دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
حت عنوان “كيف تفقد فرنسا صوتها في العالم؟”، قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية في افتتاحية لها إن سياسة إيمانويل ماكرون الخارجية تعاني من التناقضات وأخطاء التحليل. وعليه فإن التجديد الدبلوماسي أمر ملح.
وتساءلت “لوبوان” عن دلالات تجنب
إيمانويل ماكرون الذهاب هذا العام إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم
المتحدة، وهو التجمع الدبلوماسي الرفيع الذي يعقد كل سبتمبر في نيويورك.
“فهل لم يعد لديه ما يقوله لأقرانه، في وقت ينهار فيه العالم في كل مكان؟،
وذلك في وقت تشهد فيه سياسته الخارجية خيبات أمل هذه الأيام. ويُعَد
الإعلان يوم الرابع والعشرين من سبتمبر المنصرم عن الانسحاب المثير للشفقة
للقوات الفرنسية من النيجر، بعد مالي وبوركينا فاسو، أحدث اخفاقات الدبلوماسية الفرنسية”.
وفي هذا الصيف، فشلت مساعي الرئيس
الفرنسي في أن تتم دعوته لحضور قمة الدول الناشئة الكبرى في جوهانسبرغ.
واعتبر رئيس دبلوماسية جنوب أفريقيا أن هذا الطلب “مسلٍ للغاية”، والأخطر
من ذلك: أينما نظرنا، تتراكم خيبات الأمل. لنأخذ بعض الشركاء الأساسيين
لفرنسا، تقول “لوبوان”.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن
العلاقة بين باريس وبرلين تعرف خلافات في المواقف من الطاقة إلى الدفاع،
بما في ذلك إعادة التصنيع أو القيود المفروضة على الميزانية الأوروبية. وفي
لبنان، البلد القريب من فرنسا والذي كان حجر الأساس لسياستها في الشرق
الأوسط، أدى عدم تناسق الدبلوماسية الفرنسية بعد انفجار بيروت 2020 إلى
خلافها مع الجميع. ومع ذلك، فإن ذلك لم يكسب الفرنسيين استحسان أسياد
البلاد الحقيقيين، إيران وحزب الله.
قوة الضربة
أما المغرب، فلم تعد العلاقة الخاصة التي رعاها كل أسلاف ماكرون مع الرباط موجودة.. فحتى رجال الإنقاذ الفرنسيين لم يعودوا موضع ترحيب في
المملكة. ولم يرافق هذه الأزمة بين البلدين دفء في العلاقات الفرنسية-
الجزائرية!، بل إن السلطات الجزائرية منعت لتوها المدارس الخاصة من تدريس
برامج المدارس الفرنسية، تتابع المجلة الفرنسية.
على الورق، توضح “لوبوان”، تمتلك
فرنسا كل ما يمكنها من التأثير. فقوتها الناعمة لا تزال باقية، وشبكتها
الدبلوماسية واسعة النطاق، وجيشها قوي، وقوتها الضاربة تضمن استقلالها.
إنها الدولة الوحيدة العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي التي
تتمتع بمقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لكن إيمانويل ماكرون
أخطأ بسبب أخطائه في التحليل. وظلت ملاحظته بأن حلف شمال الأطلسي ”ميت
دماغياً” قبل أشهر قليلة من عدوان فلاديمير بوتين على أوكرانيا، في ذاكرة
شركاء فرنسا الأوروبيين، الذين يعتمدون على واشنطن أكثر من اعتمادهم على
باريس ــ ولسبب وجيه ــ من أجل سلامتهم. وكانت فكرته المتمثلة في تقديم
“ضمانات أمنية” لروسيا بعد الغزو قد أزعجتهم أكثر. ورغبته في الحفاظ على
وجود عسكري في منطقة الساحل، في حين تضاعفت إشارات الإنذار، يدفع ثمنها
نقدا اليوم.
دبلوماسية “في الوقت نفسه”
تواصل “لوبوان” القول إن الرئيس
الفرنسي يعيش، خاصة، التجربة المريرة المتمثلة في صعوبة اللعب في الدرجة
الأولى بينما يقود بلداً أصبح الآن في مستوى الدرجة الثانية. فالوزن
الاقتصادي والصناعي لفرنسا يتراجع نسبيا وآفاقها السياسية قاتمة. هناك
الكثير من العوامل التي تقوض نفوذها.
واعتبرت المجلة الفرنسية أن
إيمانويل ماكرون أثبت أنه يعرف كيف يتطور. وإعادة تحول موقفه لصالح كييف في
الحرب الأوكرانية يشهد على ذلك. لكن السياسة الخارجية برمتها هي التي يجب
أن تخضع لعملية التعديل.
وقالت الصحيفة إنه لمن قبيل
التناقض أن تدافع فرنسا عن الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي، وهو ما يعني
ضمناً الرهان بكل شيء على أوروبا، وأن تشيد في الوقت نفسه بالدور الذي
تلعبه فرنسا باعتبارها “قوة توازن” في العالم. فهذا يعطي شركاء فرنسا
الشعور بأن التزامها الأوروبي نسبي وأن سياستها الخارجية لا يمكن الاعتماد
عليها. وعبارة “في الوقت نفسه” التي تقوم عليها سياسية إيمانويل ماكرون غير
فعالة في الدبلوماسية كما هو الحال في السياسة الداخلية، بحسب ”لوبوان”.
واعتبرت المجلة أن فرنسا لديها
الكثير لتقوله عن الحرية والعدالة والديمقراطية. ولكن، لكي تجد صوتها،
يتعين عليها أن تواجه نفسها وتتطلع إلى المستقبل بدلاً من الشعور بالحنين
إلى الماضي. لأنه إذا كان فهم الرئيس الفرنسي لتوازن القوى ضعيفاً، فكيف
يمكن أن يعيد فرنسا إلى مكانتها الصحيحة على الساحة الدولية.
المصدر :
القدس العربي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة