دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
هي الخطوة الأولى في رحلة الأيام العشرة لانتزاع موافقة الكونغرس على العدوان على سورية . قرار مرّ أمس في لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ، حيث عقدت على مدى اليومين الماضيين جلسات أشبه بحلقات البوكر، الرهانات فيها عبارة عن مصير بلدان وحياة شعوب. لعبة تبدو كأنها تقليد أميركي مورس على مدى عقود، من أيام حرب الكوريتين، مروراً بكوبا وفيتنام وأفغانستان والعراق. وها هو باراك أوباما يعيدها مرة أخرى. مقامرة غير محسوبة النتائج. كل الرسائل لم تؤت فعلها حتى اللحظة. لا صلابة فلاديمير بوتين، ولا رسائل الحلفاء في المنطقة تتقدمهم إيران التي توعّدت أمس، على لسان شيخ معتدليها حسن روحاني، حلفاء أميركا في المنطقة، تتقدمهم إسرائيل. الأعين على الكابيتول هيل، والحركة الفعلية من المتوسط إلى باب المندب، ومن قناة السويس إلى قاعدة إنجرليك التركية، بانتظار لحظة يضرب فيه غبار المعركة عنق السماء
بين مواكبة زيارة الرئيس الاميركي باراك أوباما للسويد قبل التوجه الى سان بطرسبرغ ومتابعة حركة النواب والشيوخ وتصريحاتهم، شُغل الإعلام بخبر مباراة «البوكر» التي ضُبط السيناتور اليميني المحافظ جون ماكين وهو يخوض غمارها على هاتفه النقال أثناء الاستماع الى شهادات كبار مسؤولي الإدارة الاميركي تحت قبّة الكابيتول أول من أمس.
كانوا ثلاثة لا رابع لهم: ماكين والـ«آي فون» خاصته وعدسة كاميرا مصوِّرة صحيفة «ذي واشنطن بوست» ميلينا مارا، التي رصدت المباراة. «الصقر» الجمهوري الذي يدعو الى حرب شاملة على بلاد الشام لم ينف، بل كتب على حسابه على «تويتر»: «يا للفضيحة! ضبطتُ وأنا ألهو بجهاز الآيفون خلال جلسة الاستماع في مجلس الشيوخ التي استمرت زهاء ثلاث ساعات». قال، في تصريح لشبكة «سي ان ان»، إنّ سبب «لهوه» في الجلسة يعود إلى شعوره «بالملل». في النهاية، ما همه، لم يكن موضوع النقاش سوى التمهيد لقرار بتدمير بلد وقتل شعبه وتفجير منطقة برمتها. بل الأنكى أنه أضاف أن «الأسوأ من ذلك كلّه أنّي خسرت في اللعبة». يا ليته يدرك كم هي معبرة تلك الجملة عن واقعه وعما ينتظر بلاده.
حال رئيسه لم تكن كحاله. واضح أن باراك أوباما لم يملّ بعد. توجه أمس إلى السويد حيث شدد، عقب لقائه رئيس الوزراء السويدي فريديريك ريفليدت، على أنّ على الاسرة الدولية أن تفرض احترام «الخط الاحمر» الذي يحظر استخدام الاسلحة الكيميائية، مؤكداً لشركائه أنه «لا يمكن لزوم الصمت حيال الهمجية» في سوريا. وخلال مؤتمر صحافي في استوكهولم عشية قمة العشرين، حذّر أوباما من أن «ليست صدقيتي هي التي على المحك، بل صدقية المجتمع الدولي وصدقية الولايات المتحدة والكونغرس»، قبل أن يضيف أن «الإخفاق في الرد على هذا الهجوم لن يؤدي إلا الى زيادة خطر وقوع المزيد من الهجمات وكذلك زيادة احتمال استخدام دول اخرى لهذه الاسلحة».
وأقرّ أوباما بأنّ الرأي العام العالمي قد يقارن بين سوريا 2013 والعراق 2003. وقال: «إن الذاكرة لا تزال حية حول العراق والاتهامات بوجود أسلحة دامار شامل والناس قلقون ازءا مدى صحة المعلومة عن استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا». وأضاف: «لقد عارضت الحرب في العراق. ولا أريد تكرار أخطائنا ببناء قراراتنا على معلومات استخبارية خاطئة».
وسئل الرئيس الاميركي عن الخلافات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيستقبل قمة مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ الخميس والجمعة بحضور أوباما الذي قال: «لا يزال لدي أمل بأن يغير الرئيس بوتين رأيه في بعض هذه الامور وسأواصل الكلام معه لانني أعتقد أن عملاً دولياً سيكون أكثر فعالية».
من جهتها، أعدّت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي أمس مسودة جديدة للتفويض الذي طلبه أوباما لتوجيه ضربة عسكرية الى النظام السوري، تتضمن خصوصاً تحديد الإطار الزمني لهذه الضربة بـ60 يوماً قابلة للتمديد 30 يوماً إضافياً.
والمسودة الجديدة ستحل محل مشروع القانون الذي أحاله الرئيس على الكونغرس السبت لمنحه تفويضاً بشنّ عمل عسكري في سوريا، وهو مشروع اعتبر عدد من البرلمانيين صياغته فضفاضة وضبابية.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية السيناتور الديموقراطي روبرت مندينيز، في بيان، ان «لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ صاغت تفويضاً باستخدام القوة العسكرية يعكس رغبة ومخاوف الديموقراطيين والجمهوريين».
وتنصّ مسودة التفويض، الذي توافق عليه أعضاء الحزبين في اللجنة، على أنه «لا يسمح باستخدام القوات المسلحة الاميركية على الارض في سوريا بهدف تنفيذ أعمال قتالية»، وتنصّ أيضاً على ان التدخل العسكري في سوريا يجب أن يكون «محدوداً».
وترمي الصيغة الجديدة الى كسب تأييد أعضاء الكونغرس الذين ما زالوا مترددين في دعم هذه الضربة.
في هذا الوقت، استمرت جلسات الاستماع في الكونغرس لكل من جون كيري وتشاك هاغل ومارتن ديمبسي الذين كرروا فيها حججهم لإقناع الكونغرس الموافقة على تفويض الرئيس توجيه ضربة عسكرية لسوريا. ولعل أكثر ما لفت خلال جلسات يوم أمس، سؤال وجهه أحد أعضاء لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ للثلاثي: هل تقسمون إنكم لا تكذبون علينا وتقولون الحقيقة بشأن استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي؟ سؤال فيه الكثير من المرارة والإهانة لثلاثة من كبار قادة الولايات المتحدة. كولن باول لا يزال حاضراً في ذاكرة الشعب الأميركي الذي خسر عشرات الآلاف من أبنائه في العراق من أجل كذبة السلاح النووي.
قال هاغل: «لا يمكننا ان نسمح بوجود ميليشيات من حزب الله في سوريا وان تعمل على استخدام هذه الاسلحة الكيميائية». وقال ديمبسي إن «هدفنا من الضربة العسكرية على سوريا هو اضعاف نظام الأسد»، معلناً «أننا متأهبون لأي تصعيد محتمل من حزب الله». وأكد كيري أن نحو 10 دول ستشارك أميركا في الضربة.
النتيجة: تصويت وموافقة اللجنة على التصريح باستخدام القوة العسكرية في سوريا بأغلبية 10 اصوات مقابل سبعة.
من جهة اخرى، أعلنت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «آيباك»، وهي إحدى أكبر منظمات لوبي إسرائيل في الولايات المتحدة، تأييدها لقرار التدخل العسكري المحتمل في سوريا.
وقالت، في بيان، إن «التطورات السورية الراهنة تشكل خطراً وتهديداً على المصالح القومية الإسرائيلية، كذلك فإنها تهدد استقرار إسرائيل والمنطقة بأسرها». وتابع البيان إن «اللجنة لا تفضل خيار الحرب، شأنها في ذلك شأن جميع المواطنين الأميركيين»، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن «أوباما وزعماء الكونغرس ذكروا أن التدخل العسكري في سوريا سيكون لحماية المصالح القومية للبلاد». وأضافت اللجنة أن «عدم تفويض الكونغرس إلى أوباما، سيكون إشارة على ضعف الولايات المتحدة، وسيثير الشكوك حول عجز أميركا عن القيام بالتزاماتها في منطقة الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنها كإحدى أقوى جماعات الضغط على أعضاء الكونغرس، ستقوم بدورها من أجل منح أوباما التفويض المذكور، وذلك من خلال الضغط على أعضاء الكونغرس ومجلس النواب.
من جانبها، أعلنت لجنة مكافحة التشويه اليهودية (ADL) _ التي تعدّ أكبر المنظمات اليهودية الأميركية المهتمة بمكافحة اللاسامية _ تأييدها كذلك للرئيس باراك أوباما، معربة عن ارتياحها لطريقة تفكيره من أجل حماية الأمن القومي لبلاده.
المصدر :
الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة