دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
- يقول ابن خلدون في مقولته الشهيرة عن صعود وأفول الدول، إن الجيوش هي المقدمة التي تكشف مقدار العمران الذي بلغته الأمم، فالجيوش أولاً عصبية الدولة والجيوش أرقى درجات التمكن من العلوم، وأكثر الميادين أتساعاً لمكونات الدول وتفاعلها، ويرى ابن خلدون أن من علامات شيخوخة الدول أن تصير حروب جيوشها بعد أيام عز حروب رد الاعتبار، وأن تكررها وتفشل، وأن تترهل نخب جيوشها عن الإبداع وتقع في التكرار، وتصاب عقول مخططيها بالبلادة فتخوض حروبها القديمة، بينما الجيوش الصاعدة تخوض حروبها الجديدة، ومن علامات الشيخوخة أيضاً أن تضيع العصبية التي تلتف حولها المكونات داخل الجيوش، بينما من علامات الصعود أن تشتد العصبية وتقوى من دون أن تفقد الالتفاف الذي يمنحها هوية الدولة.
- في المواجهات التي خاضتها الجيوش العربية مع الجيش الإسرائيلي بقيت إسرائيل دولة صاعدة حتى عام 1967 وبدأ الأفول منذ حرب عام 1973، وعلى رغم السياسة التي علقت نتيجة حرب الـ1982 حتى عام 2000، إلا أن النهاية كانت كافية لتقول إن عهد أفول دولة بني إسرائيل قد تكرس تاريخياً، وتكررت الشواهد مع فشل إسرائيل في حرب عام 2006 وبعدها حرب غزة عام 2008، وعام 2012، وصارت عناوين وأهداف الحروب الإسرائيلية رد الاعتبار، أو بلغة هذه الأيام، استعادة قدرة الردع.
- حرب تموز 2006 كانت فاصلة في مسار الجيوش، وكانت المقاومة تظهر كنخبة النخبة في جيوش العرب، فقد تماسكت العصبية لصنع التضحيات وأحاطتها سائر المكونات لتستقر الهوية الجامعة من الشام إلى الأزهر، وظهر التفوق في إدارة فنون الحرب، وابتكار العقول وإبداعها والمثابرة على حسن استعمال عامل الزمن السابق للحرب وذلك الممتد مع تفاصيلها، لتستقر النتيجة على تكريس فشل القوة التي كانت لا تقهر، ومعها يتكرس بالمعنى التاريخي بدء أفول المشروع الحامل لجيشها.
- حرب غزة المستمرة على رغم كمية الدماء الغالية والأرواح المظلومة التي تسقط يومياً، هي علامة تاريخية فائقة الدلالة على أن إسرائيل تحتضر، فالإبداع الشعبي للفقراء في مجال الصواريخ يهزم آخر منتجات التكنولوجيا المدارة من الأقمار الاصطناعية ومن مقر وكالة الناسا في صحراء نيفادا بالولايات المتحدة الأميركية، المسمى بالقبة الحديدية، وبالمقابل العزيمة والمثابرة والثبات والعزم والإرادة والتخطيط التكتيكي، وحسن استخدام الزمن بدلالة ما تقول عملية بناء الأنفاق ومداها وتشعبها ودقتها وصمودها وفعاليتها وحسن استخدامها، كلها عوامل تقول إن دولة العرب الافتراضية بجيشها المضمر الذي تشكله المقاومة تصعد، والكيان الإسرائيلي يحتضر بجيشه ونخبه التقنية والعقائدية وعقوله ومخططيه ومبدعيه ورجاله الأشداء من وحدة إيغوز إلى لواء غولاني.
- التاريخ وعلم التاريخ يقولان إن إسرائيل في زمن الأفول.
المصدر :
البناء/ ناصر قنديل
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة