بقى  السؤال الذي يشغل الكثير من المراقبين داخلياً وخارجياً ماذا تريد السعودية من وراء السلوك التخريبي الذي تعتمده في تعاطيها مع كثير من الساحات العربية بشكل خاص والتفاهمات الإقليمية والدولية بشكل عام؟

وفق المعلومات التي تملكها مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع أن ما دفع السعودية لسلوك هذا المسار مجموعة كبيرة من المعطيات التي تميز سياسة العائلة المالكة إلا أن أبرزها الآتي:

ـ المعطى الأول وهو كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن السعودية لم تتعاط يوماً بإيجابية مع محور المقاومة والممانعة للمشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» بما في ذلك مع الثورة الإيرانية منذ بدايتها الأولى لذلك كانت دائماً تتآمر ضد هذا المحور بحسب طبيعة الظروف والتوازنات الإقليمية.

المعطى الثاني: أن ليس هناك من موقع قرار واحد داخل العائلة المالكة بل إن الأشهر الماضية شهدت صراعاً جدياً بين تيارين أساسيين الأول يمثله ملك السعودية وبعض أفراد العائلة المالكة والثاني يمثله بندر بن سلطان وسعود الفيصل. ويتمحور هذا الصراع حول خلاف الملك عبدالله وولي عهده إضافة إلى أنهما يعانيان وضعاً صحياً صعباً.

ـ المعطى الثالث: طغيان عقلية السيطرة داخل هذه العائلة بحيث يعتقد هؤلاء أنه يمكن وضع اليد على قرار كل الدول العربية عبر أموال النفط والدلائل في هذا السياق كثيرة ويكفي الإشارة إلى محاولة وضع اليد على ثورة مصر بعد إنهاء حكم الإخوان المسلمين وذلك عبر بعض المليارات.

ـ المعطى الرابع: شعور حكام السعودية بأنهم خارج كل ما حصل ويحصل من تفاهمات بعد أن أبعدتهم الإدارة الأميركية بالكامل عن كل ما قامت به من تفاهمات مع روسيا وإيران ما دفع هؤلاء إلى حالة غضب غير مسبوقة بعد اتفاق جنيف النووي وما سبقه من توافقات أميركية ـ روسية حول الملف السوري بحيث بلغ الحقد لدى محور بندر بن سلطان ـ سعود الفيصل درجة اللجوء إلى الجماعات التكفيرية و«القاعدة» لإثارة العنف والقتل في كل من سورية والعراق ولبنان.

لذلك فالسؤال الآخر إلى أين يمكن أن يصل «الغضب» السعودي وما هي الأوراق التي لم يتم استخدامها حتى الآن؟

في معلومات المصادر الدبلوماسية أن السعودية التي جربت في الشهرين الماضيين الورقة الوحيدة التي تملكها لإثارة الغبار على التفاهمات الإقليمية والدولية ألا وهي إثارة العنف في سورية والعراق ولبنان اقتربت من الوصول إلى الطريق المسدود وهي لذلك تفتش عن مخرج «لحفظ ماء الوجه» وأن يكون لها موقع في هذه التفاهمات خصوصاً أن الرياض باتت تدرك أن الغرب اعترف بأن إيران هي القوة الإقليمية الأقوى والأكثر تأثيراً ولهذا جاءت زيارة رئيس استخباراتها بندر بن سلطان في اليومين الماضيين إلى روسيا في محاولة مكشوفة لتوجيه رسائل إلى كل من واشنطن بالدرجة الأولى وطهران بالدرجة الثانية بأن الرياض قادرة على إجراء صفقات «بيع وشراء» بما يتناسب مع الدور الذي تريده على الرغم من أن موسكو لم تظهر أساساً مثل هذا التوجه.

لذلك تكشف المصادر انه إذا كانت نتائج زيارة بندر إلى موسكو تحتاج إلى بعض الوقت لمعرفة ما طرحه رئيس الاستخبارات السعودية مع المسؤولين الروس إلا أنها توضح أن مباحثات بندر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت سريعة واقتصرت على عناوين عامة من دون الدخول في تفاصيل مسار الوضع في سورية وأضافت أن النقاشات التفصيلية حصلت بين بندر بن سلطان ومسؤولي الاستخبارات الروسية. وأكدت أن موسكو ليست في وارد تغيير مواقفها أو القبول بأي «إغراءات» من جانب السعودية خصوصاً ما يتعلق بمسار الأوضاع في سورية.

إلا أن الأمر الأهم وفق معلومات المصادر يشير إلى أن اهتمامات الغرب تختلف عن اهتمامات السعودية ونظرتها إلى الملف النووي الإيراني وإلى الأزمة في سورية.

فالغرب بدءاً من واشنطن اضطر للاعتراف بموقع إيران الأقوى إقليمياً وأقر لها بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية وجاء هذا الاعتراف والإقرار نيتجة صمود إيران لسنوات طويلة رغم كل العقوبات التي فرضت عليها ونتيجة الأزمة المالية الكبرى التي يعاني منها الغرب وعدم قدرته على شن عدوان عسكري ضدها واستطراداً حاجة الغرب إلى الانفتاح على إيران لما لذلك من نتائج إيجابية على الاقتصاد الغربي.

أما على صعيد سورية فالغرب قلق جداً من تنامي «القاعدة» والمجموعات التكفيرية ولذلك فالهمّ الأول بالنسبة له هو كيفية إبعاد الإرهاب عن ساحاته وهذا الأمر كان البند الوحيد في اجتماع عقد قبل أيام بين رؤساء أجهزة الاستخبارات الغربية وتالياً كان التركيز على كيفية التواصل مع سورية لمواجهة خطر هذا الإرهاب في حين أن السعودية رغم هزيمة حلفائها في التنظيمات التكفيرية خلال الأسابيع الأخيرة في معظم مناطق القتال في سورية ما تزال تصر على دعم هذا الإرهاب بالمال والسلاح بانتظار المخرج الذي ينقذها مما تعانيه من التخبط والحرد اللذين يكبّلانها.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-06
  • 4338
  • من الأرشيف

لهذا تلجأ السعودية إلى إثارة العنف في سورية ولبنان

بقى  السؤال الذي يشغل الكثير من المراقبين داخلياً وخارجياً ماذا تريد السعودية من وراء السلوك التخريبي الذي تعتمده في تعاطيها مع كثير من الساحات العربية بشكل خاص والتفاهمات الإقليمية والدولية بشكل عام؟ وفق المعلومات التي تملكها مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع أن ما دفع السعودية لسلوك هذا المسار مجموعة كبيرة من المعطيات التي تميز سياسة العائلة المالكة إلا أن أبرزها الآتي: ـ المعطى الأول وهو كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن السعودية لم تتعاط يوماً بإيجابية مع محور المقاومة والممانعة للمشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» بما في ذلك مع الثورة الإيرانية منذ بدايتها الأولى لذلك كانت دائماً تتآمر ضد هذا المحور بحسب طبيعة الظروف والتوازنات الإقليمية. المعطى الثاني: أن ليس هناك من موقع قرار واحد داخل العائلة المالكة بل إن الأشهر الماضية شهدت صراعاً جدياً بين تيارين أساسيين الأول يمثله ملك السعودية وبعض أفراد العائلة المالكة والثاني يمثله بندر بن سلطان وسعود الفيصل. ويتمحور هذا الصراع حول خلاف الملك عبدالله وولي عهده إضافة إلى أنهما يعانيان وضعاً صحياً صعباً. ـ المعطى الثالث: طغيان عقلية السيطرة داخل هذه العائلة بحيث يعتقد هؤلاء أنه يمكن وضع اليد على قرار كل الدول العربية عبر أموال النفط والدلائل في هذا السياق كثيرة ويكفي الإشارة إلى محاولة وضع اليد على ثورة مصر بعد إنهاء حكم الإخوان المسلمين وذلك عبر بعض المليارات. ـ المعطى الرابع: شعور حكام السعودية بأنهم خارج كل ما حصل ويحصل من تفاهمات بعد أن أبعدتهم الإدارة الأميركية بالكامل عن كل ما قامت به من تفاهمات مع روسيا وإيران ما دفع هؤلاء إلى حالة غضب غير مسبوقة بعد اتفاق جنيف النووي وما سبقه من توافقات أميركية ـ روسية حول الملف السوري بحيث بلغ الحقد لدى محور بندر بن سلطان ـ سعود الفيصل درجة اللجوء إلى الجماعات التكفيرية و«القاعدة» لإثارة العنف والقتل في كل من سورية والعراق ولبنان. لذلك فالسؤال الآخر إلى أين يمكن أن يصل «الغضب» السعودي وما هي الأوراق التي لم يتم استخدامها حتى الآن؟ في معلومات المصادر الدبلوماسية أن السعودية التي جربت في الشهرين الماضيين الورقة الوحيدة التي تملكها لإثارة الغبار على التفاهمات الإقليمية والدولية ألا وهي إثارة العنف في سورية والعراق ولبنان اقتربت من الوصول إلى الطريق المسدود وهي لذلك تفتش عن مخرج «لحفظ ماء الوجه» وأن يكون لها موقع في هذه التفاهمات خصوصاً أن الرياض باتت تدرك أن الغرب اعترف بأن إيران هي القوة الإقليمية الأقوى والأكثر تأثيراً ولهذا جاءت زيارة رئيس استخباراتها بندر بن سلطان في اليومين الماضيين إلى روسيا في محاولة مكشوفة لتوجيه رسائل إلى كل من واشنطن بالدرجة الأولى وطهران بالدرجة الثانية بأن الرياض قادرة على إجراء صفقات «بيع وشراء» بما يتناسب مع الدور الذي تريده على الرغم من أن موسكو لم تظهر أساساً مثل هذا التوجه. لذلك تكشف المصادر انه إذا كانت نتائج زيارة بندر إلى موسكو تحتاج إلى بعض الوقت لمعرفة ما طرحه رئيس الاستخبارات السعودية مع المسؤولين الروس إلا أنها توضح أن مباحثات بندر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت سريعة واقتصرت على عناوين عامة من دون الدخول في تفاصيل مسار الوضع في سورية وأضافت أن النقاشات التفصيلية حصلت بين بندر بن سلطان ومسؤولي الاستخبارات الروسية. وأكدت أن موسكو ليست في وارد تغيير مواقفها أو القبول بأي «إغراءات» من جانب السعودية خصوصاً ما يتعلق بمسار الأوضاع في سورية. إلا أن الأمر الأهم وفق معلومات المصادر يشير إلى أن اهتمامات الغرب تختلف عن اهتمامات السعودية ونظرتها إلى الملف النووي الإيراني وإلى الأزمة في سورية. فالغرب بدءاً من واشنطن اضطر للاعتراف بموقع إيران الأقوى إقليمياً وأقر لها بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية وجاء هذا الاعتراف والإقرار نيتجة صمود إيران لسنوات طويلة رغم كل العقوبات التي فرضت عليها ونتيجة الأزمة المالية الكبرى التي يعاني منها الغرب وعدم قدرته على شن عدوان عسكري ضدها واستطراداً حاجة الغرب إلى الانفتاح على إيران لما لذلك من نتائج إيجابية على الاقتصاد الغربي. أما على صعيد سورية فالغرب قلق جداً من تنامي «القاعدة» والمجموعات التكفيرية ولذلك فالهمّ الأول بالنسبة له هو كيفية إبعاد الإرهاب عن ساحاته وهذا الأمر كان البند الوحيد في اجتماع عقد قبل أيام بين رؤساء أجهزة الاستخبارات الغربية وتالياً كان التركيز على كيفية التواصل مع سورية لمواجهة خطر هذا الإرهاب في حين أن السعودية رغم هزيمة حلفائها في التنظيمات التكفيرية خلال الأسابيع الأخيرة في معظم مناطق القتال في سورية ما تزال تصر على دعم هذا الإرهاب بالمال والسلاح بانتظار المخرج الذي ينقذها مما تعانيه من التخبط والحرد اللذين يكبّلانها.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة