دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
منذ البداية الأولى لاندلاع الأزمة، تحولت مدينة الرميلان وحقولها النفطية
إلى مركز جذب للتنظيمات والفصائل المسلحة. وكانت هذه المنطقة تعتبر واحدة
من أكبر مناطق إنتاج النفط في المنطقة العربية، بالإضافة إلى أنها كانت تعد
واحدة من المنشآت النفطية المتقدمة من حيث التجهيزات والخدمات قبل انقطاع
الأزمة.
في عام 1958، تم إدراج بلدة الرميلان في محافظة الحسكة على قائمة البلدات
المنتجة للنفط في المنطقة العربية، وذلك بعد اكتشاف كميات كبيرة من النفط
في حقل كراتشوك. منذ ذلك الحين، تمت متابعة الاكتشافات النفطية والغازية في
هذه المنطقة، مما جعل حقول الرميلان ليست مجرد مركز لإنتاج النفط السوري
بل أصبحت أيضاً مدينة متكاملة توفر جميع احتياجات سكانها.
كانت المدينة تقدم خدمات شاملة للسكان، بما في ذلك الإسكان والغذاء
والتعليم والرعاية الصحية والترفيه. وكما أوضح عنان إبراهيم، الذي شغل منصب
مدير حقول الرميلان لفترة طويلة قبل عام 2011، كانت المدينة توفر أيضاً
وجبتي إفطار وغداء يومياً لأكثر من 6 آلاف عامل في المنشأة، بالإضافة إلى
خدمات النقل والرعاية الصحية والتعويضات المالية.
المنشأة النفطية كانت أيضاً تلعب دوراً مهماً في المسؤولية المجتمعية، حيث
كانت تساعد في إطفاء الحرائق في فصل الصيف وتوفير الكهرباء للقرى المجاورة.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة السورية لا تزال تدفع رواتب وتعويضات
للعاملين في المنشأة حتى اليوم، على الرغم من أنها فقدت السيطرة عليها منذ
عشر سنوات تقريباً.
حجم الإنتاج في حقول الرميلان شهد تغيرات ملحوظة على مر الزمن. بدأ الإنتاج
بزيادة إلى ما يقرب من 200 ألف برميل يومياً بعد انتهاء حرب تشرين، ومن ثم
تراجع إلى حوالي 120 ألف برميل في فترة الثمانينات والتسعينات. ولكن تمكنت
الكوادر الوطنية من تحسين هذا الرقم إلى 145 ألف برميل تقريباً قبل عام
2011. ثم ارتفع الإنتاج مجدداً ليصل إلى حوالي 164 ألف برميل يومياً بين
عامي 2011 و2013.
إن مديرية حقول الرميلان كانت تمتلك أكبر حفارة نفطية في الشرق الأوسط
وكانت تقوم بتحديث تجهيزاتها بشكل دوري في مختلف مجالات الاستكشاف والتنقيب
والإنتاج والصيانة. كان الإنتاج الغازي يقترب من مليوني متر مكعب يومياً،
حيث يتم معالجة جزء كبير منه في معمل معالجة الغاز وإعادة ضخه لتوليد
الكهرباء. بينما يذهب الجزء الآخر مباشرة إلى محطات توليد الكهرباء.
مع اندلاع الأزمة، واجهت حقول الرميلان تحديات أمنية وتقنية كبيرة. تعرضت
لعمليات سرقة ونهب لمعداتها وآلياتها، وصعوبات في وصول العاملين إلى مواقع
العمل. ومع ذلك، تمكنت من الحفاظ على مستوى منتج جيد على الرغم من هذه
التحديات.
منذ دخول عناصر “قسد” واستيلائهم على المنشأة، والتي كان المهندس نبيل
محمود يتصدى لإدارتها في تلك الفترة، لم يتسن له معرفة ما حدث للحقول
وتجهيزاتها بالضبط. تعرّضت الحقول لأضرار كبيرة بسبب السرقة والنهب، مما
أثر بشكل كبير على إمكانية استعادة الإنتاج الطبيعي.
على الرغم من تباين المعلومات حول الإنتاج الحالي لحقول الرميلان، يتفق
معظم الخبراء على أنه سيبقى محدوداً بسبب الأضرار الفنية وعمليات النهب
التي تعرّضت لها الحقول والمنشأة. يجب إجراء تقييم شامل للوضع واتخاذ خطط
لإصلاح وتجديد البنية التحتية بشكل تدريجي، وهذا يعتبر تحدياً كبيراً في
الوقت الحالي. يجب أيضاً البحث عن شركات عالمية للتعاون معها، لكن هذا
يتطلب توقيع اتفاقيات قانونية تحمي حقوقها وتمنع الملاحقة القانونية
الدولية في المستقبل.
المصدر :
الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة