تواصل «اسرائيل» ذبح القدس على مسمع ومرأى من أكثر من مليار مسلم وأكثر من ثلاثمئة مليون عربي أصبح عدد المستوطنين أكثر من عدد المقدسيين والفرق آخذ بالازدياد لأن الاحتلال يدمر منازل الفلسطينيين

 

ولايسمح لهم بالبناء ولا حتى ترميم مايحتاج إلى ترميم. الاحتلال يضيق الخناق على المقدسيين يحاربهم في مسكنهم ولقمة عيشهم وزواج أبنائهم ويفرض عليهم ضرائب باهظة ويجردهم من بطاقة هوياتهم لترحيلهم من مدينتهم واسكان مستوطنين مستوردين من شتى بقاع الأرض. أما المسجد الأقصى فالحفريات تحته حولته إلى مبنى معلق في الهواء أي زلزال بدرجة واحدة على مقياس ريختر أو لطائرة تخرق حاجز الصوت سيهوي من دون أن يخترق العرب الصمت.‏

 

منذ بداية المشروع الصهيوني العنصري كان الهدف المحوري اعتماداً على مزاعم دينية لفكرة مركزية تبدو مشروعاً للدولة اليهودية أو الوطن القومي لليهود وتأسيس الكيان الصهيوني مستحوذاً على قسم من القدس ومنطلقاً للاستحواذ على القسم الآخر.‏

 

وجاءت نكبة عام 1967 وتمكن الكيان الصهيوني خلال عدوانه السافر من إطباق قبضته على القدس وكانت من أول الأولويات في ذلك الوقت الذي استحوذ فيه أيضاً على مجمل الأرض الفلسطينية وعلى أجزاء من أراض عربية ومنذ اليوم الأول من العدوان كانت القدس المطمح الأول ترسيخاً لفكرة العاصمة الموحدة للدولة اليهودية وتوحيداً لمركزية تبدو دينية في خارطة الوطن القومي لليهود.‏

 

وعلى أساس هذا النهج الصهيوني كانت الممارسات العدوانية على المقدسيين الفلسطينيين جائرة وكانت تستهدف اقتلاعهم أو تهجيرهم إلى مناطق أخرى وكذلك هدم المنازل وانتهاك حرمة المسجد الأقصى بوتيرة مستمرة من الحفريات حوله ومن تحته ارتكازاً على مزاعم دينية ترمي إلى إثبات يهودية المنطقة ويهودية القدس من أقصى حقب التاريخ، وفي هذا انتهاك للتاريخ وانتهاك للحق والعدالة وطمس للوجود المقدسي الفلسطيني ومحاولة الغاء وتهميش واقصاء له، ورغم أن الأمر مخالف للقانون الدولي والشرعية الدولية مخالفة صريحة فإنه لم يجد الصدى الكبير بل تجرأ الكونغرس الأميركي على الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.‏

 

واستمرت الحكومات الصهيونية المتعاقبة في ممارسة ذات السياسة والنهج في تهويد القدس ومحاولة عبرنتها وأسرلة المعالم التاريخية وحتى الشوارع وهدم منازل المقدسيين الفلسطينيين وبناء المستعمرات الصهيونية التي بدت مطبقة عليها من كل جانب بل وحتى على وسطها، وظل المسجد الأقصى محور انتهاكات صهيونية مستمرة ومحاولات متواترة من خلال الحفريات حوله وفي محيطه انطلاقاً من مزاعم دينية يمكن أن تكون ركيزة لعقيدة صهيونية تبرز بصورة من الصور الوجه اليهودي للقدس كما يتمناه الكيان الصهيوني.‏

 

ورغم كل هذه الانتهاكات المخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية فإن ردود الفعل في العالم العربي والإسلامي لم تتجاوز أبجديات التنديد والاستنكار وظلت القدس وأهلها من المقدسيين الفلسطينيين تحت طائلة العدوان ومعاول الهدم والتهجير والإقصاء وكتل المستعمرات الصهيونية التي تطبق على المدينة.‏

 

وجاءت في هذا السياق القرارات الصهيونية الأخيرة التي اعتبر أحدها القدس منطقة أفضلية قومية أولى بمعنى منح الصهاينة حوافز مغرية للاستيطان، وهي تحفز على مزيد من التهويد وتكثيف الوجود الصهيوني في المدينة على حساب الوجود الفلسطيني المستهدف بالإقصاء والتهميش وهدم المنازل وتأكيد فكرة العاصمة الأبدية الموحدة للشعب اليهودي، وهي في صلب المشروع الصهيوني وفي صلب عقيدته الاستعمارية العنصرية، كما أن القرار الذي وافق عليه الكيان الصهيوني بضرورة حصول أي قرار بالانسحاب من القدس الشرقية على أغلبية الثلثين أو عرضه على الاستفتاء العام لجعل الأمر مستحيلاً استحالة مطلقة هو صورة من صور الوقاحة الصهيونية وتعديها على القانون الدولي إذ كيف يقرر المعتدي أو المغتصب والذي يلزمه القانون الدولي والشرعية الدولية بالانسحاب أن يجعل الانسحاب حسب مشيئته وكأنه حق له بل ربما اعتبر انسحابه تنازلاً وكيف يستفتي في أمر من لايملكه؟! إنه لايستقيم مع أي منطق إلا المنطق الصهيوني الذي ينتهك الحقوق ويحاول أن يجعل الباطل حقاً.‏

 

طوال السنوات الاثنتين والأربعين لم يتوقف الاحتلال عن استغلال سبات العرب ولن نذهب بعيداً مع الذاهبين على القول بموت العرب، فالأمم تنام ولاتموت تخطف عقولها الضباع وتقودها إلى مغائرها وعلى المداخل تصطدم الرؤوس بأعلى الصخر فيصحو المضبوعون.‏

 

لقد نشأنا على مقولة عربية صّمت آذاننا تقول إن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية وكبرنا عليها لكن تبين أن «اسرائيل» كبرت أكثر وزادت سخريتها من الأمة ومقولاتها وضحكت علينا لدرجة أننا تمنينا أن يزيد هوان العرب وضعفهم ويبدو في شكل مضحك أكثر لكي ترتفع ضحكات «اسرائيل» عليهم أعلى فأعلى إلى أن تموت من الضحك وننتهي منها وتتحرر فلسطين.‏

  • فريق ماسة
  • 2012-02-06
  • 7286
  • من الأرشيف

القدس والأقصى.. محور انتهاكات صهيونية مستمرة

تواصل «اسرائيل» ذبح القدس على مسمع ومرأى من أكثر من مليار مسلم وأكثر من ثلاثمئة مليون عربي أصبح عدد المستوطنين أكثر من عدد المقدسيين والفرق آخذ بالازدياد لأن الاحتلال يدمر منازل الفلسطينيين   ولايسمح لهم بالبناء ولا حتى ترميم مايحتاج إلى ترميم. الاحتلال يضيق الخناق على المقدسيين يحاربهم في مسكنهم ولقمة عيشهم وزواج أبنائهم ويفرض عليهم ضرائب باهظة ويجردهم من بطاقة هوياتهم لترحيلهم من مدينتهم واسكان مستوطنين مستوردين من شتى بقاع الأرض. أما المسجد الأقصى فالحفريات تحته حولته إلى مبنى معلق في الهواء أي زلزال بدرجة واحدة على مقياس ريختر أو لطائرة تخرق حاجز الصوت سيهوي من دون أن يخترق العرب الصمت.‏   منذ بداية المشروع الصهيوني العنصري كان الهدف المحوري اعتماداً على مزاعم دينية لفكرة مركزية تبدو مشروعاً للدولة اليهودية أو الوطن القومي لليهود وتأسيس الكيان الصهيوني مستحوذاً على قسم من القدس ومنطلقاً للاستحواذ على القسم الآخر.‏   وجاءت نكبة عام 1967 وتمكن الكيان الصهيوني خلال عدوانه السافر من إطباق قبضته على القدس وكانت من أول الأولويات في ذلك الوقت الذي استحوذ فيه أيضاً على مجمل الأرض الفلسطينية وعلى أجزاء من أراض عربية ومنذ اليوم الأول من العدوان كانت القدس المطمح الأول ترسيخاً لفكرة العاصمة الموحدة للدولة اليهودية وتوحيداً لمركزية تبدو دينية في خارطة الوطن القومي لليهود.‏   وعلى أساس هذا النهج الصهيوني كانت الممارسات العدوانية على المقدسيين الفلسطينيين جائرة وكانت تستهدف اقتلاعهم أو تهجيرهم إلى مناطق أخرى وكذلك هدم المنازل وانتهاك حرمة المسجد الأقصى بوتيرة مستمرة من الحفريات حوله ومن تحته ارتكازاً على مزاعم دينية ترمي إلى إثبات يهودية المنطقة ويهودية القدس من أقصى حقب التاريخ، وفي هذا انتهاك للتاريخ وانتهاك للحق والعدالة وطمس للوجود المقدسي الفلسطيني ومحاولة الغاء وتهميش واقصاء له، ورغم أن الأمر مخالف للقانون الدولي والشرعية الدولية مخالفة صريحة فإنه لم يجد الصدى الكبير بل تجرأ الكونغرس الأميركي على الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.‏   واستمرت الحكومات الصهيونية المتعاقبة في ممارسة ذات السياسة والنهج في تهويد القدس ومحاولة عبرنتها وأسرلة المعالم التاريخية وحتى الشوارع وهدم منازل المقدسيين الفلسطينيين وبناء المستعمرات الصهيونية التي بدت مطبقة عليها من كل جانب بل وحتى على وسطها، وظل المسجد الأقصى محور انتهاكات صهيونية مستمرة ومحاولات متواترة من خلال الحفريات حوله وفي محيطه انطلاقاً من مزاعم دينية يمكن أن تكون ركيزة لعقيدة صهيونية تبرز بصورة من الصور الوجه اليهودي للقدس كما يتمناه الكيان الصهيوني.‏   ورغم كل هذه الانتهاكات المخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية فإن ردود الفعل في العالم العربي والإسلامي لم تتجاوز أبجديات التنديد والاستنكار وظلت القدس وأهلها من المقدسيين الفلسطينيين تحت طائلة العدوان ومعاول الهدم والتهجير والإقصاء وكتل المستعمرات الصهيونية التي تطبق على المدينة.‏   وجاءت في هذا السياق القرارات الصهيونية الأخيرة التي اعتبر أحدها القدس منطقة أفضلية قومية أولى بمعنى منح الصهاينة حوافز مغرية للاستيطان، وهي تحفز على مزيد من التهويد وتكثيف الوجود الصهيوني في المدينة على حساب الوجود الفلسطيني المستهدف بالإقصاء والتهميش وهدم المنازل وتأكيد فكرة العاصمة الأبدية الموحدة للشعب اليهودي، وهي في صلب المشروع الصهيوني وفي صلب عقيدته الاستعمارية العنصرية، كما أن القرار الذي وافق عليه الكيان الصهيوني بضرورة حصول أي قرار بالانسحاب من القدس الشرقية على أغلبية الثلثين أو عرضه على الاستفتاء العام لجعل الأمر مستحيلاً استحالة مطلقة هو صورة من صور الوقاحة الصهيونية وتعديها على القانون الدولي إذ كيف يقرر المعتدي أو المغتصب والذي يلزمه القانون الدولي والشرعية الدولية بالانسحاب أن يجعل الانسحاب حسب مشيئته وكأنه حق له بل ربما اعتبر انسحابه تنازلاً وكيف يستفتي في أمر من لايملكه؟! إنه لايستقيم مع أي منطق إلا المنطق الصهيوني الذي ينتهك الحقوق ويحاول أن يجعل الباطل حقاً.‏   طوال السنوات الاثنتين والأربعين لم يتوقف الاحتلال عن استغلال سبات العرب ولن نذهب بعيداً مع الذاهبين على القول بموت العرب، فالأمم تنام ولاتموت تخطف عقولها الضباع وتقودها إلى مغائرها وعلى المداخل تصطدم الرؤوس بأعلى الصخر فيصحو المضبوعون.‏   لقد نشأنا على مقولة عربية صّمت آذاننا تقول إن فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية وكبرنا عليها لكن تبين أن «اسرائيل» كبرت أكثر وزادت سخريتها من الأمة ومقولاتها وضحكت علينا لدرجة أننا تمنينا أن يزيد هوان العرب وضعفهم ويبدو في شكل مضحك أكثر لكي ترتفع ضحكات «اسرائيل» عليهم أعلى فأعلى إلى أن تموت من الضحك وننتهي منها وتتحرر فلسطين.‏

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة