تعد القهوة المرة من أهم مرتكزات التراث الشعبي الحوراني وما زالت مستمرة في الزمان والمكان وبنفس الطريقة التي كانت عليها قبل ألف سنة والأقوال فيها تعد من المأثورات الشعبية في حوران.

 

ويقول الباحث عبد الرحمن الحوراني للقهوة العربية في نفوس العرب على مختلف مستوياتهم بغض النظر عن أماكن تواجدهم مكانة كبيرة ترتبط بالانتماء الذي يتمسكون به وتكاد تكون المشروب الأكثر شعبية لهم أينما حلوا في جميع الأصقاع .

 

وبالنسبة لأهل حوران تعد القهوة العربية المشروب المفضل الذي يكرمون به الضيف ويشربونها في مجالسهم وسهراتهم ولهم في جودة صنعها وتقديمها وشربها شعر وأمثال وحكم حيث يجيدون تحضيرها بالشكل الأمثل.

 

وأوضح الحوراني أن عملية تحضير القهوة تمر بمراحل الحمس والدق وتحضير الدلال والماء والخميرة والمزج والتلقيم ليتم بعدها الحصول على مشروب القهوة بلونه وقوامه المميز حيث يفرغ ويصفى من دلة الى دلة ويوضع في المصب ليصبح جاهزا للشرب ويقوم المعزب صاحب المضافة بشرب الفنجان الأول وعلى مرأى من الحضور لإثبات سلامة القهوة ثم يصب للضيف و يبدأ بالحاضرين من اليمين دون تمييز وطبقا للمثل القائل أول القهوة خص وثانيها قص والكمية في الفنجان لا تتجاوز بضع نقاط ويقدم فنجان القهوة باليد اليمنى ويهز من قبل الشاربين علامة الاكتفاء وإذا امتنع الضيف أو الزائر عن تناول القهوة فمعنى ذلك أن له حاجة ولا يشربها إلا إذا أخذ وعدا بقضائها أما الامتناع عن شرب القهوة بلا سبب فهو نذير شر وعداء.

 

 

وبين الحوراني أن من أهم مستلزمات صناعة و تحضير القهوة هي النقرة وهي حفرة وسط المضافة أو بيت الشعر توقد النار فيها وكلما شبت النار اعتبر ذلك دليلا على الكرم و الجود حيث توضع أباريق أو دلال القهوة فوق الجمر أما النجر أو الجرن فهو ما يتم فيه طحن القهوة المحمصة بينما المهباج يستخدم لسحق القهوة المحمصة داخل الجرن أما الدلال فهي جمع دلة وهي أباريق مصنوعة من النحاس الأبيض أو الأصفر وعددها ستة أباريق إضافة إلى المحماس الذي تحمس فيه القهوة حتى تصبح حمراء أو شقراء أما المطنة فهي كالملعقة لتحريك القهوة أثناء عمليات تحميصها.

 

بدوره يقول الباحث ابراهيم الشعابين إن القهوة المرة تقدم في كل المناسبات في الأفراح والأتراح وفي كل الأوقات وهناك طقوس وعادات درج الناس على الالتزام بها لأن أي خرق لتعليماتها يعد عيبا كبيرا يعرض مرتكب الخطأ إلى القضاء العشائري.

 

ولفت الشعابين إلى الدور الاجتماعي الذي تقوم به القهوة المرة وحلها للكثير من القضايا الاجتماعية التي تواجه الناس في حياتهم اليومية فكم من فنجان قهوة ألف بين القلوب المتخاصمة وانتهى بتوقيع مصالحة أو عقد اتفاق مصاهرة.

 

ومن الأمثال الشعبية العربية التي قيلت في القهوة لذة القهوة شرب ثلاثة فناجين الفنجان الأول لرأسي أي يزيل النعاس من الرأس والفنجان الثاني لبأسي أي يزيد الشخص بأسا وشجاعة والفنجان الثالث يطير عماس والعماس هو الصداع واختلال الأمور أي أن الفنجان الثالث يصفي الذهن ويطرد الصداع فيصبح الذهن نشطا و العقل متوقدا.

 

ويشير الحاج أحمد القاسم إلى أن عادات القهوة المرة وطقوسها و دورها الاجتماعي ما زالت قائمة ولكن الجديد فيها ظهور التقنيات الحديثة التي حلت محل الأدوات التي كانت تستخدم سابقا فحلت المواقد الصناعية محل النقرة وآلة الطحن الكهربائية محل الجرن لا بل أصبح بإمكان أي شخص أن يحصل على القهوه المطحونة أو الجاهزة وهو ما أفقد عادات القهوة بعضا من طقوسها وجلسات إعدادها الطويلة.

  • فريق ماسة
  • 2012-02-05
  • 12788
  • من الأرشيف

تعد المشروب المفضل لإكرام الضيف.. القهوة العربية أحد الموروثات المهمة للتراث الشعبي الحوراني

تعد القهوة المرة من أهم مرتكزات التراث الشعبي الحوراني وما زالت مستمرة في الزمان والمكان وبنفس الطريقة التي كانت عليها قبل ألف سنة والأقوال فيها تعد من المأثورات الشعبية في حوران.   ويقول الباحث عبد الرحمن الحوراني للقهوة العربية في نفوس العرب على مختلف مستوياتهم بغض النظر عن أماكن تواجدهم مكانة كبيرة ترتبط بالانتماء الذي يتمسكون به وتكاد تكون المشروب الأكثر شعبية لهم أينما حلوا في جميع الأصقاع .   وبالنسبة لأهل حوران تعد القهوة العربية المشروب المفضل الذي يكرمون به الضيف ويشربونها في مجالسهم وسهراتهم ولهم في جودة صنعها وتقديمها وشربها شعر وأمثال وحكم حيث يجيدون تحضيرها بالشكل الأمثل.   وأوضح الحوراني أن عملية تحضير القهوة تمر بمراحل الحمس والدق وتحضير الدلال والماء والخميرة والمزج والتلقيم ليتم بعدها الحصول على مشروب القهوة بلونه وقوامه المميز حيث يفرغ ويصفى من دلة الى دلة ويوضع في المصب ليصبح جاهزا للشرب ويقوم المعزب صاحب المضافة بشرب الفنجان الأول وعلى مرأى من الحضور لإثبات سلامة القهوة ثم يصب للضيف و يبدأ بالحاضرين من اليمين دون تمييز وطبقا للمثل القائل أول القهوة خص وثانيها قص والكمية في الفنجان لا تتجاوز بضع نقاط ويقدم فنجان القهوة باليد اليمنى ويهز من قبل الشاربين علامة الاكتفاء وإذا امتنع الضيف أو الزائر عن تناول القهوة فمعنى ذلك أن له حاجة ولا يشربها إلا إذا أخذ وعدا بقضائها أما الامتناع عن شرب القهوة بلا سبب فهو نذير شر وعداء.     وبين الحوراني أن من أهم مستلزمات صناعة و تحضير القهوة هي النقرة وهي حفرة وسط المضافة أو بيت الشعر توقد النار فيها وكلما شبت النار اعتبر ذلك دليلا على الكرم و الجود حيث توضع أباريق أو دلال القهوة فوق الجمر أما النجر أو الجرن فهو ما يتم فيه طحن القهوة المحمصة بينما المهباج يستخدم لسحق القهوة المحمصة داخل الجرن أما الدلال فهي جمع دلة وهي أباريق مصنوعة من النحاس الأبيض أو الأصفر وعددها ستة أباريق إضافة إلى المحماس الذي تحمس فيه القهوة حتى تصبح حمراء أو شقراء أما المطنة فهي كالملعقة لتحريك القهوة أثناء عمليات تحميصها.   بدوره يقول الباحث ابراهيم الشعابين إن القهوة المرة تقدم في كل المناسبات في الأفراح والأتراح وفي كل الأوقات وهناك طقوس وعادات درج الناس على الالتزام بها لأن أي خرق لتعليماتها يعد عيبا كبيرا يعرض مرتكب الخطأ إلى القضاء العشائري.   ولفت الشعابين إلى الدور الاجتماعي الذي تقوم به القهوة المرة وحلها للكثير من القضايا الاجتماعية التي تواجه الناس في حياتهم اليومية فكم من فنجان قهوة ألف بين القلوب المتخاصمة وانتهى بتوقيع مصالحة أو عقد اتفاق مصاهرة.   ومن الأمثال الشعبية العربية التي قيلت في القهوة لذة القهوة شرب ثلاثة فناجين الفنجان الأول لرأسي أي يزيل النعاس من الرأس والفنجان الثاني لبأسي أي يزيد الشخص بأسا وشجاعة والفنجان الثالث يطير عماس والعماس هو الصداع واختلال الأمور أي أن الفنجان الثالث يصفي الذهن ويطرد الصداع فيصبح الذهن نشطا و العقل متوقدا.   ويشير الحاج أحمد القاسم إلى أن عادات القهوة المرة وطقوسها و دورها الاجتماعي ما زالت قائمة ولكن الجديد فيها ظهور التقنيات الحديثة التي حلت محل الأدوات التي كانت تستخدم سابقا فحلت المواقد الصناعية محل النقرة وآلة الطحن الكهربائية محل الجرن لا بل أصبح بإمكان أي شخص أن يحصل على القهوه المطحونة أو الجاهزة وهو ما أفقد عادات القهوة بعضا من طقوسها وجلسات إعدادها الطويلة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة