نحو 500 مليون دولار لشراء السلاح والأعتدة والذخائر، على أن يتوزع المبلغ المتبقي على باقي الأجهزة الأمنية من قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام وأمن الدولة.

في هذا الإطار، جدد الرئيس نبيه بري شكره للقيادة السعودية، لكنه حذر من أن السقف الاسرائيلي ربما يكون هو العامل الأبرز الذي يحول دون تسليح الجيش بموجب صفقة الثلاثة مليارات دولار، وقال لـ«السفير»: «ما معنى أن تمر ثمانية أشهر وما زلنا نطرح السؤال حول ما اذا كان قد تم التوقيع أم لا من قبل هذا الطرف أو ذاك على الهبة؟». وشدد على اعتماد آليات تساعد على التسريع، وفي الوقت نفسه توفر للجيش ما يحتاجه من أسلحة في مواجهة مخاطر إرهابية سواء عبر حدوده الجنوبية أم عبر الحدود الشرقية كما حصل في عرسال مؤخرا».

  • فريق ماسة
  • 2014-08-11
  • 8430
  • من الأرشيف

«رسالة المليار» تبلغ باريس: الـ3 مليارات مهدّدة!

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثمانين على التوالي. اليوم جولة عاشرة في ساحة النجمة، ولا نصاب سياسيا ولا دستوريا لانتخاب الرئيس العتيد، برغم اكتمال النصاب السياسي بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان. في انتظار «اللحظة الرئاسية» المؤجلة، يتقدم ملف مواجهة الإرهاب على ما عداه من ملفات، فضلا عن مباشرة الحكومة اتصالاتها مع بعض العواصم الإقليمية القادرة على ممارسة الضغط على المجموعات المسلحة التي اختطفت العسكريين اللبنانيين في عرسال وجرودها. وبينما قدمت معظم المؤسسات العسكرية والأمنية لوائح أولية باحتياجاتها العاجلة إلى الحريري من ضمن الهبة السعودية بقيمة مليار دولار لمواجهة الإرهاب والتطرف، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية لـ«السفير» انه إذا لم يتدخل الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز لتصحيح مسار الهبة السعودية الأولى للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار من خلال معبرها الفرنسي الإلزامي، «فان هذه الصفقة ـ الأولى من نوعها ـ مهددة بأن تلغى»، وقالت إن ثمة مؤشرات في هذا الاتجاه بينها قرار الرياض منح الحريري هبة بقيمة مليار دولار، «وقد وقعت هذه الرسالة السعودية وقع الصاعقة على الفرنسيين الذين بدوا مذهولين بالخطوة الملكية المفاجئة». تشدد سعودي... وبندان جزائيان وكشفت المصادر أن ثمة قطبة مخفية في باريس وبيروت، حيث بدأت تتصاعد روائح السمسرات، «وهذه المسألة جعلت السعوديين يتشددون ويضعون بنودا جزائية». وقالت المصادر انه عندما أبلغ العاهل السعودي الرئيس اللبناني السابق بهبة تسليح الجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار في نهاية العام 2013، «أوكل إلى الديوان الملكي تنفيذ هذه الهبة استنادا إلى لوائح يقدمها الجيش اللبناني، ووقتذاك، طلب الرئيس اللبناني من قيادة الجيش إعداد اللوائح المطلوبة، وزار قائد الجيش العماد جان قهوجي السعودية والتقى رئيس الديوان الملكي خالد التويجري، وجرت هناك مباحثات بين الجانب السعودي ممثلا بالتويجري والجانب الفرنسي ممثلا بوزارة الدفاع أفضت إلى وضع سلسلة شروط سعودية مقيدة حماية للهبة السعودية وأبرزها شرطان: الأول، بند جزائي في حال ثبت أن هناك عمولة تقاضاها أي طرف معني جراء أي صفقة شراء أسلحة ومعدات وذخائر فرنسية. الثاني، بند جزائي حول السعر الأدنى، فإذا تبين أن الأسلحة أو المعدات أو الذخائر نفسها بيعت إلى دولة أخرى بسعر اقل من السعر الذي بيعت به إلى لبنان، يتم تغريم الفرنسيين». وأوضحت المصادر أن وفدا عسكريا فرنسيا «زار لبنان قبل حوالي الأسبوعين وتسلم من قيادة الجيش اللبناني لائحة نهائية استنادا إلى دراسة شاملة باحتياجات المؤسسة العسكرية تمحورت حول سبل تجهيز الجيش بأسلحة من الجيل الجديد تعزز قدراته وتساعده على القيام بالمهام المطلوبة منه لا سيما الحرب على الإرهاب، وأبلغ الفرنسيون الحكومة اللبنانية أنهم سيزورون الرياض للتوقيع نهائيا على البروتوكول، لكنهم ذهبوا ولم يرد منهم أي جواب حتى الآن». وأشارت إلى انه خلال سلسلة اجتماعات عسكرية لبنانية فرنسية بين باريس وبيروت، تمكن الجانب اللبناني من حذف الكثير من الاقتراحات الفرنسية حول أسلحة معينة من الجيل القديم، وبينها ما هو موجود لدى الجيش حاليا ولا يفي بالحاجة، وقالت إنه بمعزل عن «الفيتو» الاسرائيلي بمنع حصول لبنان على أسلحة كاسرة للتوازن «تمكن الجيش اللبناني (نظريا) من تحقيق خرق بحصوله على أسلحة صاروخية ومدفعية ورادارات متطورة»، غير أن اللافت للانتباه أن معظم هبة الـ3 مليارات ستصرف على قضايا التدريب والذخائر والصيانة والمنشآت وبينها بناء مستشفى عسكري كبير وبناء مرفأ قادر على استقبال الزوارق الحربية السريعة («أدروا»)، فضلا عن إنشاء أحواض بمواصفات معينة لصيانتها مستقبلا! عمولة فرنسية! وقالت المصادر إن مراجعات عاجلة جرت بين العواصم المعنية في الأيام الأخيرة أفضت إلى تسريب الفرنسيين أن أحد أسباب التأخير غير المعلن في بدء تنفيذ الهبة «هو انتقال الملف من الديوان الملكي إلى وزارة المال السعودية لأسباب إدارية كون الوزارة هي المعنية مباشرة بالصرف». ونقلت المصادر عن مسؤول في قصر الاليزيه قوله إن الروتين الإداري السعودي هو المسؤول عن تأخير إبرام الصفقة! في المقابل، قالت مصادر لبنانية متابعة في بيروت لـ«السفير» ان لا صحة لما يقال فرنسيا عن مسؤولية الإدارة السعودية، وأوضحت أن السعوديين دققوا في الصيغة التي اقترحها الفرنسيون بأن تكون لهم عمولة بقيمة 150 مليون دولار لحساب شركة «أوداس» من خلال موقعها الوسيط في إدارة العملية برمتها (5 في المئة من الصفقة)، فتبين لهم أن هذا النموذج «غير معتمد في حالات وصفقات مماثلة». وردا على سؤال لـ«السفير» عمّا إذا كانت بلاده قد وقعت على الاتفاق النّهائي مع الفرنسيين أم لا، قال السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان معلوماته تفيد بأنّ المبالغ (3 مليارات دولار) «اعتمدت فور الإعلان عن الهبة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين ولم يتبقّ إلا الآلية التي تصرف بها وهي تعتمد على إتمام الاتفاق النّهائي بين اللبنانيين والفرنسيين، أي عمليا بين البائع والمشتري وبعد ذلك يأتي دور المموّل للدّفع من خلال الحكومة الفرنسيّة وفقا لروزنامة الاتفاق اللبناني ـ الفرنسي»، نافيا مسؤولية بلاده عن التأخير الحاصل حتى الآن. وردا على سؤال حول عودة الحريري الى بيروت وهبة المليار دولار الجديدة، قال عسيري ان عودة الحريري «تبشر بالخير وهي رسالة إيجابية لجميع القوى السياسية»، داعيا الجميع الى الالتفاف حول الجيش اللبناني في معركة مكافحة الإرهاب والغلوّ والتطرّف»، لافتا الانتباه الى أنّ لبنان «سينجح في محاربة هذه الآفّة التي لا تليق به ولا بعيشه المشترك إذا وحّد اللبنانيون صفوفهم». نصف المليار.. للجيش وقالت مصادر لبنانية مطلعة لـ«السفير» إن توزيع هبة المليار دولار التي خصصها الملك عبدالله للجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، سيتم في القريب العاجل، بعد اكتمال بعض الخطوات البسيطة ومنها قبول الهبة في مجلس الوزراء. واشارت المصادر الى انه بموجب هذه الهبة، سيحصل الجيش اللبناني على نحو 500 مليون دولار لشراء السلاح والأعتدة والذخائر، على أن يتوزع المبلغ المتبقي على باقي الأجهزة الأمنية من قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام وأمن الدولة. في هذا الإطار، جدد الرئيس نبيه بري شكره للقيادة السعودية، لكنه حذر من أن السقف الاسرائيلي ربما يكون هو العامل الأبرز الذي يحول دون تسليح الجيش بموجب صفقة الثلاثة مليارات دولار، وقال لـ«السفير»: «ما معنى أن تمر ثمانية أشهر وما زلنا نطرح السؤال حول ما اذا كان قد تم التوقيع أم لا من قبل هذا الطرف أو ذاك على الهبة؟». وشدد على اعتماد آليات تساعد على التسريع، وفي الوقت نفسه توفر للجيش ما يحتاجه من أسلحة في مواجهة مخاطر إرهابية سواء عبر حدوده الجنوبية أم عبر الحدود الشرقية كما حصل في عرسال مؤخرا».

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة