#
  • فريق ماسة
  • 2025-02-13
  • 2393

الدور الأمريكي في سوريا وأبعاده

في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة السورية الجديدة على فرض سيطرتها على كامل أراضي البلاد، تستمر الاشتباكات في الشمال الغربي من سوريا بين فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة بين الوقت والأخر.                                                      ويعد هذا التحدي الأبرز أمام الإدارة السورية الجديدة، حيث تدعم واشنطن الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها "قسد"، والتي تتحكم في حوالي ثلث الأراضي السورية الغنية بالموارد الطبيعية مثل الغاز والنفط والقمح.      وكانت "قسد"، التي تتزعمها وحدات حماية الشعب الكردية، قد استغلت الفراغ الأمني والسياسي في بداية الثورة السورية لتأسيس كيان إداري ذاتي الحكم بدعم من واشنطن.                                                               وبعد سقوط نظام الأسد في نهاية العام الماضي، ترفض "قسد" تسليم أسلحتها والعودة إلى الحكم السوري المركزي، مطالبين بتحقيق الإدارة اللامركزية، معتمدين في ذلك على الدعم الأمريكي لها. من جانبها، تعتبر تركيا "قسد" امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف كمنظمة إرهابية، وشنت قبل ذلك عدة عمليات عسكرية في الأراضي السورية لمنعهم من إقامة كيان مستقل على حدودها الجنوبية، مثل "عملية درع الفرات" في 2016، و"عملية غصن الزيتون" في 2018، و"عملية نبع السلام" في 2019.                                                مع وصول قيادة جديدة إلى دمشق، والتي تعتبر حليفًا لتركيا، تحاول أنقرة مجددًا إيقاف التهديد الذي يطال أمنها القومي، من خلال شن عمليات شبه يومية باستخدام الفصائل السورية المتحالفة معها، بالتوازي مع مفاوضات يراها بعض المحللين غير مجدية بسبب تعنت الأطراف وتدخل الأمريكيين المستمر في دعم "قسد" بحجة محاربة داعش.                                                                                                                          لقد كان الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا حاسمًا في تعزيز قوتهم العسكرية والسياسية. حيث قدمت الولايات المتحدة التدريب والتسليح لقوات سوريا الديمقراطية، مما ساعدهم في محاربة داعش.  ورغم الإعلان عن القضاء على التنظيم في 2019، فإن الأمريكيين لا يزالون يواصلون إمداد "قسد" بالأسلحة.   وعلى عكس تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الولايات المتحدة ليست متورطة في سوريا، فقد أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن "قسد" أجرت تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في قاعدة الوزير في ريف الحسكة باستخدام الذخيرة الحية والأسلحة المتطورة.                                الدعم الأمريكي المستمر لـ "قسد" يظل عاملاً مؤثرًا في معادلة الصراع في سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع ويشعل المزيد من الصراعات المسلحة. بينما يظل الجيش التركي متأهبًا على الحدود الجنوبية، مع تصريحات تركية متزايدة تشير إلى اقتراب شن عملية عسكرية مشتركة ضد الأكراد.                                                                 في الوقت نفسه، تشترك تركيا مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع في الرأي بأن إعادة إعمار سوريا يتطلب تمويلًا ضخمًا يقدر بمئات المليارات من الدولارات، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل العقوبات الغربية، لا سيما الأمريكية، التي لا تزال مفروضة على سوريا رغم سقوط النظام الذي فرضها.     وبحسب خبراء، من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على تركيا اقتصاديا في المرحلة المقبلة في حال تطور الأزمة بين البلدين بما يخص سوريا، لاسيما وأن إدارة ترامب الجديدة تستخدم الأداة الاقتصادية والضغط على كل دولة تريد أن تجبرها على سياسة معينة، وكانت واشنطن قد فرضت قبل ذلك عقوبات اقتصادية على أنقرة، بسبب شرائها منظومة دفاع جوي روسية، حيث استهدفت أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها و3 موظفين.                                                                                      وجاءت هذه العقوبات، تزامنا مع قرار قادة الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل، بفرض عقوبات على تركيا، على خلفية تصرفاتها "غير القانونية" في البحر المتوسط ضد أثينا ونيقوسيا، وهذا يعني أن العقوبات التي تفرضها أمريكا دائما ما يلحقها عقوبات أوروبية بسبب التبعية الغربية لسياسات واشنطن بنسبة كبيرة.                                                                                                                                                                                      عبدالرحيم التاجوري *.. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية

المصدر : خاص الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة