#
  • فريق ماسة
  • 2025-08-22
  • 1435

التعاون الروسي – السوري: دليل اخر على علاقة الصداقة التاريخية بين البلدين

    *الدكتور محمد صادق

  شكلت زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى موسكو في تموز/يوليو الماضي، منعطفاً مهماً في إعادة تشكيل العلاقات السياسية والعسكرية بين روسيا وسوريا. وقد ارتكزت هذه الخطوة على مبادئ واضحة تتمثّل في احترام سيادة سوريا، ودعم استقرارها وإعمارها، وتصحيح أوجه التعاون بين البلدين على أسس متوازنة. وتُمثّل أول زيارة من نوعها لمسؤول سوري رفيع المستوى إلى روسيا بعد التغيّرات السياسية التي شهدتها العاصمة دمشق.

خلال اللقاء، أعرب الوزير الروسي سيرغي لافروف عن رغبة بلاده في مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة الروسية – العربية المرتقبة في أكتوبر المقبل، فيما حمل الشيباني إلى الكرملين رسائل واضحة عنوانها:

"سوريا تريد صياغة مستقبل العلاقة السورية – الروسية وفق مصالح الشعب السوري، وتزامنت زيارة الشيباني مع زيارة وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أيضا، في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من التعاون العسكري والأمني بين البلدين، وتؤكد على عمق الشراكة الاستراتيجية في هذه المجالات.

وفي نفس السياق، شهدت منطقة شمال شرقي سوريا، وتحديداً محيط مدينة القامشلي، تسيير الشرطة العسكرية الروسية دوريات في محيط المنطقة بتغطية من المروحيات الروسية، ويُعدّ هذا التطور الميداني أول تحرك روسي مشترك مع الحكومة السورية الجديدة، منذ الإعلان عن سقوط النظام السابق، وسط مؤشرات على إعادة تشكيل التوازنات في المنطقة، خصوصاً مع تراجع دور واشنطن، وبدء سحب قواتها من سوريا.

أفادت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، استناداً إلى مصدر حضر اجتماع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع الجالية السورية في موسكو في الأول من آب/أغسطس،

بأن دمشق طلبت من موسكو إعادة نشر دوريات الشرطة العسكرية الروسية إلى منطقة الحدود مع "إسرائيل"، بهدف وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق الأراضي السورية، ولاسميا أن موسكو تتمتع بعلاقات جيدة مع تل أبيب، وهو ما يُعتقد أنه سيسهم في ضمان الأمن وتحقيق السيادة السورية في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة السورية حالياً.

ما يعكس عودة الدور الروسي ليحتل موقعًا محوريًا مرة أخرى، لكن هذه المرة ضمن صيغة جديدة. فقد قدمت موسكو نفسها كشريك موثوق لسوريا، فيما عبرت الإدارة السورية عن ترحيبها الواضح بهذه الشراكة مع طرف دولي يتمتع بوزن إقليمي وتأثير عالمي كبير. كما أن لروسيا القدرة على أداء دور الوساطة في أي نزاع محتمل، وهو ما أثبتته سابقًا عبر مساهماتها الفاعلة في اتفاقيات أستانا وغيرها من المبادرات الدبلوماسية. وأفادت الأنباء عن استئناف روسيا شحنات الحبوب إلى سوريا بعد أشهر من توقفها، ويأتي استئناف روسيا في وقت تظهر فيه مؤشرات إعادة ترتيب العلاقات الثنائية في المجال الاقتصادي، خاصةً في ظل المعاناة التي يعيشها السوريون من أزمة غذائية طاحنة بعد أن تسببت موجة الجفاف الأسوأ منذ 36 عاماً في انخفاض إنتاج القمح بنحو 40%، مما وضع حكومة دمشق التي تعاني أصلاً من نقص حاد في السيولة - في موقف بالغ الصعوبة، حيث أصبحت عاجزة عن تأمين مشتريات واسعة النطاق من الحبوب، وفقاً لما أوردته وكالة "رويترز" مؤخراً.

ويرى المحلل طارق زيدان، بأن الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع تصرفت بذكاء وحكمة عندما حافظت على علاقات إيجابية مع روسيا بعد تسلمها زمام السلطة في سوريا. ولكنها اليوم أدركت بأن التعاون مع روسيا هو الحل المناسب لتنسيق جميع الملفات الصعبة. وأشار طارق زيدان، إلى أن استئناف روسيا شحنات الحبوب إلى سوريا، يعد دليلاً واضحاً على سعي موسكو لبناء علاقات تعاون استراتيجي وهام مع السلطات السورية الجديدة، وأن روسيا تقوم بخطوات فعالة على الأرض، ما ينعكس بالإيجاب على الملف السوري من جهة والمنطقة من جهة، والأكراد من جهة أخرى. وعبر زيدان، عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة مؤكداً أن الادارة السورية الجديدة اذا استمرت بسياسة التعاون مع الدول الفاعلة بالملف السوري فسوف يكون مستقبل السوريين أكثر أمناً وازدهاراً.

*الدكتور محمد صادق كاتب وباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية



المصدر : خاص_الماسة السورية-*الدكتور محمد صادق كاتب وباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة