حصلت روسيا على امتياز يعد الأكبر في سورية للتنقيب عن النفط والغاز في سواحلها، في صفقة تتعدى الفائدة الاقتصادية، إلى أبعاد أخرى، وذلك بعد شهر على تشجيع الجانب السوري حليفه الروسي على التنقيب في المياه السورية الآمنة، والاستفراد بخرق نظام العقوبات النفطي على البلاد.

ووقعت دمشق وموسكو، أمس الأول، أول اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية الإقليمية التي ما زال حجم احتياطياتها غير محدد بدقة. واتفق الجانبان على عقد يمتد على مدى 25 عاماً، بتمويل من موسكو، التي تستعيد مصاريفها في حال تبين أن التنقيب واعد، وهو الأمر المرجح.

وتم التوقيع في وزارة النفط والثروة المعدنية السورية، في دمشق، على اتفاق «للتنقيب عن البترول وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية»، بين الحكومة السورية ممثلة بوزير النفط سليمان العباس والمؤسسة العامة للنفط، وشركة «سويوز نفت اغاز» الروسية. و«سويوز» التي تأسست في العام 2000، وسبق لها أن نفذت مشاريع تنقيب في الشمال السوري من دون جدوى ربحية، تعود الآن في تجسيد أكثر صلابة للتحالف القائم بين موسكو ودمشق، ولمدة تقارب ربع قرن، في تعبير عن ثقة موسكو ببقاء العلاقات السورية ــ الروسية في مقدمة اهتمام أية حكومة سورية مقبلة، بغض النظر عن مسار الأزمة السياسي مستقبلا.

وأعلن السفير الروسي لدى سورية عظمة الله كول محمدوف، الذي مثل شركة «سويوز» في توقيع العقد، أن الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية سيزيد فرص التعاون بين البلدين.

وقال المدير العام للمؤسسة العامة للنفط علي عباس إن العقد «هو الأول الذي يبرم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية»، مشيراً إلى أن «التمويل من روسيا، لكن إذا اكتشف النفط أو الغاز بكميات تجارية، ستسترد موسكو النفقات من الإنتاج». وأشار إلى أن الشركة الروسية «ستباشر فوراً تنفيذ العقد، متجاوزة العقوبات الاقتصادية الجائرة ضد قطاع النفط».

من جهته، أعلن وزير النفط السوري أن المساحة التي يغطيها العقد تبلغ 2190 كيلومترا مربعا، وان العقد يشمل مراحل عدة، موضحا ان قيمة «التنقيب والاستكشاف تبلغ 100 مليون دولار».

وتسمح الاكتشافات الحديثة في البحر المتوسط بتقدير احتياطات الغاز بنحو 38 ألف مليار متر مكعب. وبحسب مجلة «اويل اند غاز»، تتمتع سورية بأحد أكبر الاحتياطات من النفط في البحر، وتقدر بنحو 2.5 مليار برميل، وهي من الأهم بين كل جيرانها، باستثناء العراق.

وبحسب المجلة نفسها، فقد بلغت احتياطات الغاز المثبتة في المياه الإقليمية السورية، في نهاية العام 2012، نحو 8.5 تريليون قدم مكعب. إلا أن الحكومة السورية أبقت على تقديراتها الرسمية بخصوص ثروات الطاقة المحتملة في المتوسط طي الكتمان. ووصل الأمر أحيانا ببعض المسؤولين السوريين إلى حد إنكار وجود ما يسيل له اللعاب في مياه البحر، واقتصار الاحتمالات على المناطق التي تحاذي الحدود البحرية اللبنانية ــ السورية، ومن دون توقعات كبرى.

ووفقا لوزير النفط، فان التوقيع أتى بعد «أشهر طويلة من المفاوضات»، وان توقيعه «في الظروف الراهنة (يشكل) تحدياً كبيراً». ورأى في الاتفاق «دليلا على تواصل التعاون بين الشعبين والحكومتين السورية والروسية»، مشيرا إلى أن الاكتشافات الأولية «مشجعة».

وتعتبر المناطق الساحلية، من أكثر المناطق أمنا في البلاد، ما يجعل عمل الشركة أسهل، ولكن من دون تجنب تماما مخاوف تعطيل «أعمال إرهابية» للعملية. كما أن الشروع في التنفيذ هو بمثابة مؤشر لدى الحليفين على أن سياستهما الميدانية والديبلوماسية حققت ما يكفي من نتائج للاطمئنان إلى سنوات من التعاون، خصوصا مع أفول احتمال أي عدوان عسكري خارجي على سوريا.

وسبق لعباس في زيارة له إلى موسكو، أوائل تشرين الثاني الماضي أن التقى ممثلي شركة «سويوز»، مشجعا «التعاون في قطاع النفط والغاز وإمكانية إقامة استثمارات مشتركة»، وذلك بعد شهرين على طرح مناقصة عالمية لأعمال التنقيب والاستكشاف، كانت بالطبع حظوظ الشركة الروسية فيها هي الأكبر.

ويرأس «سويوز» وزير سابق للطاقة في روسيا هو يوري شافرانيك، وتعمل الشركة في روسيا والشرق الأوسط ووسط آسيا وأميركا الجنوبية وشمال وغرب أفريقيا وأستراليا وغيرها من مناطق العالم. وأفادت وكالة «ايتارتاس» الروسية أن الحفر التمهيدي في الجرف القاري بالمياه الإقليمية السورية سيجري في مساحة تبلغ 2190 كيلومترا مربعا.

وسبق لمراقبين سوريين أن تحدثوا عن وجود 4 حقول نفطية، تمتد من الحدود اللبنانية حتى ميناء بانياس، يمكن أن يصل حجم انتاجها ما بين ستة إلى سبعة ملايين برميل يوميا.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-26
  • 11397
  • من الأرشيف

حقول الطاقة السورية في البحر: ماذا يعني منح الامتياز لروسيا؟

حصلت روسيا على امتياز يعد الأكبر في سورية للتنقيب عن النفط والغاز في سواحلها، في صفقة تتعدى الفائدة الاقتصادية، إلى أبعاد أخرى، وذلك بعد شهر على تشجيع الجانب السوري حليفه الروسي على التنقيب في المياه السورية الآمنة، والاستفراد بخرق نظام العقوبات النفطي على البلاد. ووقعت دمشق وموسكو، أمس الأول، أول اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية الإقليمية التي ما زال حجم احتياطياتها غير محدد بدقة. واتفق الجانبان على عقد يمتد على مدى 25 عاماً، بتمويل من موسكو، التي تستعيد مصاريفها في حال تبين أن التنقيب واعد، وهو الأمر المرجح. وتم التوقيع في وزارة النفط والثروة المعدنية السورية، في دمشق، على اتفاق «للتنقيب عن البترول وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية»، بين الحكومة السورية ممثلة بوزير النفط سليمان العباس والمؤسسة العامة للنفط، وشركة «سويوز نفت اغاز» الروسية. و«سويوز» التي تأسست في العام 2000، وسبق لها أن نفذت مشاريع تنقيب في الشمال السوري من دون جدوى ربحية، تعود الآن في تجسيد أكثر صلابة للتحالف القائم بين موسكو ودمشق، ولمدة تقارب ربع قرن، في تعبير عن ثقة موسكو ببقاء العلاقات السورية ــ الروسية في مقدمة اهتمام أية حكومة سورية مقبلة، بغض النظر عن مسار الأزمة السياسي مستقبلا. وأعلن السفير الروسي لدى سورية عظمة الله كول محمدوف، الذي مثل شركة «سويوز» في توقيع العقد، أن الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية سيزيد فرص التعاون بين البلدين. وقال المدير العام للمؤسسة العامة للنفط علي عباس إن العقد «هو الأول الذي يبرم للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية»، مشيراً إلى أن «التمويل من روسيا، لكن إذا اكتشف النفط أو الغاز بكميات تجارية، ستسترد موسكو النفقات من الإنتاج». وأشار إلى أن الشركة الروسية «ستباشر فوراً تنفيذ العقد، متجاوزة العقوبات الاقتصادية الجائرة ضد قطاع النفط». من جهته، أعلن وزير النفط السوري أن المساحة التي يغطيها العقد تبلغ 2190 كيلومترا مربعا، وان العقد يشمل مراحل عدة، موضحا ان قيمة «التنقيب والاستكشاف تبلغ 100 مليون دولار». وتسمح الاكتشافات الحديثة في البحر المتوسط بتقدير احتياطات الغاز بنحو 38 ألف مليار متر مكعب. وبحسب مجلة «اويل اند غاز»، تتمتع سورية بأحد أكبر الاحتياطات من النفط في البحر، وتقدر بنحو 2.5 مليار برميل، وهي من الأهم بين كل جيرانها، باستثناء العراق. وبحسب المجلة نفسها، فقد بلغت احتياطات الغاز المثبتة في المياه الإقليمية السورية، في نهاية العام 2012، نحو 8.5 تريليون قدم مكعب. إلا أن الحكومة السورية أبقت على تقديراتها الرسمية بخصوص ثروات الطاقة المحتملة في المتوسط طي الكتمان. ووصل الأمر أحيانا ببعض المسؤولين السوريين إلى حد إنكار وجود ما يسيل له اللعاب في مياه البحر، واقتصار الاحتمالات على المناطق التي تحاذي الحدود البحرية اللبنانية ــ السورية، ومن دون توقعات كبرى. ووفقا لوزير النفط، فان التوقيع أتى بعد «أشهر طويلة من المفاوضات»، وان توقيعه «في الظروف الراهنة (يشكل) تحدياً كبيراً». ورأى في الاتفاق «دليلا على تواصل التعاون بين الشعبين والحكومتين السورية والروسية»، مشيرا إلى أن الاكتشافات الأولية «مشجعة». وتعتبر المناطق الساحلية، من أكثر المناطق أمنا في البلاد، ما يجعل عمل الشركة أسهل، ولكن من دون تجنب تماما مخاوف تعطيل «أعمال إرهابية» للعملية. كما أن الشروع في التنفيذ هو بمثابة مؤشر لدى الحليفين على أن سياستهما الميدانية والديبلوماسية حققت ما يكفي من نتائج للاطمئنان إلى سنوات من التعاون، خصوصا مع أفول احتمال أي عدوان عسكري خارجي على سوريا. وسبق لعباس في زيارة له إلى موسكو، أوائل تشرين الثاني الماضي أن التقى ممثلي شركة «سويوز»، مشجعا «التعاون في قطاع النفط والغاز وإمكانية إقامة استثمارات مشتركة»، وذلك بعد شهرين على طرح مناقصة عالمية لأعمال التنقيب والاستكشاف، كانت بالطبع حظوظ الشركة الروسية فيها هي الأكبر. ويرأس «سويوز» وزير سابق للطاقة في روسيا هو يوري شافرانيك، وتعمل الشركة في روسيا والشرق الأوسط ووسط آسيا وأميركا الجنوبية وشمال وغرب أفريقيا وأستراليا وغيرها من مناطق العالم. وأفادت وكالة «ايتارتاس» الروسية أن الحفر التمهيدي في الجرف القاري بالمياه الإقليمية السورية سيجري في مساحة تبلغ 2190 كيلومترا مربعا. وسبق لمراقبين سوريين أن تحدثوا عن وجود 4 حقول نفطية، تمتد من الحدود اللبنانية حتى ميناء بانياس، يمكن أن يصل حجم انتاجها ما بين ستة إلى سبعة ملايين برميل يوميا.

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة