لم يشعر أهالي حلب بالعطش منذ عام 1776، أي منذ أن أنشدوا الموشّح الحلبي المعروف، «اسقِ العطاش». لكن العطش يضرب حلب اليوم، في ظل بوادر كارثة انسانية

تراجعت نسبة سقوط قذائف الهاون واسطوانات الغاز في مدينة حلب، غير أن أهاليها بدأوا يعيشون فصول معاناة أخرى، بعد أن انقطعت مياه الشرب تماماً عن المدينة. «الوضع ينذر بكارثة إنسانية وصحية ونحن نفعل ما بوسعنا لدرء هذه المخاطر»، يقول مصدر في «الهلال الأحمر السوري» لـ«الأخبار».

خطة المنظمة والجهات الحكومية نجحت في تأمين مياه الشرب بالحد الأدنى للسكان عبر الآبار، لكن استمرار ذلك لفترة قصيرة سيجعل السكان في وضع غير صحي، «فالاستخدام المنزلي حيوي جداً وكثير من المنازل لم يعد فيها ماء للاستخدام الصحي، العديد من الصهاريج التي تبيع المياه ما هي إلا صهاريج شفط الصرف الصحي المنزلي وهي ملوثة وخطيرة»، يضيف المصدر.

بدوره، شرح مصدر في «مؤسسة مياه حلب» لـ«الأخبار» أنّ «الارهابيين يتحكمون بمحطة الضخ في منطقة سليمان الحلبي، ولا يلتزمون بأي اتفاق مع الهلال الاحمر، ويومياً تحتاج المحطة إلى صهريجي مازوت لأنّ خط الكهرباء الذي يغذيها خارج الخدمة». وأشار إلى أنّ «الهيئة الشرعية هي من تسيطر على المحطة وتوجد خلافات كبيرة بين زعمائها، ونحن كمؤسسة لا صلة مباشرة لنا معهم إلا عن طريق الهلال الأحمر خصوصاً أنهم قتلوا عدداً من عمالنا». ولفت المصدر إلى «خطورة سعي المسلحين إلى ضخ المياه باتجاه أحياء يسيطرون عليها فقط، ما يحمل خطر انهيار في المنظومة المائية المتكاملة وصعوبة صيانتها، ما يحرم مليونيْ مواطن المياه، بمن فيهم من يقطنون تحت سيطرة الإرهابيين».

«مؤسسة مياه حلب الحرة!»

حاولت «الهيئة الشرعية» تشكيل مؤسسة مياه خاصة بها تتألف من بعض الموظفين والعمال «المنشقين». لكن هذه المحاولة باءت بالفشل، فسرعان ما دخلت المؤسسة في بازار التنافس والصراعات الفصائلية. فبحسب المصادر، طلبت «جبهة النصرة» مبلغ 4000 دولار مقابل كل أسطوانة كلور، بعد أن سيطرت على معمل الكلور قرب دير حافر، ومنعت موظفي المؤسسة الحكومية من استلام الكميات المتفق عليها مع المعمل لتعقيم المياه. وفرضت النزاعات الداخلية خيارين، إما «قطع المياه عن المدينة أو ضخها بدون تعقيم».

وبعد ذلك ترك «الثوار» عبء مياه الشرب للدولة، وأصبحت مؤسسة المياه الحكومية تشغلها بالتعاون مع الهلال الاحمر السوري الذي يتولى نقل المازوت ومواد التعقيم إلى المؤسسة، التي استمرت بإرسال العاملين الفنيين لتشغيل وصيانة المحطة.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-09
  • 11694
  • من الأرشيف

العطش يضرب مدينة حلب!

لم يشعر أهالي حلب بالعطش منذ عام 1776، أي منذ أن أنشدوا الموشّح الحلبي المعروف، «اسقِ العطاش». لكن العطش يضرب حلب اليوم، في ظل بوادر كارثة انسانية تراجعت نسبة سقوط قذائف الهاون واسطوانات الغاز في مدينة حلب، غير أن أهاليها بدأوا يعيشون فصول معاناة أخرى، بعد أن انقطعت مياه الشرب تماماً عن المدينة. «الوضع ينذر بكارثة إنسانية وصحية ونحن نفعل ما بوسعنا لدرء هذه المخاطر»، يقول مصدر في «الهلال الأحمر السوري» لـ«الأخبار». خطة المنظمة والجهات الحكومية نجحت في تأمين مياه الشرب بالحد الأدنى للسكان عبر الآبار، لكن استمرار ذلك لفترة قصيرة سيجعل السكان في وضع غير صحي، «فالاستخدام المنزلي حيوي جداً وكثير من المنازل لم يعد فيها ماء للاستخدام الصحي، العديد من الصهاريج التي تبيع المياه ما هي إلا صهاريج شفط الصرف الصحي المنزلي وهي ملوثة وخطيرة»، يضيف المصدر. بدوره، شرح مصدر في «مؤسسة مياه حلب» لـ«الأخبار» أنّ «الارهابيين يتحكمون بمحطة الضخ في منطقة سليمان الحلبي، ولا يلتزمون بأي اتفاق مع الهلال الاحمر، ويومياً تحتاج المحطة إلى صهريجي مازوت لأنّ خط الكهرباء الذي يغذيها خارج الخدمة». وأشار إلى أنّ «الهيئة الشرعية هي من تسيطر على المحطة وتوجد خلافات كبيرة بين زعمائها، ونحن كمؤسسة لا صلة مباشرة لنا معهم إلا عن طريق الهلال الأحمر خصوصاً أنهم قتلوا عدداً من عمالنا». ولفت المصدر إلى «خطورة سعي المسلحين إلى ضخ المياه باتجاه أحياء يسيطرون عليها فقط، ما يحمل خطر انهيار في المنظومة المائية المتكاملة وصعوبة صيانتها، ما يحرم مليونيْ مواطن المياه، بمن فيهم من يقطنون تحت سيطرة الإرهابيين». «مؤسسة مياه حلب الحرة!» حاولت «الهيئة الشرعية» تشكيل مؤسسة مياه خاصة بها تتألف من بعض الموظفين والعمال «المنشقين». لكن هذه المحاولة باءت بالفشل، فسرعان ما دخلت المؤسسة في بازار التنافس والصراعات الفصائلية. فبحسب المصادر، طلبت «جبهة النصرة» مبلغ 4000 دولار مقابل كل أسطوانة كلور، بعد أن سيطرت على معمل الكلور قرب دير حافر، ومنعت موظفي المؤسسة الحكومية من استلام الكميات المتفق عليها مع المعمل لتعقيم المياه. وفرضت النزاعات الداخلية خيارين، إما «قطع المياه عن المدينة أو ضخها بدون تعقيم». وبعد ذلك ترك «الثوار» عبء مياه الشرب للدولة، وأصبحت مؤسسة المياه الحكومية تشغلها بالتعاون مع الهلال الاحمر السوري الذي يتولى نقل المازوت ومواد التعقيم إلى المؤسسة، التي استمرت بإرسال العاملين الفنيين لتشغيل وصيانة المحطة.

المصدر : الأخبار /باسل ديوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة