#
  • فريق ماسة
  • 2025-01-20
  • 1518

سياسات الحكومة السورية الجديدة ودورها في تعزيز العلاقات الخارجية.. حتى مع حلفاء الأسد "السابقين"

أثارت الحركة الدبلوماسية الدولية والعربية النشطة تجاه سوريا اهتمامًا كبيرًا، بعد عزلة دامت سنوات طويلة، مع مباشرة القيادة السورية الجديدة عملها من العاصمة دمشق، واتخاذها اجراءات براغماتية وسياسية وأمنية هامة في هذا الصدد وسعيها لتحقيق علاقات تعاون مع جميع الدول المعنية بالملف السوري، حتى الدول التي كانت من اكبر الداعمين سابقًا لنظام الأسد البائد، نظرًا لضرورة هذه العلاقات في مرحلة بناء الدولة المفصلية والهامة التي تمر بها البلاد.حيث بدا وزراء الخارجية العرب في اجتماعات الرياض الأخيرة، أكثر رغبة وعجلة من نظرائهم الغربيين في رفع العقوبات عن دمشق، وتمكين شعبها وقيادتها الجديدة من ممارسة دورهم المنوط بهم في بلد وجب أن يعيش حياة طبيعية بعد سنوات الصراع المريرة، على الرغم من أن معظم هذه الدول وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، جددت علاقاتها في السابق مع نظام الأسد وأعادته إلى جامعة الدول العربية، ومعه استعاد النظام البائد علاقاته مع الدول العربية بعد قطيعة طويلة.كما استقبل قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وزير الخارجية الإسباني خوسيه ألباريس، الذي شارك في رفع علم بلاده فوق مقر سفارتها في دمشق بعد نحو 13 عاما من تعليق مدريد أنشطتها الدبلوماسية في سوريا. وأفاد ألباريس للتلفزيون الإسباني الرسمي قبل زيارته بأن "الرسالة التي أريد إيصالها هي رسالة دعم لسوريا".وحتى ايران شعرت بقليل من الأمان من طرف القيادة السورية الجديدة، الأمر الذي ترجمته تصريحات وزير خارجيتها، عباس عراقجي، الأخيرة، التي قال فيها أن "إيران ستدعم أي حكومة يتم تشكيلها بناء على طلب الشعب السوري ولدى العديد من دول المنطقة نفس الموقف ونحن نجري مشاورات معهم". حتى أن الوزير أشار إلى عدم وجود مشكلة في إعادة فتح السفارة".بينما روسيا استمرت في إرسال إشارات إيجابية تتعلق بالعلاقات بين البلدين، وهذا مثله تصريح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي قال فيه أن "روسيا تؤكد التزامها بالتسوية الشاملة للوضع في سوريا، وأن السوريين أنفسهم هم من يقررون مستقبل بلادهم"، مضيفًا أن "روسيا مستعدة لمواصلة تقديم الدعم للشعب السوري والمساعدات الإنسانية حتى استعادة الوضع في البلاد بالكامل".جاء ذلك بعد أيام من تصريح مثير للاهتمام لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تحدث فيه عن مماطلة ورفض النظام السابق (نظام الأسد البائد) للتحاور في أكثر من ملف لحل الأزمة السورية بشكل سلمي وسياسي، مؤكدًا بأن سفارة بلاده مازالت تعمل في دمشق، حيث قال لافروف "بعد أن طلب الرئيس السوري السابق بشار الأسد من روسيا التدخل، وبعد إقامة صيغة أستانا ومساعدة الدول العربية، أبدت السلطات في دمشق مماطلة في العملية السياسية ورغبة في إبقاء الوضع على ما هو عليه"، مؤكدًا أن "الحكومة السورية لم تبد أي استعداد لتقاسم السلطة مع المعارضة".وشدد لافروف على أن "سفارتنا لم تغادر دمشق ولدينا تواصل دائم، ونرغب في أن نكون ذا فائدة في الأوضاع الراهنة، فيما يتعلق بإقامة حوار جامع بمشاركة كل القوى القومية والسياسية والطائفية وبمشاركة جميع الأطراف الخارجية المعنية".وبناءًا على ما سبق، أجمع المحللون السياسيون على أن براغماتية القيادة السورية الجديدة برئاسة، أحمد الشرع، سمحت بوضع الأسس الصحيحة لبناء علاقات دولية واسعة ومتعددة، تحقق توازنًا للقوى داخل البلاد، وتتماشى مع متطلبات الوضع الراهن، وتعود بالفائدة على الصعيد السياسي والاقتصادي.حيث أشار المحلل السياسي عبدالله الميسور، إلى أن العمل الدؤوب للقيادة السورية في تأمين البلاد، من خلال الحملات الأمنية، وحصر السلاح بيد الدولة، وتوحيد الفصائل العسكرية تحت مظلة وزارة الدفاع، والابتعاد عن عقلية الثورة ورفض الحقد ونبذ الفكر الانتقامي، كلها مهدت الطريق أمام تطوير وإعادة بناء العلاقات الخارجية، وتؤمن عمل البعثات الدبلوماسية والسفارات، التي بدورها تزيد من فرص الإدارة السورية في الحصول على الشرعية الدولية، وبالتالي تأمين علاقات اقتصادية وسياسية وأمنية مشتركة ومفيدة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.وأكد الميسور على أن البراغماتية التي تتمتع بها القيادة الجديدة في دمشق، ضرورية، خصوصًا وأن لكل من الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين دور في تشكيل مستقبل سوريا، وإعادة بناء اقتصادها وجيشها والبنى التحتية المتهالكة.وأشار الميسور إلى أن إيران كانت من كبار موردي النفط إلى سوريا، واستعادة العلاقات مع هذا اللاعب الإقليمي، كفيل بتأمين جزء من الموارد النفطية التي تفتقرها البلاد بحسب مراقبين، خصوصًا مع استمرار سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية والفصائل الكردية المسلحة على معظم الآبار النفطية السورية في البلاد واحتكارها.وأضاف الميسور إلى أن الشرع وصف العلاقات مع روسيا بـ "الاستراتيجية" و"القديمة" نظرًا لأهميتها على الصعيد العسكري والمعيشي، فهي من كبار مصدري القمح والحبوب، بالإضافة إلى أنها من كبار الدول التي تسطيع تقديم خبرات عسكرية استشارية، حتى أنها تستطيع إعادة بناء الجيش ورفده بالعتاد والسلاح، الأمر الذي لا يمكن وصفه بـ "السهل" في عصرنا هذا.

المصدر : الدكتور محمد صادق كاتب وباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة