تستمر «جبهة النصرة» في محاولة لملمة ذيول الهزيمة التي تعرضت لها في المنطقة الشرقية على يد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، وما استتبع هذه الهزيمة من فرار قادتها وسقوطها في مستنقع التشتت والتشرذم، الأمر الذي دفع في ما يبدو القيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى مد يد العون إلى فرعها في الشام، في الوقت الذي يلاحظ فيه أن حركة قدوم «المقاتلين الأجانب» إلى سوريا قد تسارعت وتيرتها منذ إعلان ما سمي «دولة الخلافة الإسلامية».

وثمة تحركات غريبة تجري في حلب وإدلب على صعيد تنقلات مقاتلي «جبهة النصرة»، وانسحابهم من بعض الأماكن والاحتشاد في أماكن أخرى.

وبينما ساد الاعتقاد أن هذه التنقلات تعود إلى سعي «النصرة» لإعادة لم شمل عناصرها، وتعزيز أماكن تواجدها في مناطق محددة تكون قريبة من الحدود التركية، بدل الانتشار على مساحات واسعة، مع ما يعنيه ذلك من زيادة ضعفها، فإنّ مصادر إعلامية مقربة من «داعش» لم تخف اعتقادها أن زعيم «النصرة» أبا محمد الجولاني ربما يخطط من وراء حشد عناصره قرب الحدود لإعلان «إمارة» خاصة به في شمال حلب، يكون مركزها مدينة إعزاز.

وفي ظل عدم إمكانية التأكد من صحة هذه المخططات لإقامة «إمارة»، بدا لافتاً أن يصدر بيان عن «جيش محمد في بلاد الشام» بقيادة أبي عبيدة المصري، وهو حليف لـ «جبهة النصرة» بل سرت أنباء في وقت سابق عن مبايعته لها، يعلن فيه عن نيته البدء في تطبيق الشريعة الإسلامية و«إقامة الحدود» في كافة المناطق المسيطر عليها، معتبراً ذلك خبراً «كفجر الدجى، إذ انبثق من مدلهمات الأمور وسط عظائم الشرور».

يذكر أن أدبيات «جبهة النصرة» تنطلق من أنه لا يجوز إقامة الحدود أوقات الحرب، ما يطرح تساؤلات بشأن هذا التغيير المفاجئ على قناعة أحد أبرز التشكيلات المتحالف معها. والجدير بالذكر أن «جيش محمد» يسيطر على أجزاء من مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، والتي ذكرت مصادر «داعش» أن «جبهة النصرة» تخطط لجعلها «عاصمة إمارتها» التي تنوي إعلانها.

من جهة ثانية، نفت مصادر إعلامية، مقربة من حركة «طالبان» افغانستان أن يكون الملا عمر قد أرسل إلى الجولاني مفوضاً إياه بإنشاء «إمارة» في الشام. والجدير بالذكر أن الجولاني يعتبر تابعاً للملا عمر لأن تنظيم «القاعدة» يعتبر «أمير» فرعه في الشام مبايعا لـ«إمارة أفغانستان» ويعمل بإشرافها وتوجيهها. وهو ما زاد الشكوك حول صحة الأنباء التي تحدثت عن نية الجولاني إنشاء «إمارة»، لكن يبدو أن خطوته لم تحظ بموافقة «أمرائه» المباشرين كأيمن الظواهري والملا عمر.

من جهة أخرى، يبدو أن الوضع الحرج الذي تمر به «جبهة النصرة» بعد هزيمتها في دير الزور، دفع بالقيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى إرسال بعض الكوادر للمساهمة في إعادة هيكلة الجسد العسكري و«الشرعي» لكيانها المتهالك، ومحاولة إنقاذها من حالة التشرذم والتشتت التي غلبت عليها، بعد تضارب الأنباء عن مصير كبار «أمرائها» وقادتها.

وقد يكون وصول الشيخ السعودي ماجد الراشد (أبو سياف) إلى سوريا، يأتي ضمن هذا السياق، لما يعرف عن هذا الشيخ من صلات قوية بتنظيم «القاعدة»، حيث قاتل معه في عهد عبدالله عزام وأسامة بن لادن قبل أن يعتقل في الرياض لمدة 17 عاماً. كما يعرف عن الشيخ عداوته الكبيرة لـ«داعش»، وربما هذه هي الميزة الأهم التي دفعت لإرساله في هذه الظروف.

وفور وصوله كتب الراشد، على حسابه في «تويتر»، «هنا أرض الشام. هنا أرض الملحمة. هنا الأرض المباركة فسطاط المسلمين»، معتذراً من أهله وأبنائه لأنه لم يستطع إخبارهم بذهابه «لأسباب أمنية» واعداً متابعيه أنه سيبدأ التغريد بعد العيد.

ولا تقتصر «الهجرة» إلى أرض الشام على مقاتلي «النصرة»، أو الكوادر التي ترسلها القيادة العامة لـ«القاعدة» لمساندتها، إذ يمكن القول أن حركة «الهجرة» شهدت تسارعاً ملحوظاً منذ الإعلان عن «دولة الخلافة» في الأول من رمضان، أو هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه من الصفحات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من الفصائل «الجهادية»، والتي تتحدث بشكل شبه يومي عن وصول أعداد من «المقاتلين الأجانب».

ونشرت صفحة مقربة من «داعش» صوراً لاحتفال قالت أنه جرى لمناسبة استقبال 70 «مهاجراً» وصلوا أمس إلى سوريا، بينما كانت مصادر مقربة من «الدولة الإسلامية» قد سربت أن أعداد من وصلوا إلى «دولة الخلافة»، منذ الإعلان عنها، بلغ حوالي 370 «مهاجراً».

وكان الشيخ السعودي عبيد الشمري وصل إلى سوريا قبل أيام فقط من إعلان «الخلافة»، علماً أنه كان ملاحقاً من أجهزة المباحث في بلاده. وما له دلالته في هذا السياق أن الإعلام «الجهادي» التابع لـ«داعش» أطلق عصر أمس حملة أسماها «جمعة الهجرة إلى دولة الخلافة»، الأمر الذي يشير إلى أننا قد نشهد وصول المزيد من قوافل المقاتلين الأجانب إلى سوريا في الأشهر المقبلة.

  • فريق ماسة
  • 2014-07-10
  • 12447
  • من الأرشيف

هل يعلن الجولاني «إمارة» في الشمال السوري؟ تزايد حركة «الهجرة» بعد إعلان «الخلافة»

تستمر «جبهة النصرة» في محاولة لملمة ذيول الهزيمة التي تعرضت لها في المنطقة الشرقية على يد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، وما استتبع هذه الهزيمة من فرار قادتها وسقوطها في مستنقع التشتت والتشرذم، الأمر الذي دفع في ما يبدو القيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى مد يد العون إلى فرعها في الشام، في الوقت الذي يلاحظ فيه أن حركة قدوم «المقاتلين الأجانب» إلى سوريا قد تسارعت وتيرتها منذ إعلان ما سمي «دولة الخلافة الإسلامية». وثمة تحركات غريبة تجري في حلب وإدلب على صعيد تنقلات مقاتلي «جبهة النصرة»، وانسحابهم من بعض الأماكن والاحتشاد في أماكن أخرى. وبينما ساد الاعتقاد أن هذه التنقلات تعود إلى سعي «النصرة» لإعادة لم شمل عناصرها، وتعزيز أماكن تواجدها في مناطق محددة تكون قريبة من الحدود التركية، بدل الانتشار على مساحات واسعة، مع ما يعنيه ذلك من زيادة ضعفها، فإنّ مصادر إعلامية مقربة من «داعش» لم تخف اعتقادها أن زعيم «النصرة» أبا محمد الجولاني ربما يخطط من وراء حشد عناصره قرب الحدود لإعلان «إمارة» خاصة به في شمال حلب، يكون مركزها مدينة إعزاز. وفي ظل عدم إمكانية التأكد من صحة هذه المخططات لإقامة «إمارة»، بدا لافتاً أن يصدر بيان عن «جيش محمد في بلاد الشام» بقيادة أبي عبيدة المصري، وهو حليف لـ «جبهة النصرة» بل سرت أنباء في وقت سابق عن مبايعته لها، يعلن فيه عن نيته البدء في تطبيق الشريعة الإسلامية و«إقامة الحدود» في كافة المناطق المسيطر عليها، معتبراً ذلك خبراً «كفجر الدجى، إذ انبثق من مدلهمات الأمور وسط عظائم الشرور». يذكر أن أدبيات «جبهة النصرة» تنطلق من أنه لا يجوز إقامة الحدود أوقات الحرب، ما يطرح تساؤلات بشأن هذا التغيير المفاجئ على قناعة أحد أبرز التشكيلات المتحالف معها. والجدير بالذكر أن «جيش محمد» يسيطر على أجزاء من مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، والتي ذكرت مصادر «داعش» أن «جبهة النصرة» تخطط لجعلها «عاصمة إمارتها» التي تنوي إعلانها. من جهة ثانية، نفت مصادر إعلامية، مقربة من حركة «طالبان» افغانستان أن يكون الملا عمر قد أرسل إلى الجولاني مفوضاً إياه بإنشاء «إمارة» في الشام. والجدير بالذكر أن الجولاني يعتبر تابعاً للملا عمر لأن تنظيم «القاعدة» يعتبر «أمير» فرعه في الشام مبايعا لـ«إمارة أفغانستان» ويعمل بإشرافها وتوجيهها. وهو ما زاد الشكوك حول صحة الأنباء التي تحدثت عن نية الجولاني إنشاء «إمارة»، لكن يبدو أن خطوته لم تحظ بموافقة «أمرائه» المباشرين كأيمن الظواهري والملا عمر. من جهة أخرى، يبدو أن الوضع الحرج الذي تمر به «جبهة النصرة» بعد هزيمتها في دير الزور، دفع بالقيادة العامة لتنظيم «القاعدة» إلى إرسال بعض الكوادر للمساهمة في إعادة هيكلة الجسد العسكري و«الشرعي» لكيانها المتهالك، ومحاولة إنقاذها من حالة التشرذم والتشتت التي غلبت عليها، بعد تضارب الأنباء عن مصير كبار «أمرائها» وقادتها. وقد يكون وصول الشيخ السعودي ماجد الراشد (أبو سياف) إلى سوريا، يأتي ضمن هذا السياق، لما يعرف عن هذا الشيخ من صلات قوية بتنظيم «القاعدة»، حيث قاتل معه في عهد عبدالله عزام وأسامة بن لادن قبل أن يعتقل في الرياض لمدة 17 عاماً. كما يعرف عن الشيخ عداوته الكبيرة لـ«داعش»، وربما هذه هي الميزة الأهم التي دفعت لإرساله في هذه الظروف. وفور وصوله كتب الراشد، على حسابه في «تويتر»، «هنا أرض الشام. هنا أرض الملحمة. هنا الأرض المباركة فسطاط المسلمين»، معتذراً من أهله وأبنائه لأنه لم يستطع إخبارهم بذهابه «لأسباب أمنية» واعداً متابعيه أنه سيبدأ التغريد بعد العيد. ولا تقتصر «الهجرة» إلى أرض الشام على مقاتلي «النصرة»، أو الكوادر التي ترسلها القيادة العامة لـ«القاعدة» لمساندتها، إذ يمكن القول أن حركة «الهجرة» شهدت تسارعاً ملحوظاً منذ الإعلان عن «دولة الخلافة» في الأول من رمضان، أو هذا على الأقل ما يمكن استنتاجه من الصفحات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من الفصائل «الجهادية»، والتي تتحدث بشكل شبه يومي عن وصول أعداد من «المقاتلين الأجانب». ونشرت صفحة مقربة من «داعش» صوراً لاحتفال قالت أنه جرى لمناسبة استقبال 70 «مهاجراً» وصلوا أمس إلى سوريا، بينما كانت مصادر مقربة من «الدولة الإسلامية» قد سربت أن أعداد من وصلوا إلى «دولة الخلافة»، منذ الإعلان عنها، بلغ حوالي 370 «مهاجراً». وكان الشيخ السعودي عبيد الشمري وصل إلى سوريا قبل أيام فقط من إعلان «الخلافة»، علماً أنه كان ملاحقاً من أجهزة المباحث في بلاده. وما له دلالته في هذا السياق أن الإعلام «الجهادي» التابع لـ«داعش» أطلق عصر أمس حملة أسماها «جمعة الهجرة إلى دولة الخلافة»، الأمر الذي يشير إلى أننا قد نشهد وصول المزيد من قوافل المقاتلين الأجانب إلى سوريا في الأشهر المقبلة.

المصدر : السفير /عبد الله سليمان علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة