أعلن الجيش السوري سيطرته على بلدات ونقاط عدة «مهمة» شرق مدينة حلب، في خطوة جديدة ضمن خطته التي تقضي بحصار المسلحين داخل الأحياء التي يسيطرون عليها، وعزل ريف حلب الشمالي عن الشرقي وقطع كل طرق الإمدادات عن المسلحين المحاصرين،

في وقت تشتد فيه المعارك بين الفصائل المسلحة، ليبدو المشهد في الشمال السوري بمثابة «حرب ثلاثية الأبعاد»، بين فصائل مسلحة معارضة و«إسلامية» و«جهادية» من جهة، وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) من جهة ثانية، والجيش السوري، المستفيد الأكبر من هذه الحرب، من الجهة الثالثة.

وذكرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، في بيان، إن الجيش بالتعاون مع «الدفاع الوطني» أحكم، بعد عمليات عسكرية ناجحة، سيطرته الكاملة على مناطق النقارين، الزرزور، الطعانة، الصبيحية، المرتفع 53 في الريف الشرقي لمدينة حلب.

وفي حين اعتبر البيان أن «هذا الانجاز الجديد الذي حققته قواتنا المسلحة يعزز أمن المنطقة المحيطة بمطار حلب الدولي، ويمهد الطريق للقضاء على الإرهابيين المرتزقة في ريف حلب الشرقي والشمالي، ويحكم السيطرة على المدينة الصناعية والطرق المؤدية من منطقة الباب إلى مدينة حلب»، كشف مصدر عسكري ميداني، لـ«السفير»، أن من شأن هذه الخطوة أن تفك الحصار عن سجن حلب المركزي المحاصر منذ أكثر من تسعة أشهر الذي لم يعد يبعد سوى بضعة كيلومترات عن هذه المناطق.

وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: «أصبحنا الآن على أبواب المدينة الصناعية، حيث يتم الآن الإعداد لعملية عسكرية جديدة للسيطرة عليها ما يعني فك الحصار عن السجن المركزي الذي لا يبعد سوى نحو ثلاثة كيلومترات عن المدينة الصناعية «، موضحاً أن «من شأن السيطرة على المدينة الصناعية العمل على إعادة افتتاح هذه المنشآت بعد تأمينها لتعود لعملها، ما يحرك العجلة الاقتصادية في حلب ويؤمن فرص عمل لعدد كبير من المواطنين، الأمر الذي من شأنه أن يحفز بعض من حمل السلاح لأسباب مادية على ترك سلاحه والعودة إلى عمله».

وإضافة للتقدم نحو سجن حلب المركزي والأحياء الشرقية لمدينة حلب، ذكر المصدر العسكري أن السيطرة على بلدة نقارين بالتحديد تفتح الباب أمام تقدم الجيش نحو الريف الشمالي الشرقي، والريف الشرقي لحلب، حيث بات الطريق إلى مدينة الباب وقراها مفتوحاً، وكذلك الحال بالنسبة لمدينة منبج شمال شرق حلب ودير حافر في الشرق على أوتوستراد حلب - الرقة .

وفي وقت تتبادل فيه بعض أطراف المعارضة في حلب الاتهامات «بترك جبهات القتال، والانشغال بالاقتتال الداخلي، ما أدى إلى سقوط هذه المناطق بيد الجيش»، يؤكد المصدر العسكري أن ما يجري على الأرض يجري وفق الخطة المحددة سابقا، إلا أنه يشير إلى أن هذا الاقتتال «سهّل مهمة الجيش، الذي يتقدم الآن بخطى أسرع من سابقتها».

وكان مصدر معارض كشف لـ«السفير» في تشرين الثاني الماضي، أن الخطة التي يعتقد أن الجيش السوري يتبعها في حلب، ويدور الحديث عنها في أروقة المعارضة تشير إلى «إمكانية إتباع النظام السيناريو نفسه الذي نفذه في حمص وريف دمشق، والذي يقوم على قطع طرق الإمدادات الرئيسية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ومحاصرتها في مناطق وكتل متفرقة، ما سيؤدي إلى إضعافها، قبل أن يتغلغل فيها ببطء من دون أية خسائر». كما جرى الحديث حينها عن أن «النظام سيعمل على قطع الإمدادات القادمة من الريف الشمالي، عن طريق تقدم قواته من جهة البلليرمون، كما سيعمل على التقدم باتجاه المدينة الصناعية، ما يعني إطباق الحصار على الأحياء الواقعة في القسم الشرقي الشمالي من حلب، وعزلها عن الريف الشمالي، الذي يشكل خط الإمداد الأول لمسلحي المعارضة عن طريق تركيا، من جهة، وعزلها عن المناطق الشرقية الجنوبية الممتدة إلى ريف إدلب من جهة أخرى».

وأفاد المصدر حينها أن فصائل المعارضة عقدت اجتماعات عدة لتفادي هذا «السيناريو»، حيث تم الاتفاق على خطوات عدة يجب اتباعها، منها «الانتقال إلى مرحلة الهجوم، وإشعال مناطق ثانية بغية إلهاء النظام عن تطبيق خطته، وإيجاد صيغة اتفاق داخلي بين الفصائل المعارضة لتأمين الجبهة الداخلية»، وهو أمر يبدو أن ما حدث على الأرض يعاكسه تماماً، إثر اندلاع الاقتتال بين الفصائل المعارضة مع «داعش».

وبالتوازي مع تقدم الجيش وسيطرته على مناطق عدة شرق مدينة حلب، نجح «داعش» باستعادة المبادرة والانتقال من مرحلة «الدفاع» أمام الفصائل المسلحة التي تحاربه، عبر سيطرته على مدينة الباب الإستراتيجية وقرى محيطة بها إستراتيجية شمال شرق حلب، إضافة إلى تشديد قبضته على القرى والبلدات التي يسيطر عليها في الريفين الشمالي والجنوبي لحلب (يسيطر التنظيم بشكل شبه كامل على اعزاز، حريتان، رتيان، ديرجمال، كفر حمرة، زيتان، حردتنين، أورم ، معرستي ، ماير، منغ، مرعناز، الباب، بزاعة، قباسين، تادف، مريمين، دير حافر).

وكشف مصدر «جهادي»، لـ«السفير»، أن «داعش» يعمل خلال هذه الفترة على الإعداد لتنفيذ هجمات عدة على قرى في الريف الشمالي لحلب، يسيطر عليها كل من «لواء التوحيد»، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، و«حركة أحرار الشام» السلفية «الجهادية»، أبرزها قرى مارع، تل رفعت، بيانون، مشيراً إلى أن الخطط التي وضعها التنظيم تقضي بتنفيذ هجمات «انتحارية» يتبعها هجوم مسلح. وقال المصدر: «يعمل التنظيم في الوقت الحالي على تأمين المناطق التي يسيطر عليها لضمان جبهته الداخلية، قبل البدء بأية خطوات لاحقة».

وعلى المقلب الآخر انتقلت الفصائل التي تقاتل «داعش» إلى مرحلة الدفاع عن المناطق التي سيطرت عليها، وذلك بعد طرد «جهاديي داعش» من معظم أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث تعمل هذه الفصائل بدورها على تأمين «جبهتها الداخلية» عن طريق مداهمة منازل ومقرات يعتقد أنهت تابعة لـ«داعش»، وسط تبادل الاتهامات بين الفصائل المقاتلة لـ«داعش» والتنظيم بانتهاكات وتنفيذ عمليات إعدام ميدانية بين الطرفين.

ويعتبر أبرز هذه الانتهاكات قيام «داعش» بإعدام عدد من «جهاديي حركة أحرار الشام» في مدينة الباب، وقيام مسلحين تابعين لـ«أحفاد الرسول»، التابع لـ«جبهة ثوار سوريا» باختطاف والدة وشقيقة احد «جهاديي داعش» في منطقة الانذارات بحلب، و«اغتصاب والدة وشقيقة الجهادي قبل إطلاق سراح الوالدة والإبقاء على الشقيقة البالغة من العمر 17 عاماً»، وفق ما ذكرت صفحات ومواقع مؤيدة للفصائل التي تقاتل «داعش»، والتي انتقدت هذا التصرف.

وعلى صعيد الوضع الداخلي في مدينة حلب، لم تسجل الأيام الماضية أي تغير يذكر، باستثناء سيطرة وحدة من عناصر الجيش السوري على بناءين في منطقة سيف الدولة، استعاد مسلحو المعارضة السيطرة عليهما بعد معارك بسيطة، وذلك بالتوازي مع تقدم بطيء للجيش السوري في حي بني زيد القريب من منطقة الليرمون، ما سيفتح الباب لسيطرة الجيش على منطقة البلليرمون والاقتراب من السيطرة على دوار الجندول الاستراتيجي، الأمر الذي سيفضي إلى تأمين الجبهة الشمالية لمدينة حلب، وقطع الإمدادات عن المسلحين.

  • فريق ماسة
  • 2014-01-14
  • 8907
  • من الأرشيف

حرب «ثلاثية الأبعاد» في الشمال السوري ...الجيش يتقدم في ريف حلب ونحو سجنها

أعلن الجيش السوري سيطرته على بلدات ونقاط عدة «مهمة» شرق مدينة حلب، في خطوة جديدة ضمن خطته التي تقضي بحصار المسلحين داخل الأحياء التي يسيطرون عليها، وعزل ريف حلب الشمالي عن الشرقي وقطع كل طرق الإمدادات عن المسلحين المحاصرين، في وقت تشتد فيه المعارك بين الفصائل المسلحة، ليبدو المشهد في الشمال السوري بمثابة «حرب ثلاثية الأبعاد»، بين فصائل مسلحة معارضة و«إسلامية» و«جهادية» من جهة، وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) من جهة ثانية، والجيش السوري، المستفيد الأكبر من هذه الحرب، من الجهة الثالثة. وذكرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، في بيان، إن الجيش بالتعاون مع «الدفاع الوطني» أحكم، بعد عمليات عسكرية ناجحة، سيطرته الكاملة على مناطق النقارين، الزرزور، الطعانة، الصبيحية، المرتفع 53 في الريف الشرقي لمدينة حلب. وفي حين اعتبر البيان أن «هذا الانجاز الجديد الذي حققته قواتنا المسلحة يعزز أمن المنطقة المحيطة بمطار حلب الدولي، ويمهد الطريق للقضاء على الإرهابيين المرتزقة في ريف حلب الشرقي والشمالي، ويحكم السيطرة على المدينة الصناعية والطرق المؤدية من منطقة الباب إلى مدينة حلب»، كشف مصدر عسكري ميداني، لـ«السفير»، أن من شأن هذه الخطوة أن تفك الحصار عن سجن حلب المركزي المحاصر منذ أكثر من تسعة أشهر الذي لم يعد يبعد سوى بضعة كيلومترات عن هذه المناطق. وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: «أصبحنا الآن على أبواب المدينة الصناعية، حيث يتم الآن الإعداد لعملية عسكرية جديدة للسيطرة عليها ما يعني فك الحصار عن السجن المركزي الذي لا يبعد سوى نحو ثلاثة كيلومترات عن المدينة الصناعية «، موضحاً أن «من شأن السيطرة على المدينة الصناعية العمل على إعادة افتتاح هذه المنشآت بعد تأمينها لتعود لعملها، ما يحرك العجلة الاقتصادية في حلب ويؤمن فرص عمل لعدد كبير من المواطنين، الأمر الذي من شأنه أن يحفز بعض من حمل السلاح لأسباب مادية على ترك سلاحه والعودة إلى عمله». وإضافة للتقدم نحو سجن حلب المركزي والأحياء الشرقية لمدينة حلب، ذكر المصدر العسكري أن السيطرة على بلدة نقارين بالتحديد تفتح الباب أمام تقدم الجيش نحو الريف الشمالي الشرقي، والريف الشرقي لحلب، حيث بات الطريق إلى مدينة الباب وقراها مفتوحاً، وكذلك الحال بالنسبة لمدينة منبج شمال شرق حلب ودير حافر في الشرق على أوتوستراد حلب - الرقة . وفي وقت تتبادل فيه بعض أطراف المعارضة في حلب الاتهامات «بترك جبهات القتال، والانشغال بالاقتتال الداخلي، ما أدى إلى سقوط هذه المناطق بيد الجيش»، يؤكد المصدر العسكري أن ما يجري على الأرض يجري وفق الخطة المحددة سابقا، إلا أنه يشير إلى أن هذا الاقتتال «سهّل مهمة الجيش، الذي يتقدم الآن بخطى أسرع من سابقتها». وكان مصدر معارض كشف لـ«السفير» في تشرين الثاني الماضي، أن الخطة التي يعتقد أن الجيش السوري يتبعها في حلب، ويدور الحديث عنها في أروقة المعارضة تشير إلى «إمكانية إتباع النظام السيناريو نفسه الذي نفذه في حمص وريف دمشق، والذي يقوم على قطع طرق الإمدادات الرئيسية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ومحاصرتها في مناطق وكتل متفرقة، ما سيؤدي إلى إضعافها، قبل أن يتغلغل فيها ببطء من دون أية خسائر». كما جرى الحديث حينها عن أن «النظام سيعمل على قطع الإمدادات القادمة من الريف الشمالي، عن طريق تقدم قواته من جهة البلليرمون، كما سيعمل على التقدم باتجاه المدينة الصناعية، ما يعني إطباق الحصار على الأحياء الواقعة في القسم الشرقي الشمالي من حلب، وعزلها عن الريف الشمالي، الذي يشكل خط الإمداد الأول لمسلحي المعارضة عن طريق تركيا، من جهة، وعزلها عن المناطق الشرقية الجنوبية الممتدة إلى ريف إدلب من جهة أخرى». وأفاد المصدر حينها أن فصائل المعارضة عقدت اجتماعات عدة لتفادي هذا «السيناريو»، حيث تم الاتفاق على خطوات عدة يجب اتباعها، منها «الانتقال إلى مرحلة الهجوم، وإشعال مناطق ثانية بغية إلهاء النظام عن تطبيق خطته، وإيجاد صيغة اتفاق داخلي بين الفصائل المعارضة لتأمين الجبهة الداخلية»، وهو أمر يبدو أن ما حدث على الأرض يعاكسه تماماً، إثر اندلاع الاقتتال بين الفصائل المعارضة مع «داعش». وبالتوازي مع تقدم الجيش وسيطرته على مناطق عدة شرق مدينة حلب، نجح «داعش» باستعادة المبادرة والانتقال من مرحلة «الدفاع» أمام الفصائل المسلحة التي تحاربه، عبر سيطرته على مدينة الباب الإستراتيجية وقرى محيطة بها إستراتيجية شمال شرق حلب، إضافة إلى تشديد قبضته على القرى والبلدات التي يسيطر عليها في الريفين الشمالي والجنوبي لحلب (يسيطر التنظيم بشكل شبه كامل على اعزاز، حريتان، رتيان، ديرجمال، كفر حمرة، زيتان، حردتنين، أورم ، معرستي ، ماير، منغ، مرعناز، الباب، بزاعة، قباسين، تادف، مريمين، دير حافر). وكشف مصدر «جهادي»، لـ«السفير»، أن «داعش» يعمل خلال هذه الفترة على الإعداد لتنفيذ هجمات عدة على قرى في الريف الشمالي لحلب، يسيطر عليها كل من «لواء التوحيد»، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، و«حركة أحرار الشام» السلفية «الجهادية»، أبرزها قرى مارع، تل رفعت، بيانون، مشيراً إلى أن الخطط التي وضعها التنظيم تقضي بتنفيذ هجمات «انتحارية» يتبعها هجوم مسلح. وقال المصدر: «يعمل التنظيم في الوقت الحالي على تأمين المناطق التي يسيطر عليها لضمان جبهته الداخلية، قبل البدء بأية خطوات لاحقة». وعلى المقلب الآخر انتقلت الفصائل التي تقاتل «داعش» إلى مرحلة الدفاع عن المناطق التي سيطرت عليها، وذلك بعد طرد «جهاديي داعش» من معظم أحياء حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث تعمل هذه الفصائل بدورها على تأمين «جبهتها الداخلية» عن طريق مداهمة منازل ومقرات يعتقد أنهت تابعة لـ«داعش»، وسط تبادل الاتهامات بين الفصائل المقاتلة لـ«داعش» والتنظيم بانتهاكات وتنفيذ عمليات إعدام ميدانية بين الطرفين. ويعتبر أبرز هذه الانتهاكات قيام «داعش» بإعدام عدد من «جهاديي حركة أحرار الشام» في مدينة الباب، وقيام مسلحين تابعين لـ«أحفاد الرسول»، التابع لـ«جبهة ثوار سوريا» باختطاف والدة وشقيقة احد «جهاديي داعش» في منطقة الانذارات بحلب، و«اغتصاب والدة وشقيقة الجهادي قبل إطلاق سراح الوالدة والإبقاء على الشقيقة البالغة من العمر 17 عاماً»، وفق ما ذكرت صفحات ومواقع مؤيدة للفصائل التي تقاتل «داعش»، والتي انتقدت هذا التصرف. وعلى صعيد الوضع الداخلي في مدينة حلب، لم تسجل الأيام الماضية أي تغير يذكر، باستثناء سيطرة وحدة من عناصر الجيش السوري على بناءين في منطقة سيف الدولة، استعاد مسلحو المعارضة السيطرة عليهما بعد معارك بسيطة، وذلك بالتوازي مع تقدم بطيء للجيش السوري في حي بني زيد القريب من منطقة الليرمون، ما سيفتح الباب لسيطرة الجيش على منطقة البلليرمون والاقتراب من السيطرة على دوار الجندول الاستراتيجي، الأمر الذي سيفضي إلى تأمين الجبهة الشمالية لمدينة حلب، وقطع الإمدادات عن المسلحين.

المصدر : علاء حلبي- السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة