دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يركز
المستثمرون الإماراتيون على توجيه المزيد من التدفقات نحو السوق المصرية
عبر صناديق سيادية وشركات خاصة مدعومة تسعى لتنويع أعمالها، في تحول
استباقي لكسب الرهانات على الريادة الإقليمية للبلد وللمقومات الكبيرة التي
يتمتع بها والعلاقات القوية بين البلدين.
القاهرة - تسارعت وتيرة
اهتمام المستثمرين الإماراتيين بتعزيز استثماراتهم في مجالات متعددة في
السوق المصرية التي تحوي قطاعات حيوية واعدة، ودفعت بعض المؤسسات
الإماراتية إلى استهداف تخصصات جديدة لم يكن معتادا الاستثمار فيها.
وتطمح القاهرة إلى جذب رؤوس أموال إماراتية
باحثة عن مقاصد خارجية لحل أزمة نقص الدولار، والاستفادة من حرص البلد
الخليجي على شراء حصص في الكيانات المعروضة للبيع من برنامج الطروحات
الحكومية عقب استبدال سياسة المساعدات والمنح بالاستثمار.
وشهدت الاستثمارات الإماراتية قفزة مؤخرا في مصر مع تركيز شركة أبوظبي القابضة (أي.دي.كيو) التابعة لجهاز أبوظبي للاستثمار على ذلك.
وتتسم الاستثمارات بأنها طويلة الأجل،
بالتالي يتم ضخ الأموال على مدد مختلفة، ولا يتم ضخ السيولة إلا في الجولة
التي تتسم بقدر عال من الاستقرار السياسي والاقتصادي.
مجدي شرارة: انتعاش التدفقات سيستمر لتركيزها على قطاعات الاستهلاك
وكشفت بيانات جهاز الإحصاء عن قفزة في
الاستثمارات الإماراتية في مصر بقيمة نحو 5.7 مليار دولار مع نهاية العام
الماضي مقابل 1.4 مليار دولار قبل عام بنسبة ارتفاع تتعدى 300 في المئة.
وعززت من ضخ الاستثمارات الإماراتية فوائض
النفط الناتجة عن ارتفاع أسعاره، والحرص على تنويع محفظة جهاز أبوظبي
ومنحها حرية أكبر في الانتشار ودخول مجالات حديثة والتوسع في الاندماجات
والاستحواذات.
وتتعدد الاستثمارات الجديدة للإمارات بين
قطاعات الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا المالية والبترول والزراعة والمدن
الصناعية الذكية والمجال البحري، بجانب العقارات والأغذية، وهي خطة مدعومة
من الصناديق الحكومية ومجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج.
وتتنافس حاليا شركة أبوظبي القابضة
للاستحواذ على حصص في بنوك الاستثمار القومي والأهلي ومصر، والشركة المصرية
لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته “إيثيديكو” التابعة لوزارة البترول، والتي تصل
إلى نحو 30 في المئة.
كما تسعى للاستحواذ على شركتي إيلاب والحفر
الحكوميتين بنفس الحصص بقيمة إجمالية تبلغ 800 مليون دولار، ويعزز ذلك
الاتفاق المبرم في يوليو الماضي بين صندوق مصر السيادي وشركة أبوظبي
القابضة للاستحواذ على هذه الكيانات.
وارتفع حجم الاستثمارات الإماراتية
الإجمالية في مصر من 20 مليار دولار في 2020 إلى 28 مليار دولار حتى مطلع
هذا العام، وفق تصريحات الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج
جمال بن سيف الجروان.
وتشهد الاستثمارات الإماراتية فورة في
مجالات المشاريع السياحية في المدن الجديدة، مثل العلمين، والقطاع الزراعي
والعقارات وتطوير المباني الحكومية في القاهرة من الاستحواذات المستهدفة
لشركات قطاع الأعمال العام المصري.
وكشف رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية
خالد عباس عن تنفيذ مدينة صناعية ذكية بشراكة إماراتية في العاصمة
الإدارية على مساحة ألف فدان، ما يجعلها أكبر مدينة صناعية ذكية في الشرق
الأوسط وأفريقيا.
وجاء التركيز على السوق المصرية مدفوعًا
بمرونة في الاقتصاد وأسعار الأصول نتيجة الهبوط الكبير لسعر صرف العملة
المحلية أمام العملات الأخرى، خاصة الدولار الذي تقوم السلطات المصرية
بالتحصيل به في صفقاتها الاستثمارية.
◙ 5.7 مليار دولار حجم رؤوس الأموال المباشرة الإماراتية في 2022 قياسا بنحو 1.4 مليار دولار قبل عام
ومن مصلحة الاقتصاد المصري تدفق الاستثمارات
الإماراتية ناحيته لحاجة البلاد الماسة إلى العملة الأجنبية التي أدى
شحّها إلى مواجهة البلاد أزمة اقتصادية حادة، وتستفيد القاهرة من التدفقات
حيث توجهها إلى مشروعات البنية التحتية والموانئ والزراعة.
ونمت الاستثمارات الإماراتية الخاصة في مصر،
مثل مشاريع مجموعة إعمار والحبتور وماجد الفطيم، ما يبرهن على جاذبية
السوق المصرية حاليًا مقارنة مع عام 2016 عندما انسحب رجل الأعمال محمد
العبار من المشاركة في تأسيس مشاريع بالعاصمة الإدارية.
وحسب تصريحات العبار مؤخرا، فإن الوقت الحالي هو الأنسب للاستثمار في مصر، وأنه يبحث عن فرص جديدة في القطاعين الفندقي والعقاري.
وأكد أن نظرته للاستثمار السياحي في مصر ما
تزال إيجابية، فمعدلات الإشغال الفندقي خلال النصف الأول من العام الجاري
في مصر تعد الأعلى منذ خمس سنوات، كما أن فئة الفنادق الفاخرة تشهد إقبالاً
كبيرًا من السياح.
وتوقع مجدي شرارة أستاذ إدارة الأعمال وعضو
جمعية مستثمري العاشر من رمضان أن تنتعش الاستثمارات الإماراتية في الفترة
المقبلة لتواصل مسيرة الزيادة التي شهدتها خلال العامين الماضيين.
وقال لـ”العرب” إن هذا “يؤكد نجاح القطاعات
التي تقع الاختيارات الإماراتية عليها في مصر، سواء الاستثمارات التابعة
للصندوق السيادي أو الخاصة التابعة لرجال الأعمال".
أحمد الشامي: استثمارات الإمارات تطرق مجالات مهمة كثيرة مثل الموانئ
وأضاف "هذه الاستثمارات تتركز في القطاعات
الاستهلاكية مثل الأغذية والتدخين والعقارات والفندقة والتجزئة والسلاسل
التجارية، وهي مجالات ناجحة في بلد يتعدى سكانه مئة مليون نسمة ما فتح شهية
المستثمرين لضخ استثمارات جديدة".
وتأتي قرارات المستثمرين الإماراتيين قبل
دخول الأسواق بعد دراسة متأنية من قبل شركات استشارات مالية وبنوك استثمار
كبرى، ولذلك لا يتم الدخول في أي قطاع بطرق عشوائية، ومن ثم تتحقق النجاحات
المأمولة.
وبات الاستثمار في مصر واعدًا مع الكلفة
الرخيصة المترتبة على هبوط سعر الجنيه وتنوع الفرص ما يتواكب مع خطة
المستثمرين في الإمارات الرامية إلى تنويع منافذ الاستثمار لكبر حجم
المحافظ المالية التي تضم مستثمرين من الإمارات وخارجها.
وأكد أحمد الشامي عضو جمعية مستثمري السويس
أن الاستثمارات الإماراتية يمكن وصفها بأنها تدخل حقبة جديدة، حيث تتعدى
القطاعات القديمة مثل العقارات والغذاء التي تشهد توسعات أيضًا وهذا دليل
على نجاح جاذبية السوق.
وأوضح لـ"العرب" أن من أهم القطاعات الجديدة
مجال الموانئ والنقل البحري، والاستثمار فيه واعد، لكن معدل استرداد
الأموال والتكاليف في هذا القطاع يتراوح بين 5 إلى 7 سنوات، ثم تتحقق
الأرباح باستمرار كل عام.
وقال إن "مصر في حاجة ماسة إلى خبرة الإمارات في المجال البحري، وبالتالي النفع يعود عليها بشكل كبير".
واقتحمت الإمارات قطاع النقل النهري في مصر
عبر ضخ مجموعة موانئ أبوظبي نحو 532 مليون دولار لتطويره، بجانب استحواذها
على حصص في شركتي دمياط وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع.
واستحوذت أي.دي.كيو على نحو 20 في المئة من
أسهم شركة ماركريل للصناعات الدوائية، بجانب الاستحواذ على غالبية أسهم
شركة الشرقية للدخان من قبل رجل الأعمال محمد العبار، وهي صفقات تؤكد مدى
الاهتمام الإماراتي بالسوق المصرية.
ورغم الاستثمارات الكبيرة والمتنوعة الهادفة
إلى الربح أولاً، إلا أن التدفقات الإماراتية المباشرة المتمثلة في تأسيس
المصانع والمناطق الصناعية لا تلقى اهتمامًا كبيرًا من جانب مستثمري البلد
الخليجي حتى الآن.
المصدر :
العرب
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة