تفاوتت أهمية العوامل التي أدت إلى اطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين في أعزاز.

1- لقد اختطفوا وسط مناخ من الاشتباك الاقليمي طرفاه سوريا وايران و«حزب الله» من جهة وتركيا وقطر والسعودية من جهة ثانية. وعندما أطلق سراح المخطوفين كان المتغير الأساسي في المعادلة هو خروج السعودية من المحور الأول أو على الأقل انفراط عقده بعد الافتراق التركي – السعودي بسبب الموقف من «ثورة 30 يونيو» في مصر والنقد اللاذع الذي وجهه رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان إلى الثورة المصرية ومعها السعودية بسبب دعمها اسقاط سلطة الإخوان المسلمين. والدليل الأكبر على الاشتباك التركي – السعودي غياب الرئيس سعد الحريري ومعه السعودية عن مساعي إطلاق سراح المخطوفين. في المقابل حضر الجانب القطري بقوة في المفاوضات التي جرت.

 

2- الوجه الآخر للتباعد التركي – السعودي كان التقارب التركي – الإيراني الذي تجسد خصوصاً في لقاء الرئيس التركي عبد الله غول والرئيس الإيراني حسن روحاني ومعه قرار تركيا استيراد النفط بكميات كبيرة من إيران وما روي عن تسريب أنقرة إلى طهران معلومات عن جواسيس إيرانيين لمصلحة إسرائيل. فجاء إطلاق سراح المخطوفين في سياق التقاطع الجديد في العلاقات التركية – الإيرانية والصراع المستجد بين المحور التركي – القطري مع السعودية.

3- رأت تركيا بأم عينيها التحولات التي تطرأ على المعادلات الإقليمية وفي مقدمها الانفتاح الأميركي – الإيراني وانعكاسه على تزايد فرصة التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السورية. وبالرغم من أن تركيا لا تزال تعمل على عرقلة أي تسوية تلحظ دوراً للرئيس السوري بشار الأسد فيها فإنها تسعى لحفظ بعض خط الرجعة وحجز مكان لها في التسوية المقبلة، وبالتالي التقاطع مع هذه المتغيرات ومنها تسهيل إطلاق المخطوفين، خصوصاً أن خط تماس تركيا الجغرافي هو مع دول «معادية» لها، ..

4- لا يمكن اغفال الدور المهم لسوريا في التجاوب لإطلاق سراح بعض السجينات السوريات حيث شكلت دمشق الضلع الثالث في عملية المبادلة.

5- ولا شك في أن التحرك الضاغط الذي تولاه أهالي المخطوفين تجاه المصالح التركية في لبنان، كان مهما للغاية في الضغط على تركيا للتحرك لإطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين. فقد أشعرت هذه التحركات للمرة الأولى أن مصالحها في خطر فعلي، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والسياحي في ظل رجحان الميزان التجاري الكبير لمصلحة الأتراك.

6- والعامل الأكثر اهمية وحسما في اطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين هو خطف الطيارين التركيين مراد أقبينار ومراد أقجه في طريق مطار بيروت الدولي، والذي أحرج اردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو داخل تركيا، إذ طُرح في تركيا سؤال: لماذا يختطف مواطنون أتراك في لبنان؟ وبعد عملية الخطف هذه، تحركت أنقرة، للمرة الأولى، بكثافة وجدية. إن اطلاق المخطوفين اللبنانيين بعد شهرين على خطف الطيارين التركيين، يؤكد مرة أخرى، ما كان واضحاً منذ البداية، وهو مسؤولية تركيا عن خطف اللبنانيين وأن مفتاح الإفراج عنهم كان بيدها.

  • فريق ماسة
  • 2013-10-20
  • 12535
  • من الأرشيف

عمليات الخطف ...مسؤولية تركية

تفاوتت أهمية العوامل التي أدت إلى اطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين في أعزاز. 1- لقد اختطفوا وسط مناخ من الاشتباك الاقليمي طرفاه سوريا وايران و«حزب الله» من جهة وتركيا وقطر والسعودية من جهة ثانية. وعندما أطلق سراح المخطوفين كان المتغير الأساسي في المعادلة هو خروج السعودية من المحور الأول أو على الأقل انفراط عقده بعد الافتراق التركي – السعودي بسبب الموقف من «ثورة 30 يونيو» في مصر والنقد اللاذع الذي وجهه رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان إلى الثورة المصرية ومعها السعودية بسبب دعمها اسقاط سلطة الإخوان المسلمين. والدليل الأكبر على الاشتباك التركي – السعودي غياب الرئيس سعد الحريري ومعه السعودية عن مساعي إطلاق سراح المخطوفين. في المقابل حضر الجانب القطري بقوة في المفاوضات التي جرت.   2- الوجه الآخر للتباعد التركي – السعودي كان التقارب التركي – الإيراني الذي تجسد خصوصاً في لقاء الرئيس التركي عبد الله غول والرئيس الإيراني حسن روحاني ومعه قرار تركيا استيراد النفط بكميات كبيرة من إيران وما روي عن تسريب أنقرة إلى طهران معلومات عن جواسيس إيرانيين لمصلحة إسرائيل. فجاء إطلاق سراح المخطوفين في سياق التقاطع الجديد في العلاقات التركية – الإيرانية والصراع المستجد بين المحور التركي – القطري مع السعودية. 3- رأت تركيا بأم عينيها التحولات التي تطرأ على المعادلات الإقليمية وفي مقدمها الانفتاح الأميركي – الإيراني وانعكاسه على تزايد فرصة التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السورية. وبالرغم من أن تركيا لا تزال تعمل على عرقلة أي تسوية تلحظ دوراً للرئيس السوري بشار الأسد فيها فإنها تسعى لحفظ بعض خط الرجعة وحجز مكان لها في التسوية المقبلة، وبالتالي التقاطع مع هذه المتغيرات ومنها تسهيل إطلاق المخطوفين، خصوصاً أن خط تماس تركيا الجغرافي هو مع دول «معادية» لها، .. 4- لا يمكن اغفال الدور المهم لسوريا في التجاوب لإطلاق سراح بعض السجينات السوريات حيث شكلت دمشق الضلع الثالث في عملية المبادلة. 5- ولا شك في أن التحرك الضاغط الذي تولاه أهالي المخطوفين تجاه المصالح التركية في لبنان، كان مهما للغاية في الضغط على تركيا للتحرك لإطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين. فقد أشعرت هذه التحركات للمرة الأولى أن مصالحها في خطر فعلي، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والسياحي في ظل رجحان الميزان التجاري الكبير لمصلحة الأتراك. 6- والعامل الأكثر اهمية وحسما في اطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين هو خطف الطيارين التركيين مراد أقبينار ومراد أقجه في طريق مطار بيروت الدولي، والذي أحرج اردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو داخل تركيا، إذ طُرح في تركيا سؤال: لماذا يختطف مواطنون أتراك في لبنان؟ وبعد عملية الخطف هذه، تحركت أنقرة، للمرة الأولى، بكثافة وجدية. إن اطلاق المخطوفين اللبنانيين بعد شهرين على خطف الطيارين التركيين، يؤكد مرة أخرى، ما كان واضحاً منذ البداية، وهو مسؤولية تركيا عن خطف اللبنانيين وأن مفتاح الإفراج عنهم كان بيدها.

المصدر : السفير / محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة