ما الذي سيحدثه الإجتياح الداعشي لأجزاء واسعة من العراق؟

لا يشك أحد في أن هذا الحدث الخطير ستتجاوز آثاره العراق، خصوصاً إذا ما فشلت محاولات احتوائه والإجهاز على هذه الجماعات الإرهابية. ومن الطبيعي أن يكون له تداعيات في المنطقة لا سيما في دول الجوار.

وقد طرح مجلس الوزراء في جلسته أول أمس هذا السؤال في معرض تحليله وقراءته الأولى لما حصل ويحصل. وانتهى الجميع إلى وجوب «اتخاذ الإجراءات المناسبة والضرورية» لمواجهة مثل هذه التداعيات المفترضة، غير أنهم لم يحددوا الخطوات العملية التي يمكن أن تحصّن الوضع اللبناني من «الرياح الداعشية».

وقد تكون الصدفة قد لعبت دورها في قيام الفوج المجوقل من الجيش اللبناني بحملة مداهمات وملاحقة واعتقال عدد من العناصر الارهابية التابعة لجبهة النصرة في جرود عرسال بعد يوم من جلسة مجلس الوزراء، خصوصا أنها تأتي في أعقاب عمليات تصفية وخطف قامت بها هذه المجموعات مؤخراً انطلاقاً من مواقع انتشارها في المناطق الحدودية الجردية.

إلا أن ما قامت به هذه القوة من النخبة في الجيش يشكل نموذجاً من الخطوات التي تندرج في إطار تحصين الوضع الأمني اللبناني في وجه تزايد خطر نشاط المجموعات الإرهابية عموما، وفي ضوء ما جرى ويجري في العراق.

وتقول أوساط مراقبة إن التطورات المتسارعة والخطيرة في المنطقة تفترض تعميم مثل هذا النموذج في مناطق يمكن أن تشكل ملاذا للمجموعات الإرهابية، ووضع خطة أمنية شاملة لدرء هذا الخطر الداهم، تأخذ بعين الاعتبار الإسراع في تعزيز الجيش وزيادة تسليحه بالآليات والمعدات الفعالة بما في ذلك الحصول على مزيد من الطائرات المروحية الحديثة.

ولأن الأمن وحده لا يوفر الاستقرار العام، فانه لا بد من حلول سياسية للازمة المتفاقمة لا سيما في ظل الشغور الرئاسي وتمدد التعطيل إلى مجلس النواب والحكومة.

وإذا كانت المناخات التي سادت مؤخراً تدل على عمق وطول هذه الأزمة، فان «الاجتياح الداعشي»، الذي استأثر ويستأثر بالاهتمام الدولي والاقليمي، من شأنه أن يزيد من بقاء لبنان في الظل، ويقلل من فرص تقصير فترة هذه الأزمة المستعصية داخلياً.

ووفقاً للمعلومات التي تسربت في الساعات الماضية فان ما جرى في العراق جعل بعض القيادات يستشعر خطر تداعياته على لبنان، ما دفعهم إلى إجراء مداولات ومشاورات بقي معظمها بعيداً عن الأضواء في محاولة لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي الخروج من حالة الشلل التي وقعت فيها البلاد.

وتضيف هذه المعلومات أن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ينوي في هذا الإطار التحرك باتجاه الداخل والخارج لرسم وبلورة المخرج الملائم لمأزق انتخاب رئيس الجمهورية، وانه لقي ويلقى تشجيعاً من الرئيس بري الذي أكد أمام زواره إلى وجوب الاستمرار بالمحاولات والاتصالات سعياً لانتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن.

ومن السابق لأوانه تقول مصادر مواكبة معرفة الأفكار التي يملكها جنبلاط في سعيه إلى حل أزمة الرئاسة، لكن الصعوبات الداخلية والخارجية تبدو أكبر من قدرة وطاقة رئيس «اللقاء الديمقراطي»، لا سيما في ظل استمرار التعقيدات المحلية، وانخفاض منسوب الاهتمام الدولي والإقليمي بالاستحقاق الرئاسي.

وتقول مصادر سياسية مطلعة أن المعطيات الداخلية الراهنة لا توحي بإمكانية تجاوز الصعوبات التي تحول دون انتخاب رئيس الجمهورية، لا سيما انه لم يطرأ أي تبدل في المواقف عند القيادات والأطراف السياسية. فالتواصل المستمر بين التيارين العوني والحريري لم يؤد حتى الآن إلى نتائج ملموسة أو إلى اتفاق على تزكية الثاني لترشح الأول إلى انتخابات الرئاسة، وبالتالي لا يزال في إطار حدود التطبيع بين الطرفين.

ويضاف إلى ذلك أن تيار «المستقبل» من خلال مواقفه وممارسته الأخيرة أكان بالنسبة لجلسات انتخاب الرئيس أو جلسات السلسلة، أظهر تمسكاً بتحالفه مع رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع وباقي مسيحيي 14 آذار، ما يدل ويؤشر إلى انه لم يصل بعد إلى حدود رسم خارطة جديدة أو توسيع خارطة تحالفاته باتجاه العماد عون.

ويبزر من العناصر الداخلية التي تصعّب مهمة البحث عن مخرج المأزق الرئاسي أيضا بحسب المصادر غياب التفاهم على اسم بديل للمرشحين عون وجعجع، ذلك أن الأسماء التي طرحتها بكركي أو قيل أنها تزكيها لا تحظى عمليا بدعم أو بموافقة من قبل الطرفين المتنافسين، لا بل أيضا من معظم فريقي 8 و14 آذار.

وبرأي المصادر إن الاستحقاق الرئاسي اللبناني اليوم هو في مرحلة أدق وأخطر من الاستحقاقات السابقة نظراً للتطورات والمتغيرات الجارية في المنطقة، وهذا يفترض من كل الأطراف حسابات عند تلك التي كانت يحصل في السابق.

وتشير إلى أن الوضع والمعطيات الداخلية لا تدل على إمكانية انتخاب الرئيس من دون مساعدة خارجية، غير متوافرة حتى إشعار آخر. لذلك وجب على القيادات والأطراف السياسية التعامل بموضوعية مع هذا الواقع والانصراف إلى توفير أمرين اثنين بحسب المصادر:

1- تنشيط حوار وطني جديد يأخذ بعين الاعتبار خطورة ما يجري في المنطقة وتداعياته على لبنان، ويهدف بالدرجة الأولى إلى عدم إغراق البلاد في الشلل التام، ويمكن أن يأخذ هذا الحوار إشكالا أخرى غير الجلوس إلى طاولة مستديرة أو مستطيلة أو غيرها.

ومن شأن هذا الشكل من الحوار أن يساهم أولا في المحافظة على حضور الدولة من جهة والى تحصين وتعزيز الاستقرار السياسي الذي يشكل شرطا مهماً لنجاح وتعزيز الاستقرار الأمني.

2- توسيع مساحة التواصل والحوار حول الاستحقاق الرئاسي بحيث لا تقتصر على مفاوضات ثنائية أو ثلاثية، وبالتالي السعي إلى مقاربة هذا الموضوع من الباب التوافقي، بعيداً عن منطق التحدي القائم اليوم.

وبرأي المصادر إن ما قام ويقوم به الرئيس بري بما في ذلك التواصل المستمر مع جنبلاط يشكل محورا مهماً من هذا الحوار المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى.
  • فريق ماسة
  • 2014-06-13
  • 9232
  • من الأرشيف

هل يُلهم «الاجتياح الداعشي» اللبنانيين لحوار مُتعدّد الأطراف والمحاور؟

ما الذي سيحدثه الإجتياح الداعشي لأجزاء واسعة من العراق؟ لا يشك أحد في أن هذا الحدث الخطير ستتجاوز آثاره العراق، خصوصاً إذا ما فشلت محاولات احتوائه والإجهاز على هذه الجماعات الإرهابية. ومن الطبيعي أن يكون له تداعيات في المنطقة لا سيما في دول الجوار. وقد طرح مجلس الوزراء في جلسته أول أمس هذا السؤال في معرض تحليله وقراءته الأولى لما حصل ويحصل. وانتهى الجميع إلى وجوب «اتخاذ الإجراءات المناسبة والضرورية» لمواجهة مثل هذه التداعيات المفترضة، غير أنهم لم يحددوا الخطوات العملية التي يمكن أن تحصّن الوضع اللبناني من «الرياح الداعشية». وقد تكون الصدفة قد لعبت دورها في قيام الفوج المجوقل من الجيش اللبناني بحملة مداهمات وملاحقة واعتقال عدد من العناصر الارهابية التابعة لجبهة النصرة في جرود عرسال بعد يوم من جلسة مجلس الوزراء، خصوصا أنها تأتي في أعقاب عمليات تصفية وخطف قامت بها هذه المجموعات مؤخراً انطلاقاً من مواقع انتشارها في المناطق الحدودية الجردية. إلا أن ما قامت به هذه القوة من النخبة في الجيش يشكل نموذجاً من الخطوات التي تندرج في إطار تحصين الوضع الأمني اللبناني في وجه تزايد خطر نشاط المجموعات الإرهابية عموما، وفي ضوء ما جرى ويجري في العراق. وتقول أوساط مراقبة إن التطورات المتسارعة والخطيرة في المنطقة تفترض تعميم مثل هذا النموذج في مناطق يمكن أن تشكل ملاذا للمجموعات الإرهابية، ووضع خطة أمنية شاملة لدرء هذا الخطر الداهم، تأخذ بعين الاعتبار الإسراع في تعزيز الجيش وزيادة تسليحه بالآليات والمعدات الفعالة بما في ذلك الحصول على مزيد من الطائرات المروحية الحديثة. ولأن الأمن وحده لا يوفر الاستقرار العام، فانه لا بد من حلول سياسية للازمة المتفاقمة لا سيما في ظل الشغور الرئاسي وتمدد التعطيل إلى مجلس النواب والحكومة. وإذا كانت المناخات التي سادت مؤخراً تدل على عمق وطول هذه الأزمة، فان «الاجتياح الداعشي»، الذي استأثر ويستأثر بالاهتمام الدولي والاقليمي، من شأنه أن يزيد من بقاء لبنان في الظل، ويقلل من فرص تقصير فترة هذه الأزمة المستعصية داخلياً. ووفقاً للمعلومات التي تسربت في الساعات الماضية فان ما جرى في العراق جعل بعض القيادات يستشعر خطر تداعياته على لبنان، ما دفعهم إلى إجراء مداولات ومشاورات بقي معظمها بعيداً عن الأضواء في محاولة لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي الخروج من حالة الشلل التي وقعت فيها البلاد. وتضيف هذه المعلومات أن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ينوي في هذا الإطار التحرك باتجاه الداخل والخارج لرسم وبلورة المخرج الملائم لمأزق انتخاب رئيس الجمهورية، وانه لقي ويلقى تشجيعاً من الرئيس بري الذي أكد أمام زواره إلى وجوب الاستمرار بالمحاولات والاتصالات سعياً لانتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن. ومن السابق لأوانه تقول مصادر مواكبة معرفة الأفكار التي يملكها جنبلاط في سعيه إلى حل أزمة الرئاسة، لكن الصعوبات الداخلية والخارجية تبدو أكبر من قدرة وطاقة رئيس «اللقاء الديمقراطي»، لا سيما في ظل استمرار التعقيدات المحلية، وانخفاض منسوب الاهتمام الدولي والإقليمي بالاستحقاق الرئاسي. وتقول مصادر سياسية مطلعة أن المعطيات الداخلية الراهنة لا توحي بإمكانية تجاوز الصعوبات التي تحول دون انتخاب رئيس الجمهورية، لا سيما انه لم يطرأ أي تبدل في المواقف عند القيادات والأطراف السياسية. فالتواصل المستمر بين التيارين العوني والحريري لم يؤد حتى الآن إلى نتائج ملموسة أو إلى اتفاق على تزكية الثاني لترشح الأول إلى انتخابات الرئاسة، وبالتالي لا يزال في إطار حدود التطبيع بين الطرفين. ويضاف إلى ذلك أن تيار «المستقبل» من خلال مواقفه وممارسته الأخيرة أكان بالنسبة لجلسات انتخاب الرئيس أو جلسات السلسلة، أظهر تمسكاً بتحالفه مع رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع وباقي مسيحيي 14 آذار، ما يدل ويؤشر إلى انه لم يصل بعد إلى حدود رسم خارطة جديدة أو توسيع خارطة تحالفاته باتجاه العماد عون. ويبزر من العناصر الداخلية التي تصعّب مهمة البحث عن مخرج المأزق الرئاسي أيضا بحسب المصادر غياب التفاهم على اسم بديل للمرشحين عون وجعجع، ذلك أن الأسماء التي طرحتها بكركي أو قيل أنها تزكيها لا تحظى عمليا بدعم أو بموافقة من قبل الطرفين المتنافسين، لا بل أيضا من معظم فريقي 8 و14 آذار. وبرأي المصادر إن الاستحقاق الرئاسي اللبناني اليوم هو في مرحلة أدق وأخطر من الاستحقاقات السابقة نظراً للتطورات والمتغيرات الجارية في المنطقة، وهذا يفترض من كل الأطراف حسابات عند تلك التي كانت يحصل في السابق. وتشير إلى أن الوضع والمعطيات الداخلية لا تدل على إمكانية انتخاب الرئيس من دون مساعدة خارجية، غير متوافرة حتى إشعار آخر. لذلك وجب على القيادات والأطراف السياسية التعامل بموضوعية مع هذا الواقع والانصراف إلى توفير أمرين اثنين بحسب المصادر: 1- تنشيط حوار وطني جديد يأخذ بعين الاعتبار خطورة ما يجري في المنطقة وتداعياته على لبنان، ويهدف بالدرجة الأولى إلى عدم إغراق البلاد في الشلل التام، ويمكن أن يأخذ هذا الحوار إشكالا أخرى غير الجلوس إلى طاولة مستديرة أو مستطيلة أو غيرها. ومن شأن هذا الشكل من الحوار أن يساهم أولا في المحافظة على حضور الدولة من جهة والى تحصين وتعزيز الاستقرار السياسي الذي يشكل شرطا مهماً لنجاح وتعزيز الاستقرار الأمني. 2- توسيع مساحة التواصل والحوار حول الاستحقاق الرئاسي بحيث لا تقتصر على مفاوضات ثنائية أو ثلاثية، وبالتالي السعي إلى مقاربة هذا الموضوع من الباب التوافقي، بعيداً عن منطق التحدي القائم اليوم. وبرأي المصادر إن ما قام ويقوم به الرئيس بري بما في ذلك التواصل المستمر مع جنبلاط يشكل محورا مهماً من هذا الحوار المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى.

المصدر : الديار / محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة