دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بدأت صباح اليوم في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق فعاليات ندوة "الحوار الوطني من أجل سورية" بمشاركة نخبة من الشخصيات الثقافية والأدبية.
وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح قالت في كلمة لها خلال الافتتاح إن موضوع الحوار الوطني بات اليوم أكثر إلحاحا وأهمية كي تبحث سورية في دور المثقف في هذا الحوار وفي أهمية تكريس ثقافة الحوار وسيلة للتقارب وسبيلا لتفادي انحرافات التعصب التي تؤجج المشاعر السلبية وتفضى لنزاعات مدمرة.
وأضافت وزيرة الثقافة نجتمع اليوم في هذا الصرح الثقافي إدراكا منا جميعا لأهمية الحوار "كوسيلة للتقارب والتفاهم للخروج برؤى لحل الأزمة" التي يعيشها وطننا الغالي وتعبيرا عن رغبة صادقة برؤية "حراك ثقافي مثمر يبدد ظلمات الجهل ويسهم في تحقيق التواصل بين أبناء الوطن الواحد" أملا في مستقبل نريده مشرقا لوطننا الحبيب وشعبنا العظيم.
الدكتورة مشوح تابعت قد يرى البعض أن مفهوم الحوار والانفتاح على الاخر وتقبله على اختلافه مفهوم جديد على ثقافتنا العربية لكننا "أبناء سورية العظيمة أرض البطولات والتاريخ المشرف منبع الابجدية والفنون.. سورية التي وصلت الشرق بالغرب وصدرت الفكر والابداع منذ آلاف السنين" نحن السوريين من وقف فى وجه "الغزاة والمحتلين وصد المغول والصليبيين وسطر ملاحم البطولة ضد المستعمر الفرنسي والصهاينة المعتدين" فكيف لنا نحن بناة الحضارة أن نرفض التحاور فيما بيننا وهل يمكن لحضارة ان تبنى دون حوار.
واعتبرت مشوح أنه من المحزن أن نجتمع ووطننا يمر بأوقات عصيبة فالجرائم "ترتكب بحق شعبنا وتدمر بنانا التحتية ويعتدى على تراثنا وما يمثله من قيم حضارية أثرت الفكر والابداع الانساني" بينما يقف العالم "متفرجا باكيا مؤججا للفتنة".
ورأت الدكتورة مشوح أن المطلوب في هذه المرحلة "سلوك الطريق الوطني العريض" تحت سماء الوطن الواسعة في هذه الأرض الطيبة الجامعة "لبناء منظومة اجتماعية تقوم على ثقافة المواطنة التي يتقدم فيها الولاء للوطن على أي ولاء اخر".
وزيرة الثقافة دعت المثقفين جميعا لممارسة دورهم كاملا في "اعادة بناء الاخلاق وتنمية الوعي المجتمعي العام بتعزيز الانتماء الوطني والتمسك بالهوية والوحدة الوطنية وتحصين الفكر ضد انحرافات التعصب والتغيب والاقصاء" حفاظا على نسيج وطني منيع مشيرة إلى أن الحوار الوطني الناجح لا يكون الا بتضافر جهود قادة الرأي من مثقفين وأدباء ومفكرين وسياسيين وإعلاميين ورجال دين لوصول إلى التصالح مع الذات والاخر وإلى السكينة والسلام.
واعتبرت الدكتورة مشوح أن ندوة الحوار الوطني من أجل سورية يمكن أن "تؤسس لرؤى وأفكار واراء تمهد الطريق لبناء وطن سالم أمن مزدهر فما زالت في الأفق صفحات بيضاء نستطيع ان نخط عليها كلمات التسامح والمحبة والتلاقي".
بدوره قال حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب إنه من المهم ان يتنادى المثقفون والأدباء وأبناء الأمة إلى طاولة حوار ليناقشوا كل ما يعنيهم في واقعهم وحاضرهم ومستقبلهم وليقرؤوا ذلك قراءة ذاتية وموضوعية منهجية وعلمية بغية "صياغة عقد اجتماعي يفيض بالأمل والمحبة".
وأضاف جمعة أن الذات الوطنية والقومية عند العرب اصابها ما أصابها من شروخ وتصدعات اما لقابلية فيها او لتأثيرات خارجية ضاغطة حتى "سقط عند غالبيتهم مفهوم الذات الوطنية أو الذات القومية لحساب الأخر أو لحساب مصالح آنية ضيقة" مبينا أنه بات هناك تشوهات قاتلة في النفس العربية نتيجة انقيادها للآخر الغربي الأميركي والصهيوني ومخططاته" بوصفه مالكا للحقيقة والانتاج والابتكار كما يزعم صناع القرار فيه.
وأوضح رئيس اتحاد الكتاب العرب أن على "المثقفين والكتاب أن يواجهوا الحقيقة بعيداً عن التغني بالمصطلحات التي لم يعد لها موقع في حياتنا وثقافتنا" فالمثقف فوق أي تصنيف إلا تصنيف من ينضم إلى خدمة قضاياه النضالية وقضايا مجتمعه وأمته.
من جهته قال أنور رجا مسؤول الإعلام في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في كلمة المشاركين.. "لا يولد الحرف ولا ينمو العقل الا بفعل المثاقفة والحوار الذي يترتب عليه مكاشفة وشفافية على قاعدة الرأي قبل شجاعة الشجعان" فلا معنى للحوارات المسترخية على طاولات بعيدة لأن التجارب التي خاضتها أميركا والصهيونية والغرب جعلتهم يدركون أن "رأس سورية عصي على أعدائه لاسيما ان الدعوات للتطرف والقتل والذبح أثبتت فشلها" وتبدى عارها متجلياً في قطع رأس تمثال أبي العلاء المعري.
ودعا رجا إلى الخروج من "ثقافة الغزو والغواية إلى ثقافة المحبة والحوار" لتلافي ما يرمي إليه الآخرون في تجديد اتفاقية سايكس بيكو والخروج من أزمة الوعي وسطوة الإعلام الذي كرس في سورية فكرة الموالاة والمعارضة مفسراً الانتماء بالموالاة ومن شذوا على الانتماء هم المعارضة المصطنعة وقادتها في الغرب.
وتحت عنوان "الأزمة السورية والمثقف" قدمت الكاتبة كوليت خوري مداخلة تحدثت فيها عن الأزمة في سورية ودور المثقف في شرح واقع الأزمة مقدمة تعريفاً للمثقف الحقيقي ومبينة الفارق بين العلم والثقافة والعالم والمثقف وحتمية كون المثقف صاحب أخلاق حميدة.
اما الدكتور أشرف بيومي من مصر فشارك بمحاضرة تحدث فيها عن أبعاد التآمر على سورية ومدى خطورة نتائجه على الأمة العربية كلها لافتاً إلى أن "موقف الكثير من المثقفين العرب هو اما عدم الاكتراث وانتظار ما تحضره الأحداث او اتخاذ موقف معاد للدولة والوطن السوري".
وبحث بيومي في العوامل والأدوات التي أدت إلى هذا التحول الخطير والذي نرى نتائجه ليس فقط بالنسبة للأزمة في سورية بل أيضا في دول ما يسمى "الربيع العربي" مناقشاً كيفية مواجهة قوى الهيمنة الأجنبية في محاولاتها المستمرة "لإضعاف الدولة الوطنية والتمهيد الحثيث لتحقيق الهدف الأكبر وهو المشروع الشرق أوسطي" بأبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية الجديدة.
كما علق البيومي على الكيفية التي أصبح فيها هذا النوع من المثقفين عقبة امام الحوار الوطني الجاد الذي حاول البعض منذ بداية الأزمة في سورية تبنيه والتناقضات الصارخة التي أوقعت العديد من المثقفين العرب نتيجة لمنهج النظرة المجزأة التي تفصل تعسفيا عناصر متفاعلة بقوة.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة