بعكس بيان قمة الثماني الداعي للحل السلمي للأزمة في سورية رهن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جميع تطورات الأزمة بالعمل العسكري والسلاح الذي أعلنت بلاده أنها ستمد "المعارضة" به واتخذ من الدعوات لتسليح المعارضة طريقا لقلب المعادلة على الأرض وتحقيق توازن القوى حسب وصفه.

وقال كيري خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير الخارجية القطري في الدوحة اليوم "إن الولايات المتحدة والدول الأخرى في طريقها لزيادة مستوى الدعم العسكري للمعارضة لذا نعمل مع حلفائنا من أجل زيادة الدعم لما يسمى المجلس العسكري للمعارضة".

وفيما يبدو أنه تبادل أدوار مرسوم بعناية في الغرب الاستعماري تناقضت تصريحات التسليح الأمريكية مع تصريحات وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ الذي أعلن اليوم أن "بلاده لا تفكر حاليا بتسليح المعارضة في سورية" وهذا حال التوجه الفرنسي رغم أن هاتين الدولتين كانتا المبادرتين بالدعوة لتسليح المعارضة قبل أسابيع.

وتنبأ كيري بأن "الأزمة في سورية قد تشعل عنفا وصفه بـ "الطائفي" لا يخدم مصلحة أحد" ولكن المثير للريبة أنه لم يجد ما يضعه أمام هذا العنف لكبحه سوى الاعلان عن أن "الرئيس باراك أوباما سيزود المعارضة بأسلحة لم تصلها من قبل" والقول ايضا انه "لا خيار أمامنا إلا أن نقدم دعما أكبر من نوع اخر للمعارضة السورية".

ولم تقف تناقضات كيري عند هذا الحد اذ أنه بعد حديثه عن خيار تسليح المعارضة اردف قائلا "الحل العسكري في سورية غير مناسب" فكيف يصح التسليح مع رفض الحل العسكري الا اذا كانت واشنطن تراهن على تدمير سورية من خلال ضخ المزيد من السلاح لمنع الوصول الى حل واطالة أمد الأزمة.

ومما يدل على مدى تشرذم معسكر أصدقاء الإرهاب في الدوحة أعلن كيري أن خطط ارسال السلاح إلى سورية "ستترك لكل دولة بمفردها" وذلك لتقرر كل جهة أي فصيل من الإرهاب تريد دعمه طالما أن فصائل الإرهاب تعددت لبوساتها واختلفت حسب داعميها.

وحتى لا يبدو موقفه هذا هروبا سريعا من الاتفاق الذي خرجت به قمة الثماني والذي أكد على "الحل السلمي للأزمة في سورية" أدعى كيري أن "الهدف من دعم المعارضة عسكريا ليس تحقيق حل عسكري وإنما الدفع نحو حل سياسي".

وكانت واشنطن بادرت للاعلان عن خططها لتسليح "المعارضة" بعد اجتماعات مطولة اعقبت اعلان الجيش العربي السوري استعادة بلدة القصير مطلع الشهر الجاري وتطهيرها من المجموعات الإرهابية.

ورأى كيري أن "تسليح المعارضة سيمكنها من تحقيق المساواة مع القوات الحكومة" ويبدو هذا جوهر السياسة الأمريكية التي تريد اطالة أمد الأزمة في سورية ولا ترغب بحلها وتخشى على مصالحها واتباعها في المنطقة من انتصار الدولة السورية على الإرهاب بعد فضح الدعم الاقليمي والدولي له.

وحرصا منه على مواصلة تمثيلية حمامة السلام قال كيري "إن الولايات المتحدة من خلال مبادرة الرئيس باراك أوباما تبقى ملتزمة بمساعدة الشعب السوري".

وغلف كيري دعواته الصريحة لتسليح الإرهاب في سورية بعبارات لا تمت للواقع بصلة من قبيل "الحرص على مستقبل سورية والسماح للشعب بالتمتع بالحرية والقدرة على اختيار مستقبل بلده" والغريب أنه أردف ذلك بالقول إنه يجب أن يتم بغياب "العنف" وكأن السلاح الذي يرسله للارهابيين مضاد للعنف وليس صانعا له.

ومن حيث كان كيري يدافع عن موقف بلاده ويحاول اعطاءه الشرعية انزلق الى التذكير بانقلابها على بيان جنيف العام الماضي وتهربها من الذهاب إلى المؤتمر الدولي المرتقب حول سورية وقال "اجتمعنا اليوم كي نقوم بكل ما بوسعنا لخلق الظروف من أجل إحقاق تسوية كنا في مؤتمر جنيف اقمنا المعادلة لتحقيقها وتم الاتفاق عليها من قبل ممثلي الأمم المتحدة وجميع البلدان الحاضرة عبر سلطة انتقالية يتم اختيارها بموافقة متبادلة من قبل الحكومة والمعارضة" متناسيا أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون لم تنتظر الا ساعات بعد هذا الاتفاق لتقول "إن القيادة السورية لا مكان لها في هذه الخطة" وتنسف جوهر الاتفاق.

وكانت سورية أعلنت ترحيبها ببيان جنيف العام الماضي وطلبت توضيحات لبعض النقاط إلا أن المعارضة التي تحظى بدعم واشنطن اعتبرت الاتفاق ميتا منذ اللحظة الأولى لاعلانه ولم تحتج واشنطن على ذلك وكان هذا حال الدعوة لعقد المؤتمر الدولي حول سورية في جنيف بعد الاتفاق الروسي الأمريكي اذ رحبت الحكومة السورية بعقده على أرضية الوصول لحل سياسي لكن المعارضة سددت مجددا السهام إلى الجهد الدولي وبدأت تضع الشروط للتهرب منه.

ولمرة واحدة اقترب كيري من الموضوعية عندما قال إن "الشعب السوري سيتمكن من اختيار مستقبله وهذا سيتم من خلال موافقة متبادلة بين الحكومة والمعارضة وعلى كلا الجانبين أن يكون مستعدا للتسوية وقبل كل شيء يجب إنهاء العنف والتوصل إلى حل سلمي".

ولكن هذه الواقعية لا تتطابق مع الدعوات لتسليح المعارضة التي تسيطر عليها الحركات الجهادية والتكفيرية والاصولية التابعة لتنظيم القاعدة مثل "جبهة النصرة" ومع ذلك يريد كيري تسليحها لتحقيق التوازن على الأرض بين الإرهاب والدولة لزيادة الدمار والخراب.

وأعلن كيري إن مساعدة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان والسفير روبرت فورد سيذهبان في الأيام القادمة إلى جنيف للقاء المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ليبدو ان واشنطن تريد الامساك بجميع الحبال حتى اذا انقطع احدها لا تقع وتتحطم خططها.

ولم يجد كيري ما يقوله للتغرير بمستضيفه سوى النفخ في نار الفتنة ومغازلة غرائزهم التي تحرك حقدهم وتطرفهم ولذلك كان حريصا على الزج باسم "المقاومة اللبنانية وإيران" للتحريض عليهما وتهييج الاعراب ضدهما كما اراد قلب الحقائق عندما قال إن الحكومة السورية استجابت لجهود التسوية "بمزيد من العنف" متناسيا ان الحكومة كانت المبادرة للدعوة للحوار وهي التي أعلنت مرارا ترحيبها باي لقاء دولي من شانه ان يضع حدا للعنف ويوقف تدفق السلاح والمسلحين إلى سورية ويترك للسوريين حرية اختيار مستقبلهم عبر صناديق الاقتراع.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-22
  • 4262
  • من الأرشيف

كيري ينقلب على بيان الثماني بخصوص سورية ويراهن على تسليح المعارضة

بعكس بيان قمة الثماني الداعي للحل السلمي للأزمة في سورية رهن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جميع تطورات الأزمة بالعمل العسكري والسلاح الذي أعلنت بلاده أنها ستمد "المعارضة" به واتخذ من الدعوات لتسليح المعارضة طريقا لقلب المعادلة على الأرض وتحقيق توازن القوى حسب وصفه. وقال كيري خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير الخارجية القطري في الدوحة اليوم "إن الولايات المتحدة والدول الأخرى في طريقها لزيادة مستوى الدعم العسكري للمعارضة لذا نعمل مع حلفائنا من أجل زيادة الدعم لما يسمى المجلس العسكري للمعارضة". وفيما يبدو أنه تبادل أدوار مرسوم بعناية في الغرب الاستعماري تناقضت تصريحات التسليح الأمريكية مع تصريحات وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ الذي أعلن اليوم أن "بلاده لا تفكر حاليا بتسليح المعارضة في سورية" وهذا حال التوجه الفرنسي رغم أن هاتين الدولتين كانتا المبادرتين بالدعوة لتسليح المعارضة قبل أسابيع. وتنبأ كيري بأن "الأزمة في سورية قد تشعل عنفا وصفه بـ "الطائفي" لا يخدم مصلحة أحد" ولكن المثير للريبة أنه لم يجد ما يضعه أمام هذا العنف لكبحه سوى الاعلان عن أن "الرئيس باراك أوباما سيزود المعارضة بأسلحة لم تصلها من قبل" والقول ايضا انه "لا خيار أمامنا إلا أن نقدم دعما أكبر من نوع اخر للمعارضة السورية". ولم تقف تناقضات كيري عند هذا الحد اذ أنه بعد حديثه عن خيار تسليح المعارضة اردف قائلا "الحل العسكري في سورية غير مناسب" فكيف يصح التسليح مع رفض الحل العسكري الا اذا كانت واشنطن تراهن على تدمير سورية من خلال ضخ المزيد من السلاح لمنع الوصول الى حل واطالة أمد الأزمة. ومما يدل على مدى تشرذم معسكر أصدقاء الإرهاب في الدوحة أعلن كيري أن خطط ارسال السلاح إلى سورية "ستترك لكل دولة بمفردها" وذلك لتقرر كل جهة أي فصيل من الإرهاب تريد دعمه طالما أن فصائل الإرهاب تعددت لبوساتها واختلفت حسب داعميها. وحتى لا يبدو موقفه هذا هروبا سريعا من الاتفاق الذي خرجت به قمة الثماني والذي أكد على "الحل السلمي للأزمة في سورية" أدعى كيري أن "الهدف من دعم المعارضة عسكريا ليس تحقيق حل عسكري وإنما الدفع نحو حل سياسي". وكانت واشنطن بادرت للاعلان عن خططها لتسليح "المعارضة" بعد اجتماعات مطولة اعقبت اعلان الجيش العربي السوري استعادة بلدة القصير مطلع الشهر الجاري وتطهيرها من المجموعات الإرهابية. ورأى كيري أن "تسليح المعارضة سيمكنها من تحقيق المساواة مع القوات الحكومة" ويبدو هذا جوهر السياسة الأمريكية التي تريد اطالة أمد الأزمة في سورية ولا ترغب بحلها وتخشى على مصالحها واتباعها في المنطقة من انتصار الدولة السورية على الإرهاب بعد فضح الدعم الاقليمي والدولي له. وحرصا منه على مواصلة تمثيلية حمامة السلام قال كيري "إن الولايات المتحدة من خلال مبادرة الرئيس باراك أوباما تبقى ملتزمة بمساعدة الشعب السوري". وغلف كيري دعواته الصريحة لتسليح الإرهاب في سورية بعبارات لا تمت للواقع بصلة من قبيل "الحرص على مستقبل سورية والسماح للشعب بالتمتع بالحرية والقدرة على اختيار مستقبل بلده" والغريب أنه أردف ذلك بالقول إنه يجب أن يتم بغياب "العنف" وكأن السلاح الذي يرسله للارهابيين مضاد للعنف وليس صانعا له. ومن حيث كان كيري يدافع عن موقف بلاده ويحاول اعطاءه الشرعية انزلق الى التذكير بانقلابها على بيان جنيف العام الماضي وتهربها من الذهاب إلى المؤتمر الدولي المرتقب حول سورية وقال "اجتمعنا اليوم كي نقوم بكل ما بوسعنا لخلق الظروف من أجل إحقاق تسوية كنا في مؤتمر جنيف اقمنا المعادلة لتحقيقها وتم الاتفاق عليها من قبل ممثلي الأمم المتحدة وجميع البلدان الحاضرة عبر سلطة انتقالية يتم اختيارها بموافقة متبادلة من قبل الحكومة والمعارضة" متناسيا أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون لم تنتظر الا ساعات بعد هذا الاتفاق لتقول "إن القيادة السورية لا مكان لها في هذه الخطة" وتنسف جوهر الاتفاق. وكانت سورية أعلنت ترحيبها ببيان جنيف العام الماضي وطلبت توضيحات لبعض النقاط إلا أن المعارضة التي تحظى بدعم واشنطن اعتبرت الاتفاق ميتا منذ اللحظة الأولى لاعلانه ولم تحتج واشنطن على ذلك وكان هذا حال الدعوة لعقد المؤتمر الدولي حول سورية في جنيف بعد الاتفاق الروسي الأمريكي اذ رحبت الحكومة السورية بعقده على أرضية الوصول لحل سياسي لكن المعارضة سددت مجددا السهام إلى الجهد الدولي وبدأت تضع الشروط للتهرب منه. ولمرة واحدة اقترب كيري من الموضوعية عندما قال إن "الشعب السوري سيتمكن من اختيار مستقبله وهذا سيتم من خلال موافقة متبادلة بين الحكومة والمعارضة وعلى كلا الجانبين أن يكون مستعدا للتسوية وقبل كل شيء يجب إنهاء العنف والتوصل إلى حل سلمي". ولكن هذه الواقعية لا تتطابق مع الدعوات لتسليح المعارضة التي تسيطر عليها الحركات الجهادية والتكفيرية والاصولية التابعة لتنظيم القاعدة مثل "جبهة النصرة" ومع ذلك يريد كيري تسليحها لتحقيق التوازن على الأرض بين الإرهاب والدولة لزيادة الدمار والخراب. وأعلن كيري إن مساعدة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان والسفير روبرت فورد سيذهبان في الأيام القادمة إلى جنيف للقاء المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ليبدو ان واشنطن تريد الامساك بجميع الحبال حتى اذا انقطع احدها لا تقع وتتحطم خططها. ولم يجد كيري ما يقوله للتغرير بمستضيفه سوى النفخ في نار الفتنة ومغازلة غرائزهم التي تحرك حقدهم وتطرفهم ولذلك كان حريصا على الزج باسم "المقاومة اللبنانية وإيران" للتحريض عليهما وتهييج الاعراب ضدهما كما اراد قلب الحقائق عندما قال إن الحكومة السورية استجابت لجهود التسوية "بمزيد من العنف" متناسيا ان الحكومة كانت المبادرة للدعوة للحوار وهي التي أعلنت مرارا ترحيبها باي لقاء دولي من شانه ان يضع حدا للعنف ويوقف تدفق السلاح والمسلحين إلى سورية ويترك للسوريين حرية اختيار مستقبلهم عبر صناديق الاقتراع.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة