دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تكد لطيفة التونسية تقطف صدى "أحلى حاجة فيّي"، حتى أطلّت قبل أسابيع ضمن بـ"بالعربي"، بعدسة وليد ناصيف. العمل ألوانٌ، يُبيّنها فرِحة، تطفحُ شباباً وتملأ المكان حيوية. فيه، يظهر أنّ المُراهَقة لا تعرف عمراً، وأنّ زحفَ الرجل خلف المرأة مُضحكٌ حقاً!
يستكمل ناصيف محاولته تقديم لطيفة في صورة العصر: ستايل وسرعة. قصد في "أحلى حاجة فيّيّ" أن يُقال كيف إنّها تغيّرت الى هذا الحدّ. البهجة عينها يحملها ناصيف نسخةً الى "بالعربي"، مُعدِّلاً الألوان ومُراهناً عليها. الكليب شكل، لطيفة فيه، بكل فرحها، "تهزم" رجلاً لم يعد يعني لها شيئاً.يبدو، في الظاهر، أنّ للكليب قصة، لعلها هذه: شاب (ملك الجمال علي حمود) يُلاحق لطيفة، ويرجو لعلاقتهما فرصة ثانية. أما كيف تتم الملاحقة، فهنا الطامة. علينا أحياناً ألا نُحمِّل الأشياء ضعف حجمها، وأن نُشاهد الفيديو كليب من باب اللهو لا المادة الفنية. في كل مرة، نجد الكليبات مُجرّد شكل يفتقر إلى العمق، كأنّها ترسيخٌ لبُنية اجتماعية قائمة على السطحية. نُدرك أنّه من الجنون رفعُ الكليبات (عامة) الى مرتبة الأعمال القيّمة، ونقدها من هذا المنطلق. سيكون علينا جميعاً تبنّي الرأي المُؤيِّد، لمجرّد أن "الصورة" جميلة، ونُردد أن العمل "رائع"، وأنّ لطيفة فيه مُدهِشة. هي ربما كذلك، لكنّه أصبح مملاً أن تكون الفنانات مدهشات من دون أي إضافة أخرى.
الأغنية عن امرأة تبرد مشاعرها تجاه رجل، ربما حملت إليه حباً، لكنّها اليوم تُخرجه من حساباتها. يُحاول ناصيف إقناعنا بأنها لامبالية، من دون أن يُمرِّنها على فكرة أنّها مستحيلة البلوغ. يترك شاباً يُتعقّبها، فيما هي تُسارِع الخُطى، في مشهد يُسطّح معنى الرفض. هو يُطاردها، وهي دائماً تقوده مثل ولدها. طوال الوقت وهو يبدو صبياً، فيما الأغنية تفترض البحث عن رجل، رجلٌ بحجم قرارها بأنهما لن يعودا معاً وليس أقلّ وقْعاً. حمود طلّة لكنّه ليس كاريزما. ينقصه أن يُجيد التمثيل بأنه مرفوض، وأنّ التي ترفضه إمرأة لن تُبدِّل رأيها. هو فعلَ العكس. كلّما تصرّف كمتوسّل راح يبدو مُنصاعاً. افتُقد في الدور "احتيال" الرجل للإيقاع بامرأة يُريدها ولا تريده. افتُقد الرجل الناضج.
مضى وقتٌ ونحن نقارب أغنية، حتّى الآن لم نغنّها. إليك منها: "لما السماء تنزل عالأرض/ ولما الطول يصبح بالعرض/ ولما بيوليو تموت من البرد/ أنا ممكن أحنّ عليك (...)/ بالعربي أنا وإنتَ لازم ننهي/ نتكلّم ليه في موضوع منهي/ كدا جيبنا آخرنا وده كبيرنا/ أنا وإنت خلاص مش سكة بعض". تُبيّن لطيفة الأغنية (كلمات ملاك جلال، وألحان محمد راجح، وتوزيع هيثم راضي) خفيفة الظلّ، غايتها الجوّ العابر. نُحبّ أن نورد المزيد منها لولا أن ذلك قد يُفهَم حشواً، لكننا سنُخاطر: "بالعربي أنا قلبي ماهوش/ قابل إن إنت تشوفني ونتقابل/ في السكّة لتودّي حعدّي/ أصل أنا محتاجة شوية بعد".
لن يكون القصد أنّ العمل يستحقّ الرجم. هو، إذ راح يُجمِّل الفنانة ويُغرقها بالألوان، بيّنها مُدَّعية كأنها تُمثّل مشاعرها. اللااكتراث تجاه حُبها القديم هو اكتراث في ذاته كونها تُقدِّمه بمبالغة. استبدلت حياد الشعور بضحك متواصل لم نعرف سببه. أنْ تفرح يعني أنّها ما عادت مغرمة (؟!). الكليبات إما تُمجِّد البكائيات أو تضحك. ينجح ناصيف بأن يقدّم عملاً همّه الصورة. دونها، لا شيء يُذكر.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة