#
  • فريق ماسة
  • 2024-07-08
  • 2812

الوظيفة العامة مجدداً بـ “عناية حكومية”.. لا جدوى لإصلاح لا يبدأ بالرواتب والأجور

في زمن الاستقالات والتهرب من الوظيفة ونقص العمالة، وإمعان الوظائف العامة في فوضاها وترهلها، مستغلةً أنه “ما حدا شايف”، يجتمع مجلس الوزراء ليبحث كيفية تلبية طموحات الطبقة العاملة، والخروج بقانون جديد للوظيفة العامة، هو القانون ذاته الذي قالت وزارة التنمية الإدارية أنه يحتاج ثلاثة سنوات أخرى ليصدر، بحيث يستكمل النقاشات والدراسات اللازمة له. المجلس وخلال اجتماعه دعا إلى قانون يعزز دور القطاع العام، ويعكس رؤية الدولة المستقبلية للوظيفة العامة، حيث يجب أن يستند القانون على رؤية القطاع العام “كما يجب أن يكون وهو معافى وبأحسن حالاته”، إذ تغض الحكومة نظرها عن وضعه الحالي – على ما يبدو! – كما أشار الاجتماع إلى أن أهم ما يعاني منه قانون الوظيفة العامة أنه يشكل قاعدة واحدة لكافة القطاعات والوظائف الحكومية، ومن الضروري تلبية متطلبات كل القطاعات ومراعاة خصوصيتها، والخروج بنظام عمل متطور يراعي خصوصية وطبيعة عمل كل جهة وفق ضوابط ومعايير واضحة. معاون وزير الشؤون الاجتماعية السابق راكان ابراهيم رأى أن الحديث بالخصوصية بشكل مبالغ به ينسف الهدف من وجود قانون موحد للعاملين، و”إلا فليصدر لكل وزارة قانون!”، مبيناً أن قانون الوظيفة العامة يأخذ وحدة القطاع، فلا يجب التمييز بالحقوق والواجبات بين موظفين بوزارتين مختلفتين، أو أن يختلف الراتب بين وزارة وأخرى، إذ يجب أن يكون التمييز والتفاضل بالتعويضات حسب طبيعة العمل والاختصاص، وإلا سنعود لحقل تجارب آخر، وتخبط تشريعي جديد. واعتبر ابراهيم أن التعويضات المنصوص عنها حالياً تترك مجالاً للمزاجية من الوزير، ويجب أن تكون محددة وواضحة، أما بالنسبة للجانب التنظيمي فهو يراعى بالهيكل التنظيمي لكل وزارة، علماً أن الجهات ذات الخصوصية قليلة كالداخلية والخارجية، وليس كل الوزارات كذلك، موضحاً أن قانون العاملين الذي يسبق القانون الحالي والصادر عام 1945، كان يتضمن نظام مراتب ودرجات ويراعي الخصوصية أكثر من اليوم. إبراهيم أكد أن تطوير الوظيفة العامة يجب أن يعتمد نظام المراتب والدرجات والفئات، إضافة إلى تطوير الرواتب والأجور الذي يتوازى مع تطوير الهيكل الوظيفي، فأي إصلاح إداري لا معنى له ولا فائدة بدون إصلاح الرواتب والأجور، موضحاً أنه بعد الزيادات الأخيرة أصبح راتب من لديه خدمة 30 عاماً مقارباً جداً لموظف خدم 5 سنوات، مع الإشارة إلى الاختلال الكبير الذي تواجهه الوظيفة العامة لجهة العمالة، فالكثير من الكفاءات تسربت لسبب أو لآخر، فضلاً عن حالات انتهاء الخدمة والاستقالة ورفض التمديد، معتبراً أنه يجب رفع سن التقاعد للجميع بدون شروط أو مزاجية. أما لجهة التوظيف وآلياته، شدد ابراهيم أنه لا يوجد استعداد لمسابقات مركزية، فآخر مسابقة فشلت لأننا لا نملك جهازاً متخصصاً من حيث العدد والخبرة والكفاءات ليغطي مسابقة مركزية على مستوى سورية، لذلك يجب أن يكون التوظيف لا مركزياً، فمثلاً، عند إجراء المسابقة قدمت الجهات العامة حاجتها لـ 600 ألف عامل، بينما تم تعيين 11 ألفاً، وبالتالي لم تحصل أي من الوزارات على حاجتها، داعياً إلى تطوير نظام الحوكمة والرقابة والشفافية، فالرقابة حالياً تنتظر حدوث المشكلة لتحاسب –إن حاسبت-. بدوره رأى الخبير الإداري عبد الرحمن تيشوري أنه يجب عدم قياس جميع الموظفين بقانون واحد، فهذا خطأ كبير كون بعض الجهات لها طبيعة خاصة تحتاج قوانين خاصة، ونظم تحفيز خاصة، كما أن للدولة الحديثة حضور في الأنشطة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، مما يفرض موظفين يمتلكون مهارات وتحفيز ورواتب عالية، معتبراً أن الإدارة العامة والوظيفة كانت طاردة للكفاءات بالسنوات العشر الأخيرة نتيجة الرواتب الضعيفة، وعدم التمييز بين المناصب وطبيعة العمل، فقياس الجميع بقانون واحد انعكس سلباً على المؤسسات. وبيّن تيشوري أن الوظائف العامة حالياً تقسم إلى خمس فئات، يتطلب كل منها محددات معينة، وهو أمر يحتاج دراسة ودمج الفئات وتقليصها لثلاثة، واعتماد نظام الدرجات الذي كان موجوداً قبل قانون العاملين، كما يجب مضاعفة الحد الأدنى للأجور ثلاث مرات على الأقل، وفتح سقف الراتب، موضحاً أن الفئة الأولى تشكل 15% من مجموع العمالة بالحكومة، وهي نسبة قليلة، فكلما ارتفع المستوى التعليمي للفئة الأولى، كلما انعكس إيجاباً على الوظيفة والأداء العام، بينما يشكل عدد الموظفين بالحكومة 6 – 7% من مجموع السكان العام، وهو رقم كبير جداً يجب معالجته. وأضاف تيشوري أنه يجب وضع نظام ترفيع وتحفيز جديد ومشجع، مشيراً إلى أن الفساد الحكومي والبيروقراطية خرب تجربة الكفاءات الإدارية التي تم تدريبها في المعاهد والمراكز الإدارية ولم يتم استثمارها بشكل صحيح، مقترحاً تمديد الخدمة لعدة فئات إلى 65 عام، ووضع نظام محاسبة الفساد، ومعالجة ملف الرواتب الضعيفة، وعدم شمول وزارة التنمية بضغط النفقات ومتابعة عملها بشكل دقيق، وتفعيل القانون الذي حدد عملها، إضافة إلى إصدار قانون إنشاء هيئة لمكافحة الفساد تحل محل هيئة الرقابة والتفتيش وجهاز الرقابة المالية، وتخصيص نيابة عامة، وقضاة تحقيق للنظر بقضايا الفساد، وحماية الشهود والمبلغين.

المصدر : البعث


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة