دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
احتجاجاً على سياسات الحكومات الغربية المجحفة بحق الشعوب ورضوخ سياسات الهيئات المالية الأوروبية لجشع الشركات و سطوة رجال الأعمال تجتاح احتجاجات غير مسبوقة المدن الأوروبية وذلك بالتزامن مع الاحتجاجات المتواصلة في الولايات المتحدة التي تأتي قبل أسبوع واحد فقط من انعقاد قمة مجموعة الدول العشرين التي ستكرس بحسب المحللين خلافات وانقسامات حادة بين ساسة تلك الدول.
ففي إسبانيا تظاهر عشرات آلاف الإسبان في المدن الإسبانية كافة اليوم احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتدابير التقشفية التي اتخذتها الحكومة والتي خفضت أجورهم وحقوقهم العمالية.
وتوجه المتظاهرون من العمال والموظفين والمتقاعدين والعاطلين عن العمل إلى ساحة بويرتا ديل سول في العاصمة مدريد التي اعتصم فيها لأسابيع أعضاء حركة الخامس عشر من أيار كما توجه متظاهرون آخرون في برشلونة إلى ساحة كتالونيا وإلى الساحات العامة في اشبيلية وسان سيباستيان وغيرها من المدن.
وأطلق المتظاهرون الهتافات ضد القيادات السياسية للتي اتهموها بأنها لا تمثل الشعب وصبوا جام غضبهم على المصارف حيث المقار الرئيسة للمصارف الإسبانية في مركز العاصمة.
وفي محاكاة لحملة (احتلوا وول ستريت) التي بدأت قبل نحو شهر دخلت بريطانيا على خط حملة (احتلوا) حيث أعلن نحو 13 ألف بريطاني استجابتهم لحملة (احتلوا بورصة لندن) للتجمع في محيط بورصة لندن والإعراب عن غضبهم من النظام المالي الرأسمالي واستنكارهم لحزم إنقاذ البنوك البريطانية التي اعتمدت على أموال دافعي الضرائب منذ عام 2008 والمكافآت الضخمة التي لا تزال تقدم لبعض المديرين والعاملين في هذه البنوك في وقت تلتهم البطالة آمال قطاع واسع من الشباب البريطاني.
وفي اليونان التي يرفض كثيرون النظر إليها كسبب رئيس في الأزمة الأوروبية رصدت وكالات الأنباء دعوات للتحرك باتجاه ساحة سينتاغما التي كانت مسرحا للاحتجاجات منذ تفجر الأزمة اليونانية.
ولم تسلم النمسا هي الأخرى من الاحتجاجات العارمة حيث سجلت اللجنة العليا لاتحاد الطلبة النمساويين إنذارات للبدء باعتصامات طلابية في عموم جامعات فيينا احتجاجا على سوء الإدارة الجامعية و إتباعها سياسة التقشف ورفع الأقساط الجامعية في صدى للإضراب الذي نفذه آلاف عمال قطاع صناعة المعادن احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
أما في ايطاليا فقد تواصلت الاحتجاجات التي تشهدها منذ أسابيع وسط إجراءات أمنية مكثفة وتأهب الشرطة الايطالية متخذة من بريطانيا والولايات المتحدة عبرة في قمع المحتجين خصوصا بعد اقتحام طلاب جامعيين لمكاتب مؤسسة غولدمان ساكس في ميلانو احتجاجا على سياسات رئيس الحكومة سيلفيو برسكوني وخطط التقشف ورشق محتجين لمقر اكبر مصارف ايطاليا بالبيض والبندورة.
وفي هذا الإطار يرى مراقبون أن نيل حكومة برلسكوني ثقة البرلمان الايطالي رغم التصدعات داخل صفوف حزبه وفضائحه الجنسية وفشله في إيجاد حلول للعجز الاقتصادي في بلاده الذي تجاوز نسبة 120 في المئة من الناتج المحلي قد يشكل دفعة جديدة للاحتجاجات التي تشهدها البلاد على وقع الخضات التي عاشتها خصوصا بعد إعلان خفض تصنيفها الائتماني وسط شكوك في مصداقية واستقلالية النواب الايطاليين الذين صوتوا على الثقة وتساؤلات حول إمكانية نيل برلسكوني الثقة في أسواق المال كما في البرلمان بعد التجاهل الطويل للازمة في البلاد.
ورغم محاولات ألمانيا المستميتة للنأي بنفسها عن الأزمات الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي يتوقع مراقبون أن يكون المركز المالي في فرانكفورت والبنك المركزي الأوروبي مركزا لتجمعات احتجاجية دعت إليها حركة الديمقراطية الحقيقية الآن الألمانية فيما تستمر الاحتجاجات في فرنسا على خطط التقشف الحكومية.
وإزاء كل هذه التطورات ما تزال منطقة اليورو ترزح تحت وطأة الخلافات المستفحلة بين قادة دول المنطقة حول الحلول المقترحة للحد من تداعيات الأزمة على الاقتصاد العالمي رغم بدء العد التنازلي لاجتماع القادة الأوروبيين لمناقشة الأزمة الأسبوع القادم حيث أجهضت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل المحاولات الرامية لحل الأزمة عن طريق إصدار سندات أوروبية وذلك عندما أعلنت في تصريحات نشرت اليوم رفضها إصدار هذه السندات على اعتبار أنها لن تشكل معجزة وأنها ستزيد معدل فوائد إعادة تمويل ألمانيا معيدة إلى الأذهان الخلاف الفرنسي الألماني فيما قالوا انه في وجهات النظر حول هذا الموضوع.
ورغم تمسكها ببقاء اليونان في منطقة اليورو تجنبا لتكاليف أعلى في حال تم إخراجها بحسب محللين سجلت ميركل اعتراضها مجددا على خفض قيمة ديون اليونان معتبرة أنه يمكن اللجوء إلى هذا الخيار فقط عند الرغبة في تجنب الأسوأ والسماح للبلد بإعادة إصلاح نفسه لتحسين تنافسيته وسط تساؤلات محللين عن جدوى ذلك في حال إشهار إفلاس اليونان.
وإذا كانت ألمانيا هي التي تقف في وجه حل الأزمة عن طريق السندات الأوروبية فإن كندا هي الأخرى قطعت الطريق على تجاوز الأزمة من خلال دعم صندوق النقد الدولي وهو الخيار الذي أكدت مجموعة الدول العشرين استعدادها لهذا الأمر حيث أعلنت أنها تريد مواصلة الضغط على أوروبا لحل أزمتها وعدم التركيز على زيادة موارد صندوق النقد الدولي.
وإزاء تصاعد أزمة منطقة اليورو يحذر المحللون من مخاطر استمرار انقسام قادتها حيال سبل احتواء الأزمة معتبرين أن التأخر في إيجاد الحلول من شأنه تهديد اقتصادات العديد من الدول الأوروبية بالانهيار التام وتحول منطقة اليورو من اتحاد مالي إلى اتحاد للمديونية وهذا ما عبرت عنه تشيكيا التي رفضت الانضمام إلى المتعاملين بالعملة الأوروبية الموحدة.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة