أنجز الكاتب الأفغاني الأميركي خالد حسيني في روايته "عدّاء الطائرة الورقية"، الصادرة بالإنكليزية التي عرفت رواجا كبيرا، سرد مؤامرة شخصية تبدأ من صداقة أمير الوثيقة مع حسان ابن خادم أبيه ولن تلبث أن تصير الخيط الذي يربط فصول حكاية تعرّج على مفاهيم محورية كثيرة. لم يستطع الكاتب أن يتفادى التقرّب من المأساة الإنسانية التي تشهدها سورية في الأعوام الأخيرة. والحال أنه التقى عددا من اللاجئين السوريين الوافدين الى شمال العراق محاولا ادراك حجم المعاناة التي يختبرونها. عن التماس بينه وبين القضية الطارئة، نشر حسيني في "مدونة الكتب" الملحقة بصحيفة "ذي غارديان" البريطانية، نصا أقام فيه مقابلة بين خلفية روايته "عداء الطائرة الورقية" أي افغانستان المضطربة خلال ثلاثة عقود، وبين الحاضر المؤلم سوريّاً. يكتب حسيني: "التقيتُ ناسا جاءت تجاربهم شبيهة بتجارب اللاجئين الأفغان في أكثر من معنى: انقلبت حيوات رأسا على عقب، تعرّضَت مجموعات من الناس لقصف مركّز مزّقهم، وجرى سحق الأحلام. التقيتُ أطفالا مفجوعين رأوا أمورا لا ينبغي لأي طفل أن يسمع عنها، فكيف بأن يكون شاهدا عليها. التقيتُ أطفالا محرومين من ارتياد المدرسة، جرى بتر طفولتهم على نحو وحشي وعنفيّ حتى. لكن وعلى نسق الأفغان، اللاجئون هم أشخاص قادرون على التكيّف. عند غروب الشمس أجلسُ عند أعلى هضبة قريبة وأنظر الى مخيم اللاجئين في الأسفل، فأذهل من نسبة الجمال التي يمكن أن تنبثق، على نحو غير متوقع، من أكبر المآسي الإنسانية. تنصرف النساء الى الطهو. يأكل الأطفال البوظة ويجعلون الطائرات الورقية تطير. كان يمكن سماع الموسيقى. سمعتُ ضحكا وأحاديث وصراخا يأتي من الدكاكين التي أنشأها اللاجئون من أصحاب المبادرات في المخيم". يزيد حسيني في نصه انه وعلى رغم التحدّيات الهائلة قام هؤلاء اللاجئون الذين خسروا كل شيء بما في وسعهم لإعادة بناء حيواتهم وخلق مكان يشبه المنزل. يردف ان قلوبهم كُسرت ربما غير انهم يحاولون انجاز شيء من اللاشيء، متكلين على الغريزة الإنسانية الأساسية لخلق مجموعة سكانية متراصة تفوز بالأمل والكرامة. نقرأ صوب نهاية النص في نبرة الأمل الذي لا يذبل: "كان هذا جمالاً غير متوقع فشعرت بتأثر شديد".

  • فريق ماسة
  • 2014-04-13
  • 13175
  • من الأرشيف

خالد حسيني الأفغاني السوري

أنجز الكاتب الأفغاني الأميركي خالد حسيني في روايته "عدّاء الطائرة الورقية"، الصادرة بالإنكليزية التي عرفت رواجا كبيرا، سرد مؤامرة شخصية تبدأ من صداقة أمير الوثيقة مع حسان ابن خادم أبيه ولن تلبث أن تصير الخيط الذي يربط فصول حكاية تعرّج على مفاهيم محورية كثيرة. لم يستطع الكاتب أن يتفادى التقرّب من المأساة الإنسانية التي تشهدها سورية في الأعوام الأخيرة. والحال أنه التقى عددا من اللاجئين السوريين الوافدين الى شمال العراق محاولا ادراك حجم المعاناة التي يختبرونها. عن التماس بينه وبين القضية الطارئة، نشر حسيني في "مدونة الكتب" الملحقة بصحيفة "ذي غارديان" البريطانية، نصا أقام فيه مقابلة بين خلفية روايته "عداء الطائرة الورقية" أي افغانستان المضطربة خلال ثلاثة عقود، وبين الحاضر المؤلم سوريّاً. يكتب حسيني: "التقيتُ ناسا جاءت تجاربهم شبيهة بتجارب اللاجئين الأفغان في أكثر من معنى: انقلبت حيوات رأسا على عقب، تعرّضَت مجموعات من الناس لقصف مركّز مزّقهم، وجرى سحق الأحلام. التقيتُ أطفالا مفجوعين رأوا أمورا لا ينبغي لأي طفل أن يسمع عنها، فكيف بأن يكون شاهدا عليها. التقيتُ أطفالا محرومين من ارتياد المدرسة، جرى بتر طفولتهم على نحو وحشي وعنفيّ حتى. لكن وعلى نسق الأفغان، اللاجئون هم أشخاص قادرون على التكيّف. عند غروب الشمس أجلسُ عند أعلى هضبة قريبة وأنظر الى مخيم اللاجئين في الأسفل، فأذهل من نسبة الجمال التي يمكن أن تنبثق، على نحو غير متوقع، من أكبر المآسي الإنسانية. تنصرف النساء الى الطهو. يأكل الأطفال البوظة ويجعلون الطائرات الورقية تطير. كان يمكن سماع الموسيقى. سمعتُ ضحكا وأحاديث وصراخا يأتي من الدكاكين التي أنشأها اللاجئون من أصحاب المبادرات في المخيم". يزيد حسيني في نصه انه وعلى رغم التحدّيات الهائلة قام هؤلاء اللاجئون الذين خسروا كل شيء بما في وسعهم لإعادة بناء حيواتهم وخلق مكان يشبه المنزل. يردف ان قلوبهم كُسرت ربما غير انهم يحاولون انجاز شيء من اللاشيء، متكلين على الغريزة الإنسانية الأساسية لخلق مجموعة سكانية متراصة تفوز بالأمل والكرامة. نقرأ صوب نهاية النص في نبرة الأمل الذي لا يذبل: "كان هذا جمالاً غير متوقع فشعرت بتأثر شديد".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة