دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
سوف تشهد الفترة الحالية تصعيدا سياسيا من الخارج وعسكريا في الداخل حتى موعد القسم الرئاسي السوري في شهر تموز/ يوليو المقبل، الأمور سيئة ولا تسوية تذكر تلوح في الأفق، هذه خلاصة الحديث الذي دار مع مجموعة من الساسة والصحافيين الفرنسيين في مطعم البرلمان الفرنسي في الدائرة السابعة في العاصمة الفرنسية باريس.
صاحب دعوة العشاء رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية السورية في البرلمان الفرنسي النائب الإشتراكي ( جيرارد بابت) ، وبناء على سؤالنا اتصل برئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الفرنسي ( فرانسوا لونكل) وسأله عن قرار منع السوريين المقيمين في فرنسا من التصويت في الانتخابات الرئاسية ، وهل سوف يتم منعهم من دخول السفارة السورية ؟ وجاء الجواب أنه لن يتم منع السوري الراغب بدخول السفارة للتصويت من دخول مبنى السفارة، ولكن في حال حصول تجمعات موالية ومعارضة سوف يتم غلق الطريق وتفريق الجموع.
النائب الفرنسي تحدث عن أجواء متلبدة في الوضع السوري مشيرا الى الغاء زيارة كان من المقرر أن يقوم بها وفد من نواب حاليين وسابقين ومسؤولين أمنيين فرنسيين الى دمشق بينهم ( بابت) لكن الزيارة لن تتم بسبب الانتخابات السورية حسب قوله ، وتطرق النائب الفرنسي الى موضوع استقالة الأخضر الإبراهيمي من منصبه كمبعوث دولي في سوريا، وقال انها تُعبر عن وضع خطير جدا وسيئ جدا وهذا يعني انه لا توجد أية أفق للتسوية في سوريا.
هذا الكلام أكد معناه لنا أيضا دبلوماسي سوري في نيويورك في اتصال معه، بالقول ليس هناك من تغيير في السياسة ألأمريكية ، وليس هناك من هو مهتم حاليا بالبحث عن خليفة للإبراهيمي ، حتى في جلسة مجلس الأمن الدولي المغلقة التي ناقش فيها تقرير الابراهيمي واستقال قبل انعقادها مباشرة ، لم يتم البحث بموضوع خليفة له.
فرنسا التي عاد وزير خارجيتها من زيارة قام بها الى واشنطن صعدت ضد سوريا خلال الزيارة وبعدها بشكل ملفت ، هذا التصعيد أتى على خلفية معرفة الفرنسيين بالموقف الحقيقي لأمريكا، فضلأ عن ذلك فرنسا نفسها استقبلت قبل أسبوعين ( عبد الحكيم بلحاج) المسؤول العسكري في تنظيم القاعدة، بلحاج استقبل في وزارة الخارجية الفرنسية ، ووضعت له حماية شخصية من قبل الأمن الفرنسي بحسب مصادر صحافية فرنسية، وعبد الحكيم بالحاج أول من ارسل مقاتلين الى سوريا عام 2011 ، وذهب هو شخصيا الى الشمال السوري لتدريب المقاتلين كما كشف تقرير لصحيفة الفيغارو الفرنسية يومها، وهذا ما يشير الى أن المرحلة ما زالت تسير في اتجاه ارسال المقاتلين الى سوريا رغم الكلام عن الخوف من الجهاديين، ويقول (الان كورفيس) العقيد الركن السابق في الجيش الفرنسي في حديث لموقع المنار أنه رغم الكلام عن الخوف من عودة هؤلاء ، يبقى الموضع تحت السيطرة بالنسبة للحكومات الغربية ، ويضيف ان بقاءهم هناك قد يكون مطلوبا لاستمرار الحرب ، هم سوف يعودون الى هنا في حال واحد ، إذا حصلت تسوية ما ، وهذا أمر غير متوفر حاليا.
المدير السابق لجهاز مكافحة التجسس في فرنسا ( ايف بونيه) قال لنا في اتصال ان التسوية ليست قريبة في سوريا ، ولكن في النهاية سوف يأتي يوم تتوقف فيه الحرب كما حصل في لبنان ، ولكن السؤال هو متى هذا اليوم؟ لا يبدو من تسلسل الأحداث اتساع رقعة الخلاف الروسي الأمريكي في اوكرانيا أن تسوية حول سورية في طريقها الى الولادة.
صحيفة (لوكانارد أنشينيه) القريبة من دوائر الاستخبارات الفرنسية نقلت عن جنرال فرنسي شارك في اجتماع حلف شمال الأطلسي في باريس الشهر الماضي قوله ( أوباما وبوتين لديهم وحدهم الأوراق ، هم الفاعلون الحقيقيون ، وهم لا يلعبون لعبة جيدة حاليا) ، ونقلت الصحيفة عن مساعد لوزير الخارجية الفرنسي ان بوتين يملك ورقتين كبيرتين (الورقة الايرانية، والورقة السورية) وهو يعرف حاجة اوروبا للغاز الروسي وحاجتهم اليه للضغط على دمشق وطهران وأيضا لمغادرة أفغانستان.
امريكا لا تتكلف شيئا في هذه الحرب ، لذلك ليست في عجلة لإيجاد حل ، خصوصا في ظل التقدم الذي يحرزه الجيش السوري في جبهات مفصلية في البلاد، أو في سوريا المفيدة كما يسميها معارض سوري ، وسوريا المفيدة هذه تمتد حسب قوله من جنوب دمشق مرورا بالمنطقة الوسطى باتجاه الساحل وحلب، ، بينما الوضع في الشرق على الحدود مع العراق مؤجل للمستقبل بسبب وجود العشائر وخلافاتها وصراعاتها على النفط ، وهذه المنطقة سوف يتم التعاطي معها من هذا المنطلق ، وهي منطقة لا تتواجد فيها الدولة السورية منذ صيف العام 2012 وبالتالي فهي منطقة نفوذ لجميع الاطياف المسلحة الموزعة بين داعش والنصرة والمتنقلة البيعة بينهما، وبالتالي فان حرية التنقل بين العراق وسوريا عبر الطرق الصحراوية لا تتوقف رغم ان الجيش العراقي يحاول ضبط الأمور ، ولكن هذه الحدود هي بطول مئات الكيلومترات ، كما تحظى داعش بتأييد قاعدة شعبية موجودة على الطرف العراقي من الحدود، وتبقى حركة نقل المقاتلين في معظمها باتجاه واحد من العراق الى سوريا يقول المعارض السوري مضيفا ان استراتيجية الحكومة العراقية تقوم على ضرب داعش في الانبار حتى تنتقل الأخيرة الى سوريا، وهذا يعزز الصراع بين اطراف المعارضة السورية ، كما ثبت من الاقتتال العنيف حيث تتواجد داعش والنصرة والفصائل الأخرى ، بينما تقوم الاستراتيجية السعودية على بقاء داعش في العراق لإسقاط الحكومة العراقية والتخفيف عن مقاتلي النصرة والكتائب الأخرى في الشمال والشرق السوري. في هذه المنطقة تلعب السعودية وقطر - حليفتا واشنطن- دورا اساسيا، فيما تدعي امريكا دعمها للجيش العراقي ، وهنا في هذه المنطقة مظهر من مظاهر اتساع الهوة بين الفرقاء الإقليميين، خصوصا السعودية وإيران
هذا العمل الأمريكي الذي يُركز على استنزاف الجميع وعدم مواجهة أية خسائر حضر ايضا في حمص حيث اعتقد البعض من غير المتابعين لتفاصيل التفاوض في أحيائها القديمة أن ما جرى مؤشر على وجود تسوية إقليمية ودولية ، واتت التسريبات غير دقيقة وغير لمستندة الى اضطلاع بتفاصيل الأرض لتعزز الوهم بوجود تسوية، بينما ما حصل في حمص جاء نتيجة اقتناع المعارضة المسلحة بعدم قدرتها على الصمود اكثر ، وقرار الجيش السوري كان بدخول المدينة القديمة قبل الانتخابات حتى ولو اضطر للقضاء على كل الموجودين في الاحياء المحاصرة، وهذا ما ذكرناه في موقع المنار يوم 2 ايار/مايو الحالي في تقرير بعنوان ( حقيقة ما يجري في اتفاق حمص) ولخصنا الوضع بالقول ( المسلحون في حمص أمام خيارين احلاهما علقم: الاول الاستمرار بالقتال وهذا يعني انتحارا أكيدا لهم بشكل جماعي ، او القبول بالانسحاب دون شروط تعجيزية يحاولون اختلاقها وهم في النفس ألاخير..
والجيش السوري أخطر وجهاء من مدينة حمص على تواصل مع المسلحين المحاصرين انه قرَّر دخول الأحياء المحاصرة التي تشكل المدينة القديمة ، وهي تمتد من الجامع الكبير الى السوق المسقوف الى حي بستان الباشا وحي القرابيص فضلا عن جزء من حي جورة الشياح ، وهذا القرار لا رجعة عنه حتى لو اضطر الى القضاء على كل من في هذه الاحياء).
هذا الاختلال في ميزان القوى جعل المعارضة والدول الداعمة تقتنع ان سحب المقاتلين الذين بلغ عددهم 1260 مقاتلا من حمص الى منطقة مفتوحة على الصحراء باتجاه تدمر ودير الزور سوف يؤمن لها مقاتلين لمواجهة داعش التي تتقدم في تلك المنطقة الغنية بالنفط والمحاذية لمناطق نفوذها في العراق ، ونشير أيضا الى ان التواصل الايراني- التركي اقتصر على ضمان الايرانيين لمرور المقاتلين مقابل ضمان الاتراك وصول شحنات المساعدات الى مدينتي نبل والزهراء في الشمال السوري.
كما نشير الى أن التفاوض لم يكن على كل حمص ، والاتفاق اقتصر على المدينة القديمة في حمص فقط ، ولم يشمل حي الوعر الكبير في المدينة نظرا لشعور المعارضة بقدرتها على القتال فيه لوقت اطول ورغبة الدولة السورية باستعادة حمص القديمة قبل الانتخابات ، ما سهَّل الاتفاق الذي قُسم الى اتفاقات متعددة مع كل مجموعة ، وكل هذا الحراك كان موضعيا في أحياء المدينة القديمة ، ونُذكر أن موقع المنار هو الوسيلة الإعلامية العربية والعالمية الوحيدة التي نشرت صورة عن وثيقة من وثائق اتفاقات المدينة القديمة في حمص.
القصة الحقيقية لدعوة سعود الفيصل ..
ردت الخارجية الإيرانية على تصريح وزير الخارجية السعودي بخصوص توجيه دعوة لنظيره الايراني لزيارة الرياض بالقول انها لم تتلق دعوة خطية ، وأن هذه الزيارة يجب أن تسبقها إجراءات ، وهذا الكلام الايراني لم يفاجىء المطلعين على قصة الدعوة السعودية ، وتريد إيران من تلقي دعوة مكتوبة معرفة البنود التي سوف يتم البحث بها خلال هذه الزيارة، أما حقيقة الدعوة كما ذكرتها تقارير صحافية منتصف شهر نيسان/ابريل الماضي فتشير الى دور إماراتي أساس في عملية التواصل بعيدا عن الحديث الإعلامي غير الدقيق عن دور للكويت وعمان في هذا الموضوع تحديدا ، وخلاصة القصة أنه في زيارة قام بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى الإمارات العربية المتحدة ، والتقى خلالها نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد ال نهيان ، طلب ظريف من نظيره الاماراتي التوسط لتحسين العلاقات السعودية الايرانية ، وتأمين لقاء مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز ، غير ان رد وزارة الخارجية السعودية كان ان ظريف يلتقي سعود الفيصل ، وفي الوقت الذي يراه مناسبا. وتم الاتفاق حينها بين الوزير الإماراتي ونظيره الإيراني على قيام الإمارات بترتيب زيارة للرئيس الإيراني الى الرياض في اقرب فرصة ، وحسب التقارير الصحفية نفسها يوجد توجه سعودي إيجابي في الدائرة المحيطة بالملك السعودي في هذه المسالة بعيدا عن سعود الفيصل الذي تحدث عن شروط جديدة للتواصل مع ايران تتلخص في تخلي طهران عن لعب دور الوصي على المسلمين الشيعة في العالم، وهذا الشرط أصبح أساسيا في مفكرة سعود الفيصل بعيدا عن الكلام السعودي حول النووي الإيراني.
هنا يمكن قراءة الرد الايراني المطالب بدعوة خطية والمتريث في الزيارة من زاوية الحذر من فخ ينصبه سعود الفيصل لإفشال اية فرصة للتقارب ، خصوصا في ظل الصراع الدائر حاليا على ورثة عبد العزيز في الملك ، وفي وقت ترى فيه طهران ان الفيصل سوف يرحل قريبا ، وانه من الأجدى التفاوض مع الطاقم الجديد.
الملف النووي الإيراني:
قد يكون هذا الملف هو المسألة الاساس التي تعول عليها امريكا للتفكير بوقف عملية الابتزاز التي تقوم بها في سوريا، ويعتقد اوباما انه نجح بالضغوط الاقتصادية في إقناع الايراني بفصل الملف النووي عن الملفات الأخرى العالقة بين الطرفين، وهذا قد ساهم في تقدم هذه المفاوضات التي يمكن ان تصل الى نتيجة جيدة في اواخر تموز/يوليو المقبل بمعزل عن الخلافات الاخرى التي لن تتأثر بأي تفاق نووي.
نعود الى الخلاف الروسي الأمريكي المستعر والمحتدم لنشير الى ما قاله مسؤولون في اللجنة الامنية والعسكرية الروسية لطرف سياسي فرنسي التقاهم الاسبوع الماضي في موسكو ( نحن نريد تفكيك حلف الناتو ، ولن نقبل بأقل من هذا).
في هذا الموضوع للحديث تتمة وتفاصيل نعدكم بنشرها قريبا..
المصدر :
الماسة السورية/ نضال حمادة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة