دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
رغم أن المشهد كان متوقعاً، حتى بمستوى كارثيته، بالنسبة للحزب
الديمقراطي الأميركي، بعد المناظرة الأولى التي جمعت مرشحهم الرئيس الحالي
جو بايدن، مع الرئيس السابق دونالد ترامب (مرشح الحزب الجمهوري).. رغم ذلك
إلا أن المسألة تختلف كلياً عندما تقع الكارثة، ويصبح من الحتمي التعامل
معها عاجلاً جداً، وهو ما وجد الديمقراطيون أنفسهم بمواجهته بعد الأداء
السيئ جداً لبايدن خلال المناظرة، وبعدما بات الجميع على قناعة بأنه غير
مؤهل عقلياً لولاية ثانية. وهذا يعني أن الطريق مفتوح فقط أمام ترامب لفوز
سهل ومريح من دون مزاحمة أو منافسة، وذلك في حال أبقى الديمقراطيون على
بايدن ضمن السباق الرئاسي.
وقائع المناظرة ومسارها وختامها، سيطرت على وسائل الإعلام الأميركية،
وجميعها كانت على رأي واحد وهو أن لا فرص أمام بايدن للفوز وأن على
الديمقراطيين استبداله على وجه السرعة قبل فوات الأوان.
ولكن هل يفكر الديمقراطيون فعلياً باستبداله، وهل هناك إمكانية لذلك، وأي بديل محتمل يستطيع منافسة ترامب وهزيمته؟
الذي لا خلاف عليه، ما بعد المناظرة، هو أن الديمقراطيون باتوا متيقنين من
الهزيمة. صحيفة «بوليتيكو» قالت: إن الديمقراطيين يشعرون بالذعر الشديد من
الأداء الضعيف لبايدن، والذي سينسحب على باقي مساره الانتخابي في حال استمر
في السبق الرئاسي، ليس فقط على المستوى الشخصي، بل على مستوى الناخبين
الذي تراجع تأييدهم لبايدن إلى 33% مقابل 67% لترامب، في الاستطلاع الذي
تلا المناظرة مباشرة، وهذه نتيجه مذهلة لترامب.
كواليس الديمقراطيين لا يخرج عنها الكثير بخصوص بايدن، وإن كانت مسألة
البحث في استبداله يتم الحديث عنها منذ فترة. ويبدو أن الديمقراطيين عاجزون
عن طرح بديل حتى الآن، إذ إن أغلب الأسماء التي كانت تتنافس مع بايدن خلال
سباق الترشح عن الحزب الديمقراطي، استطاع بايدن هزيمتها بسهولة، وبالتالي
فإنها حكماً غير مشجعة لطرحها بمواجهة ترامب.
أما نائبته كامالا هاريس فهي بالعموم لا تحظى بكثير من القبول داخل الحزب،
وهي عملياً لم تمانع أن تكون خلفاً لبايدن.. وبخصوص ميشال باراك أوباما
التي يطرح اسمها أيضاً فإن لا شيء يذكر بهذا الخصوص، فهي لا تصرح أبداً،
فيما المتعارف عليه أنها تكره السياسة، وهي بالأساس كانت ضد ترشح زوجها
باراك أوباما للرئاسة (2009 – 2016).
لكن العقبة الأساسية بالنسبة لاستبدال بايدن، ليست في مسألة أن
الديمقراطيين، ربما، لا يجدون بديلاً قوياً، بل العقبة هي في بايدن نفسه،
إذ إن شروط استبدال أي مرشح رئاسي -ما بعد انتهاء الانتخابات التمهيدية
والحصول على بطاقة الترشح للسباق الرئاسي النهائي- من ضمنها أن يوافق
المرشح نفسه على الاستبدال /الاستبعاد (في حال لم يكن يعاني من مرض جسدي
يمنعه من ذلك، والذي هو ضمن شروط الاستبدال أيضاً).. ويكاد يكون من شبه
المؤكد أن بايدن لن يوافق على استبداله.
صحيفة بوليتيكو نقلت اعتراف أحد المستشارين المقربين من بايدن والذي قال:
لا يمكن للديمقراطيين فعل الكثير إلا إذا قرر بايدن نفسه رفض المشاركة في
الانتخابات.
فيما قال مستشار آخر يُعد أيضاً من المقربين لبايدن، للصحيفة، طالباً عدم
ذكر اسمه: حان الوقت لبايدن لإنهاء حملته الانتخابية، واصفاً إداؤه في
المناظرة مع ترامب بأنه الأسوأ في التاريخ، وقال: كان سيئاً للغاية لدرجة
أن أحداً لم ينتبه لأكاذيب ترامب، وعلى بايدن أن ينسحب ليس هناك شك في ذلك.
وفي وقت سابق، أصدرت حملة ترامب إعلاناً يحذر الناخبين من أنهم إذا انتخبوا
بايدن، فسينتهي بهم الأمر مع نائبته، كامالا هاريس، كرئيس للبلاد، في
إشارة إلى أن الرئيس الثمانيني قد يموت أثناء بقائه في منصبه أو سيتعين
عليه الاستقالة.
صحيفة «واشنطن بوست» علقت بالقول: سيكون من الصعب حتى على أكثر الأشخاص
إبداعاً في معسكر الرئيس بايدن أن يصنعوا قصة انتصار من أدائه المروع في
مناظرة ليلة الخميس ضد ترامب.
وهو ما يعني أن المخاوف- التي كانت لدى الديمقراطيين طوال الوقت- ستبرز إلى
الواجهة، إلى جانب السيناريوهات بعيدة الاحتمال التي قد يضطر فيها إلى
التنحي. لا شك أنه سيكون هناك حديث عن افتتاح المؤتمر الديمقراطي العام في
شيكاغو المقرر في شهر آب المقبل لاختيار مرشح جديد.
وتضيف الصحيفة: كان عمر بايدن، طوال الوقت (81 عاماً) هو أكبر مصدر قلق لدى
الناخبين وهو أكبر رئيس في التاريخ؛ حيث سيكون عمره 86 عاماً بنهاية
الولاية الثانية. وبايدن خلال المناظرة لم يفعل أي شيء لتهدئة مخاوفهم. لقد
خسر النقاش منذ اللحظات الأولى. كان صوته ضعيفاً أجشاً، بشكل مثير للصدمة.
في بعض الأحيان كان يعاني من صعوبة في الكلمات، وبدا أنه فقد تسلسل
أفكاره.
وعلى الرغم من أن ترامب، البالغ من العمر 78 عاماً، أي أصغر من بايدن
بثلاث سنوات فقط، إلا أنه سيطر طوال الوقت. لقد بدا ترامب أفضل استعداداً
وأكثر انضباطاً مما توقعه معظم الناس. ولا شك أنه كان في مصلحة ترامب أنه
كان مقيداً بقاعدة، أصر عليها فريق بايدن، والتي تتطلب إغلاق ميكروفون كل
مرشح عندما لا يكون دوره في التحدث.
يشار إلى أن هذه المناظرة هي الأولى في التاريخ التي يرى فيها الأمريكيون
رئيساً سابقاً وحالياً جنباً إلى جنب على منصة المناظرة. وبذلك أصبحوا على
دراية جيدة بنقاط القوة والضعف لدى كليهما. ولأن المناظرة اتسمت بالوضوح
حيال القضايا السياسية الكبرى اليوم، فإن ذلك أدى إلى زيادة درجة التركيز
على الانطباع والأداء.
يشار أيضاً إلى أن شبكة «CNN» الأمريكية، قامت بتنظيم هذا الحدث. ولأول مرة
في تاريخ الولايات المتحدة، لم يكن هناك جمهور في الاستوديو الذي استضاف
النقاشات، بل كان الحاضرون فقط هم المصورون والمحاورون.
المصدر :
تشرين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة