دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
محمد صادق* باحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية تتواصل المواجهات المسلحة بين الفصائل السورية
المسلحة المدعومة من تركيا من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في
شمال وشرق سوريا، من جهة أخرى. حيث ومع إسقاط عائلة الأسد، في 8 كانون الأول/
ديسمبر 2024، أصبحت القضية الكردية في سوريا واحدة من أبرز القضايا المعقدة التي
تثير التساؤلات والقلق على الساحة الدولية في ظل التحولات السياسية الكبرى.
الأمر الذي أدى إلى زيادة التوتر بين أنقرة
وواشنطن نظراً للانقسام المزمن بينهما بشأن قوات "قسد"، إذ تعتبر تركيا
أن قوات "قسد" تشكل تهديدًا لأمنها القومي، نظرًا لارتباطها بحزب العمال
الكردستاني، الذي تصنفه على أنه جماعة إرهابية. في المقابل، تعتبر واشنطن قوات
"قسد" حليفًا رئيسيًا في المعركة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وفي هذا السياق، أشار وزير الدفاع في الإدارة
السورية مرهف أبو قصرة، بتصريحاته الجديدة لوكالة رويترز، في 19 ديسمبر الجاري،
إلى أن الإدارة السورية الجديدة ترفض احتفاظ القوات الكردية بسلاحها وبقاءها ككتلة
مستقلة، وأوضح أن قائد قوات "قسد"، مظلوم عبدي، يماطل في التعامل مع هذه
المسألة. كما أضاف وزير الدفاع أن الإدارة المؤقتة في دمشق منفتحة على إجراء
محادثات مع "قسد"، لكنه لم يستبعد استخدام القوة في حال فشلت المفاوضات. وبحسب المراقبين، فإن هذه التصريحات تأتي في
أعقاب الزيارات المتكررة التي قام بها المسؤولون الأتراك إلى العاصمة السورية
دمشق، مما يدل على التدخل التركي في السياسات الداخلية لإدارة أحمد الشرع. كما
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر آليات ثقيلة، يُقال إنها تابعة
لإدارة العمليات العسكرية، وهي تتحرك نحو مناطق سيطرة قوات "قسد" شمال
شرقي سوريا، تمهيدًا لإطلاق عملية عسكرية كبيرة ضدها.
من جهتها، أكد التحالف الدولي بقيادة الولايات
المتحدة الأمريكية أنها قد نشرت قوات في مدينة كوباني الاستراتيجية. يأتي هذا
الإعلان بالتزامن مع إرسال الولايات المتحدة لطائرة شحن محمّلة بأسلحة ومعدات
عسكرية متطورة إلى قاعدة "خراب الجير" شمال شرقي سوريا، بالإضافة إلى
نقل الأصول العسكرية من العراق إلى سوريا.
وهذا ما يعكس إستراتيجية أمريكية شاملة، تهدف
إلى إعادة تموضع القوات الأمريكية لمواجهة التحديات التركية الجديدة فى المنطقة،
وهذا يتعارض مع تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، الذي أكد في عدة
مناسبات سعيه للانسحاب من سوريا. والى جانب هذا التحشيد من التحالف الدولي، شدد
ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، على الموقف "السلبي" الذي تتبناه
السلطات التركية في سوريا. ووصف روبيو، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه
"عائق" أمام تحسن الأوضاع في سوريا.
وشدد روبيو، على عدم التخلي عن شركاء واشنطن
الأكراد، مشيرًا إلى أنهم تمكنوا من القضاء على تنظيم داعش في إشارة إلى قسد،
مؤكداً أن أحد الأسباب التي مكنت أمريكا من تفكيك تنظيم داعش هو أن الأكراد يحرسون
مراكز الاحتجاز التي تضم آلاف الجهاديين.
ولم يكتفي ماركو روبيو بهذه التصريحات فحسب، بل
أكد أيضًا دعم واشنطن لتل أبيب في كافة تحركاتها، مشيرًا إلى أن إسرائيل تُعتبر
"الأولوية الأهم" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وهنأ روبيو، رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إنجازات إسرائيل في مواجهة حركة حماس في
غزة وحزب الله في لبنان وسوريا.
الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات، خصوصًا
بعد قيام تل أبيب بعملية توغل بري على طول المنطقة العازلة بين هضبة الجولان
السورية المحتلة ومحافظة القنيطرة. لتصل القوات الإسرائيلية إلى منطقة جبل
الشيخ التي تبعد عن العاصمة دمشق 40 كيلومترًا فقط، بالإصافة إلى استهدافها للعديد
من القواعد العسكرية والمطارات و الأسلحة التابعة لنظام الأسد في مختلف المحافظات
السورية.
وبحسب المحلل السياسي إبراهيم العمري، فإن
تنفيذ إسرائيل لعملية عسكرية سريعة في سوريا بعد ساعات من سقوط بشار الأسد يُشير
إلى المخطط الإسرائيلي في المنطقة، الذي يحظى بدعم أمريكي كامل. ويبدو أن كلا
الطرفين يسعيان إلى تقليص النفوذ التركي في سوريا وملء الفراغ الذي تتركه
الميليشيات الإيرانية في المنطقة، لاسيما بعد أعراب الولايات المتحدة في وقتاً
سابق عن تأييدها للتوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة مع سوريا، واعتبارها دفاعا
عن النفس.
وأكد إبراهيم، إلى أن تل أبيت قد حذرت واشنطن من
التخلي عن قوات سوريا الديمقراطية، حيث دعا المحلل العسكري الإسرائيلي عيدو
ليفي، في تقرير نشره في معهد واشنطن، إلى ضرورة استمرار الدعم الأمريكي للقوات من
أجل تقليص دور هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع المدعوم من تركيا
أعرب العمري عن قلقه من الأجندات الغربية في
سوريا، مشددًا على أن الصراع القائم بين قوات الإدارة السورية الجديدة المدعومة من
تركيا، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، قد يعيد البلاد
والمنطقة إلى نقطة الصفر. وأكد على ضرورة استمرار الإدارة السورية الجديدة في
سياسة ضبط النفس، وعدم الانجرار وراء المخططات الغربية وأجنداتها التي لا تصب في
مصلحة الشعب السوري، في بناء سوريا الجديدة.
المصدر :
خاص الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة