حسم المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي كل الكلام حول التقارب الأميركي الإيراني، مذكراً بأن الطلبة الجامعيين الإيرانيين الذين سيطروا على السفارة الأميركية في العام 1979 «كشفوا حقيقة وهوية هذه السفارة التي هي في الواقع وكر للجاسوسية»، مضيفاً أن اليوم وبعد مضي أكثر من ثلاثة عقود «تسمى السفارات الأميركية في الدول الأوروبية، التي هي شريكة لأميركا نفسها، أوكار تجسس، وهو الأمر الذي يشير إلى أن شبابنا متقدمون بأكثر من ثلاثين عاماً على تقويم تاريخ العالم».

ووصف خامنئي الولايات المتحدة بـ«الحكومة الاستكبارية» التي ترى أن من حقها التدخل في شؤون جميع الشعوب، مشيراً إلى أن «الشعب الإيراني وقف بثورته في الحقيقة أمام غطرسة وهيمنة أميركا، وبعد انتصار الثورة الإسلامية كذلك اقتلع جذور المستكبرين في الداخل»، غامزاً من قناة تجربة «الإخوان المسلمين» في مصر بالقول إنه «وعلى النقيض من بعض الدول، لم يترك الشعب الإيراني هذا العمل ناقصاً في منتصفه ليعاني من تبعاته».

وبدا كلام المرشد الأعلى موجهاً بشكل مباشر إلى كل من يتحدث عن تقارب أميركي إيراني، إذ شدد على أن «محاباة المستكبر» لا تعود بأي فائدة على الدول والشعوب، مؤكداً أن «النهج الاستكباري لأميركا أدى إلى شعور بعدم الثقة والاستياء لدى الشعوب تجاهها، كما أن التجربة أثبتت أن أي شعب وحكومة وثقت بأميركا ستتضرر حتى لو كانت من أصدقائها».

وذكّر خامنئي بالنماذج التي وثقت بأميركا، بمن في ذلك رئيس الوزراء الإيراني الأسبق محمد مصدق، الذي ساهمت واشنطن بإطاحته في العام 1953، وكذلك الشاه السابق محمد رضا بهلوي بعد هربه من إيران وعدم إيوائها إياه، معتبراً أن «أميركا اليوم هي القوة الكبرى الأكثر كراهية لدى الشعوب»، وأنه لو جرى اليوم استطلاع للرأي عادل ونزيه في العالم فإن «رأي شعوب العالم لن يكون سلبياً تجاه أي حكومة بقدر الحكومة الأميركية».

نووياً، أكد قائد الثورة دعمه لفريق المفاوضين الإيرانيين الذين يتباحثون مع مجموعة دول الـ«5+1»، واصفاً إياهم بأنهم «أبناء ولا ينبغي لأحد أن يقوم بإضعافهم أو إهانتهم أو وصمهم بالمساومين».

وأضاف أن إيران قبل عقد من الزمن، وافقت خلال المفاوضات على تجميد التخصيب لتكتشف بعد فترة أنه «حتى بمثل هذه الأعمال ليس هنالك أي أمل إطلاقاً بتعاون الأطراف الغربية»، من دون أن يعتبر ذلك خطأ، إذ أكد أن إيران لو لم تفعل ذلك حينها لخرج من يدّعي أن التراجع كان ليفيد.

وإذ أعرب مجدداً عن دعمه «الجاد والراسخ للمسؤولين المعنيين بالقضايا الجارية مع أميركا»، قلل خامنئي من منسوب التفاؤل في المفاوضات الحالية، مشيراً إلى أنه ليس من المعلوم «إن كانت ستحقق النتائج التي يترقبها الشعب أم لا، لكننا نعتقد بأن لا إشكالية في هذه التجربة، شرط أن يكون الشعب يقظاً وأن يعلم ما الذي يجري».

واعتبر خامنئي أن الخلافات السياسية في أميركا وتعطيل أعمال الحكومة الفدرالية لمدة 16 يوماً والمشاكل الاقتصادية الكبرى والعجز في الميزانية بمقدار آلاف مليارات الدولارات، بالإضافة إلى الخلافات العميقة بين أوروبا وأميركا في مختلف القضايا ومن ضمنها قضية الهجوم العسكري على سوريا، هي أمثلة للأوضاع الراهنة للجبهة المقابلة للشعب الإيراني، مؤكداً أن «الشعب الإيراني شعب واع ومقتدر ومتطور ولا يقارن عما كان عليه قبل عشرين أو ثلاثين عاماً».

كلام خامنئي قرأ في طهران رسماً للخطوط الحمراء أمام حكومة الرئيس حسن روحاني، التي بدت مستعدة للانفتاح على الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما تجلى في المحادثات الثنائية التي عقدها وزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة مع نظيره الأميركي جون كيري على هامش المحادثات مع الدول الست، وما تلاه من لقاءات في جنيف.

روحاني بدوره تحدث أمس، عن العلاقة مع الولايات المتحدة خلال جلسة لمجلس الوزراء الإيراني. فأكد أن الشعب الإيراني لا يعادي أي شعب في العالم، بمن في ذلك الشعب الأميركي، لكنه أشار إلى أن ما يثير القلق هو السياسة العدائية للدول، محذراً من أن تكون دول الـ«5+1» والحكومة الأميركية يسعون إلى الاستغلال بدلاً من الوصول إلى حل.

وفي موقف وصف بالمختلف عن السابق، أشار روحاني إلى أن الشعب الإيراني هو أهل للمنطق، لكنه أيضا شعب صامد ومقاوم في الدفاع عن حقوقه، وأن «خطوطنا الحمراء في المباحثات مع الغرب هي حقوق الشعب الإيراني والسيادة الوطنية والاستقلال وعدم الرضوخ للإجبار».

  • فريق ماسة
  • 2013-11-04
  • 4351
  • من الأرشيف

خامنئي يكبح الاندفاع نحو التقارب مع واشنطن: أميركا هي القوة الأكثر كراهية لدى شعوب العالم

حسم المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي كل الكلام حول التقارب الأميركي الإيراني، مذكراً بأن الطلبة الجامعيين الإيرانيين الذين سيطروا على السفارة الأميركية في العام 1979 «كشفوا حقيقة وهوية هذه السفارة التي هي في الواقع وكر للجاسوسية»، مضيفاً أن اليوم وبعد مضي أكثر من ثلاثة عقود «تسمى السفارات الأميركية في الدول الأوروبية، التي هي شريكة لأميركا نفسها، أوكار تجسس، وهو الأمر الذي يشير إلى أن شبابنا متقدمون بأكثر من ثلاثين عاماً على تقويم تاريخ العالم». ووصف خامنئي الولايات المتحدة بـ«الحكومة الاستكبارية» التي ترى أن من حقها التدخل في شؤون جميع الشعوب، مشيراً إلى أن «الشعب الإيراني وقف بثورته في الحقيقة أمام غطرسة وهيمنة أميركا، وبعد انتصار الثورة الإسلامية كذلك اقتلع جذور المستكبرين في الداخل»، غامزاً من قناة تجربة «الإخوان المسلمين» في مصر بالقول إنه «وعلى النقيض من بعض الدول، لم يترك الشعب الإيراني هذا العمل ناقصاً في منتصفه ليعاني من تبعاته». وبدا كلام المرشد الأعلى موجهاً بشكل مباشر إلى كل من يتحدث عن تقارب أميركي إيراني، إذ شدد على أن «محاباة المستكبر» لا تعود بأي فائدة على الدول والشعوب، مؤكداً أن «النهج الاستكباري لأميركا أدى إلى شعور بعدم الثقة والاستياء لدى الشعوب تجاهها، كما أن التجربة أثبتت أن أي شعب وحكومة وثقت بأميركا ستتضرر حتى لو كانت من أصدقائها». وذكّر خامنئي بالنماذج التي وثقت بأميركا، بمن في ذلك رئيس الوزراء الإيراني الأسبق محمد مصدق، الذي ساهمت واشنطن بإطاحته في العام 1953، وكذلك الشاه السابق محمد رضا بهلوي بعد هربه من إيران وعدم إيوائها إياه، معتبراً أن «أميركا اليوم هي القوة الكبرى الأكثر كراهية لدى الشعوب»، وأنه لو جرى اليوم استطلاع للرأي عادل ونزيه في العالم فإن «رأي شعوب العالم لن يكون سلبياً تجاه أي حكومة بقدر الحكومة الأميركية». نووياً، أكد قائد الثورة دعمه لفريق المفاوضين الإيرانيين الذين يتباحثون مع مجموعة دول الـ«5+1»، واصفاً إياهم بأنهم «أبناء ولا ينبغي لأحد أن يقوم بإضعافهم أو إهانتهم أو وصمهم بالمساومين». وأضاف أن إيران قبل عقد من الزمن، وافقت خلال المفاوضات على تجميد التخصيب لتكتشف بعد فترة أنه «حتى بمثل هذه الأعمال ليس هنالك أي أمل إطلاقاً بتعاون الأطراف الغربية»، من دون أن يعتبر ذلك خطأ، إذ أكد أن إيران لو لم تفعل ذلك حينها لخرج من يدّعي أن التراجع كان ليفيد. وإذ أعرب مجدداً عن دعمه «الجاد والراسخ للمسؤولين المعنيين بالقضايا الجارية مع أميركا»، قلل خامنئي من منسوب التفاؤل في المفاوضات الحالية، مشيراً إلى أنه ليس من المعلوم «إن كانت ستحقق النتائج التي يترقبها الشعب أم لا، لكننا نعتقد بأن لا إشكالية في هذه التجربة، شرط أن يكون الشعب يقظاً وأن يعلم ما الذي يجري». واعتبر خامنئي أن الخلافات السياسية في أميركا وتعطيل أعمال الحكومة الفدرالية لمدة 16 يوماً والمشاكل الاقتصادية الكبرى والعجز في الميزانية بمقدار آلاف مليارات الدولارات، بالإضافة إلى الخلافات العميقة بين أوروبا وأميركا في مختلف القضايا ومن ضمنها قضية الهجوم العسكري على سوريا، هي أمثلة للأوضاع الراهنة للجبهة المقابلة للشعب الإيراني، مؤكداً أن «الشعب الإيراني شعب واع ومقتدر ومتطور ولا يقارن عما كان عليه قبل عشرين أو ثلاثين عاماً». كلام خامنئي قرأ في طهران رسماً للخطوط الحمراء أمام حكومة الرئيس حسن روحاني، التي بدت مستعدة للانفتاح على الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما تجلى في المحادثات الثنائية التي عقدها وزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة مع نظيره الأميركي جون كيري على هامش المحادثات مع الدول الست، وما تلاه من لقاءات في جنيف. روحاني بدوره تحدث أمس، عن العلاقة مع الولايات المتحدة خلال جلسة لمجلس الوزراء الإيراني. فأكد أن الشعب الإيراني لا يعادي أي شعب في العالم، بمن في ذلك الشعب الأميركي، لكنه أشار إلى أن ما يثير القلق هو السياسة العدائية للدول، محذراً من أن تكون دول الـ«5+1» والحكومة الأميركية يسعون إلى الاستغلال بدلاً من الوصول إلى حل. وفي موقف وصف بالمختلف عن السابق، أشار روحاني إلى أن الشعب الإيراني هو أهل للمنطق، لكنه أيضا شعب صامد ومقاوم في الدفاع عن حقوقه، وأن «خطوطنا الحمراء في المباحثات مع الغرب هي حقوق الشعب الإيراني والسيادة الوطنية والاستقلال وعدم الرضوخ للإجبار».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة