فيما تتواصل معاناة النساء في صعيد مصر من قيود المجتمع وعاداته وتقاليده المتوارثة، ووسط اتهامات لوسائل الإعلام بتجاهل الآم وآمال وطموحات وإبداعات المرأة، تأتي ظاهرة التحرش الجنسي التي أطلت برأسها داخل مجتمعات كانت توصف بالمجتمعات المحافظة في صعيد مصر.

ويقول باحثون إن ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء باتت لا تفرق في انتشارها بين مدينة في أقصى صعيد مصر وحي في وسط العاصمة المصرية القاهرة، لكن الفارق أن تلك الظاهرة باتت تهدد حياة كثير من النساء في محافظات الصعيد وصارت سببا في تفجر صراعات ومعارك قبلية.

وترى دراسة للباحثة المصرية الدكتورة خديجة فيصل مهدي أن الظاهرة لها مخاطر أخرى في صعيد مصر بينها القضاء على ما حققته المرأة من مكتسبات في مجال حق العمل وحرية الخروج والانتقال والسفر، إذ باتت كثير من الأسر والعائلات والقبائل تبدي تحفظا على خروج النساء والفتيات للعمل أو لأي سبب آخر خشية تعرضهن لمضايقات من قبل المتحرشين بالنساء، الأمر الذي يعد سبة وعارا يلاحق رجال العائلة قبل نسائها ولا يعالج إلا بالقتل.

وهكذا، حسب هذه الدراسة، فقد بات التحرش الجنسي يهدد حياة النساء ويفجر المعارك والصراعات القبلية بين رجال وشبان القبائل والعائلات بمراكز ومحافظات صعيد مصر التي شهدت بالفعل الكثير من المعارك القبلية بسبب التحرش وخاصة في قنا وسوهاج وجنوب الأقصر.

وتشير الباحثة المصرية إلى أن قضية التحرش الجنسي بالمرأة، أصبحت مشهدا ونمطا عاديا يتكرر كل ساعة دون أن يقتصر على استهداف السيدات في مرحلة عمرية معينة أو طبقة اجتماعية محددة أو بعضا من النساء،معتبرة أن ظاهرة التحرش الجنسي “واحدة من أخطر الكوارث الاجتماعية التي تقف عائقا أمام التنمية والتطور في البلاد”.

وتقول شيرين النجار مديرة مركز إيزيس لبحوث المرأة بمدينة الأقصر إن قضايا المرأة تعد جزءا هاما من قضايا المواطنة وعدم التمييز، مشيرة إلى كثرة العوامل التي تساعد على زيادة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، “وأبرزها انتشار معدلات البطالة بين الشباب وارتفاع تكاليف الزواج، لذلك انتشرت حالة من حالات شيوع الفوضى”.

ودعت إلى ضرورة تبني الدولة مجموعة من البرامج الشاملة لمواجهة هذا السلوك والتعريف بالظاهرة وأسبابها وطرق التعامل معها وخطورة التداعيات النفسية للظاهرة على الضحية ومدى تهديدها لتقدم المجتمع وتطوره.

ويقول الدكتور السيد عوض، رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا، إن ظاهرة التحرش الجنسي بالغة التعقيد من حيث طبيعتها ومضاعفاتها وأسباب حدوثها، لذلك فإن معالجتها والقضاء عليها يحتاجان إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانيات وتعاون شرائح المجتمع كافة بما في ذلك منظماتُ المجتمع المدني، لمحاربة هذه الظاهرة السلبية باعتبارها تهديدا خطيرا للأمان الاجتماعي.

وطالب وزارة التربية والتعليم بوضع مناهج تعليمية تتضمن كيفية غرس ثقافة الأخلاق والآداب كما نشرها ودعا لها الدين الإسلامي وطرق مواجهة السلوكيات الخاطئة في حياتنا اليومية وتعلم وتثقيف الشباب حول مخاطر التحرش الجنسي بشكل خاص والتركيز علي أهمية تعليم المرأة “حيث أن تعليمها بمثابة تعليم أسرة بل جيل بالكامل”.

وتقول الباحثة المصرية دعاء مهران إنه بعد تعدد وقائع التحرش الجنسي يجب عمل دورات تدريبية لرجال الشرطة في كيفية التعامل مع قضايا التحرش الجنسي، مع مجابهة الأمر بتكثيف الوجود الأمني وسرعة تحرير المخالفات ومسانده الضحية وكذلك إنشاء مكتب لتلقي شكاوى التحرش بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في وضع استراتيجية للحد من هذه الظاهرة.

وحول سبل معالجة هذه الظاهرة، قال الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية إن التصدي للظاهرة يمكن أن ينجح من خلال الإعداد والتنظيم لحملات إعلامية وتوعوية لتوضيح مخاطر التحرش الجنسي والعمل على التصدي لها، بالإضافة إلى استصدار تشريع عاجل بمساعدة الخبراء النفسيين والاجتماعيين للحد من التحرش في الشارع المصري.

وعزا السبب في تزايد هذه الظاهرة إلى سوء الحالة الاقتصادية يليها قلة الوعي الديني ووسائل الإعلام وما تبثه من بعض المواد الإباحية وسوء التنشئة الأسرية للمتحرش كما أن سكوت الضحية وعدم اتخاذها أي رد فعل وعدم تقدمها ببلاغ ضد المتحرش يؤدي إلى تمادي المتحرش في القيام بسلوكه.

وشدد على ضرورة تحسين الحالة الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب ورفع الوعي الديني بين المواطنين وتطبيق القوانين الخاصة أو إصدار تشريع خاص بجرائم التحرش الجنسي وفرض رقابة على الإعلام
  • فريق ماسة
  • 2014-04-01
  • 10056
  • من الأرشيف

التحرش الجنسي يهدد مكتسبات النساء في صعيد مصر

فيما تتواصل معاناة النساء في صعيد مصر من قيود المجتمع وعاداته وتقاليده المتوارثة، ووسط اتهامات لوسائل الإعلام بتجاهل الآم وآمال وطموحات وإبداعات المرأة، تأتي ظاهرة التحرش الجنسي التي أطلت برأسها داخل مجتمعات كانت توصف بالمجتمعات المحافظة في صعيد مصر. ويقول باحثون إن ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء باتت لا تفرق في انتشارها بين مدينة في أقصى صعيد مصر وحي في وسط العاصمة المصرية القاهرة، لكن الفارق أن تلك الظاهرة باتت تهدد حياة كثير من النساء في محافظات الصعيد وصارت سببا في تفجر صراعات ومعارك قبلية. وترى دراسة للباحثة المصرية الدكتورة خديجة فيصل مهدي أن الظاهرة لها مخاطر أخرى في صعيد مصر بينها القضاء على ما حققته المرأة من مكتسبات في مجال حق العمل وحرية الخروج والانتقال والسفر، إذ باتت كثير من الأسر والعائلات والقبائل تبدي تحفظا على خروج النساء والفتيات للعمل أو لأي سبب آخر خشية تعرضهن لمضايقات من قبل المتحرشين بالنساء، الأمر الذي يعد سبة وعارا يلاحق رجال العائلة قبل نسائها ولا يعالج إلا بالقتل. وهكذا، حسب هذه الدراسة، فقد بات التحرش الجنسي يهدد حياة النساء ويفجر المعارك والصراعات القبلية بين رجال وشبان القبائل والعائلات بمراكز ومحافظات صعيد مصر التي شهدت بالفعل الكثير من المعارك القبلية بسبب التحرش وخاصة في قنا وسوهاج وجنوب الأقصر. وتشير الباحثة المصرية إلى أن قضية التحرش الجنسي بالمرأة، أصبحت مشهدا ونمطا عاديا يتكرر كل ساعة دون أن يقتصر على استهداف السيدات في مرحلة عمرية معينة أو طبقة اجتماعية محددة أو بعضا من النساء،معتبرة أن ظاهرة التحرش الجنسي “واحدة من أخطر الكوارث الاجتماعية التي تقف عائقا أمام التنمية والتطور في البلاد”. وتقول شيرين النجار مديرة مركز إيزيس لبحوث المرأة بمدينة الأقصر إن قضايا المرأة تعد جزءا هاما من قضايا المواطنة وعدم التمييز، مشيرة إلى كثرة العوامل التي تساعد على زيادة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، “وأبرزها انتشار معدلات البطالة بين الشباب وارتفاع تكاليف الزواج، لذلك انتشرت حالة من حالات شيوع الفوضى”. ودعت إلى ضرورة تبني الدولة مجموعة من البرامج الشاملة لمواجهة هذا السلوك والتعريف بالظاهرة وأسبابها وطرق التعامل معها وخطورة التداعيات النفسية للظاهرة على الضحية ومدى تهديدها لتقدم المجتمع وتطوره. ويقول الدكتور السيد عوض، رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا، إن ظاهرة التحرش الجنسي بالغة التعقيد من حيث طبيعتها ومضاعفاتها وأسباب حدوثها، لذلك فإن معالجتها والقضاء عليها يحتاجان إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانيات وتعاون شرائح المجتمع كافة بما في ذلك منظماتُ المجتمع المدني، لمحاربة هذه الظاهرة السلبية باعتبارها تهديدا خطيرا للأمان الاجتماعي. وطالب وزارة التربية والتعليم بوضع مناهج تعليمية تتضمن كيفية غرس ثقافة الأخلاق والآداب كما نشرها ودعا لها الدين الإسلامي وطرق مواجهة السلوكيات الخاطئة في حياتنا اليومية وتعلم وتثقيف الشباب حول مخاطر التحرش الجنسي بشكل خاص والتركيز علي أهمية تعليم المرأة “حيث أن تعليمها بمثابة تعليم أسرة بل جيل بالكامل”. وتقول الباحثة المصرية دعاء مهران إنه بعد تعدد وقائع التحرش الجنسي يجب عمل دورات تدريبية لرجال الشرطة في كيفية التعامل مع قضايا التحرش الجنسي، مع مجابهة الأمر بتكثيف الوجود الأمني وسرعة تحرير المخالفات ومسانده الضحية وكذلك إنشاء مكتب لتلقي شكاوى التحرش بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في وضع استراتيجية للحد من هذه الظاهرة. وحول سبل معالجة هذه الظاهرة، قال الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية إن التصدي للظاهرة يمكن أن ينجح من خلال الإعداد والتنظيم لحملات إعلامية وتوعوية لتوضيح مخاطر التحرش الجنسي والعمل على التصدي لها، بالإضافة إلى استصدار تشريع عاجل بمساعدة الخبراء النفسيين والاجتماعيين للحد من التحرش في الشارع المصري. وعزا السبب في تزايد هذه الظاهرة إلى سوء الحالة الاقتصادية يليها قلة الوعي الديني ووسائل الإعلام وما تبثه من بعض المواد الإباحية وسوء التنشئة الأسرية للمتحرش كما أن سكوت الضحية وعدم اتخاذها أي رد فعل وعدم تقدمها ببلاغ ضد المتحرش يؤدي إلى تمادي المتحرش في القيام بسلوكه. وشدد على ضرورة تحسين الحالة الاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب ورفع الوعي الديني بين المواطنين وتطبيق القوانين الخاصة أو إصدار تشريع خاص بجرائم التحرش الجنسي وفرض رقابة على الإعلام

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة