يحتكم تاريخ العلاقات السورية البرازيلية في شقه الاجتماعي والثقافي إلى حقبة العقدين الاخيرين من القرن الثامن عشر والعقود الأولى من القرن التاسع عشر حيث ووفقا للمراجع التاريخية قام حاكم البرازيل الامبراطور بيدور الثاني في عام 1876 بجولة على عواصم ومدن منطقة الشرق الأوسط زار خلالها سورية ولبنان وفلسطين ليدعو أهاليها إلى الاغتراب للبرازيل والتعرف على جغرافيا الارض الممتدة فيما وراء المحيط والانخراط في مشاريع العمل الزراعي وبناء المدن والقرى البرازيلية والتجانس مع شعوبها ومغتربي البلدان الاخرى وتقول المصادر التاريخية إن أوائل المغتربين السوريين وصلوا الاقاليم الشمالية والشرقية البرازيلية في نهاية القرن الثامن عشر ليستقروا في مدنها باحثين عن تحسين وضعهم الاقتصادي على أمل العودة لبلدهم الأم ومع نشوب الحرب العالمية الأولى والظروف الصعبة شجع هؤلاء المغتربون أقاربهم في الوطن على القدوم للبرازيل واحتضنوهم عند وصولهم ليعملوا معا فيما يتقنوه الا وهو تجارة البيع والشراء وهكذا تواصل توافد السوريين ليزداد حدة في فترة ماقبل الحرب العالمية الثانية

وعمل السوريون الأوائل في مجال التجارة الحرة وعانوا مصاعب الاغتراب ودفعوا بابنائهم للتعلم وحثوهم على نهم العلوم والمعارف واقتطعوا من رفاهية حياتهم ليصلوا بأبنائهم إلى مصافي التعليم العالي وحفاظا على وحدتهم والتمسك بقيمهم تنبهوا إلى ضرورة بناء وتشييد مقرات اجتماعية تحتضن وجودهم وتعزز روابطهم فقاموا باموالهم الخاصة ببناء مؤسسات اجتماعية غلب عليها الطابع الاجتماعي والرياضي وكانت مبادراتهم هذه ملاذا أمينا لثروتهم الأدبية والفكرية وفي خطوة لاحقة اثروا وحدتهم ببناء المشافي ودور العجزة محافظين في الوقت ذاته على علاقاتهم الودية مع جاليات الاغتراب الاوروبي وبشكل خاص أبناء الشعب البرازيلي والسكان الاصليين ما دفعهم للانطلاق بمشاريعهم الاقتصادية وتوجههم نحو القطاع الصناعي بينما أبناؤهم يحتلون مواقع متقدمة في مجال معارف العلوم والهندسة والطب والقانون ومن ثم الانخراط في ميدان العمل السياسي الداخلي ما ساهم إلى حد كبير في بروزهم الاجتماعي وتبوئهم قبل غيرهم اعلى المراتب والمناصب الهامة في مكونات العمل العام وهيئاته التنفيذية والتشريعية

ونسج العرب السوريون وبالتعاون مع اخوانهم المغتربين اللبنانيين وحدة ثقافية ميزتهم عن باقي جاليات الاغتراب البرازيلي ووفقا للقول الشعبي الدارج في البرازيل سيريو لبنايز يطلق البرازيليون هذه التسمية على جميع العرب المغتربين ودون تفريق اقليمي بينهم نظرا للتمازج الثقافي والاجتماعي الذي طبع أبناء القطر السوري واللبناني في البرازيل وهذه التسمية تطلق على جميع مؤسسات التجمع الاجتماعي وتعرف على امتداد الارض البرازيلية لا بل تتخطاها لبلدان القارة اللاتينية جمعاء

وسياسيا لم يستطع المغتربون السوريون مواكبة الأحداث في بلدهم الأم ولاسيما خلال النصف الثاني من القرن الماضي وهذا يعود في شقه الأكبر أولا لانشغالهم في تعقيدات الحياة الاقتصادية التي شهدتها البرازيل على مدى عقود

وشير جميع المصادر المتفرقة غير الموثقة إلى أن تعداد الجالية السورية في البرازيل يبلغ نحو الاربعة ملايين سوري بين مغترب ومتحدر

وإن انغماس أبناء الجالية الاغترابية السورية في حل تعقيدات تأقلمهم مع مجتمعهم الجديد وسعيهم للارتقاء المادي وتحصيلهم العلمي أبعدهم ولفترة من الزمن عن مواصلة التفاعل مع وطنهم الأم بالرغم من وجود محاولات متواضعة من جانب المؤسسات الاغترابية إلا أن افتقارها لمنهجية العمل المبرمج وعدم تمسك أبناء الجالية بلغتهم العربية ساهم وإلى حد بعيد في نأيهم عن بناء لوبي سياسي عربي مؤثر ليقتصر نشاطهم على إقامة اللقاءات الاجتماعية التي هيمنت عليها مواصلة ارثهم الثقافي بمحدوديته المتواضعة والتي انحصرت بالاستماع للفنون الموسيقية وتذوق الأدب المهجري ونكهات الاطعمة الشرقية مفعمين بداخلهم بطاقة كمينة تنتظر شرارة ما للانطلاق إلى عالم أوسع تنعكس إيجابيته على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وهذا ماتمخض في الواقع منذ مطلع الألفية الجديدة حين تبنت وزارة المغتربين في الجمهورية العربية السورية سياسة منهجية محورها الأساسي تفعيل قدرات هذه الموارد البشرية التي حملتها السفن إلى الأرض الجديدة بمسماها البرازيلي واللاتيني وبعد تسلم حزب العمال سدة الرئاسة البرازيلية في كانون الثاني 2003 وعقب الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس لويز ايناسيو لولا داسيلفا إلى دمشق بتاريخ 3 كانون الاول 2003 ولقائه السيد الرئيس بشار الأسد وما أعقبها في خطوة تالية إقليمية ثنائية عبر إطلاق المبادرة البرازيلية في احتضان أول قمة للدول العربية الأمريكية الجنوبية بشهر ايار 2005 شهدت العلاقات السورية البرازيلية منعطفا جديدا مهد بالتالي لبناء آفاق بعيدة تتناسب مع حجم العلاقة الثنائية وتنسجم مع وجود هذا الامتداد البشري غير المستثمر على الصعيد السياسي والاقتصادي ولتتعاقب الزيارات بين الطرفين وتفرز اسقاطاتها وبتواتر إيجابي متصاعد على تنسيق مواقف البلدين السياسية ولاسيما بشأن قضايا المنطقة وعملية مفاوضات السلام وتعنت الجانب الإسرائيلي وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني وهذا ماتجلى مرارا في بيانات وزارة العلاقات الخارجية البرازيلية والتأكيد على دور سورية المحوري في عملية السلام بالمنطقة وحقها في استعادة أراضيها المحتلة وشجب وإدانة الاعتداءات على قطاع غزة وبناء المستوطنات

وسورية كانت البلد العربي الأول الذي يزوره الرئيس لولا داسيلفا في جدول زياراته للبلدان العربية خلال السنوات التي مرت وهذا ينبع من الأهمية التي توليها وزارة العلاقات الخارجية البرازيلية للدور السوري في المنطقة على صعيد سياستها الخارجية وبشكل خاص عملية التنسيق المشترك لتغيير جغرافيا السياسة الدولية التي تحكمها في السنوات الأخيرة قلاقل هيمنة القطب الواحد وامتدادتها المتمثلة في زعزعة الاستقرار العالمي وفوضى الهيئات المالية الدولية والمحلية في البلدان الغربية وخصوصا ان سورية تحظى بحضور قوي داخل الهيئات التشريعية العليا في البرازيل مجلس الشيوخ والنواب هذا الحضور الذي أثمر مؤخرا عن تشكيل لجنة صداقة برلمانية سورية برازيلية من المنتظر إعادة الإعلان عنها رسميا مع زيارة السيد الرئيس للبرازيل ما يمهد الطريق أمام آفاق أخرى لم تسبر بعد لاسيما أن 10 بالمئة من أعضاء هذه المجالس متحدرون من أصول عربية سورية لبنانية بما في ذلك رئيس مجلس النواب الاتحادي ميشيل تامر اللبناني الأصل وعضو مجلس الشيوخ روميو توما السوري الأصل بينما تملك سورية على الصعيد التنفيذي البرازيلي وجود جورج ارماندو فليكس وزير الأمن القومي المتحدر من أصول سورية وعددا آخر من الوزراء وكبار مديري الهيئات القضائية والتنفيذية والاعلامية حيث تبرز سورية في قطاع الإعلام المرئي والمسموع عبر السيد جوان سعد السوري الأصل وصاحب ثالث أكبر شبكة إعلامية في البرازيل بانديرانتي والتي تدير وتؤثر في الشأن السياسي الداخلي منذ عام 1985 وخصوصا المناظرات بين مرشحي الرئاسة البرازيلية

واقتصادياً وتجارياً ورغم الجهود التي بذلت بقيت المبادلات الثنائية متواضعة ولم تحقق الاهداف والطموحات المنشودة من البلدين وتميل كفتها لصالح البرازيل 303 ملايين دولار حجم الصادرات البرازيلية إلى سورية في عام 2009 مقابل 1ر4 ملايين دولار حجم الاستيراد من سورية وهذا الجانب يتطلب جهودا مضاعفة وحثيثة من المؤسسات التجارية في البلدين ولإعادة رسم هذه العلاقات ومن المنتظر ان يتم مع زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إنجاز نقلة نوعية في هذا المجال حيث يولي الجانبان أهمية كبرى للمباحثات الثنائية في الجانب الاقتصادي والتجاري والتي من المؤكد أن تفتح بوابات العبور إلى مستوى آخر يتناسب مع الروابط الأخرى وثيقة العرى التي تجمع البرازيل وسورية شعبا وحكومة

وعلى المستوى الرياضي لم تسبر المؤسسات الرياضية السورية كل جوانب التميز البرازيلي في هذا الميدان بالرغم من أن البلدين تربطهما معاهدة تعاون رياضي جرى التوقيع عليها في عام 2003 وتمكن الاستفادة من العدد الأكبر من أبناء الجالية ومتحدريهم الذين يرأسون ويشاركون في إدارة العديد من النوادي والفرق البرازيلية الكبرى وينتظرون شرارة البدء المتمثلة بالزيارة التاريخية للسيد الرئيس ليقوموا بردف سورية بخبراتهم ومعارفهم وهذا ما أكده عدد كبير من الشخصيات العاملة في الحقل الرياضي البرازيلي

وفي الشأن القضائي يشغل العشرات من المتحدرين العرب والسوريين مواقع بارزة في هيئات ومحاكم القضاء البرازيلي المدني والعسكري والانتخابي ومنهم من يحتل مناصب عليا قاضي القضاة وداخل المحكمة الاتحادية العليا

وجل هذه الشخصيات من الجيل الاغترابي الخامس أو السادس ممن فقدوا وإلى حد ما تواصلهم مع جذورهم إلا أنهم يبقون على الاعتزاز بانتمائهم واظهاره على العلن في جميع المناسبات التي تتطلب منهم الخوض بتحدرهم العرقي وموروثهم الثقافي
  • فريق ماسة
  • 2010-06-20
  • 10240
  • من الأرشيف

سورية والبرازيل .. التاريخ والمصالح والمواقف المشتركة ترسم طريق المستقبل

يحتكم تاريخ العلاقات السورية البرازيلية في شقه الاجتماعي والثقافي إلى حقبة العقدين الاخيرين من القرن الثامن عشر والعقود الأولى من القرن التاسع عشر حيث ووفقا للمراجع التاريخية قام حاكم البرازيل الامبراطور بيدور الثاني في عام 1876 بجولة على عواصم ومدن منطقة الشرق الأوسط زار خلالها سورية ولبنان وفلسطين ليدعو أهاليها إلى الاغتراب للبرازيل والتعرف على جغرافيا الارض الممتدة فيما وراء المحيط والانخراط في مشاريع العمل الزراعي وبناء المدن والقرى البرازيلية والتجانس مع شعوبها ومغتربي البلدان الاخرى وتقول المصادر التاريخية إن أوائل المغتربين السوريين وصلوا الاقاليم الشمالية والشرقية البرازيلية في نهاية القرن الثامن عشر ليستقروا في مدنها باحثين عن تحسين وضعهم الاقتصادي على أمل العودة لبلدهم الأم ومع نشوب الحرب العالمية الأولى والظروف الصعبة شجع هؤلاء المغتربون أقاربهم في الوطن على القدوم للبرازيل واحتضنوهم عند وصولهم ليعملوا معا فيما يتقنوه الا وهو تجارة البيع والشراء وهكذا تواصل توافد السوريين ليزداد حدة في فترة ماقبل الحرب العالمية الثانية وعمل السوريون الأوائل في مجال التجارة الحرة وعانوا مصاعب الاغتراب ودفعوا بابنائهم للتعلم وحثوهم على نهم العلوم والمعارف واقتطعوا من رفاهية حياتهم ليصلوا بأبنائهم إلى مصافي التعليم العالي وحفاظا على وحدتهم والتمسك بقيمهم تنبهوا إلى ضرورة بناء وتشييد مقرات اجتماعية تحتضن وجودهم وتعزز روابطهم فقاموا باموالهم الخاصة ببناء مؤسسات اجتماعية غلب عليها الطابع الاجتماعي والرياضي وكانت مبادراتهم هذه ملاذا أمينا لثروتهم الأدبية والفكرية وفي خطوة لاحقة اثروا وحدتهم ببناء المشافي ودور العجزة محافظين في الوقت ذاته على علاقاتهم الودية مع جاليات الاغتراب الاوروبي وبشكل خاص أبناء الشعب البرازيلي والسكان الاصليين ما دفعهم للانطلاق بمشاريعهم الاقتصادية وتوجههم نحو القطاع الصناعي بينما أبناؤهم يحتلون مواقع متقدمة في مجال معارف العلوم والهندسة والطب والقانون ومن ثم الانخراط في ميدان العمل السياسي الداخلي ما ساهم إلى حد كبير في بروزهم الاجتماعي وتبوئهم قبل غيرهم اعلى المراتب والمناصب الهامة في مكونات العمل العام وهيئاته التنفيذية والتشريعية ونسج العرب السوريون وبالتعاون مع اخوانهم المغتربين اللبنانيين وحدة ثقافية ميزتهم عن باقي جاليات الاغتراب البرازيلي ووفقا للقول الشعبي الدارج في البرازيل سيريو لبنايز يطلق البرازيليون هذه التسمية على جميع العرب المغتربين ودون تفريق اقليمي بينهم نظرا للتمازج الثقافي والاجتماعي الذي طبع أبناء القطر السوري واللبناني في البرازيل وهذه التسمية تطلق على جميع مؤسسات التجمع الاجتماعي وتعرف على امتداد الارض البرازيلية لا بل تتخطاها لبلدان القارة اللاتينية جمعاء وسياسيا لم يستطع المغتربون السوريون مواكبة الأحداث في بلدهم الأم ولاسيما خلال النصف الثاني من القرن الماضي وهذا يعود في شقه الأكبر أولا لانشغالهم في تعقيدات الحياة الاقتصادية التي شهدتها البرازيل على مدى عقود وشير جميع المصادر المتفرقة غير الموثقة إلى أن تعداد الجالية السورية في البرازيل يبلغ نحو الاربعة ملايين سوري بين مغترب ومتحدر وإن انغماس أبناء الجالية الاغترابية السورية في حل تعقيدات تأقلمهم مع مجتمعهم الجديد وسعيهم للارتقاء المادي وتحصيلهم العلمي أبعدهم ولفترة من الزمن عن مواصلة التفاعل مع وطنهم الأم بالرغم من وجود محاولات متواضعة من جانب المؤسسات الاغترابية إلا أن افتقارها لمنهجية العمل المبرمج وعدم تمسك أبناء الجالية بلغتهم العربية ساهم وإلى حد بعيد في نأيهم عن بناء لوبي سياسي عربي مؤثر ليقتصر نشاطهم على إقامة اللقاءات الاجتماعية التي هيمنت عليها مواصلة ارثهم الثقافي بمحدوديته المتواضعة والتي انحصرت بالاستماع للفنون الموسيقية وتذوق الأدب المهجري ونكهات الاطعمة الشرقية مفعمين بداخلهم بطاقة كمينة تنتظر شرارة ما للانطلاق إلى عالم أوسع تنعكس إيجابيته على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وهذا ماتمخض في الواقع منذ مطلع الألفية الجديدة حين تبنت وزارة المغتربين في الجمهورية العربية السورية سياسة منهجية محورها الأساسي تفعيل قدرات هذه الموارد البشرية التي حملتها السفن إلى الأرض الجديدة بمسماها البرازيلي واللاتيني وبعد تسلم حزب العمال سدة الرئاسة البرازيلية في كانون الثاني 2003 وعقب الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس لويز ايناسيو لولا داسيلفا إلى دمشق بتاريخ 3 كانون الاول 2003 ولقائه السيد الرئيس بشار الأسد وما أعقبها في خطوة تالية إقليمية ثنائية عبر إطلاق المبادرة البرازيلية في احتضان أول قمة للدول العربية الأمريكية الجنوبية بشهر ايار 2005 شهدت العلاقات السورية البرازيلية منعطفا جديدا مهد بالتالي لبناء آفاق بعيدة تتناسب مع حجم العلاقة الثنائية وتنسجم مع وجود هذا الامتداد البشري غير المستثمر على الصعيد السياسي والاقتصادي ولتتعاقب الزيارات بين الطرفين وتفرز اسقاطاتها وبتواتر إيجابي متصاعد على تنسيق مواقف البلدين السياسية ولاسيما بشأن قضايا المنطقة وعملية مفاوضات السلام وتعنت الجانب الإسرائيلي وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني وهذا ماتجلى مرارا في بيانات وزارة العلاقات الخارجية البرازيلية والتأكيد على دور سورية المحوري في عملية السلام بالمنطقة وحقها في استعادة أراضيها المحتلة وشجب وإدانة الاعتداءات على قطاع غزة وبناء المستوطنات وسورية كانت البلد العربي الأول الذي يزوره الرئيس لولا داسيلفا في جدول زياراته للبلدان العربية خلال السنوات التي مرت وهذا ينبع من الأهمية التي توليها وزارة العلاقات الخارجية البرازيلية للدور السوري في المنطقة على صعيد سياستها الخارجية وبشكل خاص عملية التنسيق المشترك لتغيير جغرافيا السياسة الدولية التي تحكمها في السنوات الأخيرة قلاقل هيمنة القطب الواحد وامتدادتها المتمثلة في زعزعة الاستقرار العالمي وفوضى الهيئات المالية الدولية والمحلية في البلدان الغربية وخصوصا ان سورية تحظى بحضور قوي داخل الهيئات التشريعية العليا في البرازيل مجلس الشيوخ والنواب هذا الحضور الذي أثمر مؤخرا عن تشكيل لجنة صداقة برلمانية سورية برازيلية من المنتظر إعادة الإعلان عنها رسميا مع زيارة السيد الرئيس للبرازيل ما يمهد الطريق أمام آفاق أخرى لم تسبر بعد لاسيما أن 10 بالمئة من أعضاء هذه المجالس متحدرون من أصول عربية سورية لبنانية بما في ذلك رئيس مجلس النواب الاتحادي ميشيل تامر اللبناني الأصل وعضو مجلس الشيوخ روميو توما السوري الأصل بينما تملك سورية على الصعيد التنفيذي البرازيلي وجود جورج ارماندو فليكس وزير الأمن القومي المتحدر من أصول سورية وعددا آخر من الوزراء وكبار مديري الهيئات القضائية والتنفيذية والاعلامية حيث تبرز سورية في قطاع الإعلام المرئي والمسموع عبر السيد جوان سعد السوري الأصل وصاحب ثالث أكبر شبكة إعلامية في البرازيل بانديرانتي والتي تدير وتؤثر في الشأن السياسي الداخلي منذ عام 1985 وخصوصا المناظرات بين مرشحي الرئاسة البرازيلية واقتصادياً وتجارياً ورغم الجهود التي بذلت بقيت المبادلات الثنائية متواضعة ولم تحقق الاهداف والطموحات المنشودة من البلدين وتميل كفتها لصالح البرازيل 303 ملايين دولار حجم الصادرات البرازيلية إلى سورية في عام 2009 مقابل 1ر4 ملايين دولار حجم الاستيراد من سورية وهذا الجانب يتطلب جهودا مضاعفة وحثيثة من المؤسسات التجارية في البلدين ولإعادة رسم هذه العلاقات ومن المنتظر ان يتم مع زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إنجاز نقلة نوعية في هذا المجال حيث يولي الجانبان أهمية كبرى للمباحثات الثنائية في الجانب الاقتصادي والتجاري والتي من المؤكد أن تفتح بوابات العبور إلى مستوى آخر يتناسب مع الروابط الأخرى وثيقة العرى التي تجمع البرازيل وسورية شعبا وحكومة وعلى المستوى الرياضي لم تسبر المؤسسات الرياضية السورية كل جوانب التميز البرازيلي في هذا الميدان بالرغم من أن البلدين تربطهما معاهدة تعاون رياضي جرى التوقيع عليها في عام 2003 وتمكن الاستفادة من العدد الأكبر من أبناء الجالية ومتحدريهم الذين يرأسون ويشاركون في إدارة العديد من النوادي والفرق البرازيلية الكبرى وينتظرون شرارة البدء المتمثلة بالزيارة التاريخية للسيد الرئيس ليقوموا بردف سورية بخبراتهم ومعارفهم وهذا ما أكده عدد كبير من الشخصيات العاملة في الحقل الرياضي البرازيلي وفي الشأن القضائي يشغل العشرات من المتحدرين العرب والسوريين مواقع بارزة في هيئات ومحاكم القضاء البرازيلي المدني والعسكري والانتخابي ومنهم من يحتل مناصب عليا قاضي القضاة وداخل المحكمة الاتحادية العليا وجل هذه الشخصيات من الجيل الاغترابي الخامس أو السادس ممن فقدوا وإلى حد ما تواصلهم مع جذورهم إلا أنهم يبقون على الاعتزاز بانتمائهم واظهاره على العلن في جميع المناسبات التي تتطلب منهم الخوض بتحدرهم العرقي وموروثهم الثقافي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة