دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تواصل وزارة الداخلية السورية
الإعلان عن تخريج دفعات جديدة من الشبان المنتسبين إلى الدورات التدريبية
التي تنظمها بشكل متلاحق بهدف تأهيلهم للانضمام إلى قوات الشرطة والأجهزة
الأمنية والمساهمة في حفظ الأمن، وخاصة في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة
نظام الأسد سابقاً.
وقد شهدت هذه الدورات إقبالاً واسعاً من
الشبان من مختلف المحافظات، حيث تسابق الوزارة الزمن لتدريبهم والاستفادة
منهم في تقوية الأمن الداخلي، مع التركيز على تحسين مستوى التدريب لضمان
قدرتهم على التعامل مع التحديات الأمنية المختلفة، ليتم لاحقاً توزيعهم على
مختلف المناطق السورية.
يأتي إقبال الشبان على الالتحاق بهذه الدورات من طموحهم في تأمين مستقبلهم
الوظيفي وتحقيق الاستقرار الشخصي، حيث يرون فيها فرصة للحصول على عمل يضمن
لهم دخلاً ثابتاً، إضافة إلى رغبة الكثيرين في لعب دور فاعل في حفظ الأمن
ودعم الأجهزة الأمنية، إيماناً منهم بأهمية المساهمة في استقرار البلاد
خلال هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها سوريا.
أكثر من 200 ألف شاب راغبون في الانتساب
أعلنت وزارة الداخلية في 14 كانون الثاني
الماضي عن تخريج الدورة 17 من كلية الشرطة في منطقة القابون بدمشق، والتي
شملت عناصر من الشرطة وجهاز الأمن العام، حيث استمرت الدورة لمدة عشرة
أيام.
وتُجرى حالياً هذه الدورات في كل من كلية
الشرطة في مدينة إدلب وكلية الشرطة في القابون، وهما المركزان الوحيدان
اللذان يتم تخريج الدورات منهما في الوقت الحالي.
وقال هشام هلال، قائد الدورة 17 في كلية
الشرطة في القابون: "تمكّنا في كلية الشرطة بالقابون التابعة لوزارة
الداخلية من تخريج نحو 450 منتسباً ضمن الدورة، ليصل إجمالي عدد الخريجين
حتى الآن منذ البدء بها بعد سقوط النظام إلى أكثر من 7 آلاف شخص".
وأضاف هلال في حديث مع موقع تلفزيون سوريا:
"ما يلفت الانتباه هو الإقبال المتزايد من قبل الشبان على الانتساب إلى
كلية الشرطة وإدارة الأمن العام، حيث تجاوز عدد الراغبين 200 ألف شاب من
مختلف المحافظات السورية، وما زالت الأعداد في تزايد مستمر يوماً بعد يوم".
وحول شروط الانتساب أكد هلال أن باب
الانتساب مفتوح أمام جميع السوريين، على أن "يكون المتقدّم بين 18 و30
عاماً، وأن يكون حاصلاً على شهادة التعليم الأساسي كحدّ أدنى، ويتمتع بسيرة
حسنة تؤهله للانضمام إلى صفوفنا والمساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار في
البلاد".
وأوضح هلال أن الهدف الأساسي من هذه الدورات
هو ضمان ضبط الأمن وحماية السكان وتوفير مكان آمن يلجؤون إليه في الأوقات
الصعبة، حيث يتم تدريب الخريجين على مهام التعامل مع المدنيين في الأوقات
الحرجة التي قد تشهد خطراً على حياتهم، إضافة إلى عدم استغلال مواقعهم
الأمنية لمنافع شخصية أو ضد مصالح المواطنين.
كما أشار إلى أن التدريبات لا تقتصر فقط على
الجوانب العسكرية والشرطية، بل تشمل أيضاً تنمية المهارات الإنسانية
والتواصل الفعّال مع المواطنين، إضافة إلى تعليمهم كيفية التعامل بحذر
وحكمة في المواقف الحساسة، وكيفية اتخاذ قرارات سريعة وصائبة من دون
التأثير سلباً على حقوق المواطنين.
وشدّد هلال على أن الهدف من ذلك هو التأكيد
على أن رجال الأمن ليسوا فقط قوة للحفاظ على النظام، بل هم أيضاً جزء من
المجتمع السوري، ويجب أن يكونوا قريبين من الناس، يشعرونهم بالأمان ويعملون
على حل مشكلاتهم بدلاً من أن يكونوا مصدر قلق أو تهديد، كما كان الحال في
عهد النظام البائد.
وزارة الداخلية: التحديات كبيرة
ومع فتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، كانت
مسألة ضبط الأمن هاجساً كبيراً لدى جميع السوريين، بحسب ما قال مصدر في
وزارة الداخلية لموقع تلفزيون سوريا، وخاصة في ظل الفجوة الأمنية التي
خلّفتها سنوات الحرب وانتشار المخدرات والسلاح.
وأضاف المصدر: "ندرك تماماً أن عناصر الشرطة
والأمن العام التي كانت منتشرة في الشمال السوري غير كافية لتغطية جميع
المحافظات، خاصة المدن الكبرى مثل حلب ودمشق، فضلاً عن المساحات الجغرافية
الشاسعة التي تضم مدناً وقرى وتجمّعات سكنية، إضافة إلى مواجهة مخاطر مثل
الرغبة في الانتقام أو تصفية ثارات سابقة بين السكان، إلى جانب انتشار
المخدرات والسلاح وفلول النظام السابق".
وأشار إلى أهمية إجراء دورات مكثفة وسريعة
في هذه المرحلة لتدريب آلاف الأفراد ودمجهم ضمن صفوف الشرطة والأمن العام،
وزجّهم فوراً في العمل الميداني لسدّ الفجوة الأمنية ومنع تفاقم الأوضاع.
وفيما يتعلق بالمراحل المقبلة، أكدت وزارة
الداخلية ضرورة عودة دورات التدريب إلى طبيعتها، بحيث تكون مدتها أطول ولا
تقل عن ثلاثة أشهر، مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى مثل الأردن
والسعودية وتركيا التي تمتلك خبرات متقدمة في هذا المجال، وشدّدت الوزارة
على أن هذه الخطوات أساسية لضمان بناء جهاز أمني قوي قادر على تحقيق الأمن
والاستقرار وحماية المواطنين في سوريا الجديدة.
شبان لاجئون يعودون للالتحاق بقوات الأمن
وفي ظل الوضع الراهن في سوريا، أصبحت
الدورات التدريبية التي تنظمها وزارة الداخلية حافزاً لعدد كبير من الشباب
السوريين للعودة إلى بلادهم، مثل عدنان الذي كان يقيم في تركيا منذ عام
2018 بعد تهجيره من حمص على يد النظام السوري.
وقال عدنان لموقع تلفزيون سوريا: "بعد سقوط
النظام بأسبوعين، قررت أن أعود وأتقدّم للانضمام إلى الأمن العام، هروباً
من المضايقات التي كنا نتعرض لها في تركيا، إذ كان الانضمام إلى القوات
الأمنية فرصة للحصول على وظيفة، وتأمين مصدر دخل يضمن لي حياة كريمة في
سوريا الجديدة".
وأضاف عدنان: "أخي كان من الثوار واستشهد في
معركة مع قوات النظام قرب منطقة كفرنان بريف حمص الشمالي، وأنا اليوم أريد
أن أكون جزءاً من حماية هذا المستقبل الذي حلم به أخي وحلمنا به جميعاً،
ولا أريد أن أرى أحداً يعبث بالأمن أو يخطف انتصار ثورتنا بعد كل هذه
التضحيات".
أما ثائر، وهو شاب من حلب عاد من تركيا
مؤخراً، فقال: "انضمامي إلى الشرطة لا يقتصر فقط على الرغبة في الحصول على
الراتب، بل كان لديّ الطموح بأن أكون جزءاً من المنظومة الأمنية في سوريا
الجديدة، وأن أساهم في إعادة بناء الأمن والاستقرار بعد سنوات الحرب
الطويلة".
كما قرر ثائر أيضاً أن يستكمل دراسته في كلية الهندسة بجامعة حلب بعد أن
اضطر إلى ترك الدراسة بسبب مشاركته في الثورة، مضيفاً: "الانضمام إلى
الشرطة لم يكن عائقاً أمام طموحي التعليمي، بل كان حافزاً لي لأواصل مشواري
التعليمي، وأنا مستعد للمساهمة في بناء وطننا من خلال عملي ودراستي معاً".
مناشدة لتوظيف الخبرات السابقة
من جهته، قال خالد العموري، شاب من مدينة
إدلب يبلغ من العمر 38 عاماً: "لقد أمضى كثير من الشبان، وأنا منهم، أكثر
من 12 سنة في القتال ضد نظام الأسد وميليشياته، عانينا خلالها من كل أنواع
المعاناة من مطر وحرّ وقصف وبرد، وشاركنا في العديد من المعارك، وكنا جزءاً
من عمليات التحرير".
وأضاف: "لكن عند تقدّمنا الآن بطلبات
للانتساب، نجد أن أول ما يُقال لنا هو أن أعمارنا تتجاوز الثلاثين، ولا
يُقبلون، بينما يتم قبول من بقي في بيته أو خرج إلى تركيا وتخلّف عن
القتال، لذا نطالب بعدم هدر تعب تلك السنوات من حياتنا ومنحنا فرصة
للالتحاق، فنحن أولى بهذه الفرصة من غيرنا".
وتابع: "كنا أول من حمل السلاح ضد النظام،
وها نحن اليوم نطلب فقط فرصة للالتحاق ومواصلة خدمة بلادنا. نحن أولى بهذه
الفرصة من غيرنا لأننا ندرك جيداً قيمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في
سوريا، وقد عايشنا آلام الحرب أكثر من أيّ شخص آخر".
رأي السكان المحليين
قال سامر سليمان، أحد سكان مدينة حمص، لموقع
تلفزيون سوريا: "بعد سقوط النظام أصبح لدى الناس أمل كبير بتحسّن الأوضاع
الأمنية وبناء دولة تحترم حقوق المواطنين، وخطوة تدريب عناصر الشرطة ونشرها
في المدينة خطوة جيدة إذا كانت تسعى حقاً إلى تغيير الأسلوب الذي اعتدناه
مع الأجهزة الأمنية القديمة، فنحن بحاجة إلى شرطة تحمينا وتخدم الشعب بصدق،
وليس إلى أداة قمع كما كان الحال في السابق".
وأضاف سليمان: "بالنسبة للحواجز، فما زال
هناك تخوّف كبير لدى الناس، فلا أحد يرغب في العودة إلى العيش تحت رحمة
حواجز كانت تعاملنا بإذلال. لم نكن قادرين على التعبير عن آرائنا أو التحرك
بحرية من دون خوف، لكن إذا عملت الشرطة الجديدة بمسؤولية واحترام، يمكن أن
تُبنى الثقة تدريجياً، ولكن الأمر يتطلب مراقبة مستمرة لضمان تعاملهم مع
الناس بإنصاف".
وتابع: "الأهم من ذلك، يجب أن يكون أفراد
الشرطة من أبناء المناطق ذاتها، لأنهم الأكثر فهماً لمعاناتنا وظروفنا،
فنحن لا نحتاج إلى أشخاص يتسلطون علينا باسم الأمن، بل إلى من يشاركوننا
أعباءنا ويسعون لتحقيق الأمن الحقيقي. إذ إن الشعب أنهكه التعب وينتظر أن
يشعر بالأمان فعلاً، لا أن يكون الأمر مجرد تغيير في الأسماء والمسميات".
وختم كلامه قائلاً: "نلاحظ حتى الآن تعاملاً
محترماً وجيداً من الشرطة والعناصر العسكرية، سواء داخل المدينة أو على
الحواجز في أطرافها. لكن السؤال الذي يشغل الجميع هو: هل سيستمر هذا النهج
أم أنه مؤقت فقط؟".
المصدر :
تلفزيون سوريا
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة