عديدة هي مصادر القلق داخل الأسرة الحاكمة في الرياض من أميركا، سيما وأن ما توّخته من نتائج عن "الربيع العربي" أتت بغير ما تشتهيه السفن. وشكّل دعم الولايات المتحدة لتنظيم الاخوان المسلمين وصعودهم مبكراً في مصر أحد مصادر المخاوف الخليجية بشكل عام، على الرغم من رعاية الرياض تاريخياً لتنظيم الاخوان لمحاربة تجذر القومية العربية ومسيرة القائد الخالد عبد الناصر نحو التخلص من التبعية الاجنبية.

كما ترسخت المخاوف ومشاعر القلق من واشنطن لعدم وفائها بوعودها لدول الخليج العربي بأنها عازمة على شنّ حرب على سورية، وتراجع القوى الحليفة للسعودية من متطرفين وتكفيريين ورهانها على تشكيل قطب محلي يوازي الدولة السورية لتقسيمها والتحكم بسيادتها. وكذلك الأمر لإخفاق الولايات المتحدة تحجيم واحتواء إيران وتقليص برنامجها النووي، الأمر الذي فسرّه زعماء الرياض والدول الخليجية الأخرى بأنه "رضوخ" الرئيس أوباما لإيران واستمرارها في تطوير برنامجها النووي.

مسؤول الملف السوري (السابق) في الأسرة الحاكمة في الرياض، الأمير بندر بن سلطان، صرح علانية عن نية دائرة صنع القرار وعزمها على "اتخاذ تحول أساسي" في مجمل العلاقات التي تربطها بالولايات المتحدة، تعبيراً عن الأرق الداخلي ورفض حالة "السكون وعدم اتخاذ المبادرة" أميركيا حيال سورية.

وسمع الأميركيون مراراً عدة ترديد "أمراء" الأسرة الحاكمة بأن "الولايات المتحدة لا يعوّل عليها .. وسيتم طرق ابواب أخرى بديلة بغية تعزيز امنها." ونقلت صحف بريطانية عن المدير السابق لجهاز الاستخبارات السعودية، تركي الفيصل، قوله ان سياسة الرئيس أوباما في سوريا "يرثى لها؛" والإتفاق حول ترسانة سورية من الاسلحة الكيميائية "غدر صارخ" ويعزز بقاء الرئيس بشار الأسد في موقعه.

تواترت تعبيرات غضب الرياض في وسائل الاعلام المختلفة، ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن الأمير بندر قوله ان "السعودية غير راغبة لتجد نفسها في وضع يحتم عليها الاعتماد" حصرا على الآخر، وانه "يتطلع لتقليص النشاطات اليومية المشتركة مع الولايات المتحدة،" على خلفية إحجامها عن التدخل في سورية، ورفع "دفء علاقاتها مع ايران".

في سياق المعارضة السورية افادت صحيفة "وول ستريت جورنال،" 28 آذار/مارس الجاري، عن لقاء عقده المعارض السوري هادي البحرة مع "اعضاء مجلس الأمن القومي وممثلين من الكونغرس،" بحث فيه مسألة تزويد اميركا قوات المعارضة المسلحة باسلحة متطورة مضادة للطائرات والمدرعات (مانباد)؛ تلتها زيارة وزير الدفاع السعودي، سلمان بن سلطان، التقى فيها الاسبوع المنصرم مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، ووزير الدفاع الاميركي، تشاك هيغل، للبت في تسليح المعارضة السورية تمهد للزيارة الرسمية للرئيس اوباما للرياض.

واضافت الصحيفة أن شحنة معتبرة من الاسلحة المضادة للطيران والدروع، دفعت ثمنها السعودية تتواجد في مخازن عدة منتشرة على الأراضي الأردنية بانتظار "موافقة أميركية" لتسليمها لقوى المعارضة المسلحة؛ مع اقرار "الرياض بعدم قدرة المعارضة تحقيق انتصار" في الميدان، وادراكها أن تعزيز القدرة الدفاعية، لا سيما المضادة للطيران، سيقوي موقعها التفاوضي في المرحلة المقبلة.

مسألة الطاقة وتراجع مكانة مخزونات النفط في الجزيرة العربية، نظرا للاكتشافات الحديثة واستخدام تقنية تسييل النفط الصخري، شكلت بعدا اضافيا للمحطات الخلافية بين الرياض وواشنطن، وخشية الاولى من تقلص اعتماد اميركا والغرب عموما عليها في مراحل الانتاج والتسويق لموارد الطاقة، والذي سيترجم سياسيا ايضا. اعتادت الرياض على فرادة مكانتها في الإستراتيجية الأميركية، خاصة بعد انهيار نظام الشاه التي وصفها وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر بأن الطرفين لديهما مصالح استراتيجية مشتركة، وسعي الرياض الحثيث لتبوأ موقع "الحليف الاساسي" لأميركا في المنطقة. وعليه، تتعاظم مخاوف الرياض ودول الخليج الأخرى من أي بوادر انتعاش في العلاقات الأميركية مع ايران والتي ستتم على حسابها ومكانتها ايضا، كما تعتقد.

  • فريق ماسة
  • 2014-03-29
  • 8243
  • من الأرشيف

صحيفة "الغارديان" البريطانية أطلقت وصف "الخلاف العدائي" على العلاقة بين الرياض وواشنطن.

عديدة هي مصادر القلق داخل الأسرة الحاكمة في الرياض من أميركا، سيما وأن ما توّخته من نتائج عن "الربيع العربي" أتت بغير ما تشتهيه السفن. وشكّل دعم الولايات المتحدة لتنظيم الاخوان المسلمين وصعودهم مبكراً في مصر أحد مصادر المخاوف الخليجية بشكل عام، على الرغم من رعاية الرياض تاريخياً لتنظيم الاخوان لمحاربة تجذر القومية العربية ومسيرة القائد الخالد عبد الناصر نحو التخلص من التبعية الاجنبية. كما ترسخت المخاوف ومشاعر القلق من واشنطن لعدم وفائها بوعودها لدول الخليج العربي بأنها عازمة على شنّ حرب على سورية، وتراجع القوى الحليفة للسعودية من متطرفين وتكفيريين ورهانها على تشكيل قطب محلي يوازي الدولة السورية لتقسيمها والتحكم بسيادتها. وكذلك الأمر لإخفاق الولايات المتحدة تحجيم واحتواء إيران وتقليص برنامجها النووي، الأمر الذي فسرّه زعماء الرياض والدول الخليجية الأخرى بأنه "رضوخ" الرئيس أوباما لإيران واستمرارها في تطوير برنامجها النووي. مسؤول الملف السوري (السابق) في الأسرة الحاكمة في الرياض، الأمير بندر بن سلطان، صرح علانية عن نية دائرة صنع القرار وعزمها على "اتخاذ تحول أساسي" في مجمل العلاقات التي تربطها بالولايات المتحدة، تعبيراً عن الأرق الداخلي ورفض حالة "السكون وعدم اتخاذ المبادرة" أميركيا حيال سورية. وسمع الأميركيون مراراً عدة ترديد "أمراء" الأسرة الحاكمة بأن "الولايات المتحدة لا يعوّل عليها .. وسيتم طرق ابواب أخرى بديلة بغية تعزيز امنها." ونقلت صحف بريطانية عن المدير السابق لجهاز الاستخبارات السعودية، تركي الفيصل، قوله ان سياسة الرئيس أوباما في سوريا "يرثى لها؛" والإتفاق حول ترسانة سورية من الاسلحة الكيميائية "غدر صارخ" ويعزز بقاء الرئيس بشار الأسد في موقعه. تواترت تعبيرات غضب الرياض في وسائل الاعلام المختلفة، ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن الأمير بندر قوله ان "السعودية غير راغبة لتجد نفسها في وضع يحتم عليها الاعتماد" حصرا على الآخر، وانه "يتطلع لتقليص النشاطات اليومية المشتركة مع الولايات المتحدة،" على خلفية إحجامها عن التدخل في سورية، ورفع "دفء علاقاتها مع ايران". في سياق المعارضة السورية افادت صحيفة "وول ستريت جورنال،" 28 آذار/مارس الجاري، عن لقاء عقده المعارض السوري هادي البحرة مع "اعضاء مجلس الأمن القومي وممثلين من الكونغرس،" بحث فيه مسألة تزويد اميركا قوات المعارضة المسلحة باسلحة متطورة مضادة للطائرات والمدرعات (مانباد)؛ تلتها زيارة وزير الدفاع السعودي، سلمان بن سلطان، التقى فيها الاسبوع المنصرم مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، ووزير الدفاع الاميركي، تشاك هيغل، للبت في تسليح المعارضة السورية تمهد للزيارة الرسمية للرئيس اوباما للرياض. واضافت الصحيفة أن شحنة معتبرة من الاسلحة المضادة للطيران والدروع، دفعت ثمنها السعودية تتواجد في مخازن عدة منتشرة على الأراضي الأردنية بانتظار "موافقة أميركية" لتسليمها لقوى المعارضة المسلحة؛ مع اقرار "الرياض بعدم قدرة المعارضة تحقيق انتصار" في الميدان، وادراكها أن تعزيز القدرة الدفاعية، لا سيما المضادة للطيران، سيقوي موقعها التفاوضي في المرحلة المقبلة. مسألة الطاقة وتراجع مكانة مخزونات النفط في الجزيرة العربية، نظرا للاكتشافات الحديثة واستخدام تقنية تسييل النفط الصخري، شكلت بعدا اضافيا للمحطات الخلافية بين الرياض وواشنطن، وخشية الاولى من تقلص اعتماد اميركا والغرب عموما عليها في مراحل الانتاج والتسويق لموارد الطاقة، والذي سيترجم سياسيا ايضا. اعتادت الرياض على فرادة مكانتها في الإستراتيجية الأميركية، خاصة بعد انهيار نظام الشاه التي وصفها وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر بأن الطرفين لديهما مصالح استراتيجية مشتركة، وسعي الرياض الحثيث لتبوأ موقع "الحليف الاساسي" لأميركا في المنطقة. وعليه، تتعاظم مخاوف الرياض ودول الخليج الأخرى من أي بوادر انتعاش في العلاقات الأميركية مع ايران والتي ستتم على حسابها ومكانتها ايضا، كما تعتقد.

المصدر : الماسةالسورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة